أشهر علماء الجرح والتعديل

الباحث

عضو فعال
علماء الجرح والتعديل كثيرون يتجاوز عددهم 150 عالماً على مر القرون ، ولكنني في هذا الموضوع سأذكر أشهرهم وأبرزهم في هذا الفن العظيم ( علم الجرح والتعديل ) .

1 - محمد بن سيرين ، أبو بكر البصري ( ت 110 هـ ) :

متفق على ثقته وجلالته وإتقانه ، قال الذهبي : ( الإمام الرباني ... كان فقيها إماما غزير العلم، ثقة ثبتا، علامة في التعبير، رأسا في الورع ) تذكرة الحفاظ ( 1 / 78 ) .

وله في العلم والحديث صفات ومزايا قلما تجتمع لغيره ، منها :

أ – لا يروي إلا عن ثقة .

قال ابن عبد البر : ( أجمع أهل العلم بالحديث أن ابن سيرين أصح التابعين مراسل ، وأنه كان لا يروي ولا يأخذ إلا عن ثقة ، وأن مراسيله صحاح كلها ، ليس كالحسن وعطاء في ذلك ) ، المصدر : التمهيد ( 8 / 301 ) .

ب – لا يدلس .

قال علي بن المديني : ( كان لا يدلس ) ، المصدر : المعرفة والتاريخ ( 2 / 55 ) .

ج – لا يرى الرواية بالمعنى .

قال ابن عون : ( أدركت ستة : ثلاثة منهم يشددون في الحروف ، وثلاثة يرخصون في المعاني ، وكان أصحاب الحروف : القاسم بن محمد ، ورجاء بن حيوة ، ومحمد بن سيرين ، وكان أصحاب المعاني : الحسن ، والشعبي ، والنخعي ) ، المصدر : الكفاية للخطيب البغدادي ص 186 .

وقال هشام بن حسان : ( كان ابن سيرين إذا حدث لم يقدم ولم يؤخر ، وكان الحسن إذا حدث قدم وأخر ) ، المصدر : سنن الدارمي ( 1 / 105 ) .

د – من أوائل التابعين نقدا للرواة .

قال ابن رجب : ( فالجهابذة النقاد العارفون بعلل الحديث أفراد قليل من أهل الحديث جداً ، وأول من اشتهر في الكلام في نقد الحديث ابن سيرين ، ثم خَلَفَهُ أيوب السختياني ... ) ، المصدر : جامع العلوم والحكم ص 241 .

وقال : ( وابن سيرين – رضي الله عنه – هو أول من انتقد الرجال وميز الثقات من غيرهم ، وقد روى عنه من غير وجه أنه قال : [ إن هذا العلم دين ، فانظروا عمن تأخذون دينكم ] ، وفي رواية عنه أنه قال : [ إن هذا الحديث دين فلينظر الرجل عمن يأخذ دينه ] ، قال يعقوب بن شيبة قلت ليحيى بن معين : [ تعرف أحدا من التابعين كان ينتقي الرجال كما كان ابن سيرين ينتقيهم ؟ ] فقال –برأسه – : [ أي لا ] ، قال يعقوب : وسمعت علي بن المديني يقول : [ كان ممن ينظر في الحديث ويفتش عن الإسناد ولا نعرف أحداً أول منه محمد بن سيرين ثم كان أيوب وابن عون ثم كان شعبة ثم كان يحيى بن سعيد وعبد الرحمن ] ، قلت لعلي : [ فمالك بن أنس ؟ ] فقال : أخبرني سفيان بن عيينة قال : [ ما كان أشد انتقاء مالك الرجال] ) ، المصدر : شرح علل الترمذي ( 1 / 355 ) ، وانظر أمثلة على نقده في مقدمة العقيلي لكتابه الضعفاء ( 1 / 6 – 8 ، 10 ، 12 ) .

وقال الذهبي : [ فأول من زكى وجرح عند انقراض عصر الصحابة : الشعبي ، وابن سيرين ) ، المصدر : ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل ص 172 .

هـ - لم يكتب ولم يحدث من كتاب ، فهو شديد الحفظ لحديثه .

قال ابن عون : ( قال محمد : ما كتبت شيئاً قط ) ، المصدر : المحدث الفاصل للرامهرمزي ص 381 .

وقال ابن سيرين : ( لو كنت متخذاً كتاباً لاتخذت رسائل النبي ) ، المصدر : سنن الدارمي ( 1 / 131 ) .

وقال أحمد بن حنبل : ( لقد كان مذهب محمد بن سيرين وأيوب وابن عون ألا يكتبوا ) ، المصدر : علل الحديث ومعرفة الرجال ( 1 / 71 ) .

وقال عاصم الأحول : ( أتينا ابن سيرين بكتاب فقال : لا يبيت عندي ) ، المصدر السابق ( 2 / 110 ) .

وكان يجيز كتابة الحديث للحفظ ثم يمحى ، قال يحيى بن عتيق : ( عن محمد بن سيرين أنه كان لا يرى بكتاب الحديث بأساً فإذا حفظه محاه ) ، المصدر : المحدث الفاصل ص 382 ، تقييد العلم ص 60 .

و - كان لا يفتي برأيه .

قال أشعث بن سوار : ( كان ابن سيرين لا يقول برأيه إلا شيئاً سمعه ) ، المصدر : سنن الدارمي ( 1 / 95 ) .

2- أيوب بن أبي تميمة السختياني، أبو بكر البصري ( ت 131 هـ ) :

متفق على ثقته وجلالته وإتقانه ، قال ابن سعد : ( كان أيوب ثقة ثبتاً في الحديث ، جامعاً ، عدلاً ، ورعاً ، كثير العلم ، حجة ) المصدر : الطبقات الكبرى ( 7 / 246 – 251 ) .

وقال أبوحاتم : ( ثقة لا يُسأل عن مثله ) ، المصدر : الجرح والتعديل ( 2 / 255 – 256 برقم 915 ) .

وقال شعبة : ( شكُّ أيوب ويونس وابن عون أحب إلي من يقين قوم كثير ) ، المصدر : تاريخ مدينة دمشق ( 31 / 340 ) .

وتقدم قول ابن رجب : ( فالجهابذة النقاد العارفون بعلل الحديث أفراد قليل من أهل الحديث جداً ، وأول من اشتهر في الكلام في نقد الحديث ابن سيرين ، ثم خلفه أيوب السختياني ... ) .

3 – شعبة بن الحجاج ، أبو بسطام الواسطي ثم البصري (ت 160 هـ ) :

قال ابن رجب : ( وهو أول من وسع الكلام في الجرح والتعديل ، واتصال الأسانيد وانقطاعها ، ونَقَّبَ عن دقائق علم العلل ، وأئمة هذا الشأن بعده تبع له في هذا العلم ) ، المصدر : شرح علل الترمذي ( 1 / 172 ) .

وقال ابن أبي حاتم : ( باب ما ذكر من معرفة شعبة بعلل الحديث صحيحه وسقيمه وما فسر من ذلك ) ثم سرد له جملة من الأخبار الدالة على علمه بهذا الشأن ، انظر : تقدمة الجرح والتعديل ص 157 .

وأخبار شعبة بن الحجاج في نقد الأحاديث والرجال كثيرة ، منها :

قال غندر : ( رأيتُ شعبة راكباً على حمار ، فقيل له : أين تريد يا أبا بسطام ؟ قال : [ أذهب فاستعدي على هذا – يعني جعفر بن الزبير – وضع على رسول الله أربع مائة حديث كذب ] ) ، المصدر : ضعفاء العقيلي ( 1 / 182 ) وتهذيب الكمال ( 5 / 34 ) .

وقال الشافعي : ( لولا شعبة ما عرف الحديث بالعراق ، وكان يجيء إلى الرجل فيقول : لا تحدث ، وإلا استعديت عليك السلطان ) ، المصدر : تقدمة الجرح والتعديل ص 127 .

قال هشيم بن بشير : ( لو كان شعبة حياً استعدى عليه – أي على إبراهيم بن هدبة – لأنه يروي مناكير ) ، المصدر : ضعفاء العقيلي ( 1 / 69 ) .

وقال أبو زيد النحوي الأنصاري : ( أتيت شعبة يوم مطر ، فقال : [ ليس هذا يوم حديث ، اليوم يوم غيبة ، تعالوا حتى نغتاب الكذابين ] ) ، المصادر : موضح أوهام الجمع والتفريق ( 2 / 494 ) ، الكفاية في علم الرواية ص 45 ، وانظر: الضعفاء للعقيلي ( 1 / 11 ، 15 ) ، حلية الأولياء ( 7 / 152 ) .

وقال سفيان بن عيينة : ( كان شعبة يقول : [ تعالوا حتى نغتاب في الله عز وجل ] ) ، المصدر : الضعفاء للعقيلي ( 1 / 11 ) .

قال ابن رجب : ( يعني نذكر الجرح والتعديل ) ، المصدر : شرح علل الترمذي ( 1 / 349 ) .

( ورئي شعبة – مرة – راكباً على حمار ، فقيل له : أين يا أبا بسطام ؟ قال : [ أذهب إلى أبي الربيع السمان أقول له : لا تكذب على رسول الله ] ) ، المصدر : المجروحين ( 1 / 172 ) .

