زيـارة لصعـدة .. أول مـن رفـع شـعار إسـقاط النـظام اليمنـي

mouqawama

عضو فعال

زيـارة لصعـدة .. أول مـن رفـع شـعار إسـقاط النـظام اليمنـي


جمال الغربي


صعدة :






يمكن لأي شخص يزور محافظة صعدة للمرة الأولى أن يدرك بأنه أصبح في منطقة آمنة، أمنياً وعسكرياً، لا سيما أنها شهدت أحداثاً دامية على مدى سنوات على عكس باقي المحافظات اليمنية، عندما تقع عينه على الشعارات المكتوبة على الجبال والجدران التي تتضمن «الله أكبر، الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود والنصر للإسلام»، وهي شعارات اعتبرها كثيرون أحد أسباب حرب علي عبدالله صالح ضد الحوثيين.
هذه المحافظة التي خاضت حروباً ستاً منذ العام 2004، أبرزها الحرب الأخيرة في العام 2009 التي دامت أكثر من سبعة أشهر وانتهت في أوائل شباط 2010، استطاع خلالها الحوثيون دخول أراضي السعودية ومنازلة الجيشين السعودي واليمني.
ويؤكد الحوثيون، والذي يرفض مرشدهم الروحي عبد الملك بدر الدين الحوثي هذه التسمية على اعتبار أنه وأتباعه هم من أنصار الله ونصراء المستضعفين والمظلومين، على أن الشعار الذي أطلقه حسين بدر الدين الحوثي في17 كانون الثاني 2002 في خطاب الصرخة قي وجه المستكبرين «أميركا وإسرائيل»، كان نقطة البداية لحرب شنها الجيش اليمني بالوكالة عن الجيش الأميركي وإسرائيل في العام 2004.
وظهر هذا الأمر جلياً من خلال ما قام به السفير الأميركي في صنعاء في ذلك الوقت من تحركات دبلوماسية وأمنية باتجاه رئاسة الجمهورية والأمن السياسي، واعتراضه على ذلك الشعار الذي بدأ ينتشر بسرعة البرق في أنحاء اليمن كافة، حيث انه طالب المعنيين، وتحديداً الأمن السياسي، باعتقال عدد كبير من الطلاب والشباب من «الحوثيين وغيرهم من شرائح الشباب» وعدم الإفراج عنهم، حيث وصل عددهم إلى أكثر من 800 شخص. ووصل الأمر إلى أن يلقي الرئيس اليمني علي عبد الله صالح خطابه الشهير «سبّوني ولا تسبّوا أميركا».
بعد مضي حوالى عام على الذكرى الأولى لانتهاء الحرب، لا زالت محافظة صعدة تحاول أن تلملم جراحها بعد أن سوتها الطائرات اليمنية والأميركية والسعودية أرضاً، وانتهكت الحرب أرضها حيث حوّلت معظم مرافقها الحيوية والإنمائية ومستشفياتها ومدارسها القليلة الوجود إلى كتلة من الخراب. ويصف أحد أبناء مدينة صعدة يحيى حسن (25 عاماً) ما جرى في المحافظة بأنه «هيروشيما العصر». وذيلت المواقع المدنية كافة التي تعرضت للقصف وسقط فيها الأبرياء بعبارة «هذه هي جرائم أميركا».
ولم ينس أبناء المحافظة أن يلفتوا النظر إلى أن أميركا تنشر استخباراتها، التي يسمّونها تنظيم القاعدة، من أجل أن تحوّل اليمن إلى عراق آخر، عبر التفجيرات واستهداف الناس بشكل عام.
حتى هذه اللحظة لم تشهد مدينة صعدة أو حتى المحافظة أي حركة اعمار رسمية، إلا أن بعض المواطنين يقومون بترميم منازلهم على نفقتهم الخاصة، على الرغم من وجود ما يسمى بصندوق اعمار صعدة الذي تحوّل بحسب ما أشار عبد العليم المؤيد إلى عرض للوحات تعلن من خلالها عن إعادة البناء أو الترميم للمشروع من دون تنفيذه، واقتصرت أمواله على قصور المسؤولين والنافذين لدى سلطة صالح بالإضافة إلى بعض «العمارات» التي تقع ضمن الشوارع الرئيسة لضرورات تتعلق بالجهات الأجنبية والعربية المانحة.
ويرسم الزفت الموجود في المحافظة والطرق المستحدثة ما جرى من معارك على الأرض والجو من خلال «جنازير» الدبابات التي لا تزال علاماتها واضحة حتى اليوم، أو من خلال الحفر التي أحدثتها القنابل التي ألقتها الطائرات مع قذائف المدفعية والدبابات التي دكت المحافظة بلا هوادة بحسب ما أشار حسن، مضيفاً حتى أسرى الجيش اليمني الذين أسرهم الحوثيون تمّ قصفهم من قبل الطيران السعودي بالتنسيق مع القيادة العسكرية اليمنية.
ولم يختلف الحال في باقي مدن المحافظة عما هو في صعدة، بدءا من مدينة ضحيان، التي تضم موقع جرف الهوى الاستراتيجي الشهير الذي سيطرت عليه العناصر الحوثية، وموقع قارة ويند خلص، مروراً بالمناطق المعروفة باسم خولان بن عامر والتي تشمل مديريات ساقين وحيدان ومران، التي يقع فيها منزل السيد حسين الحوثي، والتي شكلت نقطة انطلاق لعمل المقاتلين «الحوثيين»، بالإضافة إلى مديرية الظاهر في الملاحيظ، وصولاً إلى المواقع العسكرية والألوية التي سقطت بيد الحوثيين، ومنها اللواء 105 في نقطة «المجرم»، ومواقع أخرى مثل لحمان وغيرها من المواقع التي دارت فيها معارك حامية أدت إلى استسلام عناصر الجيش اليمني.
أما في القرى الحدودية بين اليمن والسعودية والتي تعتبر ملكاً للسعوديين وتقع في الأراضي اليمنية مثل المجدعة وبتول، فإن الخراب كان سيد الموقف، ولم تسلم حتى مدارسها والمنازل التي تعود للسعوديين من رحمة الطائرات السعودية والأميركية كما يقول أحد القادة العسكريين الميدانيين الحوثيين ويدعى أبو زيد، مؤكداً أن الجيش اليمني، ضمن الاتفاقية الموقعة مع الرياض، هو الذي يحمي الحدود على الرغم من وجود بعض المواقع العسكرية لنا للتصدي لأي تحرك أو هجمات خاطفة قد تحصل في ظل التنسيق الأمني على المستوى الرسمي السعودي واليمني وتجسّد في دخول مئات العربات العسكرية لمساندة النظام اليمني إن دعت الحاجة.
ويجدّد أبو زيد نفي ارتباط الحوثيين بأجندة خارجية او تلقي الدعم المالي والسلاح من الخارج، وتحديداً من طهران و«حزب الله»، مؤكداً أن هذه المزاعم هي من اخــتلاق نظام صالح المتحالف مع الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية. لكنه يؤكد علــى وجود علاقة روحية، وليