شكراً لك ياحاتم3

مطلق علي

عضو بلاتيني / الفائز الرابع في مسابقة الشبكة الرمض
فائز بالمسابقة الدينية الرمضانية
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته




لعل البعض منكم لا يعرف حاتم3 صاحب المناظرات مع الملحدين في مسائل كثيره منها وجود الله ومنها اثبات النبويه
شخص تعلمت منه الكثير وانا شخصاً لا أعرفه ولا أعرف من أي بلاد هو

وكنت ألاحق مواضيعه في عالم الانترنت منذ زمن فهو أنسان صاحب ثقافه عاليه فجزاه الله كل خير عنا
لعل البعض يسئل لماذا هذا الموضوع بأسمه وما الفائده منه
كتبت هذا الموضوع من أجل الفوائد الكثيره التي لا اريد ان تصبح من الارشيف الانترنتي منسيه وبها رد على الشبهات بشكل سلس ومريح للمسلم وللملحد أيضاً

وقبل أن أضع لكم أجمل مشاركاته المفيده قد شدني توقيع في كل مشاركاته

اللهم اهدنا واهـد بنا واجعلنا سببا لمن اهتدى
اللهم أمين

=================
=================
=================

مناظره حول الإيمان والإلحاد


حوار ثنائي بين القبطـان وحاتم3 عالي الثقافه ومفيده للغايه انقلها لكم


موضوع الحوار:
• الإيمان والإلحاد

مقدمة قصيرة

هدفي من هذا الحوار هو تعريف موقفي الإلحادي وتبريره في مقابل توضيح ضعف مبررات الإيمان الديني.
بينما هدف زميلي في الحوار سيكون معاكسا، أي تبرير موقفه الإيماني مقابل نقض الموقف الإلحادي.

مجرى الحوار:
- مداخلة افتتاحية من القبطـان
- مداخلة افتتاحية من حاتم3
- رد أول من القبطان
- رد أول من حاتم3
- رد ثاني وخاتمة من القبطـان
- رد ثاني وخاتمة من حاتم3

الهدف من هذه البنية هو تقنين سير الحوار لئلا يتشعب ويطول كثيرا.

في الحوار الأول من نوعه لن نقوم بعد الكلمات أو الأحرف لتحديد عددها.
هذه هي التجربة الأولى، وهناك الكثير من الأخطاء الإجرائية التي قد نقع فيها.
ولكن الأمل هو أن نتعلم من هذه الأخطاء فنقوم بتلافيها في المستقبل.
 

مطلق علي

عضو بلاتيني / الفائز الرابع في مسابقة الشبكة الرمض
فائز بالمسابقة الدينية الرمضانية
القبطان
-----

مقدمة:

كتبت "مقالات في الإلحاد" على شكل خواطر في منتدى أثير قبل سنة ونصف..
(تم ازالة الرابط)
ثم نشرت جزءا أول من هذه النصوص في موقعنا:
(تم ازالة الرابط)
وطالما خطر لي أن أكتب نصوصا أكثر تفصيلا، بمنهجية مختلفة، وإلقاء الضوء على جوانب أخرى، خصوصا وأن المكتبة العربية تشكو من نقص حاد في هذا المجال.
ولكن الوقت لم يساعدني في ذلك.
وهذا الحوار هو خطوة أولى، لتعميق النقاط المطروحة.
أشكر الزميل حاتم3 على مشاركته في هذا الحوار.
وأرجو له ولبقية الزملاء وقتا طيبا.

أولا:
تعريفات مبدئية:

- الآلهة:

كائنات "فوق الطبيعة" تؤثر في الطبيعة بطرق شتى دون أن تخضع لها، وتختلف في صفاتها حسب الثقافة التي تنتجها.
ولكن موضوعنا الأساسي سيتعلق بالإيمان الإسلامي، وهنا لدينا "الله".
وهو كائن لا يخضع للزمان أو المكان
مطلق القدرة، مطلق المعرفة
خلق الكون والإنسان بتخطيط وإرادة
يؤثر في الكون حاليا (يدبره)، يتواصل مع البشر، خصوصا مع بعضهم (الرسل والأنبياء)
لديه اهتمام بالسلوك البشري، ويخطط لمكافأة البعض ومعاقبة الآخرين، خصوصا بعد موتهم (خلود الروح).
والكثير من الصفات الأخرى تبعا لنصوص القرآن والسنة وغيرها من أعمال الأجيال الإسلامية التالية.

- الإلحاد:
عدم الإعتقاد بما سبق وصفه.
لا يهمني في هذا السياق الأصل اللغوي للكلمة، أو التعريفات المتباينة لها، علاقتها بمدارس فكرية مختلفة، أو أن كلمات أخرى أقل شيوعا قد تكون أكثر دلالة (مثلا الدهرية، الطبيعانية..الخ)

ثانيا:
الإيمان والاعتقاد:
جميعنا نعتقد بأشياء كثيرة في حياتنا اليومية، بعضها عادي، ولا يستحق الذكر في أغلب الأحيان أو قد لا ندري أننا نحمل هذه المعتقدات.
الكثير من هذه المعتقدات ننسخه من المحيط الاجتماعي حولنا، من التراث الثقافي المحيط بنا.
فنلاحظ لكل مجتمع معتقدات خاصة بما يحدث لأفراده بعد الموت، وطريقة تفسير الكوارث الطبيعية أو التفاوتات في الأوضاع الإجتماعية وتوزيع الثروة أو الصحة والنجاح بين الأفراد.

بوجود هذه التفاوتات يصبح السؤال عن صحة هذه التصورات المتوارثة ضروريا، فمن الصعب أن تكون كلها صحيحة بالشكل نفسه، ولكن قد تكون كلها خاطئة، وقد يكون من الصعب الحسم في هذا المجال..

ليصبح الاعتقاد مبررا، فهو يحتاج إلى أدلة تدعمه لترجيح صحته.
بعض هذه المعتقدات "استثنائي"، والمعتقدات الإستثنائية تحتاج إلى أدلة استثنائية، دون ذلك فنحن نرفض مثل هذه المعتقدات دون أن نبرهن على خطئها.

فقد أعتقد أن لدي ما يكفي من اللبن في الثلاجة، ثم أذهب لأتأكد، فأكتشف خطأي.
ورغم ذلك فمن المبرر عادة أن نصدق شخصا يزعم بوجود اللبن في ثلاجته، لمجرد أنه يقول ذلك.

بينما من يزعم بأن لديه تنين في بيته، فهو لن يحظى بهذه السهولة بالتصديق حتى ولو أرانا صورة له (فقد تكون مزورة..الخ).

سنختار لهذا الحوار الاعتقاد الشائع بوجود الله..
الزعم بوجود إله أو آلهة، هو زعم استثنائي بكل المقاييس.
فلم ير أحد منا إلها في حياته اليومية، ولا يعرف أحد شكل مثل هذا الإله، ملمسه، أو يستطيع التخاطب معه للتأكد من أفكاره حوله.

ولذلك فهذا الإعتقاد بحاجة إلى أدلة استثنائية لتبريره.
وهذا ما نراه في ردة فعل كل المؤمنين بدين معين تجاه إيمان الأديان الأخرى.
عدم تفهم للغيبيات المختلفة عن قناعاتهم، ورفض مباشر مع الإشارة إلى نقص الأدلة لتبرير هذه المعتقدات، والبحث عن تبريرات أخرى، غير غيبية، لهذه المعتقدات.

ما نراه لدى جميع الأديان هو عدم وجود أي أدلة استثنائية، تتناسب مع الطبيعة الاستثنائية للزعم بوجود الآلهة.
وإنما بالدرجة الأولى آليات اجتماعية ثقافية لانتقال المعتقدات بشكل وراثي بين الأجيال.
وكما أن المؤمن بالله يرفض وجود إله الإغريق "زيوس" لعدم كفاية الأدلة، فكذلك يرفض الملحد وجود "الله" لعدم وجود الأدلة.

