الحمد لله رب العالمين , و الصلاة و السلام على سيدنا محمد خاتم النبيين و على اله و صحبه الطيبين
يعلم الله ان الالم يعتصر قلبى على كل مشاركة كتبتها اثناء شكى فى الاسلام , و كم اتمنى لو محوت تلك المشاركات و لو بدمى ,سيما و ان ظروفى لا تسمح للاسف بالتوسع فى بيان الادلة التى حسمت شكى و اوصلتنى الى الطمانينة بنبوة ابى الزهراء :salla2: , حيث اننى لا زلت اكتب من خلال مقاهى نت ,و ان كنت لا زلت اكتب ردا على خصوم الاسلام باسم اخر كراهية منى لاسم القلم الحر !و اعد لتاليف كتاب اضمنه خلاصة بحثى فى هذه المسالة فهذا اكثر فائدة من الكتابة فى النت ,
و لا يفوتنى ان اذكر اننى خلال فترة شكى و مع اعلانى المؤسف لترك الاسلام الا اننى لم اترك الصلاة بل كنت متمسكا بها كصلة اخيرة تربطنى بهذا الدين رغم اننى كنت فى غاية الشك وقتها ,و العجيب ان هناك مسلمين ليس عندهم شك فى نبوة محمد :salla1: و مع ذلك لا يصلون !
و اقول بايجاز :
ان القضية الاساسية التى حسمت شكى هى بحثى فى مسالة "مصادر القران ",و من الكتب المهمة التى ساهمت فى تحول موقفى :
1- " المرسل الرسول الرسالة " للشهيد محمد باقر الصدر
2-" مدخل الى القران " للدكتور محمد عبد الله دراز
3- " الوحى المحمدى " للعلامة محمد رشيد رضا
و بعض الردود على القس يوسف الحداد .
لقد كانت نظرتى لاعجاز القران خاطئة و قاصرة ,كنت انظر الى ان شكل و مضمون القران يمكن الاتيان بسورة مثله من قبل ادباء و علماء و نحوه , لكن ما تبين لى هو ان سر الاعجاز فى القران هو بالنظر الى شخص محمد , اى ان هذا الكتاب يستحيل ان يكون مؤلفه شخص مثل محمد
و هذا ما ذكرته الاية الكريمة :"
فاتوا بسورة من مثله " اى من مثل محمد كما قال الامام محمد عبده كما فى تفسير المنار .
التحدى القرانى فى العهد المكى كان موجها لكفار مكة خصوصا , و كان التحدى القرانى بمضمون القران من الهدى لا بشكله البلاغى ,و هو ما كنت اقوله خلال الحوار مع الاخ حاتم و وافقنى حفظه الله فيه ,و الفكرة هى انه اذا كان محمد
قد الف كما تزعمون هذا القران ,فاتوا بقران مثله يتضمن هديا كالهدى القرانى ,و استعينوا باساطير الاولين اى كتبهم التى تزعمون ان محمدا
استعان بها فى تاليف القران
"قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ " القصص :49
و قد بلغهم التحدى بلا شك حيث اقدم احدهم - و هو النضر بن الحارث - على قبول التحدى القرانى , لكن جاءت محاولته تافهة فاشلة ,حيث لم يفعل الا اقتباس بعض قصص الفرس الخالية من اى هدى, كالهدى القرانى الذى يجيب على اهم التساؤلات الغيبية و يقدم تصورا - متميزا تماما عن تصورات تلك الفترة و تلك البيئة - عن الله سبحانه و الملائكة والمسيح , و خلق الكون و الانسان و مصيره بالتفصيل , و تصورا متميزا عن النبوات و سنن التاريخ البشرى ,و دستورا متميزا للاخلاق ..
و كان هذا الفشل القرشى دليلا على حقيقة ان مثل هذه البيئة الساذجة الجاهلة بالفلسفات و كتب اهل الكتاب, لا يمكن ان يظهر منها مؤلف هذا القران العظيم, سيما و ان محمدا
واحد منهم لبث فيهم عمرا من قبله دون ان يكون لديه اى مقدمات لهذه النتيجة المذهلة المتمثلة فى هذا الكتاب العظيم ,مع فشلهم فى اثبات مصادر بشرية منطقية لذلك القران كما يتجلى فى اتهامهم حداد رومى اعجمى بانه مصدر القران !
