عقولنا .. بين الاحتلال و الاختلال !!

بوسند

عضو ذهبي


هناك حقيقة فكرية تتعلق بعقل الإنسان ..

هذه الحقيقة تقول ، وبكل بساطة : إن العقل يحتله الأسبق إليه ..

.. بمعنى أن الفكرة التي تكون لها الأسبقية في الدخول إلى العقل فإنه سيكون لها حظ الإقامة الدائمة فيه ..
مالم يزحزحها مزَحزِح !

و ذلك راجع إلى طبيعة العقل الذي يحب أن يتمسك بالأفكار الأولى التي تطرقه ..

أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى *** فصادف ( عقلا ) خاليا فتمكنا

إن عند الكثير من الناس نوع من الوفاء .. لكنه الوفاء الضار بالعقل ..

يكون هذا الوفاء لتلك الأفكار التي كانت لها فضل الأسبقية في الدخول للعقل ، فيظل الإنسان وفيا لهذه الأفكار ، لا يتزحزح عنها ..

بل إنه يحاول أن يحوّر و يطوّع أي حقيقة ثابتة لكي تتناسب مع تلك الأفكار الاولية ..!

يقول الشاعر :

نقل فؤادك حيث شئت من الهوى *** ما الحب إلا للحبيب الأول

كم منزل في الأرض يألفه الفتى *** وحنينه أبداً لأول منزل

إذا أدرك الإنسان هذه الحقيقة و استوعبها جيدا .. فإن ذلك سيكون لها أثر إجابي على كافة أفكاره و تصوراته .. و بالتالي أحكامه ..

إدراك هذه الحقيقة يعني أن الإنسان بحاجة ماسة إلى مراجعة أفكاره ليتأكد هل هي راسخة بسبب القناعة التامة التي صمدت أمام جميع الأسئلة .. أم أنها تسللت إلى عقله بسبب الأولية في الدخول إليه ؟!

إدراك هذه الحقيقة يحتم على الإنسان أن يطرق أفكاره دائما بمطرقة التساؤلات ..

و ليس أي تساؤلات .. و إنما تلك التي تبحث عن أصل الفكرة و سببها و نتائجها .. بأسئلة صريحة واضحة .. قد تقود الإجابة عنها إلى أن يفضح الإنسان عقله أمام نفسه و يعريه مما علق به من توهمات و أفكار استوطنته بطرق غير مشروعة !!

أضرب مثالا ...

كل واحد منا له اتجاه فكري معين ..

قد يكون إسلامي .. وهذا الإسلامي قد يكون سلفي إخواني .. إلخ

أو قد يكون ليبرالي ..

أظن أن الكثيرين من أصحاب هذه التوجهات .. كان تبنيهم لهذا التوجه يعتبر أول تجربة لهم مع عالم الأفكار و التوجهات ..

و الكثير منهم يبقون على هذا التوجه لا يغيرونه .. بل يدافعون عنه .. ويزدادون مع الأيام تمسكا به ..
ولو سألت أكثرهم عن قصة تبنيهم لمثل هذه الأفكار ..

لوجدت أنها تعود لأسباب اجتماعية .. أو صدفه !!

بمعنى أنه من القليل النادر أن نرى من تبنى توجه معين بعد أن وضع كافة التوجهات و الآراء على طاولة البحث ، و أخذ ينظر فيها بصورة محايدة .. ثم في النهاية يتبنى أحد هذه التوجهات بعد أن أعطى البقية حقها من الدراسة و البحث ، و أعطى عقله حق الاختيار ..

هذا الاختلال .. سببه الاحتلال الفكري الذي يجتاح العقل أولا .. ثم يسكنه بصفة دائمة

أتمنى أن يكون هذا الموضوع مفتاحا لنا لمراقبة عقولنا .. و ما فيها من أفكار ..

ولنطرح عليها الأسئلة الصريحة .. و لنجاوب عنها بكل موضوعية ..

