نصيحة للجميع

الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
ما قبل الانتخابات مما لا شك فيه ان أوقات الانتخابات تعتبر من أكثر الأوقات التي تكون فيها النفوس قابلة للاثارة، فالألسن تنطلق بلا ضوابط ولا روادع، والآذان تستمع لكل ما ينقل ويقال، والمشاعر تتهيج للخلافات والخصومات لأدنى سبب، وتتصاعد هذه القابلية للشحناء مع تقارب يوم الانتخاب، بل وحتى بعد التصويت وظهور النتائج لابد وان تبقى بعض آثار الكدمات والجروح ولو في النفوس الا من رحم الله، لهذا كله أحببت ان أشارك بقلمي ببعض التوجيهات والوقفات لعل فيها فرجا ومخرجا لما سيلقاه الناخبون من جراء دخولهم هذا المعترك:

- الوقفة الأولى:

احذر كل الحذر من الخوض في أعراض الناس وأكل لحومهم بلسانك، واعلم انه لا يجوز الطعن في دين الناس وأماناتهم والتشكيك في نزاهتهم بلا بينة ولا برهان، بحجة (يقولون، سمعنا، ذكرت الجريدة من مصادرها الخاصة، وأخبرني صديقي عن شخص واصل......) وغيرها من الترهات والأباطيل وقد جاء في الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم «بئس مطية الرجل زعموا» فلا تجمع أيها الكريم بين قبح القول وسوء الدليل، واياك ان تبني قصرا لمن تحب على ركام الآخرين وانما يكفيك أن تزكي من تثق فيه، والحر تكفيه الاشارة.

- الوقفة الثانية:

اياك من تتبع الزلات والفرح بالسقطات، قديمها وحديثها، صغيرها وكبيرها، بهدف اسقاط الخصوم والتنقص منهم والتنفير عنهم، وقد جاء في الحديث ان من تتبع عورات الناس فان الله يتبع عورته ويفضحه ولو في جوف بيته، فمن يقوى على مواجهة رب السموات والأرض؟! لا أحد وبعض الناس اذا كره شخصا لايمل من ذمه والطعن فيه في كل مجلس وديوان، فلا تكن فاجرا في خصومتك. وأعلم ان هناك من يجازي في الدنيا والآخرة، وكانت العرب تقول «فلان يتمرأ بنا: أي يطلب المروءة بنقصنا وعيبنا، وأما صاحب المروءة الصادقة فيبخل بوقته عن هذه الطوية الخبيثة».

- الوقفة الثالثة:

ينبغي ان يعلم ان الخلاف في مسألة دخول البرلمانات خلاف معتبر، فمن قائل بعدم جواز الدخول لما يترتب على الدخول من مفاسد عظيمة مع قلة المصالح المتكسبة، ومن قائل بالجواز من باب مالا يدرك كله لا يترك جله، وفي الدخول تفويت الفرصة لأهل الفساد من نشر فسادهم، ومن قائل ان الحكم يكون بحسب طبيعة القوانين، فان كان البرلمان له صلاحية التغيير فيجوز والا فلا، مع اشتراك الكل في ان النظام البرلماني ليس نظاما شرعيا ولا ينتظر تطبيق الشريعة تحت قبة البرلمان، وبكل من الأقوال السابقة قد قال بها ثلة من العلماء الأمناء، فلا ينبغي ان يشنع بعضنا على بعض، ويتهم بعضنا بعضا، فلا ينبغي ان يقال للمجيز بانه متساهل ويريد عرضا من الدنيا، ولا يقال كذلك للمانع بانه متعنت ولا يملك شيئا من فقه الواقع، فكل على خير، وكفى المسلمون فرقة وانشقاقا.

- الوقفة الرابعة:

ما منا من أحد الا ويحب النصرة والفوز لأهله وقبيلته وجماعته وعائلته، لانهم من الأقربين منه، ولكن احذر ان تجعل هؤلاء هم ضالتك فتدور معهم حيث داروا بحق او بباطل، ولا تجعل ولاءك لمن يشاركك في النسب والحسب بل الولاء لله ولرسوله ولمن نصر شرعه، وأجواء الانتخابات محك يختبر فيه ولاءات الناس، فمنهم الفائزون ومنهم الخاسرون.

***

قال بن القيم:

إذا كان الله ورسوله في جانب فاحذر ان تكون في الجانب الآخر... ولاتستسهل هذا، فان مباديه تجر الى غايته، وقليله يدعو الى كثيره، وكن في الجانب الذي فيه الله ورسوله وان كان الناس كلهم في الجانب الآخر، فان لذلك عواقب هي أحمد العواقب وأفضلها، وليس للعبد انفع من ذلك في دنياه قبل آخرته.

الوطن مقال خالد قزار الجاسم
تاريخ النشر 28/03/2009
 
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
أعلى