قال الذهبي : ( شعبة بن الحجاج ... الإمام الحافظ ، أمير المؤمنين في الحديث ، أبو بسطام ... الواسطي عالم أهل البصرة وشيخها ... روى عنه عالم عظيم ، وانتشر حديثه في الآفاق ... ومن جلالته قد روى مالك الإمام ، عن رجل عنه ، وهذا قلَّ أنْ عمله مالك ، وكان أبو بسطام إماماً ، ثبتاً ، حجة ، ناقداً ، جهبذاً ، صالحاً ، زاهداً ، قانعاً بالقوت ، رأساً في العلم والعمل ، منقطع القرين ، وهو أول من جرح وعدل ، أخذ عنه هذا الشأن : يحيى القطان ، وابن مهدي وطائفة ، وكان سفيان الثوري يخضع له ، ويجله ويقول : شعبة أمير المؤمنين في الحديث ) ، المصدر : سير أعلام النبلاء ( 7 / 202 ) .

قال وكيع : ( إني لأرجو أن يرفع الله لشعبة درجات في الجنة بذبه عن رسول الله ) ، المصدر : المجروحين ( 1 / 13 ) .

4 – يحيى بن سعيد القطان ، أبو سعيد البصري (ت 198 هـ ) :

قال ابن أبي حاتم : ( باب ما ذكر من كلام يحيى بن سعيد في علل الحديث ) وسرد له جملة من الأخبار الدالة على علمه بهذا الشأن ، انظر : تقدمة الجرح والتعديل ص 235 .

وذكر ابن رجب أن هناك مؤلفاً في علل الحديث منقول عن يحيى بن سعد القطان ، انظر : شرح علل الترمذي ( 2 / 805 ) ، وتسمية ما ورد به الخطيب دمشق ص 89 .

وقال علي بن المديني : ( شعبة أحفظ الناس للمشايخ ، وسفيان أحفظ الناس للأبواب ، وابن مهدي أحفظهم ..... ويحيى بن سعيد أعرف بمخارج الأسانيد وأعرف بمواضع الطعن من جميعهم ) ، المصدر : شرح علل الترمذي ( 1 / 466 ) .

قال الذهبي : ( وكان رأساً في معرفة العلل ، أخذ ذلك عنه ابن المديني ، وأخذ ذلك عن ابن المديني أبو عبد الله البخاري ) ، المصدر : تاريخ الإسلام : حوادث سنة 198 : ص 467 .

وقال أيضاً : ( الإمام الكبير ، أمير المؤمنين في الحديث ، أبو سعيد التميمي مولاهم البصري الأحول القطان الحافظ ..... وعني بهذا الشأن أتم عناية ، ورحل فيه ، وساد الأقران ، وانتهى إليه الحفظ ، وتكلم في العلل والرجال ، وتخرج به الحفاظ كمسدد وعلي والفلاس ..... وكان يقول : [ لزمت شعبة عشرين سنة ] ..... قال أحمد بن عبد الله العجلي : [ كان يحيى بن سعيد نقي الحديث لا يحدث إلا عن ثقة ] ..... قلت : كان يحيى بن سعيد متعنتاً في نقد الرجال ، فإذا رأيته قد وثق شيخاً فاعتمد عليه ، أما إذا لين أحداً فتأنَّ في أمره حتى ترى قول غيره فيه ، فقد لَيَّنَ مثل : إسرائيل وهمام وجماعة احتج بهم الشيخان ، وله كتاب في الضعفاء لم أقف عليه ينقل منه ابن حزم وغيره ، ويقع كلامه في سؤالات علي وأبي حفص الصيرفي وابن معين له ) ، المصدر : سير أعلام النبلاء ( 9 / 183 ) .

وقال ابن رجب : ( خليفة شعبة ، والقائم بعده مقامه في هذا العلم ، وعنه تلقاه أئمة هذا الشأن كأحمد وعلي ويحيى ونحوهم ، وقد كان شعبة يحكمه على نفسه في هذا العلم ) ، المصدر : شرح علل الترمذي ( 1 / 464 ) .

ويحيى بن سعيد القطان معروفٌ بتشدده في نقد الرجال ، قال علي بن المديني : ( إذا اجتمع يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي على ترك رجل لم أحدث عنه ، فإذا اختلفا أخذت بقول عبد الرحمن لأنه أَقصَدَهُما ، وكان في يحيى تشدد ) ، المصدر : تاريخ بغداد ( 10 / 243 ) .

وتقدم قول الذهبي : ( كان يحيى بن سعيد متعنتاً في نقد الرجال ) .
 

الباحث

عضو فعال
5 – عبد الرحمن بن مهدي ، أبو سعيد البصري ( ت 198 هـ ) :

قال ابن أبي حاتم : ( باب ما ذكر من علم عبد الرحمن بن مهدى بعلل الحديث ) وسرد له جملة من الأخبار الدالة على علمه بهذا ، انظر : تقدمة الجرح والتعديل (ص235) .

وعبد الرحمن بن مهدي هو القائل : ( لأن أعرف علة حديث – هو عندي – أحب إلي من أن أكتب عشرين حديثا ليس عندي ) ، المصادر : معرفة علوم الحديث ص 140 الجامع لأخلاق الراوي ( 2 / 294 ) .

وقيل لابن مهدي : ( كيف تعرف صحيح الحديث من سقيمه ؟ قال : [ كما يعرف الطبيب المجنون ] ) ، المصادر : الجرح والتعديل ( 1 / 252 ) ( 2 / 20 ) حلية الأولياء ( 9 / 4 ) الإرشاد ( 2 / 509 ) الجامع لأخلاق الراوي ( 2 / 255 ) .

قال الذهبي : ( عبد الرحمن بن مهدي ، وكان هو ويحيى القطان المذكور قد انتدبا لنقد الرجال ، وناهيك بهما جلالة ونبلاً وعلماً وفضلاً ، فمن جرحاه لا يكاد – والله – يندمل جرحه ، ومن وثقاه فهو الحجة المقبول ، ومن اختلفا فيه اجتهد في أمره ، ونزل عن درجة الصحيح إلى الحسن ، وقد وثَّقا خلقاً كثيراً وضَعَّفا آخرين ) ، المصدر : ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل ص 180 .

6 – محمد بن إدريس الشافعي المكي ، نزيل مصر ( ت 204 هـ ) :

قال ابن عبد الحكم : ( ما رأينا مثل الشافعي كان أصحاب الحديث ونقاده يجيئون إليه فيعرضون عليه فربما أعل نقد النقاد منهم ، ويوقفهم على غوامض من علل الحديث لم يقفوا عليها ، فيقومون وهم يتعجبون منه ) ، المصدر : تاريخ مدينة دمشق ( 51 / 335 ) .

وقال ابن أبي حاتم : ( قول الشافعي في علل الحديث ) ، المصدر : مناقب الشافعي لابن أبي حاتم ص 215 .

وقال البيهقي : ( باب ما يستدل به على معرفة الشافعي رضي الله عنه بصحة الحديث وعلته ) ، المصدر : مناقب الشافعي للبيهقي (2/5) .

7 – أبو عبيد القاسم بن سلاَّم البغدادي ( ت 224 هـ ) :

قال الذهبي : ( الإمام المجتهد البحر اللغوي الفقيه صاحب المصنفات ، قال أحمد بن حنبل : أبو عبيد أستاذ ، وهو يزداد كل يوم خيراً ، وسئل يحيى بن معين عنه ، فقال : أبو عبيد يسأل عن الناس ، قلت : من نظر في كتب أبي عبيد علم مكانه من الحفظ والعلم ، وكان حافظاً للحديث وعلله ومعرفته متوسطة عارفاً بالفقه والاختلاف، رأساً في اللغة ، إماماً في القراءات له فيها مصنف ) ، المصدر : تذكرة الحفاظ ( 2 / 417 ) .

ويقصد الحافظ الذهبي بعبارته ( ومعرفته متوسطة ) أنها متوسطة بالنسبة للحفاظ الكبار أمثال : علي بن المديني وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين .
 

الباحث

عضو فعال
8 – يحيى بن معين أبو زكريا البغدادي ( ت 233 ) :

قال ابن أبي حاتم : ( سمعت أبي يقول : الذي كان يحسن صحيح الحديث من سقيمه وعنده تمييز ذلك ويحسن علل الحديث أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني ، وبعدهم أبوزرعه كان يحسن ذلك ، قيل لأبي : فغير هؤلاء تعرف اليوم أحداً ؟ قال : لا ) ، المصدر : الجرح والتعديل ( 2 / 23 ) .

وقال ابن أبي حاتم : ( ما ذكر من علم يحيى بن معين رحمه الله بنقلة الآثار ورواة الأخبار وعلل الحديث ) وسرد له جملة من الأخبار الدالة على علمه بهذا الشأن ، انظر : تقدمة الجرح والتعديل ص 314 .

وذكر ابن رجب في شرح علل الترمذي ( 2 / 805 ) أن هناك مؤلفاً في علل الحديث منقولاً عن عن يحيى بن معين .