و فى العهد المدنى تغير التحدى فبعد ان كان التحدى موجها لكفار مكة خصوصا بالاتيان بسور "مثله ",اصبح التحدى موجها لاهل الكتاب و للناس عامة بان ياتوا " بسورة من مثله " , اى من مثل " محمد " كما سبق .اى ائتوا يا اهل الكتاب و سائر الناس بسورة تتضمن هديا كهدى القران من انسان مثل محمد لم يدرس الفلسفات و لا كتب اهل الكتاب ,و المقصود التنبيه على حقيقة ان هذا القران العظيم يستبعد العقل المنصف ان يكون من تاليف انسان مثل محمد صلى الله عليه و سلم .
و قد كانت اهم شبهة عندى فى مسالة مصدر القران هى دور ورقة بن نوفل , لكن بحثى فى المسالة نسف هذه الشبهة , و اصبحت مطمئنا تماما الى انه لا يمكن ان يكون محمد :salla1: هو مؤلف هذا القران العظيم , و انه لا مصدر لهذا الكتاب الا المصدر الالهى
وكما ذكرت من قبل فى هذا المنتدى فان الشبهات حول القران و الشريعة و السيرة لدى ردود عليها اقتنع بها ,و الشبهة الوحيدة عندى الان هى مسالة التكرار ,لكن هناك مبالغة فيها و هى ليست سببا كافيا فى نظرى للشك فى ان القران كتاب الهى .
و بالنسبة لحوارى مع الاخ الحبيب حاتم فقد ذكر ادلة او شواهد على ان محمدا :salla1: ليس مؤلف القران , و بعضها اقررت بانه دليل كمسالة حادثة الافك , و بعضها لم اقتنع به لكن بعد التامل تغيرت نظرتى و اعنى مسالة اختلاف الاسلوب بين القران و الاحاديث , فما اقتنعت به هو ان بلاغة القران تدل بالفعل على انه ليس من تاليف محمد :salla1: بالنظر الى الفارق المبين و المسافة الشاسعة بين بلاغة القران و بلاغة الاحاديث النبوية ,و ليس مجرد الاختلاف فى الاسلوب ..
اما نبوءات القران فنبوءة الروم نبوءة تحققت بالفعل و القراءة الاخرى التى ذكرناها لا تثبت اصلا باسناد صحيح , بل ثبت بالاسناد الصحيح ان ابا بكر
كان يتحدى الكفار بنبوءة الروم فى مكة , و هناك نبوءة اخرى تحققت ايضا و هى النبوءة بهزيمة الكفار فى بدر " سيهزم الجمع و يولون الدبر " , و يكفى فى باب النبوءات القرانية تنبؤ الايات المكية ببقاء هذا الدين و خلوده كما فى قوله تعالى " انا نحن نزلنا الذكر و انا له لحافظون " و قوله " و لتعلمن نباه بعد حين "و غيرها من الايات , و كذلك قوله " سنريهم اياتنا بالافاق " و هو ما تحقق بانتصارات الاسلام المذهلة التى تمثل وجها اخر لاعجاز القران اى اثره حيث احيا امة ميتة بمعنى الكلمة
اما النبوءات فى الاحاديث فكثيرة جدا و بعضها لا شك عندى الان فى صحته ,و اما المعجزات الحسية فاقتنع الان بانه ليس صحيحا ان القران ينفى وقوعها .بل اميل الى ثبوتها باستثناء مسالة انشقاق القمر ..
و قد ذكر ابن تيمية رحمه الله جملة وافية من النبوءات و الايات الحسية فى الجواب الصحيح , كما ان للشيخ مقبل الوادعى كتابا فى المسالة بعنوان " الصحيح المسند فى دلائل النبوة "
و قد كنت خلال فترة شكى غير مقتنع بان محمدا :salla1: مؤلف القران بمعنى انه كان يتعمد الكذب على الله , و لا داعى للتعجب فكثيرون من خصوم الاسلام يميلون الى ان محمدا :salla1: كان يعتقد بالفعل انه يوحى اليه , بل لا يفوتنى هنا ان اشير الى ان القس يوسف درة الحداد نفسه الذى اكثرت النقل من كتابه " معجزة القران " لم يكن يجرؤ على اتهام محمد :salla1: بانه كذاب كما يفعل عامة اهل ملته
يقول الحداد مثلا فى كتابه "معجزة القران ":
" ليس موضوع دراستنا صحة نبوءة محمد . فهذا موضوع خارج إطلاقا عن أبحاثنا . مع ذلك فإنى أؤمن بأن محمدا قام برسالته و دعوته بناء على وحى شخصى له من ملاك الله فى رؤيا غار حراء ."
و لا يسعنى فى الختام الا ان انصح كل باحث عن الحقيقة و كل مسلم بقراءة و تدبر الكتب التى اشرت اليها
و الحمد لله على نعمة الاسلام