قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «إنّ الأميرَ إذا ابْتغى الرّيبة في الناسِ أفْسَدَهُمْ»
رواه أحمد، ورجاله ثقات.
كتبتُ هنا مقالات طويلة تتحدث عن الفساد المالي والسياسي لناصر المحمد، والتردي الذي وصلت إليه البلد في عهده البائس، واستعملتُ في ذلك أقسى الأساليب والعبارات للتعبير عن ما في نفسي ونفوس الكثيرين من السخط على سياسته العوجاء، وكنتُ أتلقى ردود أفعال مختلفة، ما بين مؤيد معارض، ومؤيد للمبدأ لكنه يختلف في الأسلوب، لكن بعد مقالي الأخير (ناصر المحمد.. امسك مجنونك) حصل نوع من رد الفعل غير معهود على المقالات السابقة !! وهو أن الكثير من المعلقين أبدوا خوفهم من أن يتعرض كاتب المقال لملاحقة قانونية والأمنية!! فنصحني أكثر من شخص بأن أبحث عن محامي، وخوّفني البعض بأمن الدولة!! ونصحني البعض بالتخفيف من حدة الخطاب حتى لا ألاحق قانونيا..
البعض قالها مازحا، والبعض قالها بشيء من الجدية، ولكن في الحالتين فإن هذه النوعية من النصائح تشير إلى وجود شيء ما في نفوس الناس بدأ يقلقهم .. وربما يرهبهم!!
لا أريد أن أصنع بطولة أو أدّعي الشجاعة، أو أوحي للقارئ بأنني أقول كلاما خطيرا لا يجرؤ غيري على قوله، فنسبة الوضوح والصراحة في آخر مقال لم تتغير عن أول مقال كتبته عن ناصر المحمد بشكل مباشر، وإن ما أقوله يقوله غيري أيضا، وبأسلوب أقسى، بل إنني أنطلق مما اعتاد عليه أبناء الكويت من نقد واضح وصريح، للأوضاع السيئة.. فلم آتي بجديد..
إذن.. مالذي تغير هذه المرة ؟!!
المقال الأخير الذي كتبتُه هو أول مقال أكتبه بعد حبس الكاتب محمد الجاسم، والأخ خالد الفضالة، فمقالاتي السابقة كلها تمت قبل هاتين الحادثتين، فإذا أردنا أن نربط بين حادثة الحبس، وبين ردود الفعل التي جاءتني، فيتضح لنا أن سياسة ناصر المحمد في ملاحقة خصومه السياسيين قد أحدثت أثرا خطيرا في نفوس الناس!!
لم نتعود في هذا البلد على هذا الهاجس في النفوس، ولم نتعود أن يحذّر بعضنا بعضا من قول ما نعتقد أنه حق، ولم نتعود أن يُنظر بإشفاق لمن ينتقد سياسات المسؤولين، لكن للأسف .. وكما هي عادة ناصر المحمد في إفساد كل ماهو جميل، فإنه أفسد نفوس الناس عندما “ابتغى الريبة فيهم” ! فصار الناس يتواصَوْن فيما بينهم بأن يصمتوا ولا يتكلموا، ويغضوا الطرف عن الفساد حتى يسلموا، أما إذا أرادوا أن ينتقدوا فإن عليهم أن يغلفوا نقدهم بعبارات رقية وفخمة، ويقدموا وحسن النوايا، فلا يكون النقد إلا مخمليا.. رقيقا، فهو نقد.. لكنه أشبه شيء بالمدح!!
يا قومُ لا تتكلموا *** إن الكلامَ محرَّمُ
ناموا ولا تستيقظوا *** ما فاز إلا النُوّم
أما السياسة فاتركوا *** أبداً وإلا تندموا
إن السياسة سرها *** لو تعلمون مُطلسم
من شاء منكم أن يعيـ *** ـش اليومَ وهو مكرّم
فليُمسِ لا سمعٌ ولا *** بصر لديه ولا فم
لا يستحق كرامة *** إلا الأصم الأبكم
وإذا ظُلمتم فاضحكوا *** طرباً ولا تتظلّموا
وإذا أهنتم فاشكروا *** وإذا لطُمتم فابسِموا
أو قيل إن بلادكم *** يا قوم سوف تقسّم
فتحمدوا، وتشكروا *** وترنحوا، وترنموا
ناموا ولا تستيقظوا *** ما فاز إلا النُوّم
أما السياسة فاتركوا *** أبداً وإلا تندموا
إن السياسة سرها *** لو تعلمون مُطلسم
من شاء منكم أن يعيـ *** ـش اليومَ وهو مكرّم
فليُمسِ لا سمعٌ ولا *** بصر لديه ولا فم
لا يستحق كرامة *** إلا الأصم الأبكم
وإذا ظُلمتم فاضحكوا *** طرباً ولا تتظلّموا
وإذا أهنتم فاشكروا *** وإذا لطُمتم فابسِموا
أو قيل إن بلادكم *** يا قوم سوف تقسّم
فتحمدوا، وتشكروا *** وترنحوا، وترنموا
هكذا يريد ناصر المحمد بمسلكه القمعي أن يكون الشعب، فإما أن يصمت ولا يتكلّم، وإما أن يُطبّل وبحمده يترنّم، وإلا فإن المحاكم والقضايا له بالمرصاد.
إنه يسعى إلى عسكرة الدولة والمجتمع في سبيل أن يبقى في كرسيه الذي يطمح أن يصل من خلاله إلى الأعلى.. لكن هيهات.. قلناها وسنقولها : إرحل .. فالكويت تستحق الأفضل، وسنظل نقولها ما دامت سياسته معوجّة.
وأخيرا .. يا أبناء الكويت الأحرار، لا ترهبكم هذه الإجراءات، ولا يمنعكم هذا المسلك القمعي من أن تستمروا في قول الحقيقة في وجه كل مخطيء وفاسد، وتذكروا دائما قول النبي صلى الله عليه وسلم : «إذا رأَيتَ أمّتِي تَهابُ فلا تقولُ للظّالم: يا ظالمُ، فقدْ تُودِّعَ منهم»
تحياتي
بوسند
بوسند