وفي تواريخ ابن معين المطبوعة : تاريخ الدوري ، والدقاق ، والدارمي ، وابن محرز ، وابن الجنيد ، والطبراني ، وكذلك في العلل المنقولة عن أحمد :كعلل الأثرم ، وعلل عبد الله وغيرهما – نقد ابن معين لكثير من الأحاديث .

وقد بَيَّنَ ابن رجب أن هذه المصنفات عن ابن معين إنما هي من تدوين تلاميذه عنه ، فقال : ( كان ابن معين يكره أن يدون كلامه في الجرح والتعديل ، ولم يدون هو شيئا – فيما أظن – وإنما سأله أصحابه ، ودونوا كلامه ، منهم : عباس الدوري ، وإبراهيم بن الجنيد ، ومضر بن محمد ، والمفضل الغلابي ، وعثمان بن سعيد الدارمي ، ويزيد بن الهيثم وغيرهم ) شرح علل الترمذي ( 1 / 490 ).

ومما يذكر هنا أن ابن معين من المكثرين جداً لنقد الرواة ، وكان رواة الحديث يتهيبون منه ، ويعرفون منزلته، ومن أخباره في هذا :

( قال هارون بن معروف : قدم علينا بعض الشيوخ من الشام فكنت أول من بكر عليه، فسألته أن يملي علي شيئا فأخذ الكتاب يملي .

فإذا بإنسان يدق الباب فقال الشيخ : من هذا ؟ قال : أحمد بن حنبل ، فأذن له ، والشيخ على حالته ، والكتاب في يده لا يتحرك .

فإذا بآخر يدق الباب فقال الشيخ : من هذا ؟ قال : أحمد الدورقي ، فأذن له ، والشيخ على حالته ، والكتاب في يده لا يتحرك .

فإذا بآخر يدق الباب فقال الشيخ : من هذا ؟ قال : عبد الله بن الرومي ، فأذن له ، والشيخ على حالته ، والكتاب في يده لا يتحرك .

فإذا بآخر يدق الباب فقال الشيخ : من هذا ؟ قال : أبو خيثمة زهير بن حرب ، فأذن له ، والشيخ على حالته ، والكتاب في يده لا يتحرك .

فإذا بآخر يدق الباب فقال الشيخ : من هذا ؟ قال : يحيى بن معين ، فرأيت الشيخ ارتعدت يده ثم سقط الكتاب من يده ) ، المصادر : الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي ( 1 / 122 ) تاريخ بغداد ( 14 / 181 ) تاريخ مدينة دمشق ( 65 / 22 ) .

وقال ابن محرز : ( سمعت يحيى بن معين يقول : قال لي إسماعيل بن علية يوماً : كيف حديثي ؟ قال : قلت : أنت مستقيم الحديث ، قال : فقال لي : وكيف علمتم ذاك ؟ قلت له : عارضنا بها أحاديث الناس ، فرأيناها مستقيمة ، قال : فقال : الحمد لله ، فلم يزل يقول : الحمد لله ، ويحمد ربه حتى دخل دار بشر بن معروف ، أو قال : دار أبي البختري ، وأنا معه ) ، المصدر : معرفة الرجال ( 2 / 39 برقم 60 ) .

وفي هذه القصة من الفوائد : أن من طرق معرفة النقاد بضبط الرواة معارضة أحاديث الراوي بأحاديث الثقات المتقنين فإذا وافقهم دل ذلك على ضبطه ، وعند المخالفة ينظر في قلتها وكثرتها ، خفتها وشدتها ، ونحو ذلك من القرائن .

وقال ابن محرز : ( سمعت يحيى بن معين يقول : كنت عند خلف البزار ، فقلت له : هات كتبك ، فَجَبُنْ ، فقلت : هات رحمك الله ، فجاء بها ، فنظرت فيها ، فرأيت أحاديث مستقيمة صحاحاً ، قيل له : فكتبت عنه منها شيئا ؟ قال : نعم كتبت عنه أحد عشر حديثاً ) ، المصدر : معرفة الرجال ( 2 / 161 برقم 507 ) .

وفي هذه القصة من الفوائد :

أ – دقة النقاد في النظر عند الكلام على الرواة حتى إنهم ينظرون في أصول الرواة وكتبهم .

ب – أن من طرق معرفة النقاد بضبط الرواة النظر في أصول الرواة وكتبهم .

ج – تدقيق ابن معين في هذا الباب .

د – أثر الكتاب على الراوي .

9 – وعلي بن عبد الله المديني أبو الحسن البصري ( ت 234 هـ ) :

وهو من أبرز من أظهر هذا الفن ، وأكثر فيه التصنيف ، بل إن أئمة الحديث ونقاده مجمعون على تقدمه في هذا الفن على جميع أقرانه ، وأقوال العلماء في إمامته وتقدمه في هذا الفن كثيرة ، منها :

أ - قول أحمد بن حنبل : ( أعلمنا بالعلل علي بن المديني ) ، المصدر : المجروحين ( 1 / 55 ) .

ب – وقول أبي حاتم : ( كان على بن المديني علماً في الناس في معرفة الحديث والعلل ) ، المصدر : تقدمة الجرح والتعديل ص 319 .

وتقدم قول ابن أبي حاتم أيضاً : ( سمعت أبي يقول : الذي كان يحسن صحيح الحديث من سقيمه وعنده تمييز ذلك ويحسن علل الحديث : أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني ، وبعدهم أبو زرعه كان يحسن ذلك ، قيل لأبي : فغير هؤلاء تعرف اليوم أحداً ؟ قال : لا ) .

ج – وقول صالح بن محمد الملقب بـ ( جزرة ) : ( أعلم من أدركت بالحديث وعلله علي بن المديني ) ، المصادر : تاريخ بغداد ( 10 / 70 ) تاريخ دمشق ( 65 / 19 ) .

د – وقول ابن حبان : ( وكان من أعلم أهل زمانه بعلل حديث رسول الله ) ، المصدر : الثقات ( 8 / 469 ) .

هـ - وقول الخطيب البغدادي – بعد ذكر عدد من كتب علي بن المديني في العلل وغيره – : ( وجميع هذه الكتب قد انقرضت ولم نقف على شيء منها إلا على أربعة أو خمسة فحسب ، ولعمري إن في انقراضها ذهاب علوم جمة وانقطاع فوائد ضخمة وكان علي بن المديني فيلسوف هذه الصنعة وطبيبها ولسان طائفة الحديث وخطيبها رحمة الله عليه وأكرم مثواه لديه ) ، المصدر : الجامع لأخلاق الراوي ( 2 / 302 – 304 ) .

و – وقول الذهبي : ( وأما علي بن المديني فإليه المنتهى في معرفة علل الحديث النبوي ، مع كمال المعرفة بنقد الرجال ، وسعة الحفظ ، والتبحر في هذا الشأن ، بل لعله فرد زمانه في معناه ، وقد أدرك حماد بن زيد وصنف التصانيف ، وهو تلميذ يحيى بن سعيد القطان ، ويقال : لابن المديني نحو مائتي مصنف ) ، المصدر : ميزان الاعتدال ( 5 / 170 ) .

وقوله أيضاً : ( الشيخ الإمام الحجة ، أمير المؤمنين في الحديث ، وبرع في هذا الشأن وصنف وجمع وساد الحفاظ في معرفة العلل ، ويقال : إن تصانيفه بلغت مئتي مصنف ) ، المصدر : سير أعلام النبلاء ( 11 / 41 ) .

ز – وقول ابن حجر العسقلاني : ( لا يختلفون في أن علي بن المديني كان أعلم أقرانه بعلل الحديث ، وعنه أخذ البخاري ذلك حتى كان يقول : ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند علي بن المديني ) ، المصدر : هدي الساري ص 346 .

من أقوال الإمام الحافظ علي بن المديني رحمه الله :

وابن المديني هو القائل : ( ربما أدركت علة حديث بعد أربعين سنة ) ، المصدر : الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ( 2 / 257 ) .

وقال أيضاً : ( الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه ) ، المصدر السابق ( 2 / 212 ) .

وقال أيضاً : ( نظرتُ ، فإذا الإسناد يدور على ستة ... ) إلى آخر ما قال ، ورد هذا القول النفيس في مصادر كثيرة منها : تاريخ مدينة دمشق للحافظ ابن عساكر رحمه الله ( 65 / 16 ) .

وهذا النص الذي يُعتبر من أنفس النصوص عن الإمام علي بن المديني يبين لنا مدى إحاطة هذا الإمام بأسانيد وطرق الأحاديث ومخارج السنن ودقته وعميق علمه رحمه الله ، ولا يخفى أهمية هذه الأقوال في باب العلل .

وله مؤلفات عديدة في علل الحديث ، قال محمد بن يحيى : ( رأيت لعلي بن المديني كتاباً على ظهره مكتوبٌ [ المائة والنيف والستين من علل الحديث ] ) .

وقال الذهبي : ( وجمع كتاب العلل في عدة كتب علي بن المديني إمام الصنعة ) .

وقد مر علينا قبل قليل قول الخطيب البغدادي – بعد ذكر عدد من كتب علي بن المديني في العلل وغيره – : ( وجميع هذه الكتب قد انقرضت ولم نقف على شيء منها إلا على أربعة أو خمسة فحسب ، ولعمري إن في انقراضها ذهاب علوم جمة وانقطاع فوائد ضخمة وكان علي بن المديني فيلسوف هذه الصنعة وطبيبها ولسان طائفة الحديث وخطيبها رحمة الله عليه وأكرم مثواه لديه ) .

