تراجع القيم.. المجلس مرآة المجتمع

ارهاب فكري

عضو ذهبي
اذا كان جل التحليلات والتعليقات التي ظهرت او ستظهر سوف تركز في مضمونها على حصر ما حدث في جلسة مجلس الامة الاخيرة بما يجري في داخل البرلمان، ومحاولة تفسير اسباب تراجع مستوى الخطاب في قاعة المجلس الى حد التقاذف بالشتائم والسباب فان تلك هي نصف الحقيقة.
واذا كان البعض يقصر رؤيته لابعاد ما حدث في حدود مساحة مبنى المجلس وما يجري في اروقته، فان في ذلك ابتعادا عن تلمس جوهر الحدث وقصورا في التقاط حقيقة المشهد'.
ان اي محاولة لفهم ما جرى في المجلس تتجاوز قاعة المجلس الى الاطار الاوسع الذي تشكل فيه البرلمان وتكون.
فالمسألة ابعد ما تكون عن كونها مشاجرة سياسية وتتعدى في مدلولاتها اي تقاطعات سياسية او مالية قد يستحضرها البعض في علاقات النواب فيما بين بعضهم البعض.

المجلس انعكاس للمجتمع

ما جرى في المجلس له من المسببات والمغذيات التي يستقيها من المحيط الاجتماعي الحاضن لهذه الثقافة والاب الشرعي لهذه القيم المشكلة في زوايا من المجتمع قد يراها البعض او يتجاهلها البعض الآخر.
فالبرلمان على جلالة قدره، وعظم هيبته ليس الا مرأة عكاسة للمجتمع الذي يمثله والمحيط الذي يعيش فيه.

وقبل ان يحدث ما حدث في البرلمان من سقوط الحواجز وانحطاط مستوى الحديث، فان مثل ذلك الانحطاط جرى ويجري آلاف المرات في دورة الحياة اليومية للمجتمع، حتى غدت مظاهر الانحطاط والبذاءة جزءا من مظاهر الحياة اليومية.

وامتدت هذه التصرفات المشينة في كل حيز وجزئية بدءا من مكاتب العمل الى ما يحدث بالاسواق والحدائق، مرورا بالمؤسسة التربوية وصولا الى المؤسسة الامنية وباقي مؤسسات الدولة وتمدد الانحدار الاخلاقي والسلوكي بكل صوره البغيضة واشكاله الكريهة ليحاصر ما تبقى من تراث اخلاق وبقايا قيم.

متغيرات الظاهرة
لكل ظاهرة اجتماعية امتداداتها ومسبباتها واعراضها فكل ظاهرة اجتماعية سلبية كانت ام ايجابية لا تظهر فجأة ولا تتشكل بالصدفة، بل يسبقها العديد من الاعراض والمغذيات التي تشكل ملامح بداياتها.
فالمجتمع الكويتي يعيش ومنذ سنوات على وقع متغيرات تمس بنية منظومة القيم السائدة في المجتمع وتؤثر بشكل تدريجي في تغيير انماط من السلوك والقيم التي رسمت الاطار الاخلاقي للمجتمع على مدى عدة عقود.
اول هذه المتغيرات هذا التوجه المتعاظم لقيم المجتمع الاستهلاكي في الكويت وما افرزه ذلك من طغيان للمادة والمال، وسيادة ثقافة التعلق بالمظاهر (والمهايط) وشبق الاستهلاك وحالة السعار التي اصابت البعض من اجل الحصول على المادة بأي وسيلة وبأي ثمن من دون وازع ديني او رادع اخلاقي.

غياب العدو
المتغير الثاني تمثل في غياب العدو الذي يوحد الكويتيين وينسيهم خلافاتهم الداخلية ويضع اطارا صارما لسقف خلافاتهم.
وبعد 13 عاما مضت على الكويتيين وهم يواجهون عدوا شرسا وغادرا، وجد الكويتيون انفسهم بدون عدو بعد سقوط نظام بغداد 2003.
تحول الكويتيون بعدها للبحث عن اعداء داخليين، بعدما تأكدوا من عدم وجود اعداء خارجيين، وأفرغ الكويتيون شحنة العداء والغضب المختزنة في وعيهم الجماعي منذ الغزو في ما بينهم، فسقطت الكثير من المحرمات في اسلوب الخلاف، وتقلصت مساحة العيب الى درجة الاختفاء والممنوع الى حد الغياب في ما يجب تجنبه من الفاظ واستعماله من مفردات.