لذلك فعلى المؤمن بإله أو آلهة أن يبرر إيمانه بأدلة استثنائية.
ويكفي لتبرير الموقف الإلحادي، أن أظهر ضعف هذه الأدلة وعدم تماسكها.

بينما ليس من الضروري لتبرير الإلحاد بالمعنى الذي أقصده أن أبرهن على عدم وجود هذه الآلهة.
أو حتى تقديم تفسيرات بديلة.
(البعض يسمي هذا الموقف "الإلحاد السلبي"، أو اللاأدرية المعرفية مع الإلحاد العملي)


ثالثا:
مع ذلك سأمر على الأدلة المعتادة لتوضيح نقاط ضعفها:

المعجزات والكوارث الطبيعية والظواهر الخارجة عن المألوف:
هذا هو الدليل الأكثر رواجا في المعتقدات الشعبية لتبرير فكرة النبوة (القرآن معجزة محمد)، أو تجسد الآلهة (المسيحية، الهندوسية).
وهي أهم دليل على الإهتمام المفترض الذي توليه الآلهة بالجنس البشري، والتخاطب معه والتدخل في مجرى حياته والتعامل مع سلوكه بالرضى أو الغضب.

ولكن يكفيني عدم اعتراف المعتقدين بدين بمعجزات الأديان الأخرى، لكي نرى التأثير "المحلي جدا" لهذه المعجزات.
فهي وليدة ثقافتها، والأغلبية الساحقة لهذه المعجزات قد حصلت في عصور سحيقة، بذلك يصعب التأكد من حصولها، بينما الإيمان بها لدى أبنائها لا يتأثر بضعف الأدلة.
كل من يزعم بوجود معجزة عليه أن يشير إلى أدلة استثنائية على أن التفسير الإعجازي هو الوحيد الممكن.
دون ذلك فالمعجزة تبقى في "عين المؤمن"، والطريقة الأمثل لدراستها هي علوم الاجتماع والنفس (انتشار الإشاعات، خداع الحواس..الخ)، وليس العلوم الطبيعية، ناهيك عن صحة النتائج الدينية التي تستتبع ذلك.

العلة الأولى:
"نظرا لأن لكل شيء سبب، فلا بد لهذه الأسباب أن تلتقي في سبب أول، هو الله".
نقطة الضعف الأساسية هي أن افتراض وجود "سبب أول" ينقض الفرضية الأولى، وهي أن "لكل شيء سبب".
بعد ذلك تبدأ دوامة طويلة، لتبرير الرغبة في استثناء الله من هذه السببية.
فيصبح البرهان دائريا.
أي عوضا عن الانطلاق من فرضية عامة، إلى استنتاج خاص.
يتم تفصيل البرهان ليناسب النتيجة التي يريد المؤمن التوصل إليها.

ناهيك عن أن قاعدة "لكل شيء سبب" إنما استنتجناها من ملاحظاتنا للظواهر ضمن الكون.
وهذا يدخلنا في مشكلة الاستقراء، حيث قد نكتشف ظاهرة جديدة ليس لها مسبب، فتسقط القاعدة وجميع استنتاجاتها.
ناهيك عن أن تعميم صفات الأجزاء على الكل، هو مغالطة لا مبرر لها.
أي حتى إن كانت جميع الأشياء ضمن الكون لها سبب، فهذا لا يسمح بالاستنتاج بأن للكون سبب أيضا.

ولكن حتى في حال الموافقة جدلا على العلة الأولى (رغم عدم خبرتنا بأي "علة أولى" حولنا)، فلا يوجد أي مبرر لافتراض أن "الله" هو تلك العلة الأولى.
فالعلة الأولى كما يتم استنتاجها لا تظهر صفات أخرى تزيد عما يحتاجه ذلك البرهان، فهي ليست بالضرورة واعية، عالمة أو مطلقة القدرة..الخ
فقد يكون الكون، أو ظاهرة طبيعية أخرى، هو تلك العلة الأولى.

في بداية القرن العشرين أظهرت التجارب الفيزيائية والنظريات الحديثة لتفسيرها (النسبية، الكم)، تناقضات جوهرية مع المفاهيم المعتادة، طالت مفهوم السببية، ومفاهيم الزمان والمكان.
بذلك أصبحت مقولة "لكل شيء سبب"، هي مجرد تعبير عن عادة فكرية من الحياة اليومية، ولكن لا يمكن تطبيقها بهذه البساطة على جميع الظواهر في الكون.
بمعنى آخر فالسببية هي مجرد ربط فكري لظواهر نعتاد على رؤيتها ضمن تتابع زمني، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن علاقة سببية حقيقة في عالم الواقع خارج تفكيرنا.

الغائية:
أو حجة التصميم.. الانتظام في حركة كواكب المجموعة الشمسية، مناسبة الأرض للحياة البشرية، تناسب أعضاء الجسم الإنساني ليعيش حياته.
ألا يظهر ذلك قصدا وإرادة لتتلائم هذه الأمور بهذا الشكل؟
وما هو البديل؟

مشكلة الغائية هو أنها دليل قائم على التشابه. يرى المؤمن الانتظام في الكون، فيقارنه بالانتظام الذي تحققه الأدوات التي اخترعها الانسان لتناسب حاجته، فيقوم بتصميمها حرفي حاذق، يضع مخططا وتصورا في تفكيره، قبل أن ينفذه مستخدما مهارته اليدوية.
فيستنتج من ذلك أن إلها قام بعمل مشابه، فربط الأجزاء بشكل منتظم ليحقق غايته.
ولكن وجود التشابه لا يسمح بافتراض أن سبب الشبه واحد، وهو العقل والإرادة..
فنحن لا نعرف صاحب غاية غير الإنسان، ولا يمكننا تعريف العقل والإرادة بمعزل عنه.
وبذلك فالمقارنة تطرح بين المصنوعات البشرية محدودة العدد، وبين بقية موجودات الكون التي لا نعرف لها غاية. أي أن التعميم هو من مجموعة صغيرة جدا إلى مجموعة أكبر، لا تشبه الأولى كثيرا.

الفيزياء النيوتنية، بقوانينها البسيطة، وتشبيه الكون بالساعة، زادت من محبي هذا الدليل على وجود إله صمم الكون ورفده بقوانين، ثم تركه لينفذ مخططه الكوني.
وذلك على حساب إله المعجزات وتدخله المزاجي في مجريات الحياة البشرية.

ولكن ليس من الضرورة أن يكون سبب الانتظام غاية أو إرادة.
ومن الأصعب تبرير أن الغاية هي تلك التي يزعمها دين معين (خلق البشر لعبادة إلههم، ومعاقبة من يخالف ذلك).

في الفيزياء المعاصرة نرى أن النظام تقابله الفوضى والصدفة، وهي من صفات الكون التي نلاحظها أيضا.
ناهيك عن الصعوبة في تعريف مفهوم "النظام" إذا كان "كل شيء منتظم".
فالفوضى المطلقة بالمعنى الرياضي، تحتوي على انتظامات عديدة كحالات خاصة ضمن تلك الفوضى.
والانتظام الذي يظهر في مطابقة الظواهر الطبيعية مع المعادلات الرياضية، ليس إلا نتيجة عملية التبسيط والاختزال الضرورية أثناء البحث العلمي في طرح الفرضيات وفحصها.

بذلك يبدو دليل الغائية مجرد حالة من "الإسقاط النفسي"، ومن بقايا "روحانية الطبيعة" التي ترى في كل الجمادات روحا، يمكن للإنسان مخاطبتها والتعامل معها باستجداء رضاها وتجنب غضبها.


رابعا:
تبريرات إضافية للموقف الإلحادي:

دليل تناقض الأديان:
إذا كانت الغاية الإلهية هي "هداية" البشر إلى دين الإسلام، فقد فشلت في ذلك بشكل غريب.
فالإسلام نفسه انقسم إلى فرق مختلفة لا تتفق بينها على الكثير، وتصعب علي رؤية الغاية الإلهية وراء ذلك.
ومن سكان الأرض ليس أكثر من سدسهم على دين الإسلام (ولو على الهوية).
والسبب الرئيسي في ازدياد عدد المؤمنين بالإسلام إنما هو نسب الولادة المرتفعة في المناطق الجغرافية التي تم إخضاعها لحكم إسلامي خلال القرون الإسلامية الأولى.

بينما تغيير الناس لدينهم (إلى الإسلام أو إلى غيره)، عملية لا علاقة لها بالاقناع أو الإقتناع في معظم الحالات.
بذلك تبدو الطريقة السائدة لتنفيذ المخطط الإلهي لنشر الدين، عبر كثرة الأولاد، أو عبر حروب وفتوحات حصلت في الماضي البعيد ثم توقفت وتراجعت، فكرة غريبة جدا.

إن كان يريد هدايتهم ومكافأة أكبر عدد منهم لعبادتهم له، خصوصا عن اقتناع عميق، فلماذا يعتمد على هذه الطريقة الغريبة؟
هناك طرق أبسط من ذلك بكثير.. خصوصا اليوم في عصر العولمة.
كأن يستخدم التلفزيون، فيحجز جميع الأقنية، كل يوم، في ساعة محددة، ويخاطب البشر بما يحتاجونه (مثلا يتلو لهم القرآن).. دون أن يكون هناك تفسير طبيعي لما يحدث.

الطريقة الحالية تنتج مليارات من البشر الذين لا خيار لهم إلا الذهاب إلى الجحيم لنقص الأدلة المقنعة (رغم "إقامة الحجة عليهم حسب المفهوم الشرعي")، فهي لا تتناسب مع الآليات النفسية للبشر عند اعتناق الأديان أو تغييرها..


دليل التطور المعرفي:
في النصوص المقدسة (التوراة، القرآن) كان الله يتدخل بشكل كثيف في حياة البشر وفي الظواهر التي يرونها حولهم.
مع التطورات في المعرفة العلمية، نرى أن الله يبتعد شيئا فشيئا عن كونه المسبب المباشر لما يحصل في حياة البشر والطبيعة من حولهم. وتحل محله تفسيرات "ميكانيكية".
المطر لم يعد يهطل بسبب تدخل إلهي مباشر، وإنما هناك "دورة الماء في الطبيعة".
الزلازل لم تعد تعبيرا عن الغضب الإلهي، وإنما هناك الطبقات التكتونية وتحركاتها.
لم يتم خلق الكون في ستة أيام، بل هو عملية تستمر منذ 13 مليار سنة حتى اليوم.
وحتى خلق الإنسان لا يبدو نتيجة لصناعته من طين ونفخ للروح، وإنما عملية تطور بطيئة تعتمد على آليات طبيعية "ميكانيكية".

الذي يبقى هو ما يسمى بـ"إله الفجوات".
أي أن الفجوات في المعرفة الإنسانية يتم رتقها باستخدام فكرة الإله.
وكلما تم سد بعض هذه الفجوات بطريقة علمية "ميكانيكية"، كلما انسحب الإله إلى فجوات أخرى ليفسرها حتى إشعار آخر.


تناقض فكرة الإله:
من ناحية معرفية، يكفيني رفض الإعتقاد بإله لضعف الأدلة.
فمن الضروري الحذر في جميع عمليات الاستنتاج والاستنباط المجردة، وتدقيق نتائج التفكير النظري بالتجربة العملية.

وفي حال حصول تناقض بين ما يظهر في التجربة العملية، والتفكير الاستنباطي النظري، فمن الواضح أن علينا تعديل النظرية أولا.

عالم الميتافيزيقيا، هو تفكير نظري محض، ودحضه بالتجربة ممكن حيث يتقاطع العالم الغيبي مع عالمنا (إله الفجوات).
ولكن فكرة الإله لدى أتباعه تبقى زئبقية، فتهرب من التحقق كلما حاولنا الاقتراب منها (إلى الفجوة التالية).
ولكن من الممكن النظر إليها في عالمها الخاص، والتحقق من كونها تحقق على الأقل عدم التناقض الضروري لعالم الأفكار النظرية.

في هذه الحالة نرى قصصا مثل "الله والصخرة"، أو التناقض بين علم الله الأزلي وبين الحرية الإنسانية في الاختيار (كأساس للمحاسبة فيما بعد).
أو حتى التناقض بين علم الله وحريته (راجع المقالات)..
ومن ذلك كثير، بحيث أن الجواب الوحيد المتبقي لدى المؤمن هو "لا ندري"، "ليس من الممكن أن نفهم"، "ما ينطبق علينا لا ينطبق على الله"..

فما فائدة إضافة هذه الفكرة النظرية البعيدة عن التحقق الواقعي، إن كنا لا نفهمها ولا نجيد التعامل معها.
في هذه الحالة يصبح "الله" مصطلحا يستخدم ككناية عن الجهل وعدم المعرفة.


المعضلة الأخلاقية:
كثيرا ما يستعين المؤمنون بإلههم وتعاليمه كمصدر للسلوك الأخلاقي السليم.
ولكن إحدى مشاكل الإيمان بإله كمصدر للأخلاق هو أنها تواجه صعوبات كبيرة في معرفة الرغبة الحقيقية لذلك الإله، عبر معرفة الدين الصحيح، ثم معرفة التفسير الصحيح مع تناقض التفسيرات والتأويلات.

ولكن الأهم من ذلك هو تناقض فكرة الأخلاق مع الإله كمصدر لها.
فهل الخير خير لأنه "خير بذاته" أم لأن لأن الله أمر به فأصبح خيرا.

وإن كان الخير هو ما يطلبه الله، فهذه مشكلة كبيرة. فلا يوجد مقياس أخلاقي على الإطلاق.
ولكن على العكس، وقتها نرى تعصب كل شعب لدينه وإبادتهم للآخرين باسم ذلك الإله، دون أي وازع من أي ضمير، فلا شك في الأوامر الإلهية.

بينما إن كان الخير صحيحا بذاته، فمن الممكن قياس أعمال الإله وأوامره (حسب دين معين، مثلا ما ورد في القرآن) على ذلك المبدأ العام.
فيمكننا أن نسأل عن مدى أخلاقية أن يطلب الله من شخص التضحية بابنه دون سبب مقنع (قصة ابراهيم)، أو أن يعذب من لا يؤمن به دون نهاية.

وقتها لا بد لي من رفض هذا الإله، لأسباب أخلاقية.

أكتفي بهذا القدر في مداخلتي الأولى.
====
====

حاتم
----

على سبيل التمهيد
في البدء شكرا للزميل القبطان
اتفقنا على أن يضع في البداية كل منا مداخلته الأولية.
وقد قدم الزميل القبطان مداخلته في ما يتعلق باختياره الإلحاد .
وسأكتب مساء غد مداخلتي في دلالة الإيمان وأدلته.
تحياتي
====
====
حاتم3
-----

إنَّ في خلق السَّماوات والأرض واختلاف الليل والنَّهار لآيات لأولي الألباب * الذين يذكرون اللّه قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكَّرون في خلق السَّماوات والأرض ربَّنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك"

إتفقنا أنا والزميل القبطان على أن يتقدم كل منا بمداخلة أولية يعرض فيها أدلته على موقفه. وفيما يلي مداخلتي الأولى في أدلة الأيمان لم أكتبها ردا على مداخلة زميلي القبطان ،لأن الرد عليها سيكون في التعقيب الخاص بها ،بل كتبت مداخلتي عارضا أدلة الأيمان وناقدا الموقف الألحادي عامة لا الموقف الالحادي الذي عبر عنه زميلي في مداخلته.كما أنني لم أتحدث عن الأله الذي نستدل عليه من هو ؟ هل هو الإله الذي يتحدث عنه القرآن أم إله غيره من كتب الأديان،لأن موضوع حوارنا الآن هو إثبات وجود الأله/الخالق أولا ،فاقتصرت عليه.
وأدخل في الموضوع بلا مقدمات فأقول :

