قانون الخصخصة ... وتحقيق الانجازات

بعد عدة سنوات عجاف عشناها، نزل علينا وابل من المشاريع أخذت تبشرنا بحركة التنمية مصحوبة بقانون الخصخصة ليدعم تطبيق هذه المشاريع والمساهمة في نهضة البلد. وانقسمت ردود أفعال الشعب تجاه هذا القانون إلى فريق مؤيد له وفريق آخر معارض كما أن هناك فريق ثالث من أشخاص يرون ضرورة التروي وعمل استعدادات لتأهيل البلد لاستيعاب فكرة تطبيق الخصخصة. وكل من ينظر باتجاه الدول المتقدمة الحضارية، يجد تأثير دور القطاع الخاص في نهضة وتطور هذه الدول. فاللجوء إلى الخصخصة من قبل الدول الحضارية لا يعني أن هذه الدول لا تفقد جزء من مميزاتها المالية ولكنها بإشراك القطاع الخاص الناجح فإنها توفر على الدول الفترة الزمنية بقيام المشاريع الشبه متزامنة كما أن ذلك يحقق عدة أهداف منها توفير الفرص الوظيفية للشباب وتعزيز الخدمات والمرافق فيكون عوائدها عالية ومفيدة كما نشاهدها باستمرار في الدول الغربية.

وأعتقد أن تطبيق الخصخصة في أي بلد يحتاج إلى ثلاث ركائز أساسية حتى تسير أموره بشكل مفيد. أولى ركائزه الصلبة هي القاعدة القانونية والإدارية. لا بد أن يكون هناك قانون حازم مفعل يحفظ ثروات البلد كما أنه لا يبخس حق القطاع الخاص، كما أن عجلة التعامل بين القطاع الخاص والإدارات الحكومية الإشرافية يجب أن تكون عجلة سريعة وتحتاج إلى الدقة لا تتحمل التأخير والتوهان في حلقة البيروقراطية ذو الروتين.

أما الركيزة الثانية التي تقوم عليها نجاح الخصخصة في البلد هي توافق سياسة البلد في تطبيق الخصخصة مع عدة الجوانب أهمها تأهيل أبناء البلد علمياً وتسخير ذو الكفاءات القانونية والتخصصية لتكون مشاركاتهم فعالة تجاه الخصخصة سواء كانوا سيعملون في القطاع الخاص أو أنهم سيشرفوا على أعمال الجانب الخاص وذلك يكون بتخصيص هيئة خاصة تشرف على الخصخصة أو إدارات قادرة على الإشراف وتقييم ورقابة الأعمال المنفذة من قبل الجانب الخاص. كما تحتاج البلد إلى نشر الوعي إلى الشعب تثقفه عن هذه التجربة في السبيل تحقيق الفائدة من الخصخصة بالطريقة السليمة التي تفيد البلد لنزرع في نفس المستثمر والمواطن مسؤولياته في بناء الوطن وتطويره. والركيزة الثالثة هو وجود قطاع خاص راقي يهتم بالجودة وبالسمعة بنفس القدر من الربح.

وتلك الركائز الثلاثة لا تحقق أهدافها إلا مجتمعة مع بعض. فالشاهد في حال الأمور في بلدنا يجد أنها تفتقد وبشكل هش جدا لتلك الركائز الأساسية. فإذا نظرنا في الجانب القانوني والإداري نجد السمة الغالبة على المواطنين الصغير منهم قبل الكبير هي تجاوز القانون في أي شي ولأي شي لعدم تفعيل القانون بشكل حازم. كما أن الأمور الإدارية والمراجعات تهلك كاهل المراجع البسيط فما بالك في الإجراءات المعقدة في الجانب التجاري الاستثماري. ونلاحظ أيضا أن خطط التعليم والإعلام وغيرهما منعزلون عن سياسة وخطط البلد، فمثلا التعليم يفترض عن يكرس خططه تجاه تأهيل طاقات شبابية لتكملت تعليمهم الخارجي في مجالات مدروسة وموضوعة لتفيد البلد بدلا من حزمة تخصصات يتم اختيارها لطلبتنا للابتعاث بشكل شبه عشوائي من غير تحديد توجيه ومتابعة لمستقبله الوظيفي الذي يفترض منه خدمة بلد فنجد تضخما وبطالة مقنعة على مستوى التخصصات العالية التي كان من المفترض أن يفعلون في وظائف تخدم البلد بما يناسب خططه. كما يفترض تفعيل دور القطاع الخاص بتبني كفاءات طلابية منذ تعليمهم الجامعي ومتابعة خبراتهم لدعمهم في وظائفهم المستقبلية التي تستفيد منه القطاع الخاص وبنفس الوقت تستثمر البلد هذه الطاقات. فلا نستغرب من تخوف الأغلبية من تطبيق الخصخصة في هذا الوقت لأنها تفتقد لهذه الركائز التي نحتاج لتوفيرها حتى نستطيع التعامل مع الخصخصة وبعد ذلك نستطيع أن نحقق الانجازات.
 
أعلى