أبوعمر الدوسري
عضو بلاتيني
أنواع الربا
الربا نوعان - ربا نسيئة وربا فضل .
أنواع ربا النسيئة
فالنوع الأول:
ربا النسيئة - من النساء بالمد وهو التأخير - وهو نوعان :
أحدهما : قلب الدين على المعسر ، وهذا هو أصل الربا في الجاهلية : أن الرجل يكون له على الرجل المال المؤجل ، فإذا حل الأجل قال له : أتقضي أم تربي ؟ فإن وفاه وإلا زاد هذا في الأجل ، وزاد هذا في المال ، فيتضاعف المال والأصل واحد . وهذا الربا حرام بإجماع المسلمين .
قال الله تعالى : ( وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ ) . [ البقرة : 280 ] .
فإذا حل الدين وكان الغريم معسرًا ، لم يجز بإجماع المسلمين أن يقلب الدين عليه بل يجب إنظاره .
وإن كان موسرًا كان عليه الوفاء ، فلا حاجة إلى القلب لا مع يساره ولا مع إعساره لكن الكفار يعارضون حكم الله في ذلك ويقولون : ( إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ) . [ البقرة : 275 ] أي سواء زدنا في أول البيع أو عند محل ، المال فكذبهم الله في قيلهم فقال سبحانه : ( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ) . [ البقرة : 275 ] .
يعني جل ثناؤه أحل الله الأرباح في التجارة والشراء والبيع . ( وَحَرَّمَ الرِّبَا ) . [ البقرة : 275 ] . يعني الزيادة التي يزاد رب المال بسبب زيادته غريمه في الأجل وتأخيره دينه عليه . يقول عز وجل : فليست الزيادتان اللتان إحداهما من وجه البيع إلى أجل والأخرى من وجه تأخير المال إذا حل أجله ، والزيادة في الأجل سواء ، فليست الزيادة من وجه البيع نظير الزيادة من وجه الربا ؛ لأني أحللت البيع وحرمت الربا . والأمر أمري والخلق خلقي أقضي فيهم ما أشاء وأستعبدهم بما أريد ، ليس لأحد أن يعترض في حكمي ، ولا أن يخالف أمري ، وإنما عليهم طاعتي والتسليم لحكمي .
وأيضًا لو كانت الزيادتان سواء لما اختلف حكمهما عند أحكم الحاكمين ، فالزيادة التي تؤخذ في معاوضة صحيحة ، خالية من أكل أموال الناس بالباطل هي زيادة حلال ، والزيادة التي تؤخذ لأجل التأخير في الأجل إذا حل زيادة محرمه ؛ لأنها لا معاوضة فيها ولا مقابل لها فهي ظلم . وأيضًا المعسر الذي لا يستطيع الوفاء عند حلول الأجل يجب إنظاره إلى ميسرة ، لا مضاعفة الدين عليه وإثقال كاهله بالغرامة فيزداد حملًا على حمله .
النوع الثاني من أنواع الربا : ربا الفضل وهو الزيادة
وقد نص الشارع على تحريمه في ستة أعيان هي : الذهب والفضة والبر والشعير والتمر والملح ، واتفق الناس على تحريم التفاضل فيها مع اتحاد الجنس .
فقد حكى غير واحد الإجماع على تحريمه بين الستة المذكورة إذا بيع بعضها ببعض فإن قيل : كيف تصح حكاية الإجماع مع أنه ثبت في الصحيح عن ابن عباس عن أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا ربا إلا في النسيئة " ؟ فمقتضاه جواز ربا الفضل . وقد روي عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما القول بجوازه قيل عن ذلك عدة أجوبة :
الجواب الأول :
إن حديث أسامة منسوخ بالأحاديث التي تدل على تحريم ربا الفضل ، ومما يدل على نسخه بها الإجماع على ترك العمل به - قال الشوكاني : لكن النسخ لا يثبت بالاحتمال .
الجواب الثاني :
أنه محمول على ما إذا اختلف الجنسان . فإنه في هذه الحالة يجوز التفاضل ويحرم النسأ ، بدليل الروايات الصحيحة المصرحة بأن ذلك هو محل جواز التفاضل ، وأنه في الجنس الواحد ممنوع فيكون حديث أسامة عامًا في الجواز ، فيما إذا اتحد الجنس أو اختلف ، والأحاديث الأخرى خاصة بالمنع مع اتحاد الجنس ، والخاص مقدم على العام كما هو مقتضى القواعد .
