زوجة الباشا:القسم الرابع: قصة بقلم ناجى عبدالسلام السنباطى

**القسم الرابع من قصة زوجة الباشا

******************************

******************************


*ملاحظات حول قصة زوجة الباشا

****************************

*بدأت الفكرة بحكاية سريعةحكاها لى خالى المغفور له بإذن الله الأستاذ انور ابراهيم السنباطى وكيل وزارة التموين بمحافظة دمياط فى حينه عن حكاية واقعية حدثت....وقمت بصياغتها فى شكل قصة أدبية طويلة عن حكاية الواقع البسيطة

* و عندما اصدرت مجموعتى القصصية فى الكويت فى أغسطس عام 81 على ما أتذكر كانت تشكل عامود الخيمة للمجموعة القصصية

*نظام القضاء الشرعى كان موجودا قبل ثورة يوليو 52 والغى بعد الثورة

*جميع الاسماء الواردة بالقصة هى نفسها الموجودة فى الكتاب المنشور 81 وكلها اسماء قصصية وليست من الواقع

*جميع المهن الواردة بالقصة لها احترامها وتقديرها حتى الان....وكل مجتمع به الصالح والطالح والخير والشرير ونحن نعرض لنماذج فاسدة ولانعمم وكل مهنة بها الكثير من الصالحين والقليل من الفاسدين ولانقيس الغريب الطباع على عموم الشرفاء فى كل المهن

*سوف انشر القصة بالتتابع حتى لاأرهق القارىء

*وفى نهايةالامر هى مجرد قصة ويبقى مانأخذه منها من عظة حتى لانضيع فى مسالك الحياة

**************

*ثلاثة عناوين لقصة واحدة

**********************.

*زوجة الباشا

***********

*عقاب الله

**********

*الإرث الدامى

**********

*بقلم ناجى عبدالسلام السنباطى

*********************************

**القسم الرابع من قصة زوجة الباشا

*******************************

*******************************

**لاداعى بعد الآن لكلمة سيدى...فأنتى بعد قليل سيدة هذا البيت ومن قبل ومن بعد سيدتى!!....قول لى فقط ياأحمد....أما الرجاء فيتعلق بالزواج....فأنا كما تعلمين فى مركز إجتماعى كبير ولايعلو عليك....وأولادى فى مراكزكبيرة....وسمعة العائلة لم تخدش منذ قرون.............لهذا أرجوأن يكون الزواج.........زواجا سريا....أنت أمام الله وأمام القانون زوجتى ولك كل حقوق الزوجية....وأمام الناس مجرد عاملة لدى..........فأرجو أن تتقبلى هذا الرجاء

*قالت له بعد صمت .....اللى تشوفه ياسيدى!!

*قالتها.....كلمة الموافقة على السرية....إلا أنها كانت حزينة ...لأن أمنيتها ككل بنت أن تعلن فرحتها...إلا أن حزنها كان بسيطا وسريعا....فبحر الأحزان الذى تغوص فيه منذ عرفت كيف تخطو فى طريق الحياة...لن ينقص منه الفرح جزءا من الحزن ولن يزيده أن نضيف إليه عدم فرحها....فقد بلغ حمل البحر طاقته...فالأمر واحد بالنسبة لها.

*قبلها أحمد باشا فى جبينها وقال لها إذن أعدى نفسك.....الفرح يوم الخميس القادم...............

**

*إنصرف أحمد باشا من هذه الجلسة الثقيلة فى التعبير ...السعيدة فى النتيجة على قلبه وعلى وجدانه....وكأنه كان يجتاز إمتحانا رهيبا...نجح فيه بعد توجس وخيفة ورهبة....وأبلغ صديقه على باشا بالموافقة وأنه فى إنتظار المراسيم التى يعدها صديقه.

*أتى اليوم الموعود فأخذ أحمد باشا عروسته (منيرة هانم) وذهب إلى صديقه على باشا وإنطلقوا إلى مأذون فى مكان بعيد.... خاصة الباشا على ...وفى سرية تامة ودون علم نعيمة (هانم) زوجة على باشا لمزيد من الكتمان...فالنساء دائما لايصمتن !!!!!!... وتم عقد القران.... وشهد على العقد على باشا وصديق ثقة....وعاد على باشا إلى عزبته....وإنطلق العروسان...مباشرة إلى قصر الباشا بالإسكندرية....حيث قضيا شهر العسل....وكانت أيامه كلها عسل...وسرعان ماإنتهى الشهر ولكن العسل لم ينته...وكانت العودة إلى العزبة...كما كانا هو السيد وهى الخادمة!!

*أفنت (منيرةهانم)....عمرها فى خدمة سيدها وزوجها فى نفس الوقت ومرت الأيام بهم كمكوك الفضاء فى سرعته التى تفوق سرعة الضوء...وإن كانا لم يلحقا بعصر هذا المكوك!! ولكن الراوى لحق به....مرت الأيام وهى تحمل حلاوة السعادة...خلاصة الفرح مذاب فى كأس حياتهما....رغم القيود السالف ذكرها....أعادت إليه شبابه....يوما بعد يوم...كان الباشا ينقص من كهولته ويزيد من فحولته!!!

*كانت اللقاءات فى العزبة خلسة ... حتى إذا مابعدا عن العزبة....عاش فى قصر الإسكندرية....كما يعيش الملوك....وكان لها خادما لاسيدا!!

**حقق لهاكل ماتتمناه أو تريده...رغباتها أوامر ...فلم يحرمها من شىء قط طوال حياته معها...وكان لرحلات خارج البلاد مساحة كبيرة من حياتهما فرأت مالم تكن تحلم به...كانت الرحلات الداخلية والخارجية...فرصة ليبتعدا عن قيود العزبة التى يعرف كل فرد منها مافيها وماعليها...ولو شعر العاملون فى المنزل وفى الحقل بالمكانة التى تحظى بها الخادمة....وإن كان هناك مايفسر بأن الباشا يدلل خادمته لنجاحها فى عملها ولكن تظل المسافةموجودة مابين السيد والخادمة!!...وفى قصر الإسكندرية وفى خارج العزبة أوخارج مصر هى السيدة وهو الخادم ولكن بلا مسافات حاجزة وإنما هو الحب الذى يحكم

...ورغم كل هذا فإن الهمس القليل أطل برأسه من بين الشفاه...وكان مقصورا على العزبة والمنزل...إلإ أنه لم يخرج خارج هذا النطاق...وكان الخدم والحشم والكلافون(بالإسطبل)...يهمسون ويبررون بأن مايرونه نوعا من الدلال...وأحيانا يزداد الهمس بأنه زواج وليس دلال أو نوع من الرزيلة!!!!!!!!!

********

*** عاشا الباشا ومنيرة هانم....عيشةسعيدة... ولم يشعرا أبدا بفارق السن أو المكانة.....إلا أن الله لم يتم عليهما بنعمة (الخلفة)....لكنها رضت بنصيبها وعاشت حياتها الجديدة... وقالت لنفسها أين انا الان مما كان ...ألم كان خادمة هذا المنزل واليوم أنا سيدته...ألا أكون عبدة شكورة...وأغدقت من حنان إختزنته لأولادها على الناس جميعا...فلم تنس والدها وزوجته وأخواتها وظلت على حال الود معهم حتى بعد وفاتهم تحت أنقاض منزلهم ....وحزنت على أسرتها وأضافت حزنها إلى بحر أحزانها...لكنها إرادة الله فى عدم(الخلفة) وإرادة الله فى (فناء أسرتها).....ولم يبق لها إلا زوجها...تقوم على رعايته وخدمته.

*وتستمر الأيام على منوالها....ولكن كم أنت أيها الإنسان...كالزهرة.....تنبت وتنمو وتتفتح وتثير المكان بعبقها ورائحتها الذكية ولونها المبهر الخلاب......ثم ماتلبث أن تزوى وتذبل لتترك المكان لزهور أخرى....سنة الحياة ولا لسنة الله تبديلا.....أحمد باشا عرك الحياة...بدأها كالزهرة تماما...وأخذ ينمو ويتفتح حتى جاءت منيرة....فكانت عامل إخصاب لشبابه....وسارا معا درب الحياة...حتى كبر الرجل وإنتهى شبابه الثانى!!!! الذى عاد بعد إخصاب منيرة.....شاخ الرجل وتكاثرت عليه الأمراض.....ووقفت الزوجة معه وبجانبه تمرضه وتحنو عليه....وهودائم الشكر لها.....فقد كانت الزوجة والأم والأولاد......الذين أنستهم القاهرة وأنستهم مشاغلهم...والدهم ...ومع الأيام نسوه تماما....وقاوم الرجل ماقاوم...وجاء أجل الله الذى لايتأخر...ومات الرجل....ومالبث أن لحق به صديقه على باشا حزنا عليه.... وعادت منيرة وحيدة.......تسبح فى بحر الأحزان ولكنها لاتغرق فيه لأنها إرادة الله.

.

*أقيمت السرادقات....وحضر الكبار.... وتحدث الجميع فى كل شىء عدا المقدمة بالترحم على الميت وذكر مناقبه....وصار المكان بعد هذا...حفلا....ولكنه حفل بدون موسيقى....وإنفض السامر..... وجلس الأولاد.....يقسمون التركة....قبل ان يجف الرجل فى قبره.....وتخاصموا وتشاجروا.....رغم أن الخير كثير والتركة كبيرة...... وعلى الجانب الآخر....جلست منيرة حزينة فى حجرتها....لاتأبه بالتركة أو مايصيبها منها حتى إذا ماإنتهت أيام العزاء....أخذ الأولاد يطردون فى الخدم وفى الحشم...وجاء الدور على (منيرة).

*قالت لهم دعونى أفتح المنزل....ذكرى للوالدين....فقالوا لها فى نفس واحد....لقد قررنا بيع المنزل والأرض ولانريد أى إرتباط بالبلدة.....ألحت فى الرجاء....فقابلوها بجفاء.....تحركت فى نفسها نوازع النفس البشرية....وتراكمات قديمة من القهر ومن الحزن....فمن قبل طردها والدها إرضاءا لزوجته واليوم يطردها أولاد زوجها .... وهم لايعرفون إلا أتها مجرد خادمة....وأرادت أن تخفى ألمها وأن تتحمل وليس جديدا عليها هذا الطريق...لهذا هاهى تضحى من جديد حتى لايعرف أحد بقصة زواجها إرضاءا للذى مات.

*إلا أن تعبها مع الأيام ومشوار حياتها المضنى وبحر الأحزان الدائم معها ولاينقص أبدا....كان معها يد بيد وخطوة بخطوة....جعلها تكبر قبل الأوان...ولم تعد قادرة على تحمل مشوار آخر فأظهرت لهم وثيقةزواجها من والدهم...فقالوا لها هذه وثيقة مزورة!!.

*إعتمدت على الله وسألت أهل المشورة....فأشاروا عليها برفع دعوى تثبت فيها صحةزواجها من الباشا وبالتالى إثبات حقها....رغم وفاة أصحاب العلاقة .. الزوج والشاهدان المأذون!!!! ورغم صعوبة ذلك ولكن ليس مستحيلا إثبات ذلك فالوثائق محفوظة وتوقيعات الشهودموجودة فى العديد من الوثائق العامة أو الخاصة.... وكان يمكن أن ينتهى كل هذا بموافقة الأولاد على الأقل تكريما لمن إعتنت بوالدهم لسنوات طوال....ويسمحوا لها بإلتقاط بعض الأنفاس من لهاثها الدائم فى طريق الأحزان وبحره الذى لاينضب أبدا.

*ترى ماذا تخبىء لها الأيام؟!... وماذا يفرض عليها؟!... لاطريق أمامها إلا المحكمة فهى التى تفصل بين المتخاصمين وتقيم العدل....لاطريق أمامها سوى هذا الطريق...ولما بدأت فى السير فيه رفعت الحجب عن أسرار كانت لاتريدها أن تظهر فعرف القريب والبعيد أنها زوجةالباشا الأخيرة فإذا بهذه الأسرار مذاعة على جانبى طريق الحياة...ورذاذها طال الجميع...وتناقلتها الألسن من العزبة حتى القاهرة ومن العامة حتى السياسين...فالباشا علم فى كل مكان....وفوجىء الأولاد بكل هذا ومع ذلك ظلوا على عنادهم... ولم يكن أمام (منيرة هانم )....إلا المضى فى دعواها القانونية والشرعية حفظا لحقوقها.

*ذهبت منيرة إلى المحكمة.....وعرفت طريقها إليها وياليتها ماعرفت هذا الطريق...فهو طريق طويل ووعر ولاتعرف له نهاية....ولكنها أجبرت عليه...طريق به دهاليز طويلة وضيقة وصعبة والمشى فيه كأنك تمشى فوق الأشواك التى تدميك ماديا ومعنويا.....هناك يتلقفها....كتبة المحاكم وكتبة المحامين والمحامون وكتاب العرائظ...كل منهم يريد أن يشد منها رزمة من أوراق البنكنوت...وكم هو قليل مهما كثر..أمام هؤلاء جميعا....أمام فمهم المفتوح على الآخر ولايغلق أبدا فهو لايشبع ذلك الفم ....الذى تجمع من العديد من أفواهم.....كأن كل الشفاه قد تجمعت فصارت فما مفتوحا على أقصى إتساع....وظل يتمدد ولاينكمش أو يغلق!!!

** وللحق نقول أن هذا النظام من المحاكم... كان يطلق عليه المحاكم الشرعية والقضاة به قضاة يطلق عليهم قضاة شرعيون وهو غير النظام القضائى المعمول به الآن.

**جلس القاضى الشرعى(معروف)....وهو ليس بمعروف!!....ولاندرى كيف وصل إلى هذا المنصب الهام...فهو إساءة مابعدها إساءة. وهو شاذ على مجتمعه فالشرفاء من زملائه كثر ...المهم أنه تسلل بطريقة أو أخرى إلى هذا المنصب الشرعى...إلا أن القضاء الشرعى برىء منه إلى يوم الدين...همه الكسب السريع....وأن يصبح غنيا فى أسرع وقت وبأى طريقة وكان منصبه بحكم وجوده فى تقسيم التركات...يساعده كثيرا ولايراعى أن هذه الأموال أموال أبرياء ويتامى وأرامل ولكن أين له من ضمير يؤنبه....أنه يريد كل شىء فى أقل وقت ممكن...لكى يغطى تكاليف جلساته مع ندماء السوء.... رغم منصبه الكبير الذى يضعه فى مركز إجتماعى يلائمه.

*كان ينصب شباكه على كل ارملة تقع تحت طائلته..
*يتبع القسم الخامس
 
أعلى