أدلـــــة الأيــــمــان

ثمة أدلة متعددة للأعتقاد بالله، لا سبيل إلى ذكرها كلها هنا. ولذا ستجدني أستثني بعض طرق الاستدلال ليس لضعفها ،بل اكتفاء بما سأطرحه الآن.
شخصيا بلورت دليلا من خلال قراءتي للفلسفة ،أسميه بدليل الإلحاد!!!!
قد يبدو قولي السابق غامضا . أو يحمل مفارقة مناقضة ،إذ كيف يكون الألحاد دليلا على الأيمان؟!!
أوضح ،فأقول :
من بين أدلتي على وجود الله "أدلة" الملحدين على عدم وجوده!
إذ أنني كلما وازنت بين النظرتين الألحادية والأيمانية وتأملت في أدلة الألحاد،ازددت إيمانا واعتقادا !! وذلك لتهافت واختلال تلك الأدلة التي يقدمها الملحدون ، وسيأتي بيان تهافتها عندما أعرض لمداخلة زميلي القبطان.


ولنبدأ بدليل مبسط وواضح ،فأقول :
إن منطلقي في الأستدلال على وجود الله هو القول بأن العالم حادث غير أزلي .
لكن هنا من حق الملحد المشاكس أن يطرح السؤال ما الدليل على كون العالم له بداية؟
هنا أقدم دليلين:
لكن قبل ذلك أنبه إلى حقيقة امتاز بها التفكير الاسلامي بالقياس إلى الفلسفة اليونانية وهي :
إن التفكير اليوناني كان يقول بقدم العالم ،وقِدم مادته الأولى (الهيولى)،ثم لما جاء الفكر الاسلامي ،ودون حدوث أي تطور علمي يستوجب نقض الفكرة الفيزيائة اليونانية قال هذا الفكر مستهديا بالوحي السماوي :إن العالم محدث مخلوق وليس قديما.
ووضع استدلالات عقلية على ذلك.
ثم جاء الفكر العلمي المعاصر ليؤكد هذه الحقيقة من خلال القول بوجود لحظة ابتداء للكون أخذ الآن يحدد لها توقيتها بالضبط في لحظة مغرقة في القدم تصل إلى حوالي 15 مليار سنة.
وهذه ملحوظة تثمن للفكر الديني ،وللفكر الأسلامي أيضا.
والآن لنعرض أدلة حدوث الكون ، ثم الإستدلال على كون هذا الحدوث له محدث خالق.

-1-
الدليل العلمي على الحدوث

إن الحقيقة العلمية التي أبرزتها نظرية الانفجار العظيم هي أن هناك لحظة بدء للمادة والطاقة والزمان والمكان ! ومن بين الاستدلالات التي اعتمدها علم الفزياء للقول بحدوث الكون هو القانون الثاني للترموديناميك والذي يقضي بانتقال الحرارة من الجسم الحار إلى الجسم البارد دون عودة في الاتجاه المعكوس. ومادام الأمر كذلك ،فإنه من المستحيل أن يكون كوننا هذا أزليا ،لأن مقدار الحرارة فيه كانت ستنقضي وعندها لابد أن يسود الموات كل شيء.وبما أن ذلك لم يحدث بعد ،فالنتيجة التي يخلص إليها التفكير هي أن الكون حادث.

ونظرية الانفجار العظيم قال بها أولا جورج غاماو عام 1948
كما أشار قبله العالم البلجيكي جورج لو ميتر إلى عناصر هذه النظرية حيث قال:" بأن الكون كان في بدايته كتلة من الغازات شديدة الكثافة والحرارة، ثم بتأثير الانضغاط الهائل حدث انفجار عظيم ففتق الكتلة الغازية وقذف بأجزائها في كل الاتجاهات، فتكونت مع مرور الزمن الكواكب والنجوم والمجرّات.
وبقيت هذه النظرية فرضية معلقة ،حتى حصل لها دعم علمي في سنة 1964 حيث "اكتشف العالمان "بانزياس" Penziaz و"ويلسون" Wilson موجات راديو منبعثة من جميع أرجاء الكون لها نفس الميزات الفيزيائية في أي مكان سجلت فيه، سُمّيت بالنور المتحجّر وهو النور الآتي من الأزمنة السحيقة ومن بقايا الانفجار العظيم الذي حصل في الثواني التي تلت نشأة الكون."
ومن أشهر الكتب المتداولة في شرح نظرية الأنفجار العظيم كتاب ستيفن فاينبيرغ "الدقائق الثلاث الأولى" وهو كتاب مثير حيث يذهب إلى شرح ما حدث في الدقائق الثلاث الأولى لبدء الإنفجار العظيم!!
ونظرية الأنفجار العظيم أصبحت من الأفكار العلمية الشائعة ، التي يعرفها الكثير من القراء ،ولاداعي لأن أصرف فيها مزيد شرح .
لذا لننتقل إلى مناقشة الاعتراضات التي تواجه النظرية .
قد يقول الملحد معترضا :
إن الكون لا بداية له ،والإنفجار العظيم تكرر مرات على نحو لانهائي.
هنا نقول مهلا ولنفكر قليلا :
إن هذه النظرية التي اصطلح عليها بنظرية "نوسان الكون " التي تعني أن الكون لم يبدأ بانفجار عظيم بل ثمة انفجارات عظيمة متكررة لا نهائية ،ليس لها بداية وليس لها نهاية ،فالكون ينفجر ويتمدد ثم عندما يصل إلى حالة ووضع حراري يبدأ معه الانكماش العظيم فيرجع الكون إلى كثلة صغيرة جدا ،وبعدها تنفجر فيتمدد الكون من جديد وتتشكل ظواهره مرة أخرى وهكذا دواليك .
هل يمكن القبول بنظرية النوسان هذه ؟
يشير فاينبيرغ في كتابه السابق ذكره إلى الوظيفة الميتافزيقية لنظرية النوسان قائلا :
"إن بعض الكوسمولوجيين تجذبهم فلسفيا نظرية نوسان الكون ،خاصة وأنها تراوغ ببراعة متجنبة ...إشكالية النشأة الأولى." ثم ينتقد هذه النظرية بالإشارة إلى أن القول بتكرار لا نهائي للأنفجار العظيم (النوسان) تعترضه من الناحية العلمية صعوبة وهي :أنه لابد أن تطرأ على " درجة التعادل الحراري لكل جسيم نووي زيادة طفيفة بفعل نوع من الاحتكاك يعرف بلزوجة الحجم (bulk viscosity). وفي هذه الحالة، في حدود ما نعلم، سيبدأ الكون كل دورة جديدة بنسبة جديدة للفوتونات إلى الجسيمات النووية تكون أكبر من سابقتها بقليل. وهذه النسبة ضخمة في الوقت الحاضر ولكنها متناهية، بحيث يصعب أن نتصور كيف يمكن أن يكون العالم قد مر في السابق بعدد من الدورات غير متناه"
بمعنى أن تكرار الإنفجار العظيم كان يفرض أن يجعل درجة حرارة الكون أعلى مما هي عليه الآن (أي 3.5درجة مطلقة).
إذن تبقى نظرية الأنفجار العظيم دالة على حدوث وابتداء الكون.وهي اليوم – باعتراف العلماء -أفضل نظرية علمية تعلو غيرها من النظريات في القدرة على تفسير حدوث الكون ونشأته.