ومن الكتب التي سميت له في باب العلل :

أ – ( علل المسند ) (160) .

ب – ( العلل – رواية إسماعيل القاضي – ) .

ج – ( علل حديث ابن عيينة ) .

د – ( العلل – رواية أبي الحسن محمد بن أحمد بن البراء – ) ، وهو الكتاب الوحيد المطبوع ، وقد طبع عدة مرات .
 

العنود

عضو ذهبي
،
جزاك الله خيراً وبارك في علمك ، آمين ،

لدي سؤال ،

أحياناً عند بحثي في موقع الدرر السنيّة ، أجد أحياناً أن الحديث ( صحيح ) ، ( حسن ) ، ( رجاله ثقات ) ،

والسؤال :

رجاله ثقات ، هل يُعتد به ؟!

وطالما رجاله ثقات لماذا لم يُخرّج على أنه صحيح أو حسن كما أرى ؟!

وجزاكم الله خيراً ،،

،
 

الباحث

عضو فعال
،
جزاك الله خيراً وبارك في علمك ، آمين ،

لدي سؤال ،

أحياناً عند بحثي في موقع الدرر السنيّة ، أجد أحياناً أن الحديث ( صحيح ) ، ( حسن ) ، ( رجاله ثقات ) ،

والسؤال :

رجاله ثقات ، هل يُعتد به ؟!

وطالما رجاله ثقات لماذا لم يُخرّج على أنه صحيح أو حسن كما أرى ؟!

وجزاكم الله خيراً ،،

،

نستخلص من تعريف الحديث الصحيح والحسن ، شروطهما ، فالحديث الصحيح كما عرّفه الحافظ ابن حجر العسقلاني في ( نخبة الفكر ) هو ( خبر الآحاد بنقل عدل تام الضبط متصل السند غير معلل ولا شاذ ) ، وتغيّر شرط ( تام الضبط ) في الحديث الحسن إلى ( خفيف الضبط ) .

فشروط الحديث الصحيح أو الحسن ستة :

1 - أن يكون كل راوي تام الضبط في الحديث الصحيح ، فإذا وُجِدَ فيهم من هو خفيف الضبط فالحديث حسن .

2 - أن يكون جميع الرواة عدولاً .

3 - أن يكون السند متصلاً .

4 - أن ينتفي الشذوذ من السند والمتن .

5 - أن تنتفي العلة من المتن .

ومن المعلوم أن الراوي الثقة هو من توفر فيه صفتان :

1 - الضبط لما يرويه : سواءً كان الضبط تاماً أو خفيفاً ، وسواءً كان الحفظ حفظ صدر أو حفظ كتاب ، فلا يكون الراوي سيء الحفظ .

2 - العدالة : وهي الملكة التي تحمل على التقوى والمروءة .

وعندما ينص الحافظ الهيثمي أو غيره من أهل الحديث على هذه العبارة ( رجاله ثقات ) فهي لا تفيد إلا توفر الشرطيْن الأول والثاني من شروط الحديث الصحيح ، ولم يلتزم في عبارته باستيفاء باقي الشروط .

أين النص على اتصال السند أو نفي الشذوذ أو نفي العلة في عبارته ( رجاله ثقات ) ؟ لا توجد ، فلا يلزم من هذه العبارة صحة الحديث ولا حتى صحة السند .

بل إن قول أحد علماء الجرح والتعديل بهذه العبارة ( رجاله ثقات ) لا يلزم منها أن يكون كل الرواة ثقاتاً ، فقد يكون قائل هذه العبارة متساهلٌ في التوثيق ، فلا بد من التحقيق في قوله وحكمه .

والله أعلم .
 

العنود

عضو ذهبي
،

جزاكم الله خيراُُ وزادكم علماً ،

يعني أن ( رجاله ثقات )

لا تعني هذه العبارة صحة الحديث أو صحة السند ،

ومثال هذه الرواية :

( حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال ثنا محمد بن عبد الله بن نمير ثنا يحيى بن أبي بكير ثنا شعبة عن أبي بكر بن حفص ثم أن سعدا والحسن بن علي رضي الله عنهما ماتا في زمن معاوية رضي الله عنه فيرون أنه سمّه ) قال المحقق : ( رجاله ثقات ، قاله الذهبي ) ،

وبارك الله فيكم ،،

،


 

الباحث

عضو فعال
،

جزاكم الله خيراُُ وزادكم علماً ،

يعني أن ( رجاله ثقات )

لا تعني هذه العبارة صحة الحديث أو صحة السند ،

ومثال هذه الرواية :

( حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال ثنا محمد بن عبد الله بن نمير ثنا يحيى بن أبي بكير ثنا شعبة عن أبي بكر بن حفص ثم أن سعدا والحسن بن علي رضي الله عنهما ماتا في زمن معاوية رضي الله عنه فيرون أنه سمّه ) قال المحقق : ( رجاله ثقات ، قاله الذهبي ) ،

وبارك الله فيكم ،،

،

هذه العبارة ( رجاله ثقات ) لا تعني صحة الحديث ولا تثبت ضعفه ، وإنما هي لإثبات شرطين من شروط الحديث الصحيح أو الحسن ( العدالة والضبط ) ، فلا يمكن الجزم معها بصحة هذا الحديث أو ضعفه .

وأعتقد - والله أعلم - أن سبب سؤالكِ هو استشكالكِ لهذا ( الأثر ) ، وفي حقيقة الأمر أنه لا يوجد في هذا الأثر ما يشكل .

ولكن على فرض صحة هذا الأثر ، فلا يوجد فيه ما يدين معاوية رضي الله عنه أو يلزمه بتهمة ( سم الحسن رضي الله عنه ) ، لأسباب :

1 - قول القائل : ( فيرون أنه سمّه ) ، من الذين هؤلاء الذين يرون ؟ هل هم من أهل السنة أم من الرافضة أم من الخوارج ؟ وهل لقولهم قيمة ؟ وإذا كان لقولهم قيمة فهل عليه دليل أم هو تخرص بالغيب ؟

2 - معاوية رضي الله عنه هو من دهاة العرب باعتراف الرافضة أنفسهم ، فكيف يقتل من تصالح معه ويثير شيعته عليه وهو يريد استقرار الأمور لملكه الواسع ؟

فإن نفوا ذكاء معاوية رضي الله عنه واتهموه بالغباء حقداً عليه ، فهل يُعقل أن يتغلب الغبي على الإمام المعصوم ( الذكي ) ؟ وهل يُعقل أن يترك الإمام المعصوم أمر المسلمين بين يدي ( غبي ) حفاظاً على ( البيضة ) ؟

3 - الروايات فيمن سم الحسن رضي الله عنه متناقضة متعارضة : فرواية تقول أن معاوية رضي الله عنه هو الذي سمه بحسب ( رؤية من رأى ! ) ، ورواية تقول : أن امرأة الحسن رضي الله عنه هي التي سمته بأمر من معاوية ، وهذه الروايات لا يمكن الترجيح بينها فتبطل كلها .

4 - أنه لم يثبت عن الحسن رضي الله عنه أنه مات من السم أو ظهرت عليه آثار السم في موته .

5 - أن هذا يبطل معتقد الرافضة في علم الأئمة للغيب وأنهم يعلمون متى يموتون ، فمقتضى هذه الرواية أن الحسن رضي الله عنه مات منتحراً والعياذ بالله ، وحاشاه رضي الله عنه .

6 - على فرض موت الحسن رضي الله عنه مسموماً ، ما الدليل على أن الذي سمّه هو معاوية رضي الله عنه دون غيره ؟ فالحسن رضي الله عنه له أعداء كثيرون منهم الخوارج ، فضاعت التهمة بين أكثر من طرف .

7 - المتهم بريء حتى تثبت إدانته !
 

الباحث

عضو فعال
10 – إسحاق بن راهويه أبو يعقوب النيسابوري ( ت 239 هـ ) :

قال النسائي : ( لم يكن في عصر أحمد مثل هؤلاء الأربعة : أحمد ، ويحيى ، وعلي ، وإسحاق ، وأعلمهم علي بالحديث وعلله ، وأعلمهم بالرجال وأكثرهم حديثاً يحيى ، وأحفظهم للحديث والفقه إسحاق ، إلا أن أحمد بن حنبل كان عندي أعلم بعلل الحديث من إسحاق ، وجمع أحمد المعرفة بالحديث والفقه والورع والزهد ) شرح علل الترمذي ( 1 / 213 ) .

وقال أبو داود الخفاف : ( سمعت إسحاق بن راهويه يقول : لكأني أنظر إلى مائه ألف حديث في كتبي وثلاثين ألفا أسردها ، قال : وأملي علينا إسحاق أحد عشر ألف حديث من حفظه ثم قرأها علينا فما زاد حرفاً ولا نقص حرفاً ) الكامل لابن عدي ( 1 / 127 ) تاريخ بغداد ( 6 / 354 ) تاريخ مدينة دمشق ( 8 / 135 ) سير أعلام النبلاء ( 11 / 373 ) .

