فقهاء الغفلة والورع البارد

هونها وتهون

عضو فعال
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد , وعلى آله وصحبه أجمعين , ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :
فالتغفيل والحمق ليس التلبس بهما حكرا على فئة دون أخرى , فهما كما أنهما من أخص الصفات الملازمة لأعداء الشريعة , فإنه كذلك قد يتلبس بهما بعض المحسوبين على الخير وأهله , ولهذا كان يقال عن بعض الناس : أدركته غفلة بعض الصالحين , كما إن بعض أولئك ليس فيه من الصالحين إلا غفلتهم .
ومن صور تلك الغفلة أو الحمق , أن يعمد بعضهم إلى قضايا خلافية شاذة مرجوحة , قد أصبح عمل الناس على خلافها , استنادا إلى القول الصواب الراجح , وأضحت محل استهجان مجانينهم قبل عقلائهم , فيثير تلك القضايا , في زمن يتلهف فيه أعداء الشريعة , وسعاة الفتنة , لخلق جوٍّ من النفرة بين المجتمع والشريعة الممثلة بالعلماء والدعاة , وذلك عن طريق الإيحاء أو التصريح بأن هؤلاء من حملة الأفكار المهترئة البالية , وأن بينهم وبين مواكبة ركب الحضارة والتقدم عشرات الآلاف من السنين الضوئية , ونحو ذلك مما لايخفى على مطلع ومتابع للواقع .
نعم لسنا تبعا لأولئك الأعداء , ولن نعطل شريعتنا وأحكامها ليرضوا عنا , لكن يجب على من يتصدر للناس أن يدرك أن قطع الطريق على المتربصين مطلب , وأنه كما يريد بجوابه وتوجيهه للمتلقي الإصلاح , فإن من الإصلاح أيضا منع استغلال مايصدر عنه لتنفير الناس من الشريعة وأهلها .
ومن صور الغفلة والحمق , أن يتبنى الإعلام قضية من القضايا , ويعمل على إثارتها , خاصة ما يتعلق منها بالشريعة , أوقال فيها علماء الشريعة بكلام يصادم أهواء أهل الإعلام , فيستغل الإعلاميون وبعض المنافقين غفلة وحمق بعض المحسوبين على الخير , ليتصدر الصفحات , أو يخرج في الشاشات , فيقول بما يوافق أهواء المنافقين , أو يستنطقه بعضهم بكلام عامٍّ عائمٍ , يستغلونه أبشع استغلال , ويعزفون به على وتر التشكيك والفتنة , حتى إذا دهم الناس ذلك الأحمق المغفل , واستنكروا قوله وفعله قال : فهمتوني غلط , أو أنا ما أقصد هذا .
فياسبحان الله العظيم !!! , كيف لم تقصد هذا وأنت قلت فيه بما يوافق أهواء المنافقين ؟ , ومن الذي ألجألك لأن تقول بهذا القول وقد كنت في غنية عن البوح به ؟ , ولماذا اتهمت أفهام الناس ولم تتهم نفسك ؟ , أما كان يسعك السكوت حين لم تكن ملمَّا بمكر القوم وخداعهم ؟ , وحين انبريت للحديث لماذا لم تقل ما تدين الله به بصراحة حتى لايختلط ماتعتقده بما ندَّ عن لسانك من هفوات ؟ .
يتحدث بعضهم عن الاختلاط مثلا , ثم يأتي على الجائز منه , وهو ما يأخذ صورا غير مقصودة في حديث المفتين بحرمته , ثم يسهب في الحديث عن الصور الجائزة , ويقرر جوازها , مع أن من يفتي بحرمة الاختلاط لم يعارضه فيها , مما يعطي انطباعا للمتابع لذلك المتحدث أنه من المؤيدين للاختلاط , والقائلين بجوازه , حتى إذا روجِع في هذا قال : أنا لم أقل بجواز الاختلاط , بل أنا تحدثت عن الاختلاط الجائز , وحقيقة فأنا لا أجد فرقا بين هذا المتحدث , وبين ذلك الخطيب الذي صعد المنبر في إحدى الهجر , وبدأ يسرد على المستمعين حديثا طويلا استهلك ثلاثة أرباع خطبته , افتتحه بقوله : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم , واختتمه بقوله : رواه ابن الجوزي في الموضوعات , وقد صادف أن كان من بين الحضور طالب علم , وحين سأله عن سبب إيراده للحديث الموضوع , أجاب بأنه قد نبَّه على أنه موضوع !!!!!! .