يتبع
 

مطلق علي

عضو بلاتيني / الفائز الرابع في مسابقة الشبكة الرمض
فائز بالمسابقة الدينية الرمضانية
===
===

- 2-
النقد العقلي لفكرة أزلية الكون

لكن لنفترض أن الملحد يرفض العلم ويرفض الدليل العلمي على بطلان نوسان الكون ،ويقول بأزلية المادة والتكرار اللانهائي لتكون الكون.
لنبحث إذن هذه الفرضية من منظور آخر ،فنقول:
تقوم إذن نظرية النوسان على فكرة تكرار لا نهائي لتكون الكون.
وهذا ما يجعلها تفتقر إلى المعقولية في المجال المادي .
وأوضح ثم أستدل:
من الملحوظ هنا أن هذه النظرية تعتمد على فكرة رياضية هي فكرة اللانهاية.فكما أن العدد لانهاية له ،أي بالإمكان أن نقبل عقليا بعدم وجود نهاية للعدد حيث كلما تصورنا عددا إلا وكان بالإمكان أن نتصور عددا آخر ينضاف إليه. ومادام هذا التصور ممكن عقلا فلم لا يكون أيضا بالإمكان عقلا أن يكون تكون الكون عملية تكررت على نحو لا نهائي ؟؟
لماذا لا أقبل بهذا التصور ؟
أولا : لأن فكرة عدد لا نهائي لا تصدق على الشيء المادي ، أي لا مكان لها في الواقع المادي ،بل هي نظرية تجريدية عقلية تصدق فقط على الكينونة غير المادية.
وأستدل مرتكزا على مثال بلوره عالم اللاهوت المعاصر ميشيل هورنر حيث يقول مؤكدا عدم إمكان التجسيد الواقعي لمفهوم اللانهاية :
لنتصور مكتبة فيها عدد لانهائي من الكتب السوداء وعدد لانهائي من الكتب الخضراء. هل من الواقعي أن نقول إن في المكتبة مقدارا من الكتب الخضراء يساوي مجموع الكتب الخضراء زائد الكتب السوداء ؟
ألا تحس أن هذا القول مجرد لغو كلام؟
لكي يتجلى اللغو بوضوح في فكرة وجود واقع لانهائي لنتصور هذا المثال الذي بلورته شخصيا بناء على فكرة ميشيل هورنر فأقول :
إذا طلبت منك أن تأتينا بعدد من العربات وتدخل عدد من العمال ليخرجوا لنا من المكتبة جميع أعداد الكتب الخضراء .
هل يستطيع هؤلاء أن يخرجوا الكتب الخضراء من المكتبة؟
لا !! لأنه مهما أخرجوا من أعداد الكتب يبقى دائما ثمة في داخل المكتبة عدد لانهائي ؟ أي أنه غير قابل للإنتهاء .
ثم تأمل اللغو الذي تسقط فيه فكرة اللانهاية عندما يراد لها أن تطبق على الشيء المادي :
لنفترض أن هؤلاء العمال اشتغلوا مليون سنة ،وأخرجو عددا هائلا من الكتب الخضراء .
فهل يستساغ واقعيا أن نقول :
إن عدد الكتب الخضراء في المكتبة لم ينقص!!
إنك رياضيا مضطر أن تقول :إنه لم ينقص لأنه يبقى دائما لانهائيا! ومفهوم اللانهاية لا يطرح في علم الرياضيات إلا مصاحبا بفكرة قد تبدو غير رياضية وهي أن العدد اللانهائي هو العدد الذي لا يقبل الزيادة ولا النقصان !!!
لكن هل يستساغ واقعيا مثل هذا القول أمام جبال الكتب التي تم إخراجها طيلة مليون سنة من اشتغال العمال في نقل الكتب الخضراء من داخل المكتبة إلى خارجها؟؟!!
إذن إن تطبيق مفهوم اللانهاية على الشيء المادي يسقط الملحد في مآزق مضحكة!
ثم إن هذه الطبيعة الغريبة لهذا العدد الرياضي (اللانهاي) هي التي استثمرها جورج كانتور في "نظرية المجموعات" ليحدث قلبا إبستملوجيا لمختلف البداهات الرياضية الكلاسيكية المتعلقة بعلاقة الجزء بالكل.ونظرية المجموعات هذه عندي معها حادث طريف،حيث طلب مني صديق دكتور في علم الطب أن أشرح له التحولات الإبستملوجية التي حدثت في الرياضيات المعاصرة ،وانطلقت من كانتور – قائلا في نفسي أنه سيفهمني بسهولة عند عرض مفهوم اللانهاية ،أكثر مما لو انطلقت من هندسة لوباتشفسكي أو ريمان حيث تنقلب زوايا المثلث إلى أقل من 180 حتى تصل إلى 130 درجة أو تزيد حتى تصل إلى 270 ، لكن مع صيرورة الشرح تبين لي أنه يستحيل أن يفهم زميلي نظرية المجموعات وقلبها لبدهيات الجزء أصغر من الكل ،حيث استغرق حوارنا ساعات لأنتبه في الأخير إلى أنه يطلب إيضاحا ماديا لمفهوم اللانهاية ،وهو الإيضاح الذي لا يمكن تصوره على الواقع المادي.فالتفكير المادي في اللانهاية هو مخالف لحقيقتها المجردة.
ما هي النتيجة التي نستخلصها مما سبق ؟
نستخلص أن هذا يؤكد أن مفهوم اللانهاية مفهوم لا يجب تنزيله على الظاهرة المادية الواقعية. وهذا هو مايقوله علماء الرياضيات أنفسهم ،فالعالم الرياضي الشهير دافيد هلبرت يقول :" إن اللانهاية لاتوجد داخل الطبيعة... إن دورها الوحيد الذي يمكن أن تقوم به هو دور فكرة".
ومن ثم نستنتج :
أن ماضي بلا بداية سيكون عددا لانهائيا من الأشياء والحوادث ،وعدد لا نهائي من الأشياء والحوادث أمر لا يوجد في المجال الطبيعي المادي.
ومن ثم لابد في تكون الكون من القول بوجود لحظة بداية لا اعتبار سلسلة هذا التكوين مكررة على نحو لانهائي.
والواقع أنه حتى الملحدين الذين يحترمون عقولههم يقولون بهذا ،فالملحد دفيد هيوم يقول بصريح العبارة :"إن عددا لانهائيا من مراحل الزمن التي تتالى يبدو مجرد فكرة متناقضة ،وهي فكرة لا يوجد إنسان يقتنع بها دون أن يكون في اقتناعه يفكر على نحو فاسد مختل "
من هنا نخلص عقليا إلى النتيجة ذاتها التي أكدناها من قبل علميا،وهي أن القول بأن الكون له لحظة بداية هو القول المقبول عقلا. والذي يسنده العلم ،من خلال نظرية الأنفجار العظيم .

أعرف أن نظرية الانفجار العظيم لها مثل أي نظرية أخرى انتقادات . ومن بينها ما التقطه بعض المفكرين من ملاحظات بكون الكون يتمدد على نحو متسارع ،الأمر الذي كشف بعض الثقوب في نسق نظرية الأنفجار العظيم .
لكن هذا النقد لم يلغ النظرية ،بل إنه يبقى هو نفسه مصطدما بما اصدمت به نظرية تكرار الإنفجار التي عرضناها سابقا وقدمنا نقدا لها من مدخل العلم ومن مدخل النقد العقلي لمفهوم اللانهاية.


-2-
من أين أتيت يا نقطة الدبوس؟؟!!!

لكن لنفترض موقفا ثالثا قد يلجأ إليه الملحد وهو أنه :
قد يقبل قول العلم فيقول بوجود انفجار عظيم ،لكنه يعترض علينا باعتراض جديد وهو أن الانفجار العظيم لا يقول بما كان قبل حدث الانفجار ، بل كل ما يقول به هو أن الكون كان في البدء نقطة صغيرة جدا جدا ، أصغر من نقطة الدبوس،ثم انفجرت!

