الانسان يدفن نفسه حيا
=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=
كل انسان يسعي دون توقف ، من حيث يدري او لايدري ، الي ان يدفن نفسه ، وان يهرب منها ، الي اين ؟؟، لايهم ، المهم هو ان يهرب من نفسه .
ومايهرب اليه الانسان ، فانه لايريده بذاته ، وليس من اسباب منطقيه تستدعي الكثير من الاعمال التي يقوم بها الانسان ، فالانسان لايفعل مايفعله لان له منفعه او فائده به ، انما هو يفعل مايفعله لكي يهرب اليه ، لاجئا ، من نفسه .
والمقابر التي يدفن الانسان نفسه فيها ، وهو علي قيد الحياة ، كثيره ولاحصر لها ، فهناك من يدفن نفسه بالتدخين ، او الاكثار من الحلويات،او الجلوس بالساعات امام التلفزيون ، والبعض " يطيح " وراء سوق شرق او يفتر بسوق شرق بدون شغل ، او تدخين الشيشه في مقهي ليالي الحلميه ، او الانترنت ، او السفر ، والفراره بالسياره بدون شغل ، وليس عنكم ببعيد هذه الاعداد الهائله من بني الانسان من جنس الرجال اللذين يجلسون بالساعات في الدواوين ، وذلك للتحدث في الفاضي والمليان ، وقل مثل ذلك عن النساء والحريم ومجالسهن ومافيها من الحش والنميمه ، كل اؤلئك واؤلئك لديهم هدف واحد فقط لاغير ، هو الخلاص والهرب مما في انفسهم ، اي دفن انفسهم ، ولكل انسان ، دون استثناء ، طريقته الخاصه في دفن نفسه ، من حيث يدري او لايدري .
لكن ،، ماهذا اللذي في انفسنا ،، ونريد ان ندفنه ، حيا او ميتا ، ونتخلص منه ؟؟؟.
ان في داخل نفس الانسان كميات هائله من المشاعر والاحاسيس العنيفه الشرسه التي لايحتملها الناس ولايطيقونها ، وهي مشاعر كامنه تريد ان تعبر عن نفسها ، وتريد ان تاخذ حقها في الظهور الي الوجود ، الا ان الانسان ما ان يشعر ان مثل هذه الاحاسيس والمشاعر التي تريد ان تعبر عن نفسها ترغب بالتعبير عن نفسها ، حتي يسارع ويبادر ، بكل اصرار وقوه ، وبشتي الطرق والوسائل والسبل ، الي كبح جماحها ، وكبتها ، وحبسها في اعماقه لئلا تظهر وتخنقه وتسبب لها الما لايطاق ولايحتمل ، فيسارع الي دفن نفسه ومافيها ، باية وسيله من الوسائل التي ذكرتها اعلاه ، او اية وسيله اخري يرتاح لها .
لايمانع الانسان ابدا ابدا من ان يدفن نفسه بكل ماهو تافه ، بل ولايمانع من ان يدفن نفسه بكل ماهو ضار ومدمر لجسمه ولحياته ، فقط من اجل الخلاص والهرب مما يعتمل في اعماق نفسه الخفيه .
ان هذه المشاعر والاحاسيس لها لغه ، وهي لغه غير لفظيه تتحدث بها ، وليس من السهل علي العقل الانساني المنجذب بمنتهي الشده والقوه الي العالم الخارجي ، ان يفهم كنه وحقيقة هذه المشاعر والاحاسيس ، وماللذي تريد ان تقوله .
هذه المشاعر والاحاسيس والعواطف الملتهبه ، تريد من الانسان ان يرحمها ويشفق عليها ، وان يسمح لجهاز الاستشعار الداخلي اللذي بواسطته يدرك ذاته ، ان يشعر بها وان يستشعرها وان يعترف بوجودها ، والا يتعامل معها كلقيط يتنكر له ويتبرأ منه ويتهرب منه بشتي الوسائل والسبل ، فهي في النهايه ، مشاعرك واحاسيسك وعواطفك الداخليه ، ويستحيل عليك القضاء عليها .
فمثلما تسمح لجهاز الاستشعار الداخلي للمشاعر والاحاسيس الداخليه ان يستشعر بكل حريه واريحيه مشاعر الوناسه والتسليه التافهه الناتجه عن زجاره او تدخين شيشه او فرفره بمجمع او تناول وجبه في مطعم ، فانك يجب ان تسمح للمشاعر والاحاسيس التي تهرب منها بكل عزيمه واصرار ، بان تعبرعن نفسها وان تستشعرها .
