سعد العجمي .. تم ترحيله إلى القلوب

فخرج في عك والصدف، وخرج عليٌّ رضي الله عنه كعادته، فترقبه السكوني وحمل عليه من خلفه، فلما كاد أن يطعنه اعترضه سعيد بن قيسٍ الهمداني فطعنه طعنة قصم بها صلبه، فالتفت علي رضي الله عنه فرأى السكوني صريعاً. ثم قتل سعيد بن قيس رجلاً من ذي رعين، فجزع عليهما معاوية جزعاً شديداً، فقال سعيد بن قيس هذه الأبيات: الوافر
لقد فجعت بفارسها رعينٌ ... كما فجعت بفارسها السكون
غداة أتى أبا حسنٍ علياً ... وأم النقع مشبلةٌ طحون
ليطعنه فقلت له خذنها ... مسومةً يخف لها القطين
أقول له ورمحي في صلاه ... وقد قرت بمصرعه العيون
ألا يا عمرو عمرو بني حصين ... وكل فتًى ستدركه المنون
أترجو أن تنال إمام صدقٍ ... أبا حسنٍ وذا ما لا يكون
لقد بكت السكون عليك حتى ... وهت منها النواظر والجفون
ألا أبلغ معاوية بن حربٍ ... ورجم الغيب يكشفه اليقين
بأنا لا نزال لكم عدواً ... طوال الدهر ما سمع الحنين
ألم تر أن والينا علياً ... أبٌ برٌّ ونحن له بنين
وأنا لا نريد سواه يوماً ... وذاك الرشد والحق المبين
وأن له العراق وكل كبشٍ ... حديد القرن ترهبه القرون
والعكي: نسبة إلى عكٍّ بفتح المهملة: أو قبيلة من اليمن، وهو عك بن عدنان بن عبد الله بن الأزد.
والسكوني: نسبة إلى السكون، بفتح السين المهملة، أبو قبيلة عظيمة من اليمن، وهو السكون بن أشرس بن ثور. ويقال: لثور: كندة، وإليه ينتسب امرؤ القيس.
والصدف، بفتح المهملة وكسر الدال: بطنٌ من كندة ينسبون اليوم إلى حضرموت. وإذا نسبت إليه، فقلت: صدفيٌّ، فتحت الدال.
وهمدان، بسكون الميم: أبو قبيلة عظيمة باليمن.
وذو رعين بالتصغير: بطن من حمير، وهو ذو رعين بن سهل بن زيد. كذا في الجمهرة. وقد تجوز الشاعر في حذف ذي منه.
وفجعت في الموضعين بالبناء للمفعول، من فجعه، في ماله وأهله، أي: أصابه بالرزية، والفجيعة: الرزية، وفعله من باب نفع. وأم النقع أراد بها الحرب. والنقع، بالنون والقاف: الغبار.
ومشبلة: اسم فاعل من أشبل عليه، أي: عطف. وأشبلت المرأة بعد بعلها: صبرت على أولادها فلم تتزوج. ولبوةٌ مشبلٌ، إذا مشى معها أولادها. والشبل بالكسر: ولد الأسد.
وطحون: مبالغة طاحنة، أي: مهلكة. والضمير في خذنها راجعٌ إلى الطعنة المفهومة من قوله ليطعنه. والمسومة: المرسلة، من قولهم: سوم فيها الخيل إذا أرسلها. ومنه السائمة. ويخف: يرحل ويسافر. والقطين: جمع قاطن، وهو المقيم.
والصلا، بفتح الصاد والقصر، العجز، وفي الأصل هو مغرس الذنب من الفرس، ومنه، قيل: أخذت الصلاة. والمصرع: المهلك. ووهت: ضعفت.
وقوله: رجماً بالغيب، أي: ظناً من غير دليل ولا برهان.
وقوله: بأنا، متعلق بأبلغ. والعدو: خلاف الصديق، يقع على الواحد المذكر والمؤنث والمجموع.
وطوال الدهر، بفتح الطاء، أي: طوله. والحنين هنا: حنين الناقة، وهو صوتها في نزاعها إلى ولدها.
والقرن في الموضعين، بفتح القاف. وجملة: ترهبه حالية.
وسعيد بن قيس الهمداني من أصحاب علي رضي الله عنه، ولم أر له ذكراً في كتب الصحابة، وإنما هو تابعي.
قال ابن الكلبي: السبيع: بطنٌ من همدان.
ومن السبيع: سعيد بن قيس بن زيد بن مرب بن معديكرب بن أسيف بن عمرو بن سبع بن السبيع. انتهى.
وهمدان، بسكون الميم: قبيلةٌ عظمية باليمن، وهو لقب، واسمه أوسلة.
والسبيع، بفتح السين المهملة وكسر الموحدة.
ومرب، بفتح الميم وكسر الراء المهملة بعدها موحدة.
ولما لم يقف العيني على ما قبل البيت الشاهد، ولا على ما بعده ظن أن البيت لأحد أولاد علي رضي الله عنه.
وأنشد بعده: الوافر
متى كنا لأمك مقتوينا
على أنه حكي عن أبي عبيدة، وأبي زيد جعل نون مقتوينا محل تعاقب الإعراب بالحركة. فالألف هنا بدل من التنوين.
وهذه عبارة أبي زيد في نوادره: رجل مقتوينٌ ورجلان مقتوين، ورجال مقتوينٌ. وكذلك المرأة والنساء، وهو الذي يخدم القوم بطعام بطنه.
وقال عمرو بن كلثوم:
تهددنا وأوعدنا رويداً ... متى كنا لأمك مقتوينا
 
أعلى