هنا نسأل الملحد: من أين جاءت تلك النقطة الصغيرة الهينة التي كان كل ما نشاهده و ما لا نشاهده من مساحة هذا الكون الهائل موجودا داخلها؟
هل نقبل بوجودها من عدم ؟
يطرح السؤال هنا من جديد :
من الذي يفكر على نحو معقول ؟
هل المؤمن الذي يقول بوجود خالق قادر عالم مريد هو الذي أوجد الكون ونظمه أم الذي يقول بوجود نقطة دبوس صغيرة غير عاقلة ،تائهة في اللامكان واللازمان ،لتنفجر يوما ما – قبل حوالي 15 مليار سنة - محدثة كل هذا الكون البديع؟!!
ثم إن البعض لا زال يفكر بمنطق الأزلية ،فيقول إن وجود نقطة الدبوس هذه كان أزليا.
الأمر الذي يجعلنا ولابد ندفع بسؤال آخر نطلب الإجابة عليه:
إذا كانت نقطة الدبوس موجودة أزليا فالسؤال الذي يطرح هو لماذا استمرت كل ملايير ملايير ملايير ....... - إلى ما لانهاية !!!!- من السنوات خامدة ساكنة، ثم منذ 15 مليار سنة تقرر أن تنفجر محدثة هذا الكون!
ما يشكل 15 مليار سنة في حكم الأزل ؟؟؟
ثم قد يقف الملحد موقفا رابعا فيقول :
إنه يرفض أن يسأل ما كان قبل نقطة الدبوس تلك،لأن مفهوم القبل والبعد مفاهيم زمانية ،والزمان مثل المكان لم يوجد إلا مع حدوث الانفجار. إذ به ابتدأ الزمان!
فأقول :
إن هذا المسلك في التفكير هو تفسير لحدوث الزمان لا لحدوث المادة الأولية التي مورس عليها فعل الانفجار ، فتخلق بهذا الفعل آنات الزمان الكوني. أقول الزمان الكوني لأنني أعتقد بوجود زمان آخر.
ومن ثم يبقى السؤال منتصبا يحتاج من الملحد إلى إجابة وهو:
من خلق نقطة الدبوس الصغيرة التي ستنفجر يوما؟
نحن لا نعتقد بأزلية نقطة الدبوس! لذا نرى صواب قول عالم الفيزياء المعاصر ادموند ويتيكر عندما يؤكد صراحة: "ليس هناك ما يدعو إلى أن نفترض أن المادة والطاقة كانتا موجودتين قبل الانفجار العظيم وأنه حدث بينهما تفاعل فجائي. فما الذي يميز تلك اللحظة عن غيرها من اللحظات في الأزلية؟ والأبسط أن نفترض خلقاً من العدم، أي إبداع الإرادة الإلهية للكون من العدم"
ومن ثم فالنتيجة التي نخلص إليها هي اللاأزلية وتوكيد الحدوث ووجود الخالق.
وهنا تكملة المناضره الجميله للغايه

[/QUOTE]http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=603
 

مطلق علي

عضو بلاتيني / الفائز الرابع في مسابقة الشبكة الرمض
فائز بالمسابقة الدينية الرمضانية
وهنا مناظره بين الأخوين " قلم الحر " وبين " حاتم3 "

وهي مناظره عاليه الثقافه وبها فوائد جداً قيمه

عنوان المناظره

من يثبت لى نبوة محمد ؟

وهنا المناظره كامله

http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=376

وأنتهت بهداية الأخ القلم الحر

ومنها أقتباس ما قال بهدايه الاخ قلم الحر

الحمد لله رب العالمين , و الصلاة و السلام على سيدنا محمد خاتم النبيين و على اله و صحبه الطيبين

يعلم الله ان الالم يعتصر قلبى على كل مشاركة كتبتها اثناء شكى فى الاسلام , و كم اتمنى لو محوت تلك المشاركات و لو بدمى ,سيما و ان ظروفى لا تسمح للاسف بالتوسع فى بيان الادلة التى حسمت شكى و اوصلتنى الى الطمانينة بنبوة ابى الزهراء :salla2: , حيث اننى لا زلت اكتب من خلال مقاهى نت ,و ان كنت لا زلت اكتب ردا على خصوم الاسلام باسم اخر كراهية منى لاسم القلم الحر !و اعد لتاليف كتاب اضمنه خلاصة بحثى فى هذه المسالة فهذا اكثر فائدة من الكتابة فى النت ,
و لا يفوتنى ان اذكر اننى خلال فترة شكى و مع اعلانى المؤسف لترك الاسلام الا اننى لم اترك الصلاة بل كنت متمسكا بها كصلة اخيرة تربطنى بهذا الدين رغم اننى كنت فى غاية الشك وقتها ,و العجيب ان هناك مسلمين ليس عندهم شك فى نبوة محمد :salla1: و مع ذلك لا يصلون !

و اقول بايجاز :

ان القضية الاساسية التى حسمت شكى هى بحثى فى مسالة "مصادر القران ",و من الكتب المهمة التى ساهمت فى تحول موقفى :
1- " المرسل الرسول الرسالة " للشهيد محمد باقر الصدر
2-" مدخل الى القران " للدكتور محمد عبد الله دراز
3- " الوحى المحمدى " للعلامة محمد رشيد رضا
و بعض الردود على القس يوسف الحداد .

لقد كانت نظرتى لاعجاز القران خاطئة و قاصرة ,كنت انظر الى ان شكل و مضمون القران يمكن الاتيان بسورة مثله من قبل ادباء و علماء و نحوه , لكن ما تبين لى هو ان سر الاعجاز فى القران هو بالنظر الى شخص محمد , اى ان هذا الكتاب يستحيل ان يكون مؤلفه شخص مثل محمد
salla1.gif

و هذا ما ذكرته الاية الكريمة :"فاتوا بسورة من مثله " اى من مثل محمد كما قال الامام محمد عبده كما فى تفسير المنار .

التحدى القرانى فى العهد المكى كان موجها لكفار مكة خصوصا , و كان التحدى القرانى بمضمون القران من الهدى لا بشكله البلاغى ,و هو ما كنت اقوله خلال الحوار مع الاخ حاتم و وافقنى حفظه الله فيه ,و الفكرة هى انه اذا كان محمد
salla1.gif
قد الف كما تزعمون هذا القران ,فاتوا بقران مثله يتضمن هديا كالهدى القرانى ,و استعينوا باساطير الاولين اى كتبهم التى تزعمون ان محمدا
salla1.gif
استعان بها فى تاليف القران
"قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ " القصص :49

و قد بلغهم التحدى بلا شك حيث اقدم احدهم - و هو النضر بن الحارث - على قبول التحدى القرانى , لكن جاءت محاولته تافهة فاشلة ,حيث لم يفعل الا اقتباس بعض قصص الفرس الخالية من اى هدى, كالهدى القرانى الذى يجيب على اهم التساؤلات الغيبية و يقدم تصورا - متميزا تماما عن تصورات تلك الفترة و تلك البيئة - عن الله سبحانه و الملائكة والمسيح , و خلق الكون و الانسان و مصيره بالتفصيل , و تصورا متميزا عن النبوات و سنن التاريخ البشرى ,و دستورا متميزا للاخلاق ..