وقال أبو يزيد المديني : ( سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول – في سنة ثمان وثلاثين ومائتين – : أعرف مكان مائة ألف حديث ، كأني أنظر إليها ، وأحفظ منها سبعين ألف حديث من ظهر قلبي صحيحة ، وأحفظ أربعة آلاف حديث مزورة [ أي مكذوبة ] ، فقيل : ما معنى حفظ المزورة ؟ قال : إذا مر بي منها حديث في الأحاديث الصحيحة فليته منها فلياً ) الجامع لأخلاق الراوي ( 2 / 254 ) تاريخ بغداد ( 6 / 352 ) تاريخ مدينة دمشق ( 8 / 138 ) .

قال الذهبي : ( الإمام الكبير ، شيخ المشرق ، سيد الحفاظ ، قال أحمد بن سلمة : سمعت أبا حاتم الرازي يقول ذكرت لأبي زرعه حفظ إسحاق بن راهويه فقال أبو زرعة : ما رئي أحفظ من إسحاق ، ثم قال أبو حاتم : والعجب من إتقانه وسلامته من الغلط مع ما رزق من الحفظ ، فقلت لأبي حاتم : إنه أملى التفسير عن ظهر قلبه ، قال : وهذا أعجب فإن ضبط الأحاديث المسندة أسهل وأهون من ضبط أسانيد التفسير وألفاظها ، قلت – القائل الذهبي – : قد كان مع حفظه إماماً في التفسير رأساً في الفقه من أئمة الاجتهاد ) سير أعلام النبلاء ( 11 / 358 – 378 ) .

11 – أحمد بن حنبل أبو عبد الله المروزي نزيل بغداد ( ت 241 هـ ) :

وقد كتبوا في الإمام أحمد مؤلفات ودراسات كثيرة جداً تزيد على تسعين دراسة ، أكثرها في الحديث وعلومه ، تُنظر في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية ، وكذلك في فهارس كتابي محمد خير رمضان ( دليل مؤلفات الحديث الشريف المطبوعة ) و ( المعجم المصنف لمؤلفات الحديث الشريف ) .

قال ابن أبي حاتم : ( باب ما ذكر من معرفة أحمد بن حنبل بعلل الحديث بصحيحة وسقيمة وتعديله ناقلة الأخبار وكلامه فيهم ) وسرد له جملة من الأخبار الدالة على علمه بهذا الشأن ، انظر : تقدمة الجرح والتعديل ص 314 .

وتقدم قول ابن أبي حاتم أيضاً : ( سمعت أبي يقول : الذي كان يحسن صحيح الحديث من سقيمه وعنده تمييز ذلك ويحسن علل الحديث أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني ، وبعدهم أبو زرعه كان يحسن ذلك ، قيل لأبي : فغير هؤلاء تعرف اليوم أحداً ؟ قال : لا ) .

وقال ابن رجب – مبيناً مكانة أحمد بن حنبل في العلم – : ( واختص عن أقرانه من ذلك بأمور متعددة منها : سعة حفظه وكثرته ، ومنها : معرفة صحيحه من سقيمه : وذلك تارة بمعرفة الثقات من المجروحين ، وإليه كانت نهاية المنتهى في علم الجرح والتعديل ، وتارة معرفة طرق الحديث واختلافه ، وهو معرفة علل الحديث ، وكان أيضا نهاية في ذلك ، وهذا وإن شاركه كثير من الحفاظ في معرفة علل الحديث المرفوعة ، فلم يصل أحد منهم إلى معرفته بعلل الآثار الموقوفة ، ومن تأمل كلامه في ذلك رأى العجب العجاب ، وجزم بأنه قل من وصل إلى فهمه في هذا العلم ) الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة ص 41 .

ونقل عنه كلام كثير في العلل من رواية ابنيه : عبد الله وصالح ، ومن رواية : المروذي ، والميموني وغيرهم ، وقد طبع كثير منها .

11 – عبد الرحمن بن إبراهيم أبو سعيد الدمشقي يعرف بـ ( دحيم ) (ت 245 هـ ) :

قال الذهبي : ( القاضي الإمام الفقيه الحافظ محدث الشام ..... ، وعني بهذا الشأن ، وفاق الأقران ، وجمع وصنف ، وجرح وعدل ، وصحح وعلل ) سير أعلام النبلاء ( 11 / 515 ) .

وقال أيضاً : ( الحافظ ، الفقيه الكبير ، ..... محدث الشام ..... ، وكان من الأئمة المتقنين لهذا الشأن ..... ، قال الحسن بن علي بن بحر قدم دحيم بغداد سنة اثنتي عشرة ومائتين ، فرأيت أبي وأحمد وابن معين وخلف بن سالم قعوداً بين يديه كالصبيان ..... ، وقال أبو داود : حجة لم يكن بدمشق في زمانه مثله ) تذكرة الحفاظ ( 2 / 480 ) .

12 – أحمد بن صالح أبو جعفر المصري (ت 248 هـ ) :

قال الخطيب البغدادي : ( كان أحد حفاظ الأثر عالماً بعلل الحديث بصيراً باختلافه ) تاريخ بغداد ( 4 / 195 ) .

وقال : ( كان من حفاظ الحديث واعياً رأساً في علم الحديث وعلله ) المرجع السابق ( 4 / 199 ) .

قال الذهبي : ( أحمد بن صالح الإمام الكبير ، حافظ زمانه بالديار المصرية ، أبو جعفر المصري المعروف بـ ( ابن الطبري ) ، وكان أبو جعفر رأسا في هذا الشأن قل أن ترى العيون مثله مع الثقة والبراعة ) سير أعلام النبلاء ( 12 / 160 ) .

وأحمد بن صالح هو القائل : ( معرفة الحديث بمنزلة معرفة الذهب – أو قال : الجوهر – ، إنما يبصره أهله ) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ( 2 / 256 ) .
 

الباحث

عضو فعال
13 – عمرو بن علي الفلاس أبو حفص البصري (ت 249 هـ ) :

له مصنف في العلل ، قال ابن حجر : ( وقال أبو زرعة: كان من فرسان الحديث،..وقال الدارقطني: كان من الحفاظ، وبعض أصحاب الحديث يفضلونه على ابن المديني ويتعصبون له، وقد صنف المسند والعلل والتاريخ وهو إمام متقن ) التهذيب ( 8 / 81 ) .

وقال الذهبي : ( الحافظ الإمام المجود الناقد ... ) سير أعلام النبلاء ( 11 / 470 ) .

14 – عبد الله بن عبد الرحمن التميمي أبو محمد الدارمي (ت 255 هـ ) صاحب المسند :

قال الترمذي – مبينا منهجه في كتابه ( الجامع ) – : ( وما كان فيه من ذكر العلل في الأحاديث والرجال والتاريخ فهو ما استخرجته من كتب التاريخ وأكثر ذلك ما ناظرت به محمد بن إسماعيل ومنه ما ناظرت به عبد الله بن عبد الرحمن وأبا زرعة ) العلل الصغير للترمذي - مع شرح ابن رجب - ( 1 / 337 ) .

وقال أبو حامد بن الشرقي : ( إنما أخرجت خراسان من أئمة الحديث خمسة : محمد بن يحيى ، ومحمد بن إسماعيل ، وعبد الله بن عبدالرحمن ، ومسلم بن الحجاج ، وإبراهيم بن أبي طالب ) سير أعلام النبلاء ( 12 / 227 ) .

قال الذهبي : ( الإمام ، الحافظ ، شيخ الإسلام بسمرقند ... صاحب المسند العالي الذي في طبقة منتخب مسند عبد بن حميد ) تذكرة الحفاظ ( 2 / 534 ) .

15 – محمد بن إسماعيل الجعفي أبوعبدالله البخاري ( ت 256 هـ ) صاحب ( الجامع الصحيح ) :

له مصنف في ( العلل ) ، قال الترمذي : ( ولم أر أحدا بالعراق ولا بخراسان في معنى العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد كثير أحد أعلم من محمد بن إسماعيل ) العلل الصغير مع شرح ابن رجب ( 1 / 32 ) .

وصناعة العلل واضحةٌ في كتابَيْهِ ( التاريخ الكبير ) و ( التاريخ الأوسط ) ، وهو ممن استفاضت شهرته بهذا الفن ، وللفائدة : راجع ما ذكر عند عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي .

وأخبار البخاري في العلم والبروز فيه مبكراً ، وقوة الحفظ كثيرة ، منها :

قال أبو حامد الأعمش : ( رأيت محمد بن إسماعيل في جنازة سعيد بن مروان ، ومحمد بن يحيى الذهلي يسأله عن الأسامي والكنى وعلل الحديث ، ومحمد بن إسماعيل يمر فيه مثل السهم كأنه يقرأ { قل هو الله أحد } ) تاريخ بغداد ( 2 / 31 ) تاريخ مدينة دمشق ( 52 / 95 ) سير أعلام النبلاء ( 12 / 432 ) شرح علل الترمذي (1 / 495 ) .

