(الحكاية السابعة عشر ...17
(تحقيق..فى بغداد ..)!!؟
.فبراير 1988 اوفدت من قبل جهة عملى ..
فى مهمة عمل رسميه الى بغداد .
ومعى ثلاثة من الزملاء ..لمدة يومين والعودة..
فى ظهر اليوم الثالث
...كانت المرة الاولى والاخيرة التى ازور فيها هذه المدينة .
بغداد سنة 1988 المدينة كانت جميلة وتشبه القاهرة الى حد كبير ..
والحياة بها عادية وتسير على مايرام رغم اندلاع الحرب العراقية الايرانية(1980-1988 والتى لازالت وقتها مشتعلة .
.ولكن ربما لظروف الحرب
..كان يغلب عليها الطابع العسكرى ..فالمدينة تعج بالعساكر العائدين من جبهة الحرب او الذاهبين اليها من مدنهم ..
وغيرهم من رجال البعث والحزب وربما الامن والمخابرات
ممن يرتدون لباس اشبه بالعسكرى .
.ويبدو لظروف الحرب فكانت بها بعض المشاكل وتفجيرات ..
ولكنها قلة جدا ...تقوم بها احزاب المعارضه انذاك .
.لذلك كان الطابع الامنى والبوليسى منعكس
بصبغته على هذه المدينه ..
فى اليوم الثانى ظهرا انتهى عملنا الرسمى هناك ..
وكان علينا المبيت والانتظار الى ظهر اليوم التالى للمغادرة من مطار بغداد ..ولانتهاء العمل..
قررت ان امضى الساعات القليلة المتبقيه
كسائح فى مدينة الرشيد..!!
بالتمشى والاطلاع على معالمها .
.
فاليومين الماضيين اغلبهم فى فندق شيراتون عشتار مقر اقامتنا .
.ولكونى احب المشى فى السفر
فى المدن وشوارعها وازقتها وأسواقها ..
فقد قررت واتفقت مع زميل لى ان نتعشى الليله:
(السمك المسقوف )
الشهير فى شارع بو نواس ..وحتى انتظار موعد العشاء!!
ولجمال الطقس فقد خرجت
لوحدى عصرا للتمشى وجولة فى انحاء المدينة..
فى الشارع القريب توقفت امام محل مرطبات و مأكولات خفيفة
يبيع (سندويشات الشاورما )
مكتوب اعلان (سندويشات لحم كص ) (وهمبركر )!!!
كما ينطقها ويكتبها العراقيون
والمقصود ( لحم قص ) كما كنا نسميها سابقا فى الكويت...
وطلبت سندويشة شاورما وفوجئت بسعرها (دينار ) !!
وقتها عندنا بالكويت سعرها (150 فلس )..!!
وابديت لصاحب المحل العنجهى بو نفسية غير ودية
..استغرابى من غلاء سعرها
مقارنة بالكويت ..فرد :
لويش هو الدينار العراقى شكد سعره بالكويت ؟؟!!
اجبته (80 فلس ) .
.فرد بجلافه وبعنجهية : لعاد احمد ربك هسه انت فى بغداد تشتريه
اقل من نصف سعره بالكويت .!!!.
سكتت وانهيت حديثى مع هالمتعجرف الذى يتكلم من
طرف خشمه ولم اكمل
حتى سندويشته!! ومضيت فى حال سبيلى ...
..تجولت فى شارع الرشيد ومعالمه القديمة واثناء عودتى باتجاه الفندق فى شارع السعدون
لفت انتباهى زحمة امام مبنى على جانب الشارع
اتضح انه دار سينما ..
والله لا اعرف لليوم لماذا اتجهت الى السينما ..
هل هو الحظ العاثر من قادنى لها ..؟؟
او اوربما بلاغة الشف.. للاطلاع على السينما
وهذا هو التفسير الوحيد لذلك
....فنحن فى زمن سنة ...1988وتركنا السينما حتى فى الكويت من اواخر السبعينات وبعد ظهور الفيديو ...
لم اكن اعرف الفيلم وانما اقتطعت تذكرة دخول من الشباك
ودخلت دار العرض المظلمه لانه وقت بداية الفيلم ..
لم اجلس على كرسى توقفت فى الصاله المزدحمه والمكتضه بالرواد
(دقيقتين او ثلاثة فقط )
وكانت دار عرض كبقية دور السينما ...
...وقررت الخروج ...!!
باتجاه الباب وانا اهم بالخروج استوقفنى..
رجل صخم بكرش مهيب . ومايحتاج الشوارب كثيفه .
وين عينى وين رايح ؟؟؟هكذا ردد ..
انا مبتسما :بطلع ...