و كان هذا الفشل القرشى دليلا على حقيقة ان مثل هذه البيئة الساذجة الجاهلة بالفلسفات و كتب اهل الكتاب, لا يمكن ان يظهر منها مؤلف هذا القران العظيم, سيما و ان محمدا
salla1.gif
واحد منهم لبث فيهم عمرا من قبله دون ان يكون لديه اى مقدمات لهذه النتيجة المذهلة المتمثلة فى هذا الكتاب العظيم ,مع فشلهم فى اثبات مصادر بشرية منطقية لذلك القران كما يتجلى فى اتهامهم حداد رومى اعجمى بانه مصدر القران !
و فى العهد المدنى تغير التحدى فبعد ان كان التحدى موجها لكفار مكة خصوصا بالاتيان بسور "مثله ",اصبح التحدى موجها لاهل الكتاب و للناس عامة بان ياتوا " بسورة من مثله " , اى من مثل " محمد " كما سبق .اى ائتوا يا اهل الكتاب و سائر الناس بسورة تتضمن هديا كهدى القران من انسان مثل محمد لم يدرس الفلسفات و لا كتب اهل الكتاب ,و المقصود التنبيه على حقيقة ان هذا القران العظيم يستبعد العقل المنصف ان يكون من تاليف انسان مثل محمد صلى الله عليه و سلم .
و قد كانت اهم شبهة عندى فى مسالة مصدر القران هى دور ورقة بن نوفل , لكن بحثى فى المسالة نسف هذه الشبهة , و اصبحت مطمئنا تماما الى انه لا يمكن ان يكون محمد :salla1: هو مؤلف هذا القران العظيم , و انه لا مصدر لهذا الكتاب الا المصدر الالهى
وكما ذكرت من قبل فى هذا المنتدى فان الشبهات حول القران و الشريعة و السيرة لدى ردود عليها اقتنع بها ,و الشبهة الوحيدة عندى الان هى مسالة التكرار ,لكن هناك مبالغة فيها و هى ليست سببا كافيا فى نظرى للشك فى ان القران كتاب الهى .

و بالنسبة لحوارى مع الاخ الحبيب حاتم فقد ذكر ادلة او شواهد على ان محمدا :salla1: ليس مؤلف القران , و بعضها اقررت بانه دليل كمسالة حادثة الافك , و بعضها لم اقتنع به لكن بعد التامل تغيرت نظرتى و اعنى مسالة اختلاف الاسلوب بين القران و الاحاديث , فما اقتنعت به هو ان بلاغة القران تدل بالفعل على انه ليس من تاليف محمد :salla1: بالنظر الى الفارق المبين و المسافة الشاسعة بين بلاغة القران و بلاغة الاحاديث النبوية ,و ليس مجرد الاختلاف فى الاسلوب ..

اما نبوءات القران فنبوءة الروم نبوءة تحققت بالفعل و القراءة الاخرى التى ذكرناها لا تثبت اصلا باسناد صحيح , بل ثبت بالاسناد الصحيح ان ابا بكر
radia.gif
كان يتحدى الكفار بنبوءة الروم فى مكة , و هناك نبوءة اخرى تحققت ايضا و هى النبوءة بهزيمة الكفار فى بدر " سيهزم الجمع و يولون الدبر " , و يكفى فى باب النبوءات القرانية تنبؤ الايات المكية ببقاء هذا الدين و خلوده كما فى قوله تعالى " انا نحن نزلنا الذكر و انا له لحافظون " و قوله " و لتعلمن نباه بعد حين "و غيرها من الايات , و كذلك قوله " سنريهم اياتنا بالافاق " و هو ما تحقق بانتصارات الاسلام المذهلة التى تمثل وجها اخر لاعجاز القران اى اثره حيث احيا امة ميتة بمعنى الكلمة

اما النبوءات فى الاحاديث فكثيرة جدا و بعضها لا شك عندى الان فى صحته ,و اما المعجزات الحسية فاقتنع الان بانه ليس صحيحا ان القران ينفى وقوعها .بل اميل الى ثبوتها باستثناء مسالة انشقاق القمر ..

و قد ذكر ابن تيمية رحمه الله جملة وافية من النبوءات و الايات الحسية فى الجواب الصحيح , كما ان للشيخ مقبل الوادعى كتابا فى المسالة بعنوان " الصحيح المسند فى دلائل النبوة "

و قد كنت خلال فترة شكى غير مقتنع بان محمدا :salla1: مؤلف القران بمعنى انه كان يتعمد الكذب على الله , و لا داعى للتعجب فكثيرون من خصوم الاسلام يميلون الى ان محمدا :salla1: كان يعتقد بالفعل انه يوحى اليه , بل لا يفوتنى هنا ان اشير الى ان القس يوسف درة الحداد نفسه الذى اكثرت النقل من كتابه " معجزة القران " لم يكن يجرؤ على اتهام محمد :salla1: بانه كذاب كما يفعل عامة اهل ملته

يقول الحداد مثلا فى كتابه "معجزة القران ":

" ليس موضوع دراستنا صحة نبوءة محمد . فهذا موضوع خارج إطلاقا عن أبحاثنا . مع ذلك فإنى أؤمن بأن محمدا قام برسالته و دعوته بناء على وحى شخصى له من ملاك الله فى رؤيا غار حراء ."

و لا يسعنى فى الختام الا ان انصح كل باحث عن الحقيقة و كل مسلم بقراءة و تدبر الكتب التى اشرت اليها

و الحمد لله على نعمة الاسلام


يتبع أن شاء الله
 

مطلق علي

عضو بلاتيني / الفائز الرابع في مسابقة الشبكة الرمض
فائز بالمسابقة الدينية الرمضانية
وهناك أضع لكم

بعض مواضيعه القيمه

عنوان الموضوع

واحــتارت قـــــريش

ومنها

عندما سمعت قريش آيات القرآن الكريم ذهلت واحتارت، ولم تستطع تصنيفه في ما ألفت من فنون القول والبيان: هل تصنفه ضمن الشعر؟ لا بالتأكيد . هل تشبهه بسجع الكهان؟ لم تجد لهذا الزعم دليلا تقنع به نفسها فكيف بغيرها من قبائل العرب؟ وذهب الوليد بن المغيرة وهو العارف بفنون الشعر الى النبي صلى الله عليه وسلم طالبا منه أن يقرأ عليه، فقرأ بعضا من آيات سورة النحل، فقال الوليد أعد، فأعاد. فما كان منه الا أن حادث نفسه ومن حوله واصفا القرآن: “والله ان له لحلاوة، وان عليه لطلاوة، وان أعلاه لمثمر، وان أسفله لمغدق، وانه ليعلو ولا يعلى عليه، وانه ليحطم ما تحته، وما يقول هذا بشر”.

البحث عن وصف

واقترب موسم الحج وأحست قريش بخطورة اختلافها في شأن موقفها من القرآن وتحديد ماهيته؛ وأدركت أنه لا بد لها من أن تتحد على وصف تصفه به، حتى لا تظهر أمام العرب بمظهر المتناقض . جاء في كتاب “الروض الآنف” :”ثم ان الوليد بن المغيرة اجتمع اليه نفر من قريش - وكان ذا سن فيهم وقد حضر الموسم فقال لهم يا معشر قريش ..ان وفود العرب ستقدم عليكم .. وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا، فأجمعوا فيه رأيا واحدا، ولا تختلفوا، فيكذب بعضكم بعضا ... قالوا : فأنت يا أبا عبد شمس، فقل وأقم لنا رأيا نقول به، قال بل أنتم فقولوا أسمع. قالوا : نقول كاهن . قال لا والله ما هو بكاهن لقد رأينا الكهان فما هو بزمزمة الكاهن ولا سجعه. قالوا : فنقول مجنون قال ما هو بمجنون لقد رأينا الجنون وعرفناه فما هو بخنقه ولا تخالجه ولا وسوسته. قالوا : فنقول شاعر. قال ما هو بشاعر لقد عرفنا الشعر كله رجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه فما هو بالشعر. قالوا : فنقول ساحر قال ما هو بساحر لقد رأينا السحار وسحرهم فما هو بنفثهم ولا عقدهم قالوا : فما نقول يا أبا عبد شمس؟
قال: والله ان لقوله لحلاوة، وان أصله لعذق وان فرعه لجناة .. وما أنتم بقائلين من هذا شيئا الا عرف أنه باطل وان أقرب القول فيه لأن تقولوا : ساحر جاء بقول هو سحر يفرق به بين المرء وأبيه وبين المرء وأخيه وبين المرء وزوجته وبين المرء وعشيرته .
فتفرقوا عنه بذلك فجعلوا يجلسون بسبل الناس حين قدموا الموسم لا يمر بهم أحد الا حذروه اياه وذكروا لهم أمره”.