وقال البخاري : ( أحفظ مائة ألف حديث صحيح ، وأعرف مائتي ألف حديث غير صحيح ) الكامل لابن عدي ( 1 / 131 ) تاريخ بغداد ( 2 / 25 ) تاريخ مدينة دمشق ( 52 / 64 ) سير أعلام النبلاء ( 12 / 415 ) .

وقال صالح بن محمد البغدادي : ( كان محمد بن إسماعيل يجلس ببغداد ، وكنت أستملي له ، ويجتمع في مجلسه أكثر من عشرين ألفاً ) الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي ( 2 / 53 ) .

قال الذهبي : ( وقال بكر بن منير : سمعت أبا عبد الله البخاري يقول : أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحداً ، قلت : صدق رحمه الله ، ومن نظر في كلامه في الجرح والتعديل علم ورعه في الكلام في الناس وإنصافه فيمن يضعفه فإنه أكثر ما يقول : منكر الحديث ، سكتوا عنه ، فيه نظر ، ونحو هذا ، وقلَّ أن يقول : فلان كذاب ، أو كان يضع الحديث ، حتى إنه قال : إذا قلت فلان [ في حديثه نظر ] فهو متهم واه ، وهذا معنى قوله : لا يحاسبني الله أني اغتبت أحداً ، وهذا هو والله غاية الورع ) سير أعلام النبلاء ( 12 / 439 ) .

قال ابن حجر : ( البخاري في كلامه على الرجال في غاية التحري والتوقي ، ومن تأمل كلامه في الجرح والتعديل علم ورعه وإنصافه ، فإن أكثر ما يقول : منكر الحديث ، سكتوا عنه ، فيه نظر ، تركوه ، ونحو هذا ، وقلَّ أن يقول : فلان كذاب ، أو يضع الحديث ، بل إذا قال ذلك عزاه إلى غيره بقوله : كذبه فلان ، رماه فلان بالكذب ، حتى أنه قال : [ من قلتُ فيه في حديثه نظر ] فهو متهم ، ومن قلت فيه : [ منكر الحديث ] فلا تحل الرواية عنه ) تغليق التعليق على صحيح البخاري ( 5 / 397 ) .
 

العنود

عضو ذهبي
،
وأعتقد - والله أعلم - أن سبب سؤالكِ هو استشكالكِ لهذا ( الأثر ) ، وفي حقيقة الأمر أنه لا يوجد في هذا الأثر ما يشكل .

ولكن على فرض صحة هذا الأثر ، فلا يوجد فيه ما يدين معاوية رضي الله عنه أو يلزمه بتهمة ( سم الحسن رضي الله عنه ) ، لأسباب :

1 - قول القائل : ( فيرون أنه سمّه ) ، من الذين هؤلاء الذين يرون ؟ هل هم من أهل السنة أم من الرافضة أم من الخوارج ؟ وهل لقولهم قيمة ؟ وإذا كان لقولهم قيمة فهل عليه دليل أم هو تخرص بالغيب ؟

2 - معاوية رضي الله عنه هو من دهاة العرب باعتراف الرافضة أنفسهم ، فكيف يقتل من تصالح معه ويثير شيعته عليه وهو يريد استقرار الأمور لملكه الواسع ؟

فإن نفوا ذكاء معاوية رضي الله عنه واتهموه بالغباء حقداً عليه ، فهل يُعقل أن يتغلب الغبي على الإمام المعصوم ( الذكي ) ؟ وهل يُعقل أن يترك الإمام المعصوم أمر المسلمين بين يدي ( غبي ) حفاظاً على ( البيضة ) ؟

3 - الروايات فيمن سم الحسن رضي الله عنه متناقضة متعارضة : فرواية تقول أن معاوية رضي الله عنه هو الذي سمه بحسب ( رؤية من رأى ! ) ، ورواية تقول : أن امرأة الحسن رضي الله عنه هي التي سمته بأمر من معاوية ، وهذه الروايات لا يمكن الترجيح بينها فتبطل كلها .

4 - أنه لم يثبت عن الحسن رضي الله عنه أنه مات من السم أو ظهرت عليه آثار السم في موته .

5 - أن هذا يبطل معتقد الرافضة في علم الأئمة للغيب وأنهم يعلمون متى يموتون ، فمقتضى هذه الرواية أن الحسن رضي الله عنه مات منتحراً والعياذ بالله ، وحاشاه رضي الله عنه .

6 - على فرض موت الحسن رضي الله عنه مسموماً ، ما الدليل على أن الذي سمّه هو معاوية رضي الله عنه دون غيره ؟ فالحسن رضي الله عنه له أعداء كثيرون منهم الخوارج ، فضاعت التهمة بين أكثر من طرف .

7 - المتهم بريء حتى تثبت إدانته !

جزاكم الله خيراً ،

ليس لدي أدنى شك بأن هذه الرواية لا تصح حتى ولو كان رجالها ثقات ! ،

ولكن أردت من السؤال أن أثبت لمن يحتجون بهذه الرواية لإتهام معاوية رضي الله عنه وأرضاه ،

عدم صحتها ،

بارك الله في علمكم ونفع بكم ،،

،
 

الباحث

عضو فعال
16 – محمد بن يحيى الذهلي أبو عبد الله النيسابوري ( ت 258 هـ ) :

له مصنف في ( علل حديث الزهري ) ، قال الدارقطني – وحسبك به – : ( من أحب أن ينظر ويعرف قصور علمه عن علم السلف فلينظر في علل حديث الزهري لمحمد بن يحيى ) السير ( 12 / 227 ، 284 ) ، وكتاب الذهلي ينقل عنه ابن خزيمة والبيهقي وابن عبد البر وابن عساكر والذهبي وابن حجر – والعلل من مروياته كما آخر التعليق – وغيرهم .

قال الذهبي : ( الإمام ، العلامة ، الحافظ البارع ، شيخ الإسلام ، وعالم أهل المشرق ، وإمام أهل الحديث بخراسان ..... وكتب العالي والنازل وكان بحراً لا تكدره الدِّلاء ، جمع علم الزهري وصنفه وجَوَّدَه ، من أجل ذلك يقال له : الزهري ، ويقال له : الذهلي ، وانتهت إليه رئاسة العلم والعظمة والسؤدد ببلدة ، كانت له جلالة عجيبة بنيسابور من نوع جلالة الإمام أحمد ببغداد ومالك بالمدينة ..... قال ابن أبي حاتم: ..... هو إمام من أئمة المسلمين ) سير أعلام النبلاء ( 12 / 273 ) .

للفائدة : راجع ما ذكر عند : عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي .

17 – مسلم بن الحجاج القشيري أبو الحسين النيسابوري ( ت 261 هـ ) – صاحب ( الصحيح ) المشهور – :

له العديد من المصنفات في العلل منها :

1 – كتاب ( التمييز ) وهو مطبوع ، وقد طبع كتاب التمييز للإمام مسلم طبعتين :

الأولى : بتحقيق د . محمد مصطفى الأعظمي .

والثانية: بتحقيق : صبحي حسن حلاق .

وكلا الطبعتين فيه سقط وتحريف ، والكتاب يحتاج لتحقيق علمي دقيق .

2 – ( العلل ) .

3 – ( جزء ما استنكر أهل العلم من حديث عمرو بن شعيب ) ، انظر : المعجم المفهرس لابن حجر ص 159 .

وغيرها من المؤلفات المشهورة .

قال أبو حازم عمر بن أحمد العبدوي الحافظ محدث نيسابور ( ت 417 هـ ) : ( أول من اشتهر بحفظ الحديث وعلله بنيسابور بعد الإمام مسلم ابن الحجاج :

إبراهيم بن أبي طالب، وكان يقابله النسائي وجعفر الفريابي .

ثم أبو حامد بن الشرقي وكان يقابله أبو بكر بن زياد النيسابوري وأبو العباس بن سعيد .

ثم أبو علي الحافظ وكان يقابله أبو أحمد العسال وإبراهيم بن حمزة .

ثم الشيخان أبو الحسين الحجاجي وأبو أحمد الحاكم وكان يقابلهما في عصرهما ابن عدي وابن المظفر والدارقطني .

وتفرد الحاكم أبو عبد الله في عصرنا من غير أن يقابله أحد بالحجاز والشام والعراقين والجبال والري وطبرستان وقومس وخراسان بأسرها وما وراء النهر ) طبقات الشافعية الكبرى ( 4 / 158 ) .

للفائدة : راجع ما ذكر عند عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي .

18 – يعقوب بن شيبة السدوسي أبو يوسف البصري ، نزيل بغداد (ت 262 ) :

صاحب كتاب ( المسند المعلل ) ، قال الذهبي عنه : ( صاحب المسند الكبير المعلل ، ما صنف مسند أحسن منه ) تذكرة الحفاظ ( 2 / 577 ) .

وقال عبد الغني بن سعيد الأزدي : ( ولم يتكلم أحد على علل الأحاديث بمثل كلام يعقوب ، وعلي بن المديني ، والدارقطني ) ترتيب المدارك ( 2 / 57 ) .

وقال الذهبي : ( الحافظ الكبير العلامة الثقة ..... ويتكلم على الرجال ، ويجرح ويعدل ، بكلام مفيد عذب شاف بحيث إن الناظر في مسنده لا يمل منه ..... ) سيرأعلام النبلاء (12 / 477 ) .

