لقد جلبت العار لبلدك !!

وطني حر

عضو مميز
ترددت أخبار صحفية عن عزم رئيس الوزراء البريطاني توي بلير أعلانه رسميا عزمه على الأستقالة في خريف العام المقبل لكنه لن يعلن جدولا زمنيا لكيفية نقل السلطة لمن يخلفه . و قد كشف عن ذلك صباح اليوم المتحدث الرسمي لرقم 10 دواننج ستريت، مقر ئيس الوزراء ، كما اعلن ان بلير يأمل ان تسهم زيارته الى الشرق الأوسط في احياء عملية السلام. ومن المتوقع ان يعلن بلير رسميا عزمه على الأستقالة من زعامة الحزب ومن رئاسة الوزراء اثناء زيارته لمدرسة في جنوب شرق لندن يتوجه اليها بطائرة هليكوبتر نقلته من داوننج ستريت قبل ظهر اليوم، قبل توجهه في رحلة الى الشرق ألاوسط يزور خلالها اسرائيل ولبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة لتشجيع اعادة الحوار بين ألاطراف المختلفة في عملية السلام. واضافت المصادر ان بلير لن يحدد جدولا زمنيا يوما بيوم، لكنه سيكتفي بكلمة الخريف.

و سيصادف الموعد المؤتمر العام لحزب العمال الحاكم في اكتوبر من العام القادم، قبل بدأ العام البرلماني الرسمي في خريف عام 2007.

قد تردد أخبار بان اللقاء الذي تم بين وزير الخزانة جوردن براون (المرشخ لخلافة بلير) وبلير في رقم 10 داوننج ستريت امس كان عاصفا وتبادلت خلاله ألاتهامات خاصة وان انصار بروان هم الذين بدأوا الهجوم وتحريك ماوصف بانقلاب برلماني حزبي ضد رئيس الوزراء صباح ألاثنين، وطوال اليومين الماضيين غزا انصار وزير المالية استديوهات ألأذاعة والتلفزيون لغرس الخناجر السياسة في ظهر بلير المكشوف. ومن المستحيل، حسب مصادر قريبة من المكتب السياسي للحزب الحاكم ان يعلن بلير اي موقف او تحرك دون الأتفاق مسبقا مع براون تجنبا لأنقسامات قد تسبب اضرارا انتخابية فادحة للحزب.

وقد استحوذت اخبار الصراعات الداخلية في حزب العمال الحاكم وحشد المتمردين على بلير لقواهم للتخلص منه، بعد استقالة ثمانية من مناصب وزارية صغيرة ومطالبتهم له ترك المنصب امس، ومستقبله السياسي على اللقاء الصباحي اليومي بين سكرتير بلير الصحافي ومتحدثه الرسمي مع الصحافيين، بينما احتلت تفاصيل زيارته للشرق ألاوسط مرتبة ثانوية لم تستغرق سوى بضع دقائق.

أترككم الآن مع قراءة للدكتور محمد الهرفي لرسالة عضو البرلمان البريطاني عن حزب العمال السيد جون مكدونيل الى توني بلير ينتقده فيها على سياسته الخرقاء


