صانع التاريخ
عضو بلاتيني
سياسة الحكومة في الكويت بُنيت على ركائز أهمها أن العلاقة مع ما
يسمى مجلس الأمة ليست علاقة تكامل ولكنها صراع ديكة يقوم على نظرية كسر
العظم !
في سبيل خدمة موقفها في معركة كسر العظم وظفت الحكومة الكويتية كل
الوسائل بما فيها فرز المجتمع الكويتي ومن ثَمَّ اللعب على تناقضاته
المختلقة ، ففي عام 1981 تم تقسيم الكويت إلى خمسٍ وعشرين دائرة وبنظام
الصوتين لكل ناخب بُغية تعزيز وجود العناصر ذات الفكر القبلي التقليدي
والمغلف بالنزعة المصلحية التي تبرر الغاية لأصحابها الوسيلة ؛ هذه
العناصر التي اِصْطُلِحَ على نعتها بالبداوة تجاوزا وليس حقيقة كانت في
ذلك الحين خواتم تزين أصابع الشيوخ ؛ وقد جاء مصطلح ( اَلْبَصَّاْمَة
والذي يتبرأ منه اليوم أبنائهم كصفة التصقت بالآباء وعيرتهم بها الأوساط
المتنورة في المجتمع الحضري !!!
أفل الآباء ما بين ميت وشبه ميت ؛ ثم أتى زمان الأبناء الذين تعلموا
وعرفوا أن للعبة السياسية وحتى النزعة المصلحية أصولا أخرى أكثر فائدة من
مجرد السجود تحت أقدام الشيوخ !
تمرد هؤلاء الأبناء على ما اعتادت عليه الحكومة من آبائهم ؛ فلم
تحتمل الحكومة ذلك التمرد ممن تعتبرهم مجرد عبيد يجب أن يظلوا خاضعين ولم
تضع في حسابها يوما ضرورة التعامل معهم وفق مبدأ المواطَنة !
بحثت الحكومة عن حلفاء متعددين لمواجهة هذا التمرد لتجد في بعض
المرتزقة والمتنفعين ما ظنته خير حليف ؛ فتبنت الحكومة هؤلاء حينما خلطت
الحق المتمثل في مرسوم الصوت الواحد بباطل توظيف المال السياسي في
الانتخابات من ناحية والعبث بالمؤسسة القضائية من ناحية أخرى !!!
لقد تصادف لأسباب جيوسياسية أن يكون العديد من حلفاء الحكومة الجدد
أو مرتزقتها بتعبير أصح من الطائفة الشيعية والتي تعد وبغض النظر عن نسبة
أفرادها بين السكان مكونا أصيلا من مكونات الشعب الكويتي !
نحن عندما نقول بأن تحالف الرموز الشيعية آنيا ومصلحيا مع الحكومة
جاء وفق حسابات جيوسياسية فإننا نعني تماما ما نقول ؛ فحينما يتحدث
المهري والقلاف ودشتي عما يسمونه طاعة ولي الأمر فإننا نعلم أنهم يكذبون
لأن أدبيات المذهب الشيعي لا تعترف بحكام الدول كأولياء أمور بمن فيهم
الرئيس الإيراني نفسه ! ، ومصطلح ( ولي الأمر ) إنما هو مصطلح تبناه بعض
فقهاء السنة الأقدمين ثم وظفه بعض المحدثين منهم في خدمة الظلمة
والمستبدين ليضفو عليهم قداسة شرعية غير مستحقة ثم يضعوهم فوق المساءلة !
فما علاقة الشيعة والتشيع إذًا بانتهازية المهري ودشتي والقلاف
والشطي ؟؟؟
ثم لماذا لم يَتَبَنَّ حسن جوهر خط هؤلاء المرتزقة أن كان سلوكهم
جزء من التشيع وهو رجل ملتزم دينيا أكثر منهم ؟؟؟
كيفما كانت إجابة تلك التساؤلات فقد جرت انتخابات الأول من نوفمبر
الماضي وسط مقاطعة كبيرة وضمن سياق أدى إلى فوز سبعة عشر شيعيا في
الانتخابات البرلمانية الكويتية للمرة الأولى ، ويقابل هؤلاء ثلاثة
وثلاثون سنيا أو منسوبين للسنة !!!
لقد ظهرت أصوات بين بعض مقاطعي الانتخابات تتحدث عما أسمته خطأ أدى
إلى فوز سبعة عشر شيعيا ؛ وكأن الأمور في بلادنا تسير حسب الأصول والتي
لن يقلبها ويخربها إلا الشيعة !!!
لقد سمعنا أصواتا تتحدث عن خطأ ارتكبه سنة الكويت يشبه خطأ سنة
العراق ؛ وقد غاب عن هؤلاء أن الملاحقين في العراق اليوم والمحكوم عليهم
بالإعدام هم السنة المشاركون وليس المقاطعون !!!
