بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نتابع الكاتب
الاستعمار الاقتصادي أبشع أنواع الاستعمار...
مؤامرة:
الاستعمار الاقتصادي أبشع أنواع الاستعمار تأثيراً
كيف السبيل للخلاص من هذه المصيدة؟
ماضي الاستعمار وحاضره:
الاستعمار مفردة استعمارية (حيث تعني لغوياً العمارة والبناء في حين لا تختزن عملياً سوى الخراب والدمار) وهو ليس بظاهرة طارئة تختص بعصر دون آخر.
غاية الأمر أننا نراه على صورته الحقيقية الواقعية كلما رجعنا إلى الماضي; أي أنّ الاستعمار يتضح بهيئته الهدامة البشعة لا مقنّعاً بثياب الأعمار حيث إنّ البشرية في الماضي لم تكن تستفيد من هذه النعمة! لتمارس قلب الحقائق لتحيل بزيفها ومنطقها المعسول الوحش ملكاً والملك وحشاً، وتظهر الخطايا والمحرمات المسلّمة فرائض واجبة على الإنسان، أو تلبس الجريمة لباس الأخلاق والقانون والعواطف الإنسانية،
وبسبب عدم توظيف هذه النعمة فإنّ البشرية سرعان ما تعود من هذا الطريق، وسرعان ما يستيقظ المستعمرون من سباتهم.
على أية حال... لا يمكن العثور على مقطع زمني سَلِم فيه البشر من نوع أو أنواع هذا الاستعمار المقيت.
الدوافع...
رغم أنّ الاستعمار حالة منحرفة في أسلوب الحياة الجماعية، لكونه يعمل على إلغاء أبسط المبادىء الأساسية وأكثرها بداهة في الحياة الاجتماعية أي «العدالة» و«التعاون» وليستبدلهما بالتسلط والغطرسة، مع ذلك نرى من الطريف أنّ «مفكري المستعمرين» الذين هم جزء من مجتمع مستعمر، يعملون بكل وقاحة لاضفاء الصبغة الفلسفية على هذا العمل على أنّه من إفرازات انتخاب الأصلح بعد تنازع البقاء بهضم حقوق الضعفاء وسيادة الأقوياء.
و تتناهى للأسماع همسات تصدر من البعض عن فطرية النزعة التسلطية لدى الإنسان وامتزاجها بروحيته، لتكون ذرائع مناسبة لتبرير الجرائم التي يرتكبها المستعمرون، فيقال إنّ الإنسان ومن أجل السير في حركته التكاملية بل ومن أجل الاستمرار في الحياة لابدّ له من العمل على تسخير القوى الموجودة في الطبيعة على تنوعها، وبالتالي فمن الطبيعي أن يمارس ذات الأسلوب تجاه نوعه، غافلا عن أنّ «الطبيعة» قد خلقت لتكون تحت تصرف البشرية وخدمتها، بل إنّها تبادر إلى خدمة الإنسان حتى لو دفعها إلى الوراء، إلاّ أنّ أمثالنا من بني الإنسان لم يخلقوا مطلقاً من أجل أن يصبحوا عبيداً وخدماً لنا.
فهؤلاء بشر مثلنا لهم مشاعر كمشاعرنا ورغبات كرغباتنا ولياقات كلياقاتنا، ولهذا فليس هناك مبرى لأن يسخروا لنا كخشب ومجرّد من ضمن الطبيعة.
و على أية حال فمن الأفضل أن نترك هذه الفلسفة المضحكة التي لا يخفى لونها الاستعماري على أحد والاهتمام بالموضوعات الرئيسية:
نهاية أم بداية؟
رغم الضجيج الذي أثارته المنظمات الدولية حول «انتهاء الحقبة الاستعمارية» و«تحرر المستعمرات» إلاّ أنّ بصماته تشاهد في كافة أصقاع العالم من خلال غزوه الفكري للثقافة، وخططه لاستثمار الاقتصاد والسياسة الاستعمارية في القضايا العسكرية والاجتماعية في جميع أنحاء العالم، وكأنّها البداية وليست النهاية.