الجواب الثالث :
أنه حديث مجمل . والأحاديث التي تمنع ربا الفضل مبينة ، فيجب العمل بالمبين وتنزيل المجمل عليه .
الجواب الرابع :
أنه رواية صحابي واحد . وروايات منع ربا الفضل عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رووها صريحة عنه صلى الله عليه وسلم ناطقة بمنع ربا الفضل ، ورواية الجماعة من العدول أقوى وأثبت وأبعد عن الخطأ من رواية الواحد .
الجواب الخامس :
أن المعنى في قوله : لا ربا إلا في النسيئة - أي الربا الأغلظ الشديد التحريم المتوعد عليه بالعقاب الشديد - كما تقول العرب : لا عالم في البلد إلا زيد . مع أن فيها علماء غيره . وإنما القصد نفي الأكمل ، لا نفي الأصل .
الجواب السادس :
أن إباحة ربا الفضل في حديث أسامة المذكور ، إنما هي بدلالة المفهوم وتحريمه بالأحاديث الأخرى بدلالة المنطوق ، ولا شك أن دلالة المنطوق مقدمة على دلالة المفهوم .
هذا ما أجيب به عن حديث أسامة ، وكل جواب منها يكفي بمفرده لرد الاستدلال به - بحمد الله - ، ولكن كلما تكاثرت الأجوبة كان أقوى في الرد وأقطع لحجة الخصم . وأما الإجابة عما روي عن ابن عمر وابن عباس ، أنهما قالا : بجواز ربا الفضل فهي أن يقال : إنهما قالا ذلك باجتهادهما ، ثم لما بلغهما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في منعه رجعا عن رأيهما . فلم يبق أي شبهة في تحريم ربا الفضل ، وصحت حكاية الإجماع على تحريمه كما سبق .
ربا القرض :
المشهور أن الربا ينقسم إلى قسمين : ربا نسيئة وربا فضل . وبعضهم يزيد قسمًا ثالثًا هو ربا القرض ، المشروط فيه جر نفع قال ابن حجر المكي في الزواجر عن اقتراف الكبائر ( 1 / 180 ) : لكنه في الحقيقة يرجع إلى ربا الفضل ؛ لأنه الذي فيه شرط يجر نفعًا للمقرض ، فكأنه أقرضه هذا الشيء بمثله مع زيادة ذلك النفع الذي عاد إليه . انتهى
الربا نوعان - ربا نسيئة وربا فضل .
أنواع ربا النسيئة
فالنوع الأول:
ربا النسيئة - من النساء بالمد وهو التأخير - وهو نوعان :
أحدهما : قلب الدين على المعسر ، وهذا هو أصل الربا في الجاهلية : أن الرجل يكون له على الرجل المال المؤجل ، فإذا حل الأجل قال له : أتقضي أم تربي ؟ فإن وفاه وإلا زاد هذا في الأجل ، وزاد هذا في المال ، فيتضاعف المال والأصل واحد . وهذا الربا حرام بإجماع المسلمين .
قال الله تعالى : ( وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ ) . [ البقرة : 280 ] .
فإذا حل الدين وكان الغريم معسرًا ، لم يجز بإجماع المسلمين أن يقلب الدين عليه بل يجب إنظاره .
وإن كان موسرًا كان عليه الوفاء ، فلا حاجة إلى القلب لا مع يساره ولا مع إعساره لكن الكفار يعارضون حكم الله في ذلك ويقولون : ( إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ) . [ البقرة : 275 ] أي سواء زدنا في أول البيع أو عند محل ، المال فكذبهم الله في قيلهم فقال سبحانه : ( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ) . [ البقرة : 275 ] .
يعني جل ثناؤه أحل الله الأرباح في التجارة والشراء والبيع . ( وَحَرَّمَ الرِّبَا ) . [ البقرة : 275 ] . يعني الزيادة التي يزاد رب المال بسبب زيادته غريمه في الأجل وتأخيره دينه عليه . يقول عز وجل : فليست الزيادتان اللتان إحداهما من وجه البيع إلى أجل والأخرى من وجه تأخير المال إذا حل أجله ، والزيادة في الأجل سواء ، فليست الزيادة من وجه البيع نظير الزيادة من وجه الربا ؛ لأني أحللت البيع وحرمت الربا . والأمر أمري والخلق خلقي أقضي فيهم ما أشاء وأستعبدهم بما أريد ، ليس لأحد أن يعترض في حكمي ، ولا أن يخالف أمري ، وإنما عليهم طاعتي والتسليم لحكمي .
