الدائرة/قصة قصيرة

ازدهار الانصاري

عضو بلاتيني
في غرفة الانعكاسات الغامضة، صورة لامرأ ة ضائعة تقف في حقول الذكريات المدمرة وحيدة مضطربة، تفتش بعناد عن حوادث منسية واحلام غير متحققة، ووقائع باتت تمثل لها الغازا بلا حلول...
وكنتيجة لهذا البحث المتواصل والمتاهات التي وجدت نفسها في دوامتها امست منهكة..حرية بالتهشم...وحين تلتفت وراءها لا تجد شيئا يستحق الذكرى..
مجرد احباطات متعاقبة... اختارت العزلة ولم تلبث ان وقعت في شرك الذكريات...
ان المرء في نهاية المطاف يمكنه ان يصفح عن كل شيء الا عن الجور والتطاول على حياته، ولم يكن عقلها الذي لايعرف الرحمة يقر بالاكاذيب ولا بالحلول الاخرى..لكنها على الرغم من ذلك تحمل دفءا يشتد سخونة كلما تملكها الحنين الى الماضي البعيد....
تطلعت في المرآة تبحث عن امرأة مرت بها قبل صباحات عديدة.. امرأة تحمل مفتاح الولوج الى دائرة النور المقفلة في كل اتجاهاتها... وحين امعنت النظر تراءت لها صورة شاحبة لماض قريب..داهمها احساس بالاسى والالم.. استعادت بطريقة آلية دقائق المشهد الاخير.. لحظات بعينها كانت تحتاج اليها دون انقطاع كقضيب ساخن ينهال على روحها وفي كل مكان داخلها، تعيد تمثيل الساعة الاخيرة فيقع القضيب الساخن على ذات الامكنة التي احرقها فيشتد الالم.....!!
وقفت لبضع دقائق وقد اسقط في يدها وكل جسدها يرتجف.. يحتويها عنف عواطفها بلهب جامح..
ترتعد اذ وجدت نفسها خارجا بعد ان دفعها والقى بها الى الخارج واوصد دونها الباب..
هكذا بدأت المعركة بينهما.. معركة دموية رهيبة لا انقضاء لها..
تصلب جسدها وذكريات الامس تملؤها مرارة، اوشك الضغط على اعصابها ان يدفعها الى الجنون.. قاتلت بكل قواها لتجعله يفي بالتزاماته ويقوم بعبء مسؤولياته .. لم تترك لحظة بينهما تفلت دون ان تذكره بدوره كزوج واب وابن ايضا.. حاولت ان ترغمه على مواجهة الاشياء فلم يحتمل ذلك..
كان مختلفا عنها اختلافا شاسعا، مهملا ، بخيلا حتى في مشاعره... فأصبح مزاجها سريع الاشتعال وهو من جانبه جعلته الغربة التي تولدت بينهما يمعن في ايلامها عن قصد وغير قصد..
كانا الان في ذروة المعركة.. نسي كلا منهما كل شيء الا كراهيته للاخر، خسارته التي ادركها متأخرا جعلته هائجا، ولم تكن هب تقل عنه هياجا وغضبا.. صرخت:
*اتظن اني ابقى لاجلك..؟ كم وددت لو رحلت عنك منذ زمن طويل، يعلم الله كم ندمت اذ لم اتركك
منذ سنين..
وكم يسعدني لو استطعت الهرب منك..!!
اغضبته صيحتها، وافقدته الصواب..تقدم منها واطبق بكفيه على ذراعها.. ارتجفت شفتاها وهي تصرخ محاولة الافلات من قبضته.. لكن صفعته الاخيرة اماتت الكلمات في حلقها..
انتابها نشيج عنيف وادركت حجم العذاب الذي كانت تعانيه ولم تعد لديها شكوك عن تدني
علاقتهما ووصولها مرحلة اللاعودة.. دفعها بخشونة نحو الباب والقى بها خارجا...
رزح البيت كله تحت احساس التعاسة وتنفس الاطفال الهواء الذي سممته الشحناء فخيمت عليهم الكآبة والوحشة وبدا ان شيئا لن يبعث البهجة في نفوسهم..
يطوون الجوانح على توتر وخوف يملأ قلوبهم الفتية كبقع سود في القلب لازمتهم طوال حياتهم ينتابهم احساس بالبشاعة..
الصراع المر بينهما ملأها بمشاعر القهر والضياع.. انطوت على نفسها ولم تجد في تلك الظروف العصيبة التي كانت تمر بها الا ان تطأطيء رأسها للريح من اجل اولادها..
وبات حالها اشبه بطائر حاول الهرب فارتدت عيه يد الصياد ممسة بجناحيه الرقيقتين فلا هو استطاع الطيران والتحرر من اسره، ولا هو تمكن من مسايرة الظرف الذي وقع فيه..
مقاومتها باتت ضعيفة لا تملك شيئا يعيد اليها التوازن الا الاستسلام والبحث عن طفولة واحلام تبعثرت في زوايا الدار القديمة...!!!!!!!!
انتهت
سلام :وردة::وردة::وردة:
 

@Noura@

عضو مخضرم
الصراع المر بينهما ملأها بمشاعر القهر والضياع.. انطوت على نفسها ولم تجد في تلك الظروف العصيبة التي كانت تمر بها الا ان تطأطيء رأسها للريح من اجل اولادها..
وبات حالها اشبه بطائر حاول الهرب فارتدت عليه يد الصياد ممسكة بجناحيه الرقيقتين فلا هو استطاع الطيران والتحرر من اسره، ولا هو تمكن من مسايرة الظرف الذي وقع فيه..
مقاومتها باتت ضعيفة لا تملك شيئا يعيد اليها التوازن الا الاستسلام والبحث عن طفولة واحلام تبعثرت في زوايا الدار القديمة...!!!!!!!!
انتهت
سلام :وردة::وردة::وردة:

قصه راااائعه إمتزجت بإسلوب وصف دقيق من قلم مبدع
قصة قصيرة كبيرة في معناها رسمت في لوحة فنية فائقة الجمال ..
تتألق بقدرتك الجذابه على تجسيد صوره
تمتزج بهدوء بين الواقع و الخيال لشخصية حكمتها الأقدار التي تجعلها لا تقدم ولا تؤخر
فلا تسرع ولا تبطئ ...!!!
أقدارها شاءت لها أن تكون كالطائر الأسير الضعيف الذي يكون عزاؤه الأحلام ...الأحلام فقط !!

ازدهار ...انت كنز للمنتدى ..:وردة:
 

أوراد الكويت

عضو بلاتيني
أنت متمكنه ..
الفكر والفقرات هنا بهيه كأزهار برية .. تصرخ بأرجها الشجى الخاص .. !!
تتأود فى حفيفها العذب نسائم النقاء ..
توهجت في هذه القصه الجميله جدا لالئ حزن وصور مكثفه فيها ضوء وعتمه .. فيها محبة وصبر وإصرار .. !!
تملأ كل صحارى القلب الرحبة ..!!

رائعه أنت ..

:وردة:
 

ازدهار الانصاري

عضو بلاتيني
حبيباتي
الغالية شمسي المشرقة دائما
العزيزة اوراد الكويت الجميلة
اسعدتني مداخلتكما
حللتما الحكاية بما فيها
وجميل ان تتفاهم القلوب والارواح
شكرا لمروركما هنا
ودمتما بالف خير
سلام
 
أعلى