مع تمنياتي للجميع بصحة عقلية وافره :)
 

الفودري

عضو بلاتيني
صحيح

عن نفسي اعتنقت منهج الاخوان صدفة سابقا لا أدري لماذا

ربما كما ذكرت بسبب الظروف الاجتماعية

و تمسكت به و دافعت عنه كثيرا

و كنت متعصبا له أيما تعصب و لا أرضى لأحد بالتهجم عليه

عندما دخلت للمعهد الديني خصوصا المرحلة الثانوية في المرحلة الأولى

و بدأنا ندرس العقيدة و التوحيد و نعرف الصح من الخطأ و نعرف الأفكار المنحرفة و نذهب للدروس التي تقام هناك في الفرص و بعد الصلاة و مع احتكاكنا مع الطلاب أصحاب التوجهات المختلفة

هنا بدأت أتأمل في المنهج الذي أسير عليه و أعيد النظر و أدقق

صرت أسأل و أجد الإجابات مختلفة

كنت أعتقد أن جميع الملتزمين هم من الاخوان

صرت أسأل من هم مؤسسي الاخوان

هل ما يحاك حولهم مجرد إشاعات و أساطير و تهم جزاف

و قصة طويلة جدا في النهاية عرفنا منهج السلف و اعتنقناه و نسأل الله أن يثبتنا عليه

و الحمد لله الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله

و الآن علاقتي طيبة معهم فقد قضيت معهم أوقات طيبة و إن كنت أختلف معهم و نزروهم من وقت إلى وقت رغم الخلافات التي بيننا و لكن لا ننكر جميل من أحسن إلينا مهما اختلفنا معه

على فكرة كان من مشايخنا في الشباب سليمان بو غيث :)
 

أبو يوسف

عضو ذهبي
شكرا على هذا الموضوع الرائع

وذكرني تعليق الأخ الفودري ببداية تديني والتزامي

ولكني على عكسه

كنت في بداية إلتزامي مع السلفيين

احضر دروس الشيخ عبد الرحمن عبد الصمد رحمه الله

واحضر ديوانياتهم واشارك في برامجهم ومخيماتهم في أول بداياتها

ولكن حينما تعرفت على شباب الإخوان

وجدت البون شاسعا

في الفكر والفهم الشامل للإسلام

وفي أسلوب التعامل مع الآخر

واحترام العلماء وتقديرهم حتى لو كانوا يخالفونهم

إحسان الظن بالمسلمين وعدم الاغترار بالنفس

حبهم للجماعات الإسلامية


التوازن والاعتدال في فهم الدين وخاصة للعقيدة والتعبد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

الفن في أسلوب الدعوة

الإبداع في عرض الإسلام والدعوة إليه

أمور كثيرة جذبتني إليهم

نسأل الله أن يجزي من كان سببا في ذلك خير الجزاء
 

Loyalty

عضو مميز
يااه ،، ذكرتني بالغزو الفكري الذي اجتاح فكري في بدايات المراهقة ...
جيوش عسكرية من كافة التوجهات .. كانت ترغب بالتفاوض معي ..
إلى أن اعتنقت مااعتنقت من أفكار و مبادئ .. عن قناعة تامة ..
ومن تجربتي المتواضعة .. أيقنت أن إعمال الفكر .. و المقارنة بين الأفكار ..
يعطي الفرد نوعاً من الاستقرار في حالة التوصل إلى نتيجة ...
لأنه ما توصل إليها إلا بعد تمحيص وقراءة للواقع..

loyalty
 

q8ikhwan

عضو فعال
هذا الاختلال .. سببه الاحتلال الفكري الذي يجتاح العقل أولا .. ثم يسكنه بصفة دائمة

موضوع جميل جداً .

عندي تساؤل لو تكرّمت .

أليس المفروض أن يكون هناك أصل أو احتلال _ إن صحت التسمية _ متُعمق في العقل والنفس مسبقاً ؟؟
قبل كل الأفكار الأخرى أو المبادئ الطارئة .

يقول الله تعالى :
(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (الروم : 30 )

أليست الفطرة هي المحتل الأول والأخير ..؟؟
هي الأولى لأن الله فطرنا عليها ، والأخيرة لأنه مع تراكم الأفكار الواردة لا تنتزع الفطرة إنما تطمس!

لدي تساؤل آخر إذا سمحت لي :

لو حبست إنساناً في غرفة _ قبل أن يحتل عقله أي فكرة أو مبدأ _ ثم تركته فترة من الزمن ، فما الذي سيهتدي إليه ، أو ما هي الفكرة التي ستحتل عقله ؟؟

واسلم ودا واحتراما ..

بالفعل موضوع ممتع ..
 
التعديل الأخير:
تحيه طيبه للقراء وللكاتب ابو سند ,
لااعتقد أن الانسان لابد له ان يرجع لاافكاره الأولى , او كما مثل الكاتب ماللحب الا للحبيب الأولي .
لأني أنا شخصيا كنت سلفي والحمدلله انه هداني للمفهوم الصحيح للحياة ولاحترام الأنسانيه جمعاء ,وأعتبر نفسي ليبراليا ولافخر .
فاذا تطور الانسان بمفهوم اكبر للحياة بدلا من التضييق والتشدد لدى السلف , او الكذب والنفاق لدى الاخوان ,فلاشك بأنه تطور في فكره لمستوى متقدم في مفهوم الحضاره الانسانيه ,
لذلك يصعب على الفكر بعد ذلك الرجوع الى الخلف ,
لأن الانسان بطبعه يشده الفضول للتقدم والتطور بدلا من الافكار الرجعيه التي لولا البيئه لما اعتنقها كثير منا او لما كان لها وجود اصلا
 

بوسند

عضو ذهبي
السلام عليكم ..

أولا : اعتذر عن غيابي عن الرد على تعليقات الزملاء في هذا الموضوع .. فقد أشغلتني الدراسة ..

ثانيا : شكرا للجميع على المرور .. و على التعليقات الرائعة و النافعة و التي تمثل تجارب شخصية ثرية ..

و يا حبذا لو أتحفتمونا بالمزيد من هذه التجارب الجميلة ..

ثالثا : ملاحظة عامة .. للإخوة الذين تحدثوا عن تحولاتهم الفكرية ..

أقول .. إن تحولك من فكر و منهج إلى آخر لا يعني ذلك نهاية المطاف ، و أنك تعتقد أن ما وصلت إليه هو الحق المطلق ..

و إنما رحلة المراجعة و النقد الذاتي من المفترض أن تكون مسايرة للإنسان مادام له عقل يفكر ..

فلا تعتقد أنك الآن وصلت للنضج النهائي و أن وعيك قد اكتمل ..

يقول عمر ابن الخطاب رضي الله عنه في وصيته لأحد قضاته :

" و لا يمنعنك قضاءٌ قضيته بالأمس فراجعت فيه رأيك و عدت فيه لرشك أن ترجع فيه إلى الحق ، فإن الحق قديم ، و إن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل "

أو كما قال ..

على سبيل المثال ..

الزميل الفودري .. كان مع الإخوان .. ثم راجع نفسه .. فصار سلفيا ( مندكاري :) ) .. فلا يمنعه ذلك أن يستمر في مراجعة نفسه .. فلعله بعد فترة يصبح مع حزب التحرير .. مثلا :)

و كذلك الأخ بونايف .. فإن الليبرالية ليست هي المخلص الأوحد للإنسان .. فوجود العقل للإنسان يحتم عليه أن يستمر في مسيرة مراجعة أفكاره..

تحياتي
 

العامري

عضو ذهبي
لم اتبع منهجا معينا في حياتي لم اتبع الاخوان ولا الليبراليه ولا السلف

بل انا مستقل ابحث في جميع التوجهات واخذ الطيب منها واترك المذموم

لا احب التعصب لجماعه معينه واكره الفرقه بين المسلمين

طبعا انا متعصب للاسلام

احب في الاخوان المسلمين تنظيمهم فهم عباقره في التنظيم والسياسه
ولاكن اكره بهم تساهلهم بالدين لمصالح سياسيه و شخصيه

الليبرالين تعجبني وطنيتهم وحبهم للتطور والنظام

واكره بهم تخليهم عن الاسلام والدين ومحاربتهم له

اما السلف اعشق تطبيقهم للدين فهم يحاربون كل البدع والله يجزاهم كل خير فهم ينقلون لنا الدين الصحيح
واكره بهم عدم التنظيم وعدم تطبيق النظام

وشكرا
 
أعلى