غياب القدوة
متغير آخر كان له دور في انتصار ثقافة الرداءة والانحطاط السلوكي والتقهقر الاخلاقي، وهو غياب القدوة والا نموذج فهذا السقوط المتتالي لمؤسسات الدولة تحت ضربات مجموعات الفساد، وبعد تساقط الكثير من الاسماء والشخصيات في قضايا الفساد، وامام هذا الترويج العلني لممارسة الفساد في كل زاوية من زوايا المجتمع. ومع خروج القائمين على عمليات الفساد سالمين غانمين من اي مساءلة او متابعة حكومية، وبعد ان تأكد انه لم يعد هناك ثمن اجتماعي او قانوني يدفعه المفسدون انهار حاجز من الحواجز الاخلاقية الاولية وانهار رادع استباقي لممارسة الفساد فلم يعد ما يخسره المرء في حال ان اصبح فاسدا.
*¹*¹*
ان ما حدث من سقوط للحواجز الاخلاقية على مستوى الالفاظ والسلوك في قاعة مجلس الامة يستدعي التفاتة من الخبراء والمختصين من اجل فحص واختبار حصانة منظومة القيم السائدة في المجتمع وتجلياتها وانعكاساتها في حياة الناس اليومية.

بقلم: صالح السعيدي

صحيفة القبس 19-5-2007
 

Loyalty

عضو مميز
لا أدري لم استوقفني عنوان المقال ..
لكن مضمونه .. أثار حفيظتي بل وغيرتي على البرلمان!!
المجلس انعكاس للمجتمع
ما جرى في المجلس له من المسببات والمغذيات التي يستقيها من المحيط الاجتماعي الحاضن لهذه الثقافة والاب الشرعي لهذه القيم المشكلة في زوايا من المجتمع قد يراها البعض او يتجاهلها البعض الآخر.
فالبرلمان على جلالة قدره، وعظم هيبته ليس الا مرأة عكاسة للمجتمع الذي يمثله والمحيط الذي يعيش فيه.
وقبل ان يحدث ما حدث في البرلمان من سقوط الحواجز وانحطاط مستوى الحديث، فان مثل ذلك الانحطاط جرى ويجري آلاف المرات في دورة الحياة اليومية للمجتمع، حتى غدت مظاهر الانحطاط والبذاءة جزءا من مظاهر الحياة اليومية.

نعم .. المجلس انعكاس للمجتمع ..
لأنه ما أتى إلا من إرادة المجتمع .. و ما كان ليوجد لولا ارتضائهم بهذا الصرح البرلماني الحر..
لكن الكاتب بالغ كثيراً في مسألة انحطاط المجتمع وتأثيرها على المنظومة البرلمانية..
كون مجموعة من الأفراد يمارسون أموراً غير أخلاقية .. "قولا أوفعلا" فهذا ليس بكاف لتعميم الأمر على بقية الأفراد .. فالقاعدة التي حفظناها منذ أن كنا صغاراً تقضي بأن لكل قاعدة شواذ ..
لا أنكر بأن وصول أعضاء للبرلمان ممن لا يستحق شرف تمثيل الأمة .. أمر واقع ..
لكن الأهم .. إثبات أن الشارع الكويتي ، قد استوعب المشكلة ..
وهذا لن يكون إلا بنتائج انتخابات مجلس الأمة القادمة .. والتي سيزيد من رونقها الدستوري كونها ستكون وفق قانون الـ5 دوائر ..

وبعد ان تأكد انه لم يعد هناك ثمن اجتماعي او قانوني يدفعه المفسدون انهار حاجز من الحواجز الاخلاقية الاولية وانهار رادع استباقي لممارسة الفساد فلم يعد ما يخسره المرء في حال ان اصبح فاسدا.

ما قمت - أخي الفاضل - بتظليله أمر يستوجب الوقوف عنده فعلاً ..

شكرا لك على نقلك ..
 
أعلى