لست أدري , هل فات ذلك الخطيب أن من يستمع إليه لايعرف معنى الحديث الموضوع ؟ , ثم ما فائدة ذكره لحديث موضوع لايصلح العمل به ولا الوعظ وفي الصحيح الثابت مايغني عنه ؟ , وقل مثل ذلك في حق المتحدث عن صور الاختلاط الجائز في حين أن من يحاوره أو يستنطقه إنما جاء به للتلبيس وليمرر بغفلته مالم يستطع تمريره على غيره .
ومن صور الغفلة أن يعمد بعض المتصدرين للحديث عن مسائل لايزيد الحديث فيها في دين الناس شيئا , بل هو ينقصهم ويرديهم , ويعمل على تقرير تلك المسائل , ويستهلك ببحثها وقته وجهده , ويشغب على مخالفيه فيها , مع أن الحديث عنها لم يكن في زمن منع الناس فيه أنفسهم من المباحات , وبالغوا فيه في التشديد والتضييق , حتى يجد لنفسه عذرا في تذكيرهم بما يجب للنفس من المتعة والترويح , بل يأتي الحديث عنها في زمن أسرف فيه أكثر الناس على نفسه في المعاصي , ولم يزده ذكر تلك المسائل وأقوالها الشاذة إلا جرأة على الإيغال في الحمى ( إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن وبينهما أمور مشتبهات لايعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ) , ومكمن الغفلة في هذه الصورة , أن عامة من يتحدث في تلك القضايا , يتظاهر بالورع , ويخاف من كتمان العلم , ويكره أن يُحرِّم على الناس مايراه جائزا , حتى لايُرهق الناس!!!!!!! , وهذا لايختلف في ورعه عمَّن كان يزني بامرأة فأحبلها , فقيل له : لِمَ لم تعزل ؟ , فقال : علمت أن العزل مكروه .
وفي خضم هذه القفزات الحمقاوية التغفيلية هل سنرى من يتحفنا بجواز ضرب الوالدين , وحرمة قول " أفٍّ " , أخذاً بقول بعض الظاهرية ؟ , أوبقول من يبيح للخاطب النظر إلى المخطوبة عريانة ؟ , أو غير ذلك من المسائل الشاذة التي قد لاتخلومنها بعض كتب السادة الفقهاء في جميع المذاهب !! .
لا أدري ماسر تهافت بعض المحسوبين على الخير , ومسارعتهم للأخذ بالشذوذات , وكأنهم يبشرون الناس بها , ويتحمسون لها وكأنها المنقذ من الهلكات , والعاصم من القواصم , والباعث من ركام التخلف والتبعية , كالقول بالأخذ من اللحية , أو سماع الغناء , أو الاختلاط , أو قيادة المرأة , أو إرضاع الكبير , أو حل السحر بالسحر , أوعدم وجوب صلاة الجماعة , أو نحو ذلك , مع أن تلك الأقوال لاتعدو أن تكون أقوالا باعثة على الازدراء , أوآراء موصلة إلى فتنة , أو مذاهب تخالف عمل المسلمين , الذي تلقوه عن الثقات الأثبات !!! .
أعجبني موقف الدكتور سعود الفنيسان حين أدرك أن البهلواني محمد آل الشيخ حاول الزج به في خندق المفتونين المتلونين , فعاجلة بأن ألقمه حذاءً في فيه , شرق منه , وغص به , مما ألجأه لسلوك مسلك الشمبانزي , فصار يتنقل بطريقة هستيرية , لايدري معها أين تستقر قدماه , ولا كيف يخرج ذلك الحذاء الذي لقمه فاختنق به , فكم نحن بحاجة لمثل هذا التصريح الذي لايقبل المزايدة , والبيان الواضح , الذي يوقف الأفاك عند حده , حتى وإن استمر الكذاب في كذبه , ليواري ما انهتك من ستره , ويحفظ ما بقي له من دم , وإن كان صديدا وقيحا .
حين أبان الدكتور سعود أن البهلواني كذاب , وأن الكذب عادته , وأنه يلبس على القراء بذكر بعض العلماء والشيوخ , وذلك لسوء فكره , وضعف حجته , لم يجد البهلواني الكذاب إلا أن يطبق ذلك المثل " عنز لو طارت " , وصار يهدد بالتكنلوجيا الغربية , ونسي أن الدكتور تحداه بها , وأحاله إليها , وإلى ماهو دونها في الثقة والضبط كالصحف والمجلات , وقال له : " ورأيي منشور في الصحف وفي موقعي على النت والفيس بوك " , فياترى من الذي ملص ولجأ إلى المراوغة والكذب , وإذا كان البهلواني يمتلك ما يثبت صحة دعواه فليعرضه على الناس موثقا بتقنية وتكنلوجيا الغرب , حتى يثبت لنا أنه بريء من صفة الكذب .
لن أسترسل في ذكر صور الحمق والتغفيل , ولكن عنَّ لي سؤال يتردد دائما , وهو عن ذلك الورع الذي يدفع هؤلاء للقول بالأقوال الشاذة ونصرتها , خوفا على أنفسهم من التأثم , في حين يغيب ورعهم عما لاشك في حرمته , وأنه من كبائر الذنوب , وموبق الأعمال , كالغيبة والنميمة , وقول الزور , والقول على الله بلاعلم , وإيقاظ الفتن , فالذي خاف أن تلحقه عقوبة كتمان العلم , ودفعه ورعه البارد لنصرة رأي شاذ , ماذا أبقى من ورعه لأعراض من خالفوا قوله , ولم يقبلوا بشذوذاته , فصار يؤلب عليهم , ويشي بهم , ويلوك أعراضهم , وينسبهم للفرق الضالة , ويستعدي عليهم السلطان ونوابه , وهكذا .
أحد مدعي هذا الورع البارد , صرح أن الذي دفعه للبحث في تلك المسألة جلسة ضمته مع بعض سفهاء الإعلام , فتمخض عن تلك الجلسة بحث خالف فيه عامة علماء الأمة , فكانت بهيمة الأنعام أزكى نتاجا منه , ( وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين ) , وهذا إنما أنتج فتنة وفسادا , وقولا خداجا , ولم يكفه ذلك , بل صار يصم من خالفه الرأي بالجهل واتباع الهوى عياذا بالله من الضلال وسوء الحال .
وآخر زعم أن الذي دفعه للقول بذلك الرأي المنكر , الغيرة على جناب بعض أهل العلم , ممن زعم تعرضهم للثلب والانتقاص , وجعل دفاعه عن جناب ذلك الشيخ عمدته ومستنده , وفاته أن من تمام الورع أن يحفظ جناب غيره من أهل العلم , كما فاته أن شيوخا كباراً غير شيخه قد سبق أن تعرضوا لتطاول مذموم , وازدراء سافر , وأنه لم يُحفظ له قول في مناصرتهم , والذب عن أعراضهم , فهل كان لايرى أهليتهم , أم كان ورعه انتقائيا مصلحيَّا , بل لم يكتف بذلك وهو ذميم , وإنما أوداه ورعه البارد إلى أن يقع في أعراض بعض أكابر العلماء , ويقف في خندق مبغضيهم من المردة الفسقة , من بغال الليبرالية , وبعض الشهوانيين والعصرانيين .
بلغني أن أحد أولئك المغفلين الحمقى , هبَّ للدفاع عن وزير العدل , وذلك في أعقاب قوله في مسألة الاختلاط , مع أن المناقشات التي جرت مع معاليه كانت في غاية الأدب , إلا أن ذلك الأحمق ظن أنه في حلبة مصارعة , وجاء منتفش الريش , وكشر عن أنياب البلاهة والغفلة , فكان كما قيل :
وربما إذا نظر **** أراد نفعا فأضر
فصار يرغي ويزبد , ويهدد ويتوعد , ويذكر أن الذي دفعه للدفاع حفظ حق أهل العلم , وأنه يرى أن ذلك من القربات والمفاخر , وهذا جميل لو كان صحيحا , وسلم من شائبة المصلحة الشخصية , واطَّرد مع كل أهل العلم والفضل , لكن بلغني في مقابل غيرته تلك , في الدفاع عن وزير العدل , ولوغه في أعراض علماء شهدت لهم الأمة بالسبق والفضل , وقد كانوا أهلاً للفتيا والتدريس , وشيخ ذلك الأحمق المتورع حمل في بطن أمه , فأين غابت غيرته حينئذ ؟ , ولماذا لم ينبعث ورعه ؟ , أم هو ورع يُدار بالريموت كنترول ؟ , أو ورع يدور مع المصلحة حيث دارت ؟!!! .
ولايقل عن هذا وذاك في دعوى الورع والغيرة , ذلك الأحمق الذي كان يفترض من مثله الإنصاف والعدل , كونه ممن ابتليت الأمة به , ووكلت إليه مهمة الحكم بين الناس بالعدل , فصار يخبط لنصرة رأيه الفاسد خبط العشواء , ونسي أن الأليق بمن في مثل مقامه أن يتظاهر بالعدل ولو تصنُّعا , حتى لايسيء لمن في مثل هيئته , بعد أن نسي أنه قد أساء لنفسه , وليس هذا فحسب , بل تزداد صورته قبحا ونكارة , وحمقا وغفلة , وإساءة وامتهانا لمهنته الشريفة , حين يجعل من قضيته قضية مصيرية , فيعقد عليها الولاء والبراء , وينتهك لأجل نصرتها قيم الحوار والتعامل , ويلجأ للفجور في الخصومة , ويتخذ من مسالك الصغار والسفهاء طريقة له , ويبيح لنفسه التخفي خلف معرفات وهمية لاحصر لها , يشتم من خلالها من أراد , ويكذب على من يشاء , في حين لو عرضت عليه وهو في هيئته الرسمية قضية سفيه يعمل عمله , لما تردد في إيقاع أقسى العقوبات عليه , معتبرا تصرفه من أسوأ التصرفات وأقبحها !! .
بلغني أن أحد هؤلاء الحمقى يكتب في كثير من المواقع بأسماء وهمية مختلفة , وأنه ينشط في ذلك نشاطا لافتاً للنظر , فتارة يشتم خصومه , وتارة يحرض عليهم , وتارة يسعى بالنميمة بينهم , وتارة يستعدي عليهم , وتارة يمتدح مخالفيهم على قاعدة " عدو عدوي صديقي " , وتارة بالثناء على نفسه , وإهالة ألقاب المشيخة والعلم عليها , " كحال يحيى ابن أكثم – إن صح النقل عنه - , والذي كان قاضيا على أهل جبلة , فبلغة أن الرشيد انحدر إلى البصرة , فقال لأهل جبلة : إذا اجتاز الرشيد فاذكروني عنده بخير , فوعدوه بذلك , فلما جاء الرشيد تقاعدوا عنه , فسرح القاضي لحيته , وكبر عمته , وخرج فرأى الرشيد في الحراقة ومعه أبو يوسف القاضي , فقال : يا أمير المؤمنين , نعم القاضي قاضي جبلة , عدل فينا وفعل كذا وكذا , وجعل يثني على نفسه , فلما رآه أبو يوسف عرفه فضحك , فقال له الرشيد : مم تضحك ؟ , فقال : يا أمير المؤمنين , المثني على القاضي هو القاضي , فضحك الرشيد حتى فحص برجله الأرض , ثم أمر بعزله فعزل " , وأحمقنا آنف الذكر , حين أعياه العثور على من يقف معه , ويثني على قوله المنكر , ويمتدح مسلكه المتهافت , ولم يجد إلا حفنة ممن لفظهم الناس , وعرفوا سوء مذهبهم , لم يجد بُدًّا من الثناء على نفسه , ووصف نتاجه بالتأصيل , وقوله بالراجح , وتارة بوصف نفسه بالشيخ الذي يجتمع إليه الطلاب , وذلك لأنه بغير الثناء الكاذب , ونفخ الزَّور بالزُّور لاقدر له ولا مقام , وهكذا هي عادة من يستهويه الثناء , ويعشق التطبيل , فإنه إن لم يجد من يمدحه , مدح نفسه , ولو ذكَّرته بأنَّ ذلك من تزكية النفس , لأجابك بقول يوسف عليه السلام ( اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم ) , وأن ذلك ليس من باب التزكية , بل من باب الإخبار بالواقع , وهو بهذا يؤكد استحقاقه للختم بخاتم الحمق .
بل بلغني أن أمثال هذا الأحمق , ممن يقف خلف بعض المواقع والشبكات , التي تحولت من كونها يجب أن تتخذ وجهة معينة لاتعدوها , حفاظا على المهنية , واحتراما للذوق العام , إلى مايشبه كراسة بين يدي طفل صغير , في غيبة من الرقيب عن ذلك الطفل , وليس الإشكال في هذا , بل الإشكال حين تنسب تلك المواقع , التي قد تدار من قبل ذلك الأحمق وأمثاله , إلى فئات يفترض فيها النزاهة والعدل , والبعد عن التجني على الناس , إما بمقال فاسد , أو بنقل ساقط , أو بخبر كاذب , أوبذلك كله , وهذا فوق جنايته على من أراد الأحمق الانتقام منهم , إلى الجناية على من ينتسب ذلك الأحمق إليهم .