نظر لى بريبه وشك : (مايجوز مايصير تطلع الا بعد نهاية الفلم )!!!!!!!!!!
ومن ثم ردد : لعاد لويش دخلت ولويش تطلع ..؟؟
استغربت : جذيه دشيت وبطلع ليش فى مانع ؟؟
هو :شلون جذى هاى شنو انت من وين حضرتك كويتى مو ؟؟
ومن ثم اكمل اتفضل وياي واخذنى الى غرفه صغيره جانبيه
بها مكتب صغير وكرسى واحد
تفضل ..وجلست على الكرسى ووقف امامى واقفا بكرشه الضخم
ليوجه لى سيل من الاسئلة
فيما يبدو انى اخضع لتحقيق :باكي:.
دارت فى مخيلتى سريعا بعض الكتب التى قراءتها فى لندن ..
من قبل كتاب معارضين عراقيين
عن اساليب التحقيق والتعذيب والظلم
من قبل مخابرات هذه الدوله البوليسيه
(.يبدو انى رحت جفى بلقافتى .) :باكي:
ووضعت نفسى فى موقف محرج ومرعب..!!
ولايحسد عليه .وكما يبدو لى الرجل واضح من اسئلته وطريقة تحقيقه
واسلوبه انه ليس موظف سينما مدنى.اطلاقا .!!
انما رجل امن او مخابرات مزروع فى دار السينما كعادة اغلب الدول البوليسيه
.وجه لى عدة اسئله :
اسمى الكامل ومنذ متى انا هنا؟؟ وغيرها من اسئلة عديدة
تمالكت نفسى و رباطة جأشى ولخبرتى فى اساليب التحقيق
فقد بقيت محتفظا بهدوئي وانا اجيب على اسئلتة بابتسامة ..
.. واوضحت له بهدوء وثقة انى موفد من جهة عملى هنا ودخولى بالصدفه
ولااعرف لماذا ؟؟!!..دخلت فلم اكن راغبا بدخول السينما...
قلت له الحقيقة ..
وبعد عدة اسئلة اخرى واجابتى عليها بهدوء وثقة ...
ولكن بعد ان نشف ريجى ...يبدو انه اقتنع بكلامى ومصداقيته .
.وخفف من لهجته الحادة وبداء يتكلم معى بود..
واوضح لى الاسباب
بان نظام السينما الامنى
هنا من يدخل لابد ان يبقى الى نهاية العرض لاسباب امنيه فربما يكون احدهم
يضع متفجرات فى دار العرض ويخرج ..!!
لاول مرة اسمع عن نظام امنى فى دار عرض سينمائيه!!!
اقتنعت باجرائهم الامنى فربما على حق .
.وابديت له ان كلامه صحيح ولكم حق بذلك
وان مقر اقامتى معروف بفندق شيراتون عشتار
.
وانا مستعد ابقى لنهاية العرض وبذلك اكون اول مشاهد فى العالم جالسا للمشاهده رغما عن ارادته .:باكي:
حتى تضمن انى ليس ارهابى او مفجر..
!!
ومن ثم اردفت مبتسما :
(لاوبعد اربطونى على كرسى علشان تضمنون انى
ماانحاش واهرب وقت الانفجار وعلشان
اتقطع مرة وحده واصير شاورما !!
قصدى( لحم كص ) وهكذا نطقتها له باللهجة العراقية ؟؟
ضحك كثيرا على كلامى وبقهقه بقوة حتى اهتز كرشه الضخم
والذى يبدو لى حسب تقديراتى الاوليه الغير رسمية:
ان هذا الكرش قد التهم
على مدى سنوات حياته 60 الف شيش كباب !!!
ومثلهم من التكة و90 الف رأس باجه وتوابعهم من الكوارع واللسان
واطنان من الحمص والمقبلات ومرقة البامية..!!
ضحك وردد : هاى انت هوايه دمك خفيف ووجهك سمح
ومن ثم اخذ يمدح الكويتيين ومواقفهم
الطيبه والمشرفه الحاليه من الحرب مع ايران .
وبما انك ضيف وعزيز علينا فسوف اسمح لك بالخروج حالا..
ولكن بعد ان اضيفك بكوب شاى .
اعتذرت منه و من ضيافته للشاى .
.وخرجت حرا طليقا وانا ادق اصبع واردد :
(ياروووووح مابعدك روووح ..)
واتجهت فورا الى الفندق ولم اخرج من الغرفة حتى اليوم التالى للمغادرة
ورفضت حتى
عرضى لزميلى واتفاقى معه..
بان نتعشى السمك المسقوف بعد ان عاتبنى على ذلك..
مرددا له .:
تحياتى ..:وردة:
...