فهل من حركة عسكرية في زوايا هذا العالم لا ترتبط بنحو من الأنحاء بالقضايا الاستعمارية؟
و أي من الخطط والبرامج الاقتصادية في شرق هذا العالم وغربه ليس فيها لون من ألوان استعمار البلاد الضعيفة؟
و أين هي تلك المشاريع السياسية التي لا تبدو العروق الاستعمارية من خلالها؟ ففي يوم نفتح عيوننا لنجد سفارة أعظم دولة صناعية في عالم اليوم والتي اتخمت آذان العالم بضجيجها في الدفاع عن حقوق الإنسان تتحول إلى وكر خطر للجاسوسية لاستغلال المستضعفين، ويتحول أولئك الدبلوماسيون من ذوي الأدب والفهم والمنزلة الرفيعة إلى أعضاء في جهاز المخابرات المركزية!
و في يوم آخر نرى بلد «البلشفية» حامل لواء الحرية والاستقلال ومكافحة الامبريالية في الأمم المتحدة ضد أمريكا المستعمرة، والدفاع عن فلسطين مقابل اسرائيل الغاصبة، يبعث بجيشه الأحمر ليبتلع أراضي أفغانستان دون رغبة من شعبها ودون ضجيج و«حياء سياسي»! بل بكل وقاحة وصلافة.
فهل يجوز الاحتلال العسكري في عصر الفضاء؟ أليس هذا الأمر متعلق بزمان المغول؟ وهل يمكن القيام بمثل هذا العمل أمام أنظار شعوب العالم؟ نعم، يمكن ذلك، إنّهم يرسلون تمهيداً لذلك أحد مرتزقتهم أمامهم، فيدعوهم باسم شعب أفغانستان، فيهرعون لمساعدته ويحتلون هذا البلد مع رعاية القوانين الدولية واحترام تام لحقوق الإنسان وتطبيق كافة المبادىء الإنسانية!!
مَن هو هذا الشعب الذي يتحدثون باسمه؟ فهذا الشعب الذي يحارب في الجبال والوديان في المدن والقرى من أجل الحرية، ويقول: لا للأجانب ولا لعملائهم، ويكتبون هذا الشعار بدمائهم على جدران السجون، وتراب البراري واِسفلت الشوارع.
أجل، لقد دعاهم هذا الشعب ليسفكوا دمه إن دلّ هذا على شيء إنّما يدّل على أنّ ما يطلق من شعارات ضد الاستعمار تكون محترمة ما دامت تسير في سياق مصالح القوى الكبرى، وحينما تبتعد هذه الشعارات عن مصالح القوى الكبرى فلا تجد لها أية قيمة. ومن هنا ترى المستعمرون وقد وضع أحدهم يده بيد الآخر ليتقاسم مع فتات مائدة تارة بينما يتصارعون ويتقاتلون تارة أخرى.
فعلى سبيل المثال نلاحظ في منطقتنا أنّ الصين وأمريكا تتخذان مواقف متضادة تجاه قضايا المنطقة، فالأولى تدافع عن تحرير أراضي المسلمين المحتلة، بينما تدعم الثانية اسرائيل الغاصبة، ولكننا عندما ننتقل إلى أبعد من ذلك نجد أنّ هاتين الدولتين تتخذان موقفاً واحداً تجاه الاحتلال العسكري الروسي لأفغانستان، وتعزفان على وتر تحرير هذا البلد، والحال أنّ هؤلاء لا يملكون أدنى حرص على الشعب الأفغاني وإنّما خشيتهم تنبع من تمكن الروس من الوصول إلى مياه الخليج الفارسي والمحيط الهندي الدافئة، وينظرون بعين الطمع إلى شريان النفط الحيوي.
و الطريف أنّ الاتحاد السوفياتي نفسه يتظاهر مقابل ما يدور في الإذهان من نيّة أمريكا في احتلال ايران عسكرياً (الهواجس المحمومة التي تسود أذهان ساسة البيت الأبيض).
فيقولون: إنّنا لا نسمح أبداً بمثل هذا العمل اللاإنساني، بينما يقوم في الوقت نفسه وعلى بعد عدّة أقدام، بأوقح أنواع الاحتلال العسكري.
قد تبدو هذه الأعمال متناقضة لدى البعض، بينما لا تبدو كذلك قط في السياسة الاستعمارية، لأنّ حفظ المصالح الخاصّة هو المعيار في هذه السياسة.
أياً كان الاسم أو العنوان أو الشكل!
تحياتي لكم وسوف يكون المحور التالي الاستعمار الحرباء:وردة: