أحذرو ذو الوجهين ؟؟

rosy.gif




ذو الوجهين





قال صلى الله عليه وسلم: تَجِدُ من شِرارِ الناس يَوْمَ القيامةِ عند الله ذَا الوَجْهين الذي يَأتي هَؤلاءِ بوجهٍ وهَؤلاءِ بوجه (1).

مِن الناس مَن يَعيشُ في المجتمع كالحِرباءَ يَتلوَّنُ ألواناً، ولا يَثبتُ على حال، وهذا الصنف من الناس فاقدُ الشخصية، مَسلوبُ الكرامة، منافقٌ، مُخـادع، والنفاقُ دَليلُ الضَّعف وفَسادِ الطَّوِيَّةِ.

فالواحدُ من هذا الصنف يَتلقاك بالبشاشة، ويتَظاهر أمامك بأنه الصَّديقُ الوفيُّ الذي يَفرحُ إِذا فَرِحت، ويَحزن إذا حزنت، ويَسعد بسعادتِك، ويَشقى بشقائك، ولقد تَخْدعُك أقوالهُ المعسولة، فتنفُضُ له ما في نفسك، وتُطلِعه على آمالك، وعلى وسائلك لتَحقيقِها، أَو تَشكو له من خَصمك، وتُفَرِجُ عن نفسك بحديثٍ ساخط على هذا الخصم، فيتظاهرُ أَمامك ببُغضِه وبقطيعتِه، فإذا ما انْفرطَ اجتِماعُكما أسرع إلى خَصمك، فأظهر له مِثلَ ما أظهر لك، وعَرَف من أسراره ما عَرَف من أسرارك، وحَمَل عليك في مَجلِسه حَملَة الكاره لك، ونَقَل إِليه ما سَمِع منك وزاد عليه حديثاً افْتَراه…. فماذا تكون العاقبة؟ إنه ألهبَ ما بينكما من جَفاءٍ وخُصومةٍ ، وصَوَّر كُلاًّ منكما للآخر وَحشا كاسِراً يَتَوثَّبُ للافْتراس، فيُغالي كلٌّ منكما في جهله وعُدوانه، وتَتسابقان في وسائل الانتقام.

هذه صورة للمنافق يتظاهر لك بوجه، ولخصمِك بوجه، ولقد يَحدُثُ هذا بين الجماعات، وبين الأحزاب، وبين الأمم، فيعظُمُ الخطب، ويتَفاقمُ الشَّر، وتَنْشَب الثورات والحروب.

وإِنك لو تَقصَّيت أسباب الفِتن والخصومة بين الناس لوَجَدت أَكثرَها من صُنع هؤلاءِ المنافقين الذين ضَخَّموا الصغير، وجَسَّموا التَّافه، ولو خَلَصت نِيَّاتُهم لقرَّبوا بين المتخاصِمين

بالسعي الحميد، والكلمةِ الطيبة… أرأيت لماذا اسْتَحَقَّ ذُو وَجْهَين أن يكون شِرِّيراً؟ ولماذا عَدَّه الرسولُ في شِرار الناس يومَ القيامة؟


08e26a100e.bmp



ماذا تعرف عن ذو الوجهين؟
ذو الوجهين بينه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله:-
( تجد من شر الناس يوم القيامة عند الله ذا الوجهين. الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه ) ([1])
قال القرطبي: إنما كان ذو الوجهين شر الناس لأن حاله حال المنافق إذ هو متملق بالباطل والكذب مدخل للفساد بين الناس. وقال النووي: هو الذي يأتي كل طائفة بما يرضيها فيظهر لها أنه منها ومخالف لضدها وصنيعه نفاق محض كذب وخداع وتحيل وإطلاع على أسرار الطائفتين وهي مداهنة محرمة.

قال: فأما من يقصد بذلك الإصلاح بين الطائفتين فهو محمود.

وقال غيره: الفرق بينهما أن المذموم من يزين لكل طائفة عملها ويقبحه عند الأخرى ويذم كل طائفة عند الأخرى والمحمود أن يأتي لكل طائفة بكلام فيه صلاح للأخرى ويعتذر لكل واحدة عن الأخرى وينقل إليه ما أمكنه من الجميل ويستر القبيح

روى السيوطي فى الجامع الصغير

عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ( ذو الوجهين في الدنيا يأتي يوم القيامة وله وجهان من نار)
(ذو الوجهين في الدنيا) قال النووي: وهو الذي يأتي كل طائفة بما تحب فيظهر لها أنه منها ومخالف لضدها وصنيعه خداع ليطلع على أحوال الطائفتين وقال ابن العربي: الوجه هنا بمعنى القصد (يأتي يوم القيامة) أي يجاء به إلى الموقف (وله وجهان من نار) جزاء له على إفساده وتشهيرا له في ذلك الموقف الأعظم بين كافة الخلائق فإن ذلك أصل من أصول النفاق يكون مع قوم وفي حال على صفة ومع آخرين بخلافهما والمؤمن ليس إلا على حالة واحدة في الحق لا يخاف في اللّه لومة لائم إلا إن كان ثمة ما يوجب مداراة لنحو اتقاء شر أو تأليف أو إصلاح بين الناس كإتيانه كلا بجميل يعتذر لكل عن الآخر فإنه حسن مرغوب فيه .

وبما تقرر عرف أنه لا تدافع بين هذا وبين قول المصطفى صلى اللّه عليه وسلم فيمن استأذن عليه بئس أخو العشيرة فلما دخل ألان له القول وقول عليّ: إنا لنبش في وجوه أقوام وقلوبنا تلعنهم.

فى الاستذكار لابن عبد البر

قد روى الوليد بن رباح عن أبي هريرة قال قال رسول الله لا ينبغي لذي الوجهين أن يكون عبدا لله أمينا

ومن حديث الحسن وقتادة عن أنس قال قال رسول الله من كان ذا لسانين في الدنيا جعل الله له لسانين من نار يوم القيامة


ومن هذا المعنى قول الشاعر

(إن شر الناس من يشكرني حين يلقاني وإن غبت شتم)
 
أعلى