ولأني أنوي تناول تلك الصور بحديث خاص , وبمزيد تفصيل وإيضاح , فسأنتقل لأختم بذكر مسألة مهمة جدا , يجب ألا تغيب عنا , ونحن بصدد بعض صور الحمق والتغفيل , وهذه المسألة هي :
ذكرت في بداية حديثي أن من صور الحمق والتغفيل , أستغلال بعض وسائل الإعلام لبعض من تنتابهم الغفلة , ويعتريهم الحمق , ممن لا يدركون عواقب الأمور , فيقولون قولا , أو يعرضون رأيا , يفسدون فيه أكثر مما يصلحون , ويهدمون به أكثر مما يبنون , وأن هؤلاء إذا روجعوا , ودهمهم الناس , وأكثروا عليهم , قالوا : إننا لانقصد ذلك , أو إنه فهم قولنا على غير ما نريد , وهم إن كانوا صادقين في هذا , فعليهم البيان بما يزيل الإشكال , ويفوت الفرصة على المبطلين , وإن كان جوابهم للناس لمجرد التخلص من عتبهم وانتقادهم , وإلا فهم يعتقدون ماقالوا , ولكنهم لم يظنوا أن يبلغ في الناس مابلغ , فليعلموا أن هذا خلق لايليق بأهل العلم والدعوة , ولا بالباحثين عن الحق , الداعين الناس إليه , بل هو مسلك الجبناء , ومرضى القلوب , أعاذنا الله وإياكم جميعا منهم , وعليهم أن يعلموا أنهم إن تخلصوا من الناس بحيلة , فكيف يفعلون إذا وقفوا بين يدي من لاينفع عنده إلا الصدق ( هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم ) , في حين ( ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة ) .
اللهم عليك بالفجرة المنافقين , والخونة الليبراليين , والرجس العلمانيين .
اللهم اهتك سترهم , وزدهم صغارا وذلا , وأرغم آنافهم , وعجل إتلافهم , واضرب بعضهم ببعض , وسلط عليهم من حيث لايحتسبون .
اللهم اهدِ ضال المسلمين , وعافِ مبتلاهم , وفكَّ أسراهم , وارحم موتاهم , واشفِ مريضهم , وأطعم جائعهم , واحمل حافيهم , واكسُ عاريهم , وانصرمجاهدهم , وردَّ غائبهم , وحقق أمانيهم .
اللهم كن لإخواننا المجاهدين في سبيلك مؤيدا وظهيرا , ومعينا ونصيرا , اللهم سدد رميهم , واربط على قلوبهم , وثبت أقدامهم , وأمكنهم من رقاب عدوهم , وافتح لهم فتحا على فتح , واجعل عدوهم في أعينهم أحقر من الذر , وأخس من البعر , وأوثقه بحبالهم , وأرغم أنفه لهم , واجعله يرهبهم كما ترهب البهائم المفترس من السباع .
اللهم أرنا الحق حقاوارزقنا اتباعه , والباطل باطلا وارزقنا اجتنابه , ولاتجعله ملتبسا علينا فنضل .
اللهم أصلح أحوال المسلمين وردهم إليك ردا جميلا .
اللهم أصلح الراعي والرعية .
اللهم أبرم لهذه الأمة أمرا رشدا , واحفظ عليها دينها , وحماة دينها , وورثة نبيها , واجعل قادتها قدوة للخير , مفاتيح للفضيلة , وارزقهم البطانة الناصحة الصالحة التي تذكرهم إن نسوا , وتعينهم إن تذكروا , واجعلهم آمرين بالمعروف فاعلين له , ناهين عن المنكر مجتنبين له , ياسميع الدعاء .
هذا والله أعلى وأعلم , وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
وكتبه
سليمان بن أحمد بن عبدالعزيزالدويش
أبومالك
...............................................
اللهم امين

صفعة رائعة من ابو مالك لفقهاء الغفلة الذين بلونا في فتاواهم بدون ادراك لعواقبها التي يفرح بها اعداء السنة
الرجاء من الاخوة القراءة قبل الرد
 
التعديل الأخير:

الدائرة الأخيرة

عضو بلاتيني
أخي الكريم بارك الله لك وبك

وجزاك الله خيرا على النقل البناء

وجزا الله أبو مالك الجنة

فعلا نحتاج إلى الكثير من هذه المقالات المليئة بالحكمة المليئة بصدق المعنى

 
أعلى