وقال أيضاً : ( وكان من كبار علماء الحديث ، له دنياً واسعة وتجمل ) تذكرة الحفاظ ( 2 / 577 ) .

وقال الحافظ ابن حجر : ( المعلل وهو من أغمض أنواع علوم الحديث وأدقها ، ولا يقوم به إلا من رزقه الله فهماً ثاقباً ، وحفظاً واسعاً ، ومعرفةٌ تامةٌ بمراتب الرواة ، وملكةٌ قويةٌ بالأسانيد والمتون ، ولهذا لم يتكلم فيه إلا القليل من أهل هذا الشأن ، كعلي بن المديني ، وأحمد بن حنبل ، والبخاري ، ويعقوب بن شيبة ، وأبي حاتم ..... ) نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر ص 43 .

19 – عبيد الله بن عبد الكريم أبوزرعة الرازي ( ت 264 ) :

له كتاب ( العلل ) ، انظر : أبو زرعة الرازي وجهوده في السنة ( 1 / 188 ) .

وأبوزرعة من مصادر ابن أبي حاتم المباشرة في كتاب العلل ، ونقول ابن أبي حاتم عنه تدل على إمامته في هذا الفن .

وتقدم قول ابن أبي حاتم أيضاً : ( سمعت أبي يقول : الذي كان يحسن صحيح الحديث من سقيمه وعنده تمييز ذلك ويحسن علل الحديث أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني ، وبعدهم أبو زرعه كان يحسن ذلك ، قيل لأبي : فغير هؤلاء تعرف اليوم أحداً ؟ قال : لا ) .

20 – أحمد بن محمد بن هانئ الأثرم أبو بكر البغدادي ( ت 273 هـ ) :

صاحب الإمام أحمد بن حنبل ، قال الخطيب : ( له كتابٌ في علل الحديث ومسائل أحمد بن حنبل تدل على علمه ومعرفته ..... قال الخلال : وكان عاصم بن علي بن عاصم لما قدم بغداد طلب رجلاً يخرج له فوائد عليها فلم يوجد له في ذلك الوقت إلا أبو بكر الأثرم فكأنه لما رآه لم يقع منه بموقع لحداثة سنه ، فقال له : أخرج كتبك ، فجعل يقول له : هذا الحديث خطأ ، وهذا الحديث كذا ، وهذا غلط ، وأشياء نحو هذا فسر عاصم به ، وأملى قريباً من خمسين مجلساً ) تاريخ بغداد ( 5 / 110 ) المعجم المفهرس ص 158 .

قال الذهبي : ( الأثرم الحافظ الكبير ، العلامة ..... صاحب الإمام أحمد ..... وصنف التصانيف ..... وله كتابٌ في العلل ، وكان من أفراد الحفاظ ، قال أبو بكر الخلال : كان جليل القدر ، حافظاً ، لما قدم عاصم بن علي بغداد طلب من يخرج له فوائد ، فلم يجد مثل أبي بكر ، فلم يقع منه بموقع لحداثة سنه ، فأخذ يقول : هذا خطأ ، وهذا وهم ، فسر عاصم به ، كان للأثرم تيقظٌ عجيبٌ حتى قال يحيى بن معين وغيره : [ كأن أحد أبويه جني ! ] ..... وله كتابٌ نفيسٌ في السنن يدل على إمامته وسعة حفظه ) تذكرة الحفاظ ( 2 / 570 ) .
 

الباحث

عضو فعال
21 – سليمان بن الأشعث أبو داود السجستاني ( ت 275 هـ ) – صاحب السنن – :

قال أحمد بن محمد الهروي : ( كان أحد حفاظ الإسلام لحديث رسول الله وعلمه وعلله وسنده ، في أعلى درجة النسك والعفاف والصلاح والورع، من فرسان الحديث ) تاريخ بغداد ( 9 / 58 ) .

قال الذهبي : ( الإمام ، شيخ السنة ، مقدم الحفاظ ... محدث البصرة ... ورحل وجمع وصنف وبرع في هذا الشأن ... قال الحافظ أبو عبد الله بن منده : [ الذين خرجوا وميزوا الثابت من المعلول والخطأ من الصواب أربعة : البخاري ومسلم ثم أبو داود والنسائي ] ، قلت : كان أبو داود مع إمامته في الحديث وفنونه من كبار الفقهاء فكتابه يدل على ذلك ، وهو من نجباء أصحاب الإمام أحمد لازم مجلسه مدة وسأله عن دقاق المسائل في الفروع والأصول ... ) .

ثم ذكر قول ابن داسة : ( ... سمعت أبا داود يقول : [ ذكرت في السنن الصحيح وما يقاربه فان كان فيه وهن شديد بينته] ) .

فعلق الذهبيُّ على هذه الجملة بقوله : ( قلتُ : فقد وَفّى – رحمه الله – بذلك بحسب اجتهاده ، وبَيَّنَ ما ضعفه شديد ، ووهنه غيرُ محتمل ، وَكَاسَرَ عن ما ضعفه خفيف محتمل ، فلا يلزم من سكوته – والحالة هذه – عن الحديث أن يكون حسناً عنده ، ولا سيما إذا حكمنا على حدّ الحسنِ باصطلاحنا المولد الحادث الذي هو في عرف السلف يعود إلى قسم من أقسام الصحيح الذي يجب العمل به عند جمهور العلماء ، أو الذي يرغب عنه أبو عبد الله البخاريّ ، ويمشيه مسلم ، وبالعكس فهو داخل في أداني مراتب الصحة ، فإنه لو انحط عن ذلك لخرج عن الاحتجاج ولبقي متجاذباً بين الضعف والحسن ، فكتاب أبي داود أعلى ما فيه من الثابت ما أخرجه الشيخان ، وذلك نحو من شطر الكتاب ، ثم يليه ما أخرجه احد الشيخين ورغب عنه الآخر ، ثم يليه ما رغبا عنه وكان إسناده جيداً سالماً من علة وشدوذ ، ثم يليه ما كان إسناده صالحاً وقَبِلَهُ العلماء لمجيئه من وجهين لينين فصاعداً يعضد كل إسناد منهما الآخر ، ثم يليه ما ضعف إسناده لنقص حفظ راويه فمثل هذا يمشيه أبو داود ويسكت عنه غالباً ، ثم يليه ما كان بين الضعف من جهة راويه فهذا لا يسكت عنه بل يوهنه غالباً وقد يسكت عنه بحسب شهرته ونكارته والله أعلم ) سير أعلام النبلاء ( 13 / 203 – 215 ) .

فائدة : قال ابن رجب : ( وقد اعترض على الترمذي – رحمه الله – بأنه في غالب الأبواب يبدأ بالأحاديث الغريبة الإسناد غالباً ، وليس ذلك بعيب فإنه – رحمه الله – يبين ما فيها من العلل ، ثم يبين الصحيح في الإسناد ، وكان مقصده – رحمه الله – ذكر العلل ، ولهذا تجد النسائي إذا استوعب طرق الحديث بدأ بما هو غلط ثم يذكر بعد ذلك الصواب المخالف له ، وأما أبو داود – رحمه الله – فكانت عنايته بالمتون أكثر ، ولهذا يذكر الطرق واختلاف ألفاظها والزيادات المذكورة في بعضها دون بعض ، فكانت عنايته بفقه الحديث أكثر من عنايته بالأسانيد ، فلهذا يبدأ بالصحيح من الأسانيد ، وربما لم يذكر الإسناد المعلل بالكلية ) شرح علل الترمذي ( 2 / 625 ) .

وقال أيضاً : ( وأما الزيادة في المتون وألفاظ الحديث فأبو داود – رحمه الله – في كتاب السنن أكثر الناس اعتناء بذلك وهو مما يعتني به محدثوا الفقهاء ، قال الحاكم : [ هذا مما يعز وجوده ويقل في أهل الصنعة من يحفظه ] ) شرح علل الترمذي ( 2 / 639 ) ، وانظر : فتح المغيث ( 1 / 212 ) .

22 – بقي بن مخلد أبو عبد الرحمن الأندلسي (ت 276 هـ ) :

قال الذهبي : ( الإمام القدوة شيخ الإسلام أبو عبد الرحمن الأندلسي القرطبي الحافظ ، صاحب التفسير والمسند اللذين لا نظير لهما ... وعني بهذا الشأن عناية لا مزيد عليها ، وأدخل جزيرة الأندلس علماً جماً ، وبه وبمحمد بن وضاح صارت تلك الناحية دار حديث ... وكان إماماً مجتهداً صالحاً ربانياً صادقاً مخلصاً رأساً في العلم والعمل عديم المثل منقطع القرين يفتي بالأثر ولا يقلد أحداً ... ومن مناقبه : أنه كان من كبار المجاهدين في سبيل الله ، يقال : شهد سبعين غزوة ) سير أعلام النبلاء ( 13 / 285 - 296 ) .

23 – محمد بن إدريس الحنظلي أبو حاتم الرازي ( ت 277 هـ ) :

له مصنف في ( العلل ) – رواية محمد بن إبراهيم الكتاني – ، ونُقولُ ابنِهِ عنه في كتاب ( العلل ) تدل على إمامته وتبحره في هذا الفن .