لقد جلبت العار لبلدك

فكرة العنوان مأخوذة من كلمة قالها عضو البرلمان البريطاني عن حزب العمال السيد جون مكدونيل ضمن رسالة وجهها إلى السيد بلير ينتقده فيها على سوء سياسته، وقد خاطب بلير بقوله: "لقد جلبت العار لهذا البلد".
السيد "جون مكدونيل" كان ينتقد موقف بلير من الحرب على لبنان، والواقع أن أعداداً كبيرة من البريطانيين كان لهم نفس الموقف ومن مختلف شرائح المجتمع البريطاني، وقد خرج البريطانيون في مظاهرة كبيرة احتجاجاً على موقف بريطانيا من الحرب على لبنان، ومن الطريف أن أحد هؤلاء يبلغ من العمر 66 عاماً وقد قال: إنه لم يشارك في مظاهرة منذ 40 عاماً ولكن ما رآه في لبنان دفعه لهذه المشاركة، وقال: أي شخص عنده أي نوع من الضمير لابد أن يأتي ويظهر دعمه للبنان". هذا القول يجعلني أتساءل: هل السيد بلير كان عديم الضمير أم إن هناك أشياء أخرى كانت تدفعه لاتخاذ موقف عدائي - كعادته- ضد كل الجرائم التي ترتكب في عالمنا العربي؟.
أربعون ناشطا من حزب العمال انسحبوا من الحزب استنكاراً للموقف السيئ لبلد من لبنان، وهؤلاء جميعهم من دائرة وزيرة الخارجية "مارغريت بيكث"، وقال أحدهم: إن إدارة الأزمة اللبنانية كانت خرقاً إلى حد لم يعد في وسعنا البقاء في حزب العمال. وكان المنعطف بالنسبة لنا حين رفضت مارغريت بيكث تأييد وقف إطلاق النار واختارت تبني موقف الرئيس الأمريكي جورج بوش.
ومن المؤكد أن السيد بلير يعرف السخط العارم من مواطنيه على سياسته لكنه من المؤكد أنه لا يقيم لهؤلاء وزنا، كما أنه - بطبيعة الحال- لن يقيم وزنا للشعوب العربية والمسلمة وسواها والتي أظهرت الامتعاض الشديد للسياسة البريطانية المؤازرة للصهاينة بكل مساوئها وبرغم كل القتل والتدمير الذي مارسته في لبنان.
واستناداً إلى صحيفة أخبار الخليج الإماراتية عدد الجمعة 4 أغسطس فإن السيد بلير لم يتجاهل فقط نصيحة وزارة الخارجية البريطانية إزاء الأزمة اللبنانية لكنه أغفل أيضاً المشورة التي قدمها خبراء الشؤون الخارجية في مقر رئاسة الوزراء وأكدوا فيها أن الهجوم الإسرائيلي على لبنان سيؤدي إلى نتائج عكسية ومدمرة ولذلك ينبغي المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار" ومع هذا كله فإن موقف السيد بلير كان مخزيا بكل المقاييس لأنه وقف إلى جانب الأمريكان في إطالة زمن الحرب، وإذا كان للأمريكان مصلحة في هذه الإطالة فما هي مصلحة بريطانيا منها؟! إنها بكل تأكيد لن تجلب لبريطانيا غير المزيد من المتاعب داخل بلادهم وخارجها.
مساوئ بلير ليست منحصرة في موقفه من حرب لبنان، إذ كان موقفه من الحرب على العراق - ولا يزال- أكثر سوءاً وأشد عاراً على بريطانيا. كنا ندرس في التاريخ أن الإنجليز مشهورون بالدهاء، وأنهم يعرفون كيف يضعون الشيء في موضعه حفاظاً على مصالحهم، ويبدو أن مواقف الرئيس بلير تجعلنا نعيد النظر فيما درسناه.
لقد كان موقفه من العراق مخجلاً وغبيا في الوقت نفسه، ولست أدري كيف قبل أن يكون تابعاً للأمريكان وزعيمهم المهووس بالقتل والإرهاب والتدمير!!
كان من الممكن تفهم موقفه في بداية الحرب بزعم أن هناك أسلحة دمار شامل في العراق، أما وأن هذا الزعم ثبت بطلانه فما هو السبب الذي يجعله يستمر في موقفه المعيب؟ بأي حق يستمر جيشه في قتل المدنيين في العراق؟ وبأي حق كذلك يعرض جنوده للقتل هناك كما يعرض مواطنيه في بريطانيا للهجمات الإرهابية فضلاً عن كره المسلمين لهم في كل مكان في العالم؟ هل إرضاء السيد بوش يستحق هذا كله؟! لعل السيد بلير قرأ خبر انتحار الجندي الشاب جيسون تشيلسي قبل بضعة أيام، هذا الخبر نشرته صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، وقد ذكرت الصحيفة أنه كان من المقرر أن يذهب هذا الجندي إلى العراق، لكنه فضل الانتحار على قبول هذا العمل، وقد علل فعلته بأنه كان يخشى أن يطلب منه قتل الأطفال وهو لا يستطيع ذلك.
لعل هذا الجندي الشاب كان مستيقظ الضمير فآثر الموت على فعل أشياء مشينة لا تليق بالإنسان، ولعل ما فعله بعض زملائه في البصرة حينما أقدموا على قتل بعض الأطفال كان كافيا له للامتناع عن تلك المهمة القذرة والموت دون تحقيقها.
ومرة أخرى: أين ضمير السيد بلير من المآسي الهائلة التي ترتكب في العراق تحت سمعه وبصره؟ ألا يرى عشرات القتلى كل يوم في العراق؟ ألم يسمع بالمجازر التي يرتكبها جنوده وجنود الأمريكان؟، ألم يسمع عن حوادث الاغتصاب والقتل والحرق؟ ألا يرى بوادر تقسيم العراق وبروز حرب أهلية مدمرة؟.
أجزم أنه يعلم كل هذا لأنه - ببساطة- من المشاركين فيه، ومع هذا كله ما زال يردد - ببلاهة- مثل بوش أن العراق يسير على خطى الديموقراطية والاستقرار، ويصر على أنه حقق إنجازا حضاريا في العراق، عجيب أمره كيف يجرؤ على قول هذا بدون حياء؟ كيف يتفق كل هذا مع الدهاء البريطاني الذي كنا نسمع به؟.
بلير الذي يدعي أنه يحارب الإرهاب إنما جلب الإرهاب لبلده، وعمل على انتشاره في البلاد الأخرى، وأجدني أتفق تماما مع ما كتبه السيد أوجين روبينسون في الواشنطن بوست الأمريكية عندما تحدث عن الحرب الأهلية في العراق فقال: "إن هذه الحرب التي نخوضها في العراق - دون مبرر- والتي يقول عنها بوش إنها ضد الإرهاب هي في حقيقتها تغذي الإرهاب بل وتخلق إرهابا جديدا من العدم".
وفي هذا السياق فقد ذكرت صحيفة الجارديان البريطانية أن عددا من زعماء المسلمين في بريطانيا بعثوا رسالة إلى السيد بلير قالوا فيها: "إن سياستك الخارجية في الشرق الأوسط تقدم الذخيرة للمتطرفين وتضع حياة البريطانيين مسيحيين ومسلمين في خطر متزايد".
هذه الرسالة تؤكد أن هناك خطرا محققا سيصيب البريطانيين إن لم يتعجل السيد بلير في تغيير سياساته المعادية للمسلمين في كل أنحاء العالم.. لقد أساء بلير كثيرا لمواطنيه ولسياسة بلده في الشرق الأوسط بسبب مواقفه السيئة من كل قضايا العرب سواء في فلسطين أو العراق أو لبنان، وإذا كان السيد بلير قد أصيب بالعمى فلم يعد بإمكانه التمييز بين ما هو نافع أو ضار، فإن المسؤولية تقع على حزبه وعلى عموم البريطانيين لكي يقفوا بحزم ضد سياساته الفاشلة التي أتعبتهم وستتعبهم في المستقبل وبطبيعة الحال فقد أتعبت العرب وما زالت تتعبهم.
 
أعلى