لقد أدت سياسات الحكومة إلى ترسيخ ثقافة الفرز في المجتمع الكويتي ؛
فلم يعد الكويتيون أو كثير منهم يؤمنون بالمواطَنة كمبدأ للتعايش فيما
بينهم !
كلنا نذكر التفجيرات الإجرامية التي قام بها متطرفون شيعة في الكويت
في ثمانينيات القرن الماضي ؛ وكلنا سمعنا أيضا عن الأساليب اللا أخلاقية
التي اتبعتها أجهزة الأمن الكويتية في تعذيب المحتجزين من هؤلاء وحتى بعض
أفراد عائلاتهم ؛ تلك الأساليب التي اعترض عليها النائب السابق ناصر
صارخوه والدكتور عبد الرضآ أسيري وفق الفزعة الطائفية بينما طبلت وزمرت
لها أوساط سنية تحت بند أن هؤلاء روافض ومجوس وفرس إلخ !!!
بعد عشرين سنة من تلك الأحداث دار الزمان دورته ليقوم متطرفون سنة
بأعمال إرهابية في الكويت ويتعرض المحتجزون منهم وبعض أفراد عائلاتهم إلى
تعذيب أجهزة الأمن الكويتية ؛ ذلك التعذيب الذي مات تحت آثاره عامر
العنزي واستنكرته بعض الأوساط السنية بينما طبلت وزمرت له أوساط شيعية
بذريعة أن هؤلاء تكفيريون وطالبانيون ووهابيون إلخ !!!
هذه الثقافة التي يتبناها الكويتيون اليوم ما هي إلا نتيجة سلوك
حكومتهم والذي إن استمر فقد يفجر الوضع الداخلي الكويتي فجأة ووفق
سيناريو ربما يخرج عن السيطرة !!!
لقد وصلنا إلى حالة بات معها إقصاء المخالف في المذهب هدفا بحد ذاته
لأن مجرد مخالفته هي إدانة بحد ذاتها ، والمعارك التي سببتها تلك الثقافة
العفنة عبر التاريخ القديم والحديث لم يكن فيها ولن يكون طرف غالب ولا
آخر مغلوب بغض النظر عن حسبة الأرقام والأعداد لأن أصابع الخارج وليست
مصالح الداخل ستكون اللاعب الأساسي فيها ؛ والوطن ( كل الوطن ) سيكون هو
الخاسر ...
يسمى مجلس الأمة ليست علاقة تكامل ولكنها صراع ديكة يقوم على نظرية كسر
العظم !
في سبيل خدمة موقفها في معركة كسر العظم وظفت الحكومة الكويتية كل
الوسائل بما فيها فرز المجتمع الكويتي ومن ثَمَّ اللعب على تناقضاته
المختلقة ، ففي عام 1981 تم تقسيم الكويت إلى خمسٍ وعشرين دائرة وبنظام
الصوتين لكل ناخب بُغية تعزيز وجود العناصر ذات الفكر القبلي التقليدي
والمغلف بالنزعة المصلحية التي تبرر الغاية لأصحابها الوسيلة ؛ هذه
العناصر التي اِصْطُلِحَ على نعتها بالبداوة تجاوزا وليس حقيقة كانت في
ذلك الحين خواتم تزين أصابع الشيوخ ؛ وقد جاء مصطلح ( اَلْبَصَّاْمَة
والذي يتبرأ منه اليوم أبنائهم كصفة التصقت بالآباء وعيرتهم بها الأوساط
المتنورة في المجتمع الحضري !!!
أفل الآباء ما بين ميت وشبه ميت ؛ ثم أتى زمان الأبناء الذين تعلموا
وعرفوا أن للعبة السياسية وحتى النزعة المصلحية أصولا أخرى أكثر فائدة من
مجرد السجود تحت أقدام الشيوخ !
تمرد هؤلاء الأبناء على ما اعتادت عليه الحكومة من آبائهم ؛ فلم
تحتمل الحكومة ذلك التمرد ممن تعتبرهم مجرد عبيد يجب أن يظلوا خاضعين ولم
تضع في حسابها يوما ضرورة التعامل معهم وفق مبدأ المواطَنة !
بحثت الحكومة عن حلفاء متعددين لمواجهة هذا التمرد لتجد في بعض
المرتزقة والمتنفعين ما ظنته خير حليف ؛ فتبنت الحكومة هؤلاء حينما خلطت
الحق المتمثل في مرسوم الصوت الواحد بباطل توظيف المال السياسي في
الانتخابات من ناحية والعبث بالمؤسسة القضائية من ناحية أخرى !!!