وبدأت المساومات
وعملت قريش بنصيحة الوليد وأجمعت أمرها على عدم الاختلاف في الدعاية المضادة للقرآن؛ فكان النبي عند اتصاله بوفود العرب للحج يُعْترض من قبل قريش بكونه مجرد ساحر يفرق المرء عن أبيه وعشيرته وبنيه! لكن كأي حملة دعائية كانت قريش من حيث لا تدري تذيع خبر النبي صلى الله عليه وسلم بين العرب، وأحست بخطورة الأمر ففكرت في أسلوب المساومة بدل المواجهة. وقد سجلت كتب السيرة مساومات عديدة نذكر منها ما جاء في سيرة ابن هشام: فقال له عتبة : فاسمع مني أعرض عليك أمورا تنظر فيها لعلك تقبل منها بعضها. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: قل يا أبا الوليد أسمع. قال يا ابن أخي، ان كنت انما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا، وان كنت تريد به شرفا سودناك علينا، حتى لا نقطع أمرا دونك، وان كنت تريد به ملكا ملكناك علينا، وان كان هذا الذي يأتيك رئيا تراه لا تستطيع رده عن نفسك، طلبنا لك الطب، وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه.
قال: أقد فرغت يا أبا الوليد ؟ قال نعم قال فاسمع مني ؛ قال أفعل. فقال: “بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا اليه” ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها يقرؤها عليه . فلما سمعها منه عتبة أنصت لها، وألقى يديه خلف ظهره معتمدا عليهما يسمع منه ثم انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الى السجدة منها، فسجد ثم قال: قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت فأنت وذاك”.

أساطير النضر

ولما لم تنفع المساومات كان لا بد من رد فعل آخر . فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ على الناس قرآنا يجذبهم اليه ويشدهم الى خطابه، فكرت قريش في بديل يشغل الناس عنه، فطلبت من النضر بن الحارث وهو الذي له علم بتواريخ الشعوب وأساطير الفرس أن يحكي للناس ما يلهيهم عن دعوة القرآن!! وفشل النضر أيضا، فما كان يقوله مجرد حكايات أساطير للتلهية يشبه ما تحكيه العجائز لأحفادها استجلابا لنومهم، بينما الذي يلقيه محمد صلى الله عليه وسلم آيات توقظ القلب والعقل وتحرك في داخل الانسان حس الاستفهام والتساؤل، وتشككه في عقيدته الوثنية الساذجة، وتفتح أفقه العقلي وفطرته الكامنة أمام عقيدة أخرى وحدانية صافية واضحة . وأدركت قريش أن نعتها لما يقوله محمد بكونه مجرد أساطير الأولين، ان كان يصدق على شيء فإنه يصدق على خطاب النضر بن الحارث الذي انتدبته من بينها ليلهي الناس عن الدين الجديد!


ثلاثة اسئلة

وأدركت قريش أن هذه الحقيقة الدينية التي يعلنها محمد لا يمكن أن تقاوم بحكي وسرد قصصي، بل لا يمكن أن تقاوم الا بدين. وأدركت أن ما عندها من معتقد وثني لا يمكن أن يقاوم دعوة القرآن التوحيدية، فكان لا بد من طلب المعونة من خبراء! فبعثت وفدا الى المدينة ليستشير اليهود وهم أهل كتاب، في شأن دعوة محمد صلى الله عليه وسلم وفي كيفية مقاومتها. ولم يكن اليهود أحسن حالاً من قريش في مقاومة خطاب النبي الجديد، اذ أعطوا لوفد قريش ثلاثة أسئلة لتعجيزه (سؤال عن فتية الكهف، والثاني عن ذي القرنين، والثالث عن ماهية الروح وحقيقتها). لكن لما طرحت الأسئلة الثلاثة على النبي سارع الى القول :أجيبكم غدا” . وكان يحسب أن الوحي سرعان ما سيأتيه مجيبا عن هذا التحدي الجديد، لكن لم يحصل ما وعد، حيث تأخر الوحي اثنتي عشرة ليلة، وقيل أربعين يوما ... وخلال هذه الليالي والأيام كانت قريش جذلة فرحانة بانتصارها، فقد عجز خصمها اللدود عن الاجابة عن أسئلتها المستعارة من يثرب . وحزن النبي حزنا شديدا، وأحس بالحرج، وزادت قريش في احراجه كلما التقت به، لذا كان أول ما قاله النبي عندما جاءه جبريل: “لقد احتبست عني يا جبريل حتى سؤت ظنا” فرد عليه الملك الكريم بالآية “وما نتنزل الا بأمر ربك، له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا”. ثم جاءت الاجابة في سورة الكهف.

حيرة المستشرقين

وعندما نتأمل حيرة قريش لا نجدها تختلف كثيرا عن حيرة المستشرقين، وحيرة كل من يعاند هذا الدين! فهذه الحيرة تدفع المعاند الى أن يصطنع وصفا كاذبا ينعت به الاسلام ونبيه، ففي بداية الاستشراق، ومع بداية التواصل المعرفي مع الاسلام، استشعر الكثير من المستشرقين أن ما جاء به نبي الاسلام على مستوى العقيدة هو أعمق وأصفى تعبير عن الوحدانية، ولا يمكن أن تقارن به عقيدة الأقانيم الثلاثة التي جاءت بها أناجيلهم. وما سطره القرآن في شأن خطيئة آدم، وتقرير المسؤولية الفردية أحق بالاقتناع من مفهوم الخطيئة الأبدية، وما يرتبط بها من خرافة الفداء ؛ وما في القرآن من صور عن النبوة وأخلاق الأنبياء هي حقا ما يليق بمن اصطفاهم الله لإصلاح البشرية، وليس ما وصم به العهد القديم والجديد شخصيات الأنبياء من تهم وسلوكات لا أخلاقية ! فكيف بعد كل هذا يمكن نفي النبوة عن محمد؟
لعل حيرة الاستشراق كانت أكبر من حيرة قريش، ولقد كان الوليد ذكيا حذرا في توصيف النبي فلم ينزلق الى كذب مفضوح، بل حاول تغليف الكذبة قليلا، ولكن الاستشراق الأوروبي مستعينا بجهل الأوروبيين بالاسلام - أطلق كذبة مفضوحة للتغرير بالعامة، وهي أن محمداً كان كردينالا في كنيسة روما فلما تحقق له أنه لن يصل الى مركز البابوية ثار على الكنيسة وذهب الى جزيرة العرب وأعلن نفسه نبيا جديدا!
وبقيت هذه الكذبة المفضوحة متداولة طيلة قرون، وعندما انتشرت ترجمات معاني القرآن ونقلت بعض كتب علماء المسلمين، ثار على هذه الكذبة وسفهها المستشرقون، بل عدها المؤرخ ريتشارد سويثرن من أكثر العلامات الدالة على تحيز الرؤية الاستشراقية ولا انصافها للاسلام ونبيه.

وقد شيدني أحد الردود على هذا الموضوع

قال صاحب الرد


أأأأأأأأأأه ياحاتم
إنه ذلك الهمام صاحب الحجة الدامغة والبيان القوي لكم إستمتعت وإستمتعت ببعض حوراته
وتمنيت أن لو إمتلكت تلك القدرة على التحليل والرد ببساطة وسلاسة
لكم تمنيت أن لو قرأت له ألف مناظرة حتى أستطيع في يوم ما من تقمص شخصية ذلك المحاور الفذ
ولكم أوجعني قلة مارأيت له
أرجوا الله أن يوفق أخانا الحبيب للمنهج الصحيح بغير غبش وأن يجعله ممن ينصرون الدين ويجاهدون من أجله إنه ولي ذلك والقادر عليه
رجاء للأخوة ممن يعرفون أخباره لو يطمئنونا عليه

يتبع ان شاء الله
 
أعلى