قال أبو يعلى الخليلي قال : ( الإمام المتفق عليه بالحجاز والشام ومصر والعراق والجبل وخراسان بلا مدافعة ... سمعت جدي وأبي ومحمد بن إسحاق الكيساني وغيرهم قالوا : سمعنا علي بن إبراهيم بن سلمة القطان أبا الحسن يقول : [ ما رأيت مثل أبي حاتم الرازي لا بالعراق ولا باليمن ولا بالحجاز ] ، فقلنا له : قد رأيتَ إسماعيل القاضي وإبراهيم الحربي وغيرهما من علماء العراق ؟ فقال : [ ما رأيتُ أجمع من أبي حاتم ولا أفضل منه ] ... وقال الربيع بن سليمان المرادي صاحب الشافعي : [ لم نلق مثل أبي زرعة ، وأبي حاتم ، ممن ورد علينا من العلماء ] ) الإرشاد ( 2 / 682 - 683 ) .

قال الذهبي : ( كان من بحور العلم طوف البلاد وبرع في المتن والإسناد وجمع وصنف وجرح وعدل وصحح وعلل ... وأول كتابه للحديث كان في سنة تسع ومائتين ، وهو من نظراء البخاري ومن طبقته ، ولكنه عَمَّرَ بعده أزيد من عشرين عاماً ... ويتعذر استقصاء سائر مشايخه ) سير أعلام النبلاء ( 13 / 247 ) .

24 – محمد بن عيسى أبو عيسى الترمذي ( ت 279 هـ ) – صاحب السنن – :

له كتب منها ( العلل ) – طبع باسم ( العلل الكبير ) وهو ترتيب القاضي أبي طالب – وختم كتابه ( السنن ) بكتاب العلل ، وهو الذي شرحه ابن رجب – ضمن شرحه للسنن – شرحاً نفيساً .


قال الذهبي : ( الحافظ العَلَم ، الإمام البارع ... مصنف [ الجامع ] وكتاب [ العلل ] وغير ذلك ... قلت : في الجامع علمٌ نافع ، وفوائد غزيرة ، ورؤوس المسائل ، وهو أحد أصول الإسلام ، لولا ما كدره بأحاديث واهية بعضها موضوع ، وكثير منها في الفضائل ، وقال أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق : الجامع على أربعة أقسام : قسمٌ مقطوع بصحته ، وقسمٌ على شرط أبي داود والنسائي كما بيناَّ ، وقسمٌ أخرجه للضديه وأبان عن علته ، وقسمٌ رابع أبان عنه ، فقال : [ ما أخرجت في كتابي هذا إلا حديثاً قد عمل به بعض الفقهاء سوى حديث : " فإن شرب في الرابعه فاقتلوه " وسوى حديث " جمع بين الظهر والعصر بالمدينة من غير خوف ولا سفر " ] قلت : جامعه قاضٍ له بإمامته وحفظه وفقهه ، ولكن يترخص في قبول الأحاديث ولا يشدد ونفسه في التضعيف رخو ... وفي المنثور لابن طاهر سمعت أبا إسماعيل شيخ الإسلام يقول : [ جامع الترمذي أنفع من كتاب البخاري ومسلم ، لأنهما لا يقف على الفائدة منهما إلا المتبحر العالم والجامع يصل إلى فائدته كل أحد ] ) سير أعلام النبلاء ( 13 / 270 ) .

للفائدة : راجع ترجمة أبي داود السجستاني .

25 – عبد الرحمن بن عمرو أبو زرعة الدمشقي (ت 281 هـ ) :

له مصنف في ( العلل ) و ( التاريخ ) [ وهو مطبوع ] ، قال الذهبي : ( الشيخ ، الإمام الصادق ، محدث الشام ... وجمع وصنف وذاكر الحفاظ وتميز وتقدم على أقرانه لمعرفته وعلو سنده ... قلت : لأبي زرعة تاريخٌ مفيد في مجلد ، ولما قدم أهل الري إلى دمشق أعجبهم علم أبي زرعة فكنوا صاحبهم الحافظ عبيد الله بن عبد الكريم بكنيته ) سير أعلام النبلاء ( 13 / 311 ) .
 

الباحث

عضو فعال
26 – إبراهيم بن إسحاق أبو إسحاق الحربي البغدادي ( ت 285 هـ ) :

له مصنف في ( العلل ) ، قال أبو بكر الخطيب : ( كان إماماً في العلم ، رأساً في الزهد ، عارفاً بالفقه ، بصيراً بالأحكام ، حافظاً للحديث مميزاً لعلله ، قيِّماً بالأدب ، جمَّاعاً للغة ، صنف غريب الحديث وكتباً كثيرة ) تاريخ بغداد ( 6 / 28 ) .

وقال الذهبي : ( الشيخ الإمام الحافظ العلامة .... صاحب التصانيف ) سير أعلام النبلاء ( 13 / 356 ) .

27 – أحمد بن عمرو بن أبي عاصم الشيباني أبو بكر البصري ( ت 287 هـ ) :

له مصنف في ( علل حديث الزهري ) ، وفي كتابه ( الآحاد والمثاني ) مواضع عديدة بَيَّنَ فيها علل الأحاديث .

قال الذهبي : ( الحافظ الكبير ..... الزاهد قاضى أصبهان ..... وله الرحلة الواسعة والتصانيف النافعة ..... وقد أفرد له أبو موسى المديني ترجمة طويلة ) تذكرة الحفاظ ( 2 / 640 ) .

28 – محمد بن وضاح المرواني أبو عبد الله القرطبي ( ت 287 ) :

قال ابن الفرضي : ( كان عالماً بالحديث ، بصيراً بطرقه متكلماً على علله ... ) تاريخ العلماء بالأندلس ( 2 / 18 ) العبر ( 1 / 412 ) .

وقال الذهبي : ( الإمام الحافظ ، محدث الأندلس مع بقيّ .... وقد ارتحل إلى العراق والشام ومصر وجمع فأوعى ) سير أعلام النبلاء ( 13 / 445 ) .

29 – عبد الله بن أحمد بن حنبل أبو عبد الرحمن البغدادي ( ت 290 هـ ) :

له كتاب في ( العلل ) ، قال الذهبي : ( الإمام الحافظ ، الناقد ، محدث بغداد .... قال ابن أبي حاتم : [ كتب إلي عبدالله بمسائل أبيه وبعلل الحديث ) سير أعلام النبلاء ( 13 / 516 ) .

وقال أيضاً : ( قال أحمد بن المنادى في تاريخه : [ ..... وما زلنا نرى أكابر شيوخنا يشهدون لعبد الله بمعرفة الرجال ومعرفة علل الحديث والأسماء والمواظبة على الطلب حتى أفرط بعضهم وقدمه على أبيه في الكثرة والمعرفة ] ) تذكرة الحفاظ ( 2 / 665 ) .

30 – أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار أبو بكر البصري ( ت 292 هـ ) :

وله كتاب ( المسند الكبير المعلل ) – وطبع أجزاء منه (271) باسم ( البحر الزخار ) – .

وصناعة العلل بَيِّنَة في مسنده ، قال ابن كثير : ( ويقع في مسند الحافظ أبي بكر البزار من التعاليل ما لا يوجد في غيره من المسانيد ) اختصار علوم الحديث - مع شرحه الباعث الحثيث - ص 64 .

قال الخطيب البغدادي : ( وكان ثقة حافظاً صنف المسند وتكلم على الأحاديث وبين عللها ) تاريخ بغداد ( 4 / 334 ) .

وقال الذهبي : ( الشيخ الإمام ، الحافظ الكبير ..... صاحب المسند الكبير الذي تكلم على أسانيده ) سير أعلام النبلاء ( 13 / 554 ) .

فائدة : قال ابن حجر : ( تنبيه : من مظان الأحاديث الأفراد : مسند أبي بكر البزار ، فإنه أكثر فيه من إيراد ذلك وبيانه ، وتبعه أبو القاسم الطبراني في ( المعجم الأوسط ) ، ثم الدارقطني في ( كتاب الأفراد ) ، وهو ينبئ على اطلاعٍ بالغ ، ويقع عليهم التعقب فيه كثيراً بحسب اتساع الباع وضيقه ، أو الاستحضار وعدمه ، وأعجب من ذلك أن يكون المتابع عند ذلك الحافظ نفسه ، فقد تتبع العلامة مغلطاي على الطبراني ذلك في جزء مفرد ، وإنما يحسن الجزم بالإيراد عليهم حيث لا يختلف السياق ، أو حيث يكون المتابع ممن يعتبر به ، لاحتمال أن يريدوا شيئاً من ذلك بإطلاقهم والذي يرد على الطبراني ، ثم الدارقطني من ذلك أقوى مما يرد على البزار ، لأن البزار حيث يحكم بالتفرد إنما ينفي علمه ، فيقول : [ لا نعلمه يروي عن فلان إلا من حديث فلان ] ، وأما غيره : فيعبر بقوله : [ لم يروه عن فلان إلا فلان ] ، وهو وإن كان يلحق بعبارة البزار على تأويل ، فالظاهر من الإطلاق خلافه والله أعلم ) النكت على كتاب ابن الصلاح ( 2 / 708 ) .
 
أعلى