لقد تصادف لأسباب جيوسياسية أن يكون العديد من حلفاء الحكومة الجدد
أو مرتزقتها بتعبير أصح من الطائفة الشيعية والتي تعد وبغض النظر عن نسبة
أفرادها بين السكان مكونا أصيلا من مكونات الشعب الكويتي !
نحن عندما نقول بأن تحالف الرموز الشيعية آنيا ومصلحيا مع الحكومة
جاء وفق حسابات جيوسياسية فإننا نعني تماما ما نقول ؛ فحينما يتحدث
المهري والقلاف ودشتي عما يسمونه طاعة ولي الأمر فإننا نعلم أنهم يكذبون
لأن أدبيات المذهب الشيعي لا تعترف بحكام الدول كأولياء أمور بمن فيهم
الرئيس الإيراني نفسه ! ، ومصطلح ( ولي الأمر ) إنما هو مصطلح تبناه بعض
فقهاء السنة الأقدمين ثم وظفه بعض المحدثين منهم في خدمة الظلمة
والمستبدين ليضفو عليهم قداسة شرعية غير مستحقة ثم يضعوهم فوق المساءلة !
فما علاقة الشيعة والتشيع إذًا بانتهازية المهري ودشتي والقلاف
والشطي ؟؟؟
ثم لماذا لم يَتَبَنَّ حسن جوهر خط هؤلاء المرتزقة أن كان سلوكهم
جزء من التشيع وهو رجل ملتزم دينيا أكثر منهم ؟؟؟
كيفما كانت إجابة تلك التساؤلات فقد جرت انتخابات الأول من نوفمبر
الماضي وسط مقاطعة كبيرة وضمن سياق أدى إلى فوز سبعة عشر شيعيا في
الانتخابات البرلمانية الكويتية للمرة الأولى ، ويقابل هؤلاء ثلاثة
وثلاثون سنيا أو منسوبين للسنة !!!
لقد ظهرت أصوات بين بعض مقاطعي الانتخابات تتحدث عما أسمته خطأ أدى
إلى فوز سبعة عشر شيعيا ؛ وكأن الأمور في بلادنا تسير حسب الأصول والتي
لن يقلبها ويخربها إلا الشيعة !!!
لقد سمعنا أصواتا تتحدث عن خطأ ارتكبه سنة الكويت يشبه خطأ سنة
العراق ؛ وقد غاب عن هؤلاء أن الملاحقين في العراق اليوم والمحكوم عليهم
بالإعدام هم السنة المشاركون وليس المقاطعون !!!
لقد أدت سياسات الحكومة إلى ترسيخ ثقافة الفرز في المجتمع الكويتي ؛
فلم يعد الكويتيون أو كثير منهم يؤمنون بالمواطَنة كمبدأ للتعايش فيما
بينهم !
كلنا نذكر التفجيرات الإجرامية التي قام بها متطرفون شيعة في الكويت
في ثمانينيات القرن الماضي ؛ وكلنا سمعنا أيضا عن الأساليب اللا أخلاقية
التي اتبعتها أجهزة الأمن الكويتية في تعذيب المحتجزين من هؤلاء وحتى بعض
أفراد عائلاتهم ؛ تلك الأساليب التي اعترض عليها النائب السابق ناصر
صارخوه والدكتور عبد الرضآ أسيري وفق الفزعة الطائفية بينما طبلت وزمرت
لها أوساط سنية تحت بند أن هؤلاء روافض ومجوس وفرس إلخ !!!
بعد عشرين سنة من تلك الأحداث دار الزمان دورته ليقوم متطرفون سنة
بأعمال إرهابية في الكويت ويتعرض المحتجزون منهم وبعض أفراد عائلاتهم إلى
تعذيب أجهزة الأمن الكويتية ؛ ذلك التعذيب الذي مات تحت آثاره عامر
العنزي واستنكرته بعض الأوساط السنية بينما طبلت وزمرت له أوساط شيعية
بذريعة أن هؤلاء تكفيريون وطالبانيون ووهابيون إلخ !!!
هذه الثقافة التي يتبناها الكويتيون اليوم ما هي إلا نتيجة سلوك
حكومتهم والذي إن استمر فقد يفجر الوضع الداخلي الكويتي فجأة ووفق
سيناريو ربما يخرج عن السيطرة !!!
لقد وصلنا إلى حالة بات معها إقصاء المخالف في المذهب هدفا بحد ذاته
لأن مجرد مخالفته هي إدانة بحد ذاتها ، والمعارك التي سببتها تلك الثقافة
العفنة عبر التاريخ القديم والحديث لم يكن فيها ولن يكون طرف غالب ولا
آخر مغلوب بغض النظر عن حسبة الأرقام والأعداد لأن أصابع الخارج وليست
مصالح الداخل ستكون اللاعب الأساسي فيها ؛ والوطن ( كل الوطن ) سيكون هو
الخاسر ...