مشكلة هذه المشاعر والاحاسيس انها ثقيله علي النفس ، لايطيقها الانسان ، وهي تسعي وتصرخ بكل قوه ، من اجل السماح لها بالتعبير والخروج ، وتصرخ تطالب الناس بان يستشعروها، فهي مشاعر واحاسيس تصرخ تطالب بمن تسكن صدره ان يستشعرها ، ويسمح لها بان تعبر عن نفسها ، كماااا هي ، دون تصنع او تزييف او تغيير ، لكن لانها ثقيله ولان الانسان لايطيقها ، فانه لايسمح لها بان تاخذ حقها بالتعبير عن نفسها ، وحقها عليه بان يستشعرها كما هي ، فيهرب منها الي اية وسيله يدفن نفسه فيها .
انظر الي الانسان عندما يكون جالسا في غرفته او في بيته ، تجده يتململ ، ويشعر بالضيق والزهق والملل ، فان كان لديه سياره ، تجده ، ماان تنتابه هذه الحاله الداخليه العنيفه ، يسارع فورا ، ويدق سيارته سلف ، ويروح يفرفر بدون شغل ، او يفتر بهالمجمعات لاشغله ولا مشغله ، انه يهرب من هذا الصراخ الداخلي الرهيب اللذي لايطاق ، ومن هذا الضجيج الداخلي العنيف ، اللذي تطلقه تلك المشاعر والاحاسيس الثقيله ، مطالبة بحقها بالتعبير عن نفسها ، وبحقها بان يستشعرها من تسكن في اعماقه ، وكمااااااهي .
ان هذه المشاعر والاحاسيس الداخليه ، وهي مكبوته محبوسه مسجونه في اعماق الانسان ، والتي لايطيقها الانسان ولايحتملها ابدااا ، لثقلها ولشدة وطاتها علي نفسه ، ان مثلها ان هي هاجت وثارت علي الانسان وهو في غرفته ، ولايستطيع ان يخرج من بيته لسبب او لاخر ، ان مثلها في هذه الحاله ، كمثل الانسان المحبوس في قفص مقفل ومعه نمر متوحش مفترس جائع لايرحم ، فالانسان لايطيق مواجهة النمرالجائع المفترس ، بل انه قد يواجه النمر ، الا ان الانسان لايستطيع ان يحتمل او يطيق هذه المشاعر والاحاسيس الداخليه ، المتوحشه كما النمر المفترس .
وعندما يتم سجن الانسان ، فان السجين يعاني عذابا لايطاق ، فمن ناحيه فان النفس البشريه من طبيعتها انها تميل الي الحريه وتنبذ الالتزام والقيود وتهرب منه ، ومن ناحيه ثانيه ، فان السجن يقف حائلا دون قدرة الانسان علي الهرب ان هو اجتاحته ، وهي حتما ستجتاحه ، جيوش هذه المشاعر والاحاسيس الثقيله العنيفه ،وهنا يثور مابداخل الانسان ويصل بذروته الي ابعد الحدود واقصي الدرجات .
والواقع ان السجين اللذي يضيق ذرعا بالسجن ويشعر بالقرف والعذاب ، فان سبب هذه المشاعر ليس هو السجن ولاجدرانه ، انما سبب هذه المشاعر والاحاسيس ، هو مافي نفس هذا الانسان ومايختبئ في اعماقه ، والتي يهرب منها كل الناس ، ولانه لايجد فرصه للهرب من هذه المشاعر والاحاسيس ، بسبب اسوار السجن ، فانها تستغل الفرصه وتظهر من اعماقها الخفيه ومن اغوار النفس ، فليس السجن ولاجدرانه هو مالايطيقه الانسان ، وليس السجن ولاجدرانه هو مايسبب الالام للانسان ، انما ، سبب كل هذا ، هو مايختبئ هناااااااك بعيدا ، في اعماق نفس الانسان .
عندما يهم شخص بالخروج من بيته او غرفته ، فان مايسبب له الانزعاج والتوتر والرغبه الملحه بالخروج ، ليس هو الغرفه او البيت او الطوفه كما يزعم ، انما مافي نفسه ومافي اعماقه .
هذه المشاعر والاحاسيس والعواطف الداخليه ، لاتريد شيئا ، ولاتريد تسليه ولاوناسه ولاشيشه ولازجاير ولااكل مطاعم ، انها تريد من صاحبها ان يعترف بها ويقر بها وان يستشعرها تمااااما كماااااا هي ، وان يسمح لها بالتعبير عن نفسها .
فانظر ايها الانسان الي مايختبئ هناك في عالم الظلام الداخلي الخفي ، وانظر ، بماذا تدفن نفسك .
المهمه الرئيسيه لكل انسان ، من حيث يشعر او لايشعر ، هي ان يجد لنفسه ، قبرا ، وهي علي قيد الحياة ، ليدفنها فيه .
فباي قبر تدفن نفسك ؟؟؟؟؟؟؟؟؟.
اللبن الحامض الجامد