وأيضًا لو كانت الزيادتان سواء لما اختلف حكمهما عند أحكم الحاكمين ، فالزيادة التي تؤخذ في معاوضة صحيحة ، خالية من أكل أموال الناس بالباطل هي زيادة حلال ، والزيادة التي تؤخذ لأجل التأخير في الأجل إذا حل زيادة محرمه ؛ لأنها لا معاوضة فيها ولا مقابل لها فهي ظلم . وأيضًا المعسر الذي لا يستطيع الوفاء عند حلول الأجل يجب إنظاره إلى ميسرة ، لا مضاعفة الدين عليه وإثقال كاهله بالغرامة فيزداد حملًا على حمله .
النوع الثاني من أنواع الربا : ربا الفضل وهو الزيادة
وقد نص الشارع على تحريمه في ستة أعيان هي : الذهب والفضة والبر والشعير والتمر والملح ، واتفق الناس على تحريم التفاضل فيها مع اتحاد الجنس .
فقد حكى غير واحد الإجماع على تحريمه بين الستة المذكورة إذا بيع بعضها ببعض فإن قيل : كيف تصح حكاية الإجماع مع أنه ثبت في الصحيح عن ابن عباس عن أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا ربا إلا في النسيئة " ؟ فمقتضاه جواز ربا الفضل . وقد روي عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما القول بجوازه قيل عن ذلك عدة أجوبة :
الجواب الأول :
إن حديث أسامة منسوخ بالأحاديث التي تدل على تحريم ربا الفضل ، ومما يدل على نسخه بها الإجماع على ترك العمل به - قال الشوكاني : لكن النسخ لا يثبت بالاحتمال .
الجواب الثاني :
أنه محمول على ما إذا اختلف الجنسان . فإنه في هذه الحالة يجوز التفاضل ويحرم النسأ ، بدليل الروايات الصحيحة المصرحة بأن ذلك هو محل جواز التفاضل ، وأنه في الجنس الواحد ممنوع فيكون حديث أسامة عامًا في الجواز ، فيما إذا اتحد الجنس أو اختلف ، والأحاديث الأخرى خاصة بالمنع مع اتحاد الجنس ، والخاص مقدم على العام كما هو مقتضى القواعد .
الجواب الثالث :
أنه حديث مجمل . والأحاديث التي تمنع ربا الفضل مبينة ، فيجب العمل بالمبين وتنزيل المجمل عليه .
الجواب الرابع :
أنه رواية صحابي واحد . وروايات منع ربا الفضل عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رووها صريحة عنه صلى الله عليه وسلم ناطقة بمنع ربا الفضل ، ورواية الجماعة من العدول أقوى وأثبت وأبعد عن الخطأ من رواية الواحد .
الجواب الخامس :
أن المعنى في قوله : لا ربا إلا في النسيئة - أي الربا الأغلظ الشديد التحريم المتوعد عليه بالعقاب الشديد - كما تقول العرب : لا عالم في البلد إلا زيد . مع أن فيها علماء غيره . وإنما القصد نفي الأكمل ، لا نفي الأصل .
الجواب السادس :
أن إباحة ربا الفضل في حديث أسامة المذكور ، إنما هي بدلالة المفهوم وتحريمه بالأحاديث الأخرى بدلالة المنطوق ، ولا شك أن دلالة المنطوق مقدمة على دلالة المفهوم .
هذا ما أجيب به عن حديث أسامة ، وكل جواب منها يكفي بمفرده لرد الاستدلال به - بحمد الله - ، ولكن كلما تكاثرت الأجوبة كان أقوى في الرد وأقطع لحجة الخصم . وأما الإجابة عما روي عن ابن عمر وابن عباس ، أنهما قالا : بجواز ربا الفضل فهي أن يقال : إنهما قالا ذلك باجتهادهما ، ثم لما بلغهما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في منعه رجعا عن رأيهما . فلم يبق أي شبهة في تحريم ربا الفضل ، وصحت حكاية الإجماع على تحريمه كما سبق .
ربا القرض :
المشهور أن الربا ينقسم إلى قسمين : ربا نسيئة وربا فضل . وبعضهم يزيد قسمًا ثالثًا هو ربا القرض ، المشروط فيه جر نفع قال ابن حجر المكي في الزواجر عن اقتراف الكبائر ( 1 / 180 ) : لكنه في الحقيقة يرجع إلى ربا الفضل ؛ لأنه الذي فيه شرط يجر نفعًا للمقرض ، فكأنه أقرضه هذا الشيء بمثله مع زيادة ذلك النفع الذي عاد إليه . انتهى