لكم الحق في قول ما تشاؤون ، ولنا الحق في فعل ما نريد نحن ، هذه هي القاعدة التي يجب أن نخوض بها موضوع استجواب رئيس الوزراء ناصر المحمد ، نقول ذلك ليس زهدا في الآراء المفيدة والناصحة ، بل لأن القناعة تكوّنت وترسّخت بأنه بات من الواجب علينا أخلاقيا ووطنيا تغيير نهج إدارة الدولة ، وإنه لا يمكن الاستمرار بالسكوت عمّا يحدث من انهيار للوطن على جميع المستويات .
لا يمكننا السكوت على رئيس وزراء يدير البلد بالارتجال و المزاج ، ولا يمكننا السكون عن رئيس وزراء وحكومة قرارها رهين باستجواب يقدم لها ليبتز منها موقفا سياسيا ، ولا يمكننا السكون عن رئيس وزراء وحكومة تتخذخ قرارا في أموال الشعب تقدر بالمليارات في ليله وفي صباحها تنقض قرارها ، لا يمكننا السكون عن رئيس وزراء يعطل المؤسسة التشريعية ( 61 ) يوما ليشكل حكومة لم يتغير فيها إلا مقدار ذر الرماد في العيون ، هذا وغيره كثير من تخبط وسوء إدارة لم يعد من الممكن السكوت عنه .
للأسف لقد شاركنا في الحكومات المتعددة من قبل وساهمنا وإن بطريق غير مباشر بتوفير الغطاء السياسي لها لتقود وطننا نحو الهاوية والانحدار ، نعم كانت النوايا حسنة وصادقة ، نعم كانت النوايا تنشد الإصلاح والنصح بالاقتراب من مواطن صنع القرار ، نعم كنّا نصيب حينا ونخطئ حينا ، لكن يا إخواني العمل السياسي لا يقاس بالنوايا الصادقة والقلوب الصالحة ، العمل السياسي يقاس بالنتائج على الأرض ، يقاس بتقدم الوطن أو بتخلفه ، يقاس بما نعيشه اليوم ونعاني منه .
لن نستطيع تكميم الأفواه المتهمة للحركة الدستورية الإسلامية بالاستغلال والابتزاز السياسي ولا يجب أصلا أن ننشغل بذلك ، فمنذ زمن ليس بالقريب فسدت الخصومة السياسية وحل محلها الفجور في الخصومة وتعمد الاساءة للآخر والنيل منه ، ليس لخطأ في موقفه السياسي بل لأمور أخرى بعيدة كل البعد عن الاختلاف السياسي والمنافسة السياسية الشريفة .
سيقولون ( الداو ) ويقولون ( المصفاة الرابعة ) ويقولون ( وزيرهم وخروجهم من الحكومة ) وسيقولون وسيقولون وسيقولون ، ولم يتوقفوا من قبل ولن يتوقفوا اليوم ولا في المستقبل ، وعلينا أن لا ننتظر الانصاف من أحد .
أقر وأتفق بأن الحسابات السياسية مرعيّة ومقدرة ، وأقدر الحذر من الإقدام على خطوة بهذا الحجم - ليس حجم رئيس الوزراء طبعا - بل حجم ما سيكون من أثر لهذا الاستجواب ، ولكن الحذر إذا زاد عن حده أصبح خوفا غير مبرر يعيق عن أداء الواجب واستخلاص الحقوق ، بل إنني أدعوا إلى أبعد من ذلك ، لإن قال البعض أننا نخشى أن نذهب ضحية مبادئنا ومواقفنا الثابته ، فإنني استرخص جدا وقوعنا ضحية لموقف ينعم من بعده أهلنا وشعبنا بممارسة سياسية صحيحة وسليمة ، وكلي ثقة أننا وإن تلقينا الضربات نتيجة موقفنا الذي نؤمن به إلا أننا لن نموت بل سنخرج أقوى بأسا وأجرأ صوتا في قول الحق .
إنني كنت ومازلت معارضا المشاركة في الحكومة ليس لأسجل نقطة على انتمائي السياسي الذي افتخر به ، وإنما لإعلن مشاركتي لكم الندم والأسف على تلك المشاركة التي وإن عارضتها إلا أنني كنت مشاركا فيها من خلالكم ، واليوم لنترك المشاركة في الندم ، ولنتقدم لنتشارك في التغيير والنهوض ، متوكلين على الله سبحانه وتعالى ثم على الشعب المتطلع للتغيير والنهوض ، ثم على إيماننا بقدرتنا على العمل والتغيير .
ولننصت لتوجيه الله لنا قائلا : ((وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (التوبة:105)