قيل في رثاء غازي :
وداعا ً أيها الدكتور غازي
وداعا ً لا بكاء َ ولا تعازي
يـهون الوقعُ فيمن كان خيـرا ً
و نـدعو بالقبـــول و بالــجـواز
×
تساءلتُ أمام كل من : " سحيم , 7 , سلمى , الجنيّة , العصفورية , شقة الحرية " ..... هل مات غازي ؟ هل مات بمعنى وُريَ الثرى ؟ هل مات و ترككم أيتاما ؟ هل مات إلى درجة أن لا غازي بعد اليوم ؟
سُئلت قبل سنوات عدّة : هل قرأتِ جديد القصيبي ؟
أجبت : لم أقرأ لهذا الحليق شيئا من بعد ( أقسمت يا كويت ) من كتاب العربي أيام المتوسطة!
كان ذلك آخر عهدي بالنكران ؛ و منذ ذلك اليوم و أنا أقتني أغلب نتاج هذا الأديب العظيم بل و كانت رواياته أكثر ما أهديت للزملاء و الزميلات , و أكثر ما شاركتهم قراءته , بل و أول ما أهديت لأخواتي الصغيرات حتى أخذت أيديهن على حمل الكتاب و تقليب أوراقه الحادة و جرحها أصابعهن أحيانا .
لا أعلم هل أرثيه أم أتحدث عنه ؟ و ما الرثاء إن لم يكن حديث الذكريات ..؟؟
أذكر أيام "النهم القصيبي" أني كنت أستخفي من الزميلات و من صخب الدراسة و زحمة الطلاب في أقصى أي مكان متوافر : مكتبة - كافتيريا - استراحة انتظار الحافلة ... قرأت "7" و قلت : كم يُحدث هذا المسكين نفسه بأحاديث الفجور! .. و " شقة الحرية " فقلت : تبارك الرحمن ذكريات الشباب غلفها المدعو باطار أدبيّ! ... و "العصفورية" و "أبو شلاخ" فعلمت كـمَّ الجنون الذي يختزله هذا الحليق بين تلك الضلوع و هذين الصدغين!
و بين تلك الإنطباعات السالفة و هذه اللحظة الآن .. شوط كبير إنتهى بموت الأديب الحليق و رثاء هذه الساذجة له!
على الهامش ( برشتوم ) :
كثيرا ما يدوم تأثير قراءة رواية ما -ناهيك كونها للقصيبي- على مجموعتنا الصغيره حتى إننا نقتبس منها بعض المفاهيم أو نبتكر لغة لا يفك شفرتها إلا من قرأ الرواية فيشاركنا المتعة و ينضم للركب.
لي أخت تصغرني تجيد الطبخ (جدا) وشديدة النحافة (جدا) و طويلة القامة (جدا) و كنا جميعا قد قرأنا ( أبو شلاخ البرمائي ) للمرحوم القصيبي إلا هي , و كانت حين تستفزنا نغيضها بـ : " إقطع و إخس يا برشتوم " , و برشتوم أحد أصدقاء أبو شلاخ و هو هندي يحمل درجة الدكتوراه في الباراسايكولجي و امتهن الطبخ لبطل الرواية و باقي الأصدقاء و عانى كثيرا كثيرا ً من نكتهم العنصرية.
وقفة شكر و امتنان للمرحوم غازي :
أحقا ً مات غازي ؟
أوااه يا تـَـرب الأيادي ؟!!
ذروني أذرف الدمع .. حَـرّا ً
ألا هـَنـِئـَتْ -بعد غازي- الأعادي!
سـَـقــَوْهُ السـُـمَّ .. حـِبرا ً
و فيهم لسانُ الحـِقـد ِ باد ِ
فتسامى عن الجهل حتى
حضن النجوم رغم البـِـعاد ِ
فبالله قــُـل لـِـيَ غازي
أما بعد اليوم يعقبكَ بادي؟
يبدؤ للثريا ودادا ً
فدونك خانها صفوُ الرُقاد ِ
أمَنـّي النفس بالأوراق حيناً
و حينا بالجميل من السهاد ِ
فيا رحمن أسألك التغاضي
و تثبيتا ً و أُنــْـسا ً لا تـَعادي!
لعبدك المرحوم غازي
تـَـقبَّلهُ سليمَ قلب ٍ و اعتقاد ِ
و يا مولاي غفراناً و عفواً
لمن تـَفـَضـَّـلَ عليّ من العباد ِ
و صلاة ً و تسليما ً و مجدا ً
لمحمد ٍ المصطفى المبعوث ِ هادي
أسأل الله العظيم أن أن يجبر كسر أهل الفقيد و يربط على قلوبهم و يعينهم على فراقه , و أسأل الله العظيم العون و ألا يفجعني فيمن أحببت فيه , و أشكر الله الجليل أن علمت بوفاة الدكتور القصيبي وقت لا ترد دعوة الصائم و أسأله تعالى في هذه الأيام المباركة أن لا يحرمنا أجره و يؤنسه في قبره و يرفع منزلته و قدره و أمواتنا و أموات العالمين , و إنا لله و إنا إليه راجعون.
ً