((حكاية واقعية... من زمن الستينات )).
(هى حكاية بسيطة واقعية من زمن الستينات ولكن بها من العبرة والموعظة الكثير .
بطلتها "ابتسام " سيدة ومربية فاضلة متقاعدة بلغت اليوم من العمر اكثر من 65 عام .
.روتها لى واحببت أن ارويها بنفس مضمونها ...ولكن بتصرف بالسرد والحوار مع تغيير الاسماء الحقيقية "باسماء مستعارة "..)
(الزمان ):عام 1966 ......(المكان ): مدينة الكويت ..
بداية نهضة الكويت في الخمسينات وتفجر النفط والخير بها ترك الكثير من اهل الكويت العمل في البحروالبر اوغيرها من اعمال حره ومهن شاقة ..
واتجهوا للوظيفة الحكومية في وزارات الدولة
.انذاك في زمان الخمسينات والستينات الناس اغلبهم بسطاء او غير متعلمين او تعليمهم بسيط ولايحملون شهادات
.لذلك عمل الكثير من اهل الكويت في وظائف بسيطة في الوزارات ومنهم من عمل في وظائف :
"كمراقبين وسواق ومندوبين ومراسلين ومستخدمين وحراس مدارس .وغيرها من المهن البسيطة .".
من هؤلاء وفى بداية الستينات عمل "صالح " لكونه يجيد قيادة السيارات في نقليات وزارة التربية بوظيفة سائق باص مدرسة ..!
او كما يطلق عليه انذاك "دريول " قبل ان يترقى الى مراقب نقليات ..
."صالح " شاب بسيط يبلغ انذاك من العمر "35 "سنة وسيم وانيق في هندامه يقود باص التربية
ويقوم بتوصيل "طالبات احد المدارس الثانوية للبنات".!!. .من امام بيوتهن للمدرسة .
وغالبا يأتى "الدريول صالح "في الصباح الباكر وهو يرتدى "الدشداشة" البيضاء الواسعة في اكمامها
ويعتمر "الغترة " بطريقة "الجريمبه "
(النسفة السائدة في لباس الكويتيين انذاك في الستينات ) ..وفى طريق ذهابه صباحا وعودته بعد الظهر .
.كانت غالبا تجلس بالمقعد القريب للسائق...
"ابتسام " .!!
"ابتسام" طالبة في اخر مرحلة الثانوية تبلغ انذاك من العمر 17 سنة وهى فتاة جميلة جدا في زمن كان بداية السفور .
غالبا ماتمضى الوقت وهى تتبادل الحديث والهمس مع الدريول صالح وبضحكات احيانا..!!!!!!
.الوقت كان بداية العام الدراسي ولم تمضى عدة ايام على بدايته
وابتسام طالبة جديدة منقولة للمدرسة ولم تكن اغلب الطالبات وزميلاتها في المدرسة والحافلة على معرفة بها اطلاقا .
ولم يكن يتبادلن الكلام او الحديث معها او سؤالها ..
ولكن أستغربن واشمئزن من تصرفاتها وعلاقتها مع السائق صالح وحديثها معه دائما
وجلوسها بقربه دائما خلال الايام القليلة الماضية من بداية الدراسة ..!
واثار استغراب زميلاتها ..طلبات ابتسام بدلع من صالح احيانا التوقف في الطريق .!!
عند احد البقالات لشراء قنينة كولا او بوظة لها ..!!..
وكان السائق صالح يستجيب لها ويتوقف للنزول وجلب لها ماطلبته ...؟!!!
اثارت هذه التصرفات السيئة الشكوك لزميلاتها خاصة انها تتبقى اخر طالبة مع السائق بعد ان يقوم بأيصال الطالبات الى بيوتهن ؟!!!!
مما حدا في احد الطالبات الى ابلاغ ناظرة المدرسة بذلك ...
والتى اشتاطت غضبا من هكذا تصرفات مشينة في زمن كان التحفظ من سماته واعتبرت مايجرى بين الطالبة وسائق الباص
هو امر خطير وغير مألوف في مجتمع محافظ بعاداته وتقاليده كالمجتمع الكويتى .
.وكان يجب عليها التصرف سريعا لوضع حد لمايجرى واستدعاء ولى امر الطالبة .!!
وابلاغ الوزارة بخصوص هذا السائق المستهتر والغير امين على بنات الناس ومحاسبته ومعاقبته .
..كانت ناظرة المدرسة في قمة الانفعال والغضب عندما استدعت لمكتبها الطالبة ابتسام ووجهت لها سريعا تبويخ بشدة :
..ابتسام عيب والله عيب اللى قاعدة تسوينه مع الدريول .؟!!
.اجهشت ابتسام في البكاء اثر اتهامها وكانت مرتبكة من شدة غضب الناظرة .حاولت تنطق : ابله ..ابله ..!
ولكن الناظرة لم تعطيها اى فرصة بالكلام لتبرير موقفها وانهالت عليها بالتوبيخ بقوة..!
وطلبت منها بعصبية الخروج فورا لمكتب الاخصائية و الجلوس و الانتظار به ...!!
واستدعت سائق الباص الجديد على مدرستها .".صالح ".وابلغته انها مستاءة من تصرفه السئ مع احد الطالبات
وانها سوف تقوم في ابلاغ الوزارة بذلك لكى ينقل ويحاسب على هكذا تصرف مرفوض .؟!!
.انكر صالح هذا الامر بشدة واستغربه؟!!! .وطلب مواجهته بالطالبة المشتكيه ضده
وأصر بشدة على ذلك .......؟!!!
.طلبت الناظرة من الاخصائية استدعاء الطالبة ابتسام لمكتبها .
.والتى كانت تجهش في البكاء وبحالة انهيار فليس هناك امر اصعب واشد مرارة على الانثى من ان تطعن بأخلاقها او عرضها وشرفها .
...عندما دخلت ابتسام لمكتب الناظرة كان" الدريول صالح" يقف امام الناظرة وعندها التفت لأبتسام ..؟؟!!!
التى كانت تبكى بقوة..مرددا : ابتسام شفيج ؟؟
ارتمت ابتسام على صدر صالح وهى تجهش في البكاء وبكلمات متقطعة :
..يبا يبا ..يبا ....ال ال ن نااظرره........؟!!!
وسط ذهول الناظرة وندمها على ماحصل من تسرع وسوء تصرف بحكمها وظن سئ ...
"الدريول صالح "...هو والد وأب الطالبة "ابتسام " .!!!!
برغم التقارب بالعمر وفارق 18 سنة في زمن كان الاغلبية يتزوجون انذاك في سن مبكرة جدا ..
انتهت هذه الحكاية القديمة ...
والعبرة والموعظة بها ان لانتسرع بالحكم على الامور بعجالة ومن غير علم ..!!
وان لانظن السوء بالناس انما علينا التريث في الحكم لكى لانظلم خلق الله ونقع بالاثم وعلينا عدم التسرع بالكلام على الاخرين
او الحكم قبل التأكد مما بداخلهم وان لانستخلص النتائج حتى نعرف كل الحقائق ..
.لذلك استغرب جدا من البعض يجزم في أمر وهو غير متأكد منه تماما ..
انما علينا التروى والسؤال والتأكد ..! وأن لانصدر أحكاما لا تمت في الغالب لحقيقة الشخص المقصود بهذه الأحكام بشيء.
كما هو في حكايتنا اعلاه كان بأمكان زميلاتها سؤالها قبل ابلاغ الناظرة ليتبين لهن الحقيقة وانه والدها ..
.....ومن الناحية النفسية يبين الاختصاصيون النفسيون أن الشخصية المتسرعة في الحكم من دون النظر إلى الموضوع بشيء من التروي
تتصف بـ”الاندفاع، وعادة ما يندم المتصفون بالتسرع في الأحكام ويقعون في حرج دائم..!!
ايضا أن التسرع في الحكم يفقدنا كثيرا من الأصدقاء المخلصين، إذ لن يقبلوا منا أن نجعلهم في مرمى سوء الظن والحكم الواهم غير المبني على الحقائق!! بل من الممكن أن يؤثر التسرع في الأحكام في العلاقات الاجتماعية داخل أفراد المجتمع الواحد..!!
وقد تؤدى هكذا امور الى الخلافات بسبب التسرع والظن السئ ..!!
وكم من صلة قطعت وجماعة وأهل تفرقوا لعدم التعامل مع الخبر المنقول وفق الأساليب الصحيحة في التثبت.
ونشدد على ضرورة التأني وعدم التسرع بالفعل حتى يتم التأكد،
أن الندم يأتي مع الاستعجال والتسرع في ردود الفعل، ما يضطر معه المرء غالبا للاعتذار..
أن بعض الظن اثم "...يقول الله تعالى :
(( ياأيها الذين أمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن اثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا
فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم )) صدق الله العظيم
تحياتى..:وردة: