نقد نظرية الانفعال لسارتر

رضا البطاوى

عضو ذهبي
نقد نظرية الانفعال لسارتر
كمعظم ما يأتينا من نظريات من الخارج أى من الآخر نجد التناقضات ونجد فيها أمرا أو أمورا تخالف ديننا وسارتر بهذه النظرية يحاول ما حاوله فرويد من تفسير السلوك الإنسانى وهى محاولات فاشلة وستظل فاشلة لأنها فى الأغلب تعتمد على دراسة السلوك المرضى
سارتر فى النظرية يعرف الانفعال بكونه متلقى متفكك فيقول:
"وهكذا نأخذ بعين الاعتبار طبيعة الانفعال الرئيسية فالانفعال متلقى وهو يفاجىء وينتشر حسب القوانين الخاصة به وبدون أن تتمكن عفويتنا الواعية من تعديل سيرها لطريقة ذات قيمة وهكذا التفكك فى طبيعى الانفعال المنتظمة التى يصار إلى اناطة موضوعها المحرك بالفعل الطاحن وفى طبيعته الحتمية التى لا يمكن أن تكون كذلك إلا بالنسبة لوعى الشخص إن هذا التفكك يؤدى نوعا ما على الصعيد النفسى التجريبى نفس الخطة التى يؤديها على الصعيد الجسدى" ص40
وهو يناقض التعريف بقوله أنه تحويل للعالم والتحويل أمر نفسى فيقول:
"والآن نستطيع أن نفهم ما هو الانفعال فهو تحويل العالم ...عندئذ تحاول أن تغير العالم أن نعيش كما لو كانت علاقات الأشياء بممكناتها غير منظمة بواسطة مناهج حتمية"ص54
وهو يعارض نفسه مرة أخرى بتعريفه أنه سلوك جسد فى حالة ما فهنا الانفعال جسدى وهو قوله:
"علينا أن نعتبر إذا أن الانفعال ليس ممثلا فحسب وليس سلوكا صرفا فهو سلوك جسد فى حالة ما والحالة وحدها لا تثير السلوك والسلوك بدون الحالة مهزلة لكن الانفعال يظهر فى جسد مضطرب يلتزم نوها معينا من أنواع السلوك ويمكن للاضطراب أن يبقى بعد السلوك لكن السلوك إنما سكون شكل الاضطراب ودلالته ص67
ويعود فيعرفه تعريفا نفسيا بأنه إيمان والإيمان نفسى يبنى عليه الفعل فيقول:
"فالانفعال حادث ايمان ولا يقتصر الوعى على اسقاط دلالات عاطفية على المحي كبه بل لأنه يعيش العالم الجديد الذى كونه يعيشه مباشرة ويهتم به وهو يقاسى من الصفات التى رسمتها أنواع السلوك ص68
وبعد أن وصف الانفعال بالحادث عاد ونفى ذلك فى تعريف أخر فقال:
"والانفعال ليس حادثا بل هو نمط لوجود الوعى" ص80
وعاد فعرفه بسقوط الوعى المفاجىء فى الشىء السحرى فقال:
"ونعنى بالانفعال سقوط الوعى المفاجىء فى الشىء السحرى أو إذا شئنا فإن هناك انفعالا حين يغمى على عالم الأدوات وحين يستلم العالم السحرى مكانه فلا يجب علينا أن نرى فى الانفعال تشوشا عارضا فى الجسد والعقل من شأنه ان يدب الاضطراب من الخارج فى الحياة النفسية بل بالعكس عودة الوعى إلى الموقف السحرى " ص80
ويرجع فيعرفه بكونه انحدار عفوى يعيشه الوعى تجاه العالم والمراد موقف تجاه شىء يحدث أمام المنفعل فيقول:
وهكذا فإن أصل الانفعال انحدار عفوى يعيشه الوعى تجاه العالم فما يعجز الوعى عن تحمله بشكل ما يعمد لإدراكه بصورة أخرى بإخلاده للنوم وباقترابه من أنواع وهى النوم والحلم والهستيريا واضطراب الجسد ليس سوى الايمان الذى عاشه الوعى منن حيث أنه قد عاشه من خارج ص69
وكثرة التعاريف التى جاء بها وتناقضها مع بعضها هو دليل على أن الرجل لا يعرف عما يتكلم والانفعال هو عندنا كعامة هو رد فعل على قول أو فعل من الناس أو المخلوقات التى نعيش معها فى الكون
وقد بين أن رد الفعل مبنى على الوعى الانفعالى وهو بلا تفكير وهو قوله:
"فالوعى الانفعالى هو فى البدء غير مفكر به وعلى هذا الصعيد لا يمكن أن يكون الوعى الانفعالى واهيا لذاته إلا تبعا للنمط اللاوضعى والوعى الانفعالى هو فى البدء وعى العالم ص47
وهو كلام خاطىء يتناقض مع بعضه فكيف يكون وعيا وكيف يكون غير مفكر به ؟
إن الوعى يعنى الادارك المفكر به وقد عاد الرجل فناقض نفسه بالقول بأنه لا واعى فقال :
"إن السلوك غير المفكر فيه ليس سلوكا لا واعيا بل هو سلوك واع لنفسه بصورة غير معلومة وكيفية وعيه لذاته بصورة معلومة هو أن يتجاوز نفسه وأن يدرك فى العالم كصفة الأشياء"ص52
ويضرب مثلا بكونه لا يعى كيفية الكتابة التى يكتبها فى الكتاب بترتيبها فيقول:
"فأنا فى هذه اللحظة مثلا أكتب ولكن لست أعى أنى أكتب سيقال إن العادة هى التى جعلتنى لا أعى الحركات التى تقوم بها يدى وأنا أرسم الحروف وهذا مستحيل قد تكون لدى عادة الكتابة ولكن ليس لدى عادة كتابة هذه الكلمات تبعا لهذا الترتيب "ص50
بالقطع هناك شىء جهله الرجل أو تغافل عنه وهو أن طريقة الكتابة أو طريقة أى شىء كرد فعل تكون مبنية على حكم سابق غالبا يعلمه الإنسان للرد على الموقف وهو ما يسمى التكرار فنتيجة التكرار المستمر للأفعال تجعل الإنسان يحس أنه لا يفكر بينما فكره قد بنى من قبل وهو يستخدمه بدون إعادة التفكير فيه كلما حدث الموقف فكتابة الكلمات مبنية على حفظ سابق لأشكال الحروف وأما ترتيبها كما يدعى سارتر فهو الأخر ناتج من تفكير سابق فالإنسان لا يكتب دون تفكير مسبق فيما يكتبه
وهو يبين أن الجسم هو الذى يغير علاقاته بالعالم عند الانفعال بواسطة الوعى فيقول:
"فالجسم هو الذى يغير فى الانفعال علاقاته بالعالم لكى يغير هذا العالم صفاته أجل إنه الجسم الذى يوجهه الوعى وإذا كان الانفعال نوعا من اللهو فإنه لهو نؤمن به"ص56
ويعود فيؤكد أن السلوك المنفعل إرادى فيقول :
"وفى مختلف حالات الانفعال المستعار التى ذكرتها لا شىء يساند أنواع السلوك فهى موجودة وحدها كما أنها إرادية لكن الموقف صحيح نفهمه وكأنه يلح فى هذه الأنواع من السلوك" ص65
ولكنه يناقض كلامه فيجعل الإنسان غير متحكم به أى غير نابع من إرادته لأنه لا يقدر الخروج منه لو أراد فيقول:
"فما علينا أن نفهم بذلك وأن نفهم هذا تقريبا أن الانفعال ملتقى وليس بإمكاننا أن نخرج منه ساعة نشاء قد ينفد الانفعال من تلقاء نفسه غير أنه ليس لإمكاننا أن توقفه فضلا عن أن أنواع السلوك المقتصرة على نفسها ليس من شأنها إلا أن ترسم على الشىء بصورة إجمالية "ص66
وهو يعود فيقول أن وعى الانفعال حبيس وهو ما يؤكد قولنا عن التكرار المبنى على احكام سابقة تم التفكير فيها ولكن عند التكرار لا يعاد التفكير ولكن سارتر أخطأ فى التعبير عنها فيقول:
"فوعى الانفعال حبيس ولكن يجب ألا نفهم أن موجودا ما خارجا عنه قد كبله فهو حبيس ذاته بحيث أنه لا يسيطر على هذا الايمان الذى لا يريد ان يعيشه لمجرد أن يعيشه ولأنه يستنقذ نفسه فى عيشه "ص70
ويصف سارتر التكرار باسم غريب وهو السحر وأنه يشبه الحلم أو الجنون فيقول:
"وإن ما هو مكون للانفعال هو أن يدرك فى الشىء شيئا ما يتعداه إلى ما لا نهاية له وفى الواقع أن هناك عالما للانفعال وجميع الانفعالات لها هذه الصفة المشتركة وهى أنها تظهر عالما واحدا قاسيا أو رهيبا أو كئيبا أو سارا إلخ ولكن فى أى عالم تكون نسبة الأشياء إلى الوعى سحرية صرفة على الدوام ومن الواجب أن نتحدث عن عالم للانفعال يكون شبيها بعالم الحلم أو عوالم الجنون" ص71
وبالقطع لا يوجد سحر ولا حلم ولا جنون فى الانفعال وإنما هو مبدأ التكرار المبنى على أحكام سبق التفكير فيها ومن أمثلة ذلك قول الشاعر :
بغاة ظالمين وما ظلمنا ولكنا سنبدا ظالمينا
فهناك بشر دوما ما يسرعون بالظلم عند أى موقف وأيضا قول الشاعر :
لا يسألون أخاهم حين يندبهم فى النائبات على ما قال برهانا
وهناك أخرين يلتزمون العدل عند أى موقف
فالتعود على شىء يصبح قانونا للنفس تسير عليه لأنها آمنت به بتفكير أو بتقليد الغير وهو نوع من التفكير الخاطىء إن جاز تسمية الخطأ بالتفكير
ويبين أن فى كل انفعال مجموعة من الأحداث العاطفية فيقول:
"وهكذا فإن فى كل انفعال جمهرة من الأحداث العاطفية تتجه نحو المستقبل لتكونه بطريقة انفعالية ونحن نعيش انفعاليا صفة تتسرب إلينا ونتحملها وهى تتجاوزنا من كل صوب وفجأة يتقلص الانفعال من ذاته" ص72
وبالقطع ليس كل رد فعل يتبعه مظاهر كالضحك أو البكاء او الخوف أو الحون لأن هناك بشر قلوبهم مطمئنة بكاعة الله كما قال تعالى :ألا بذكر الله تطمئن القلوب "ومن ثم فهم لا يظهرون جزعا ولا خوفا عند المصائب
ويصف سارتر الانفعال وهو رد الفعل بأنه لا غائية به والمراد لا هدف له فيقول:
"ولا يوجد هنا بلا ريب نوع من السلوك يجب التزامه ويبدو أن الانفعال لا غائية له "ص74
وبالقطع رد الفعل لابد له من هدف ولكن الإنسان لا يفكر فيه فى الغالب فمقلا الاعتداء على الغير رد العدوان الهدف منه ردع الهر وشفاء غيظ صدور المعتدى عليهم كما قال تعالى "قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم"
وقد ناقض الرجل كلامه بعدم غائية الانفعال بالقول أن للانفعال معنى أى هدف بقوله :
"فالانفعال لكونه فعلا واعيا لا يمكن أن يكون مجرد اضطراب واختلاط بل إن له معنى وهو يدل على شىء وبهذا لا نعنى فقط أنه يأتى كصفة صرفة بل يلقى بنفسه كنوع من علاقة كياننا النفسى مع العالم وهذه العلاقة أو بالأحرى الوعى الذى ندركه عنها ليس بمثابة صلة مختلطة بين الأنا والكون بل هى هيكل منتظم قابل للوصف"ص14
ومثلا من يجد أخاه مضروبا فيهاجم من ضربه نجده يقول إنه أخى مريدا بذلك أن الهدف أن أخاه لا يهان لأن واجبه الدفاع عنه ومثلا من يحزن كيعقوب (ص) كان هدفه من رد فعله على فقد أولاده هو أن يشكو حزنه لله كما قال تعالى على لسانه "إنما أشكو بثى وحزنى إلى الله"
البقية https://arab-rationalists.yoo7.com/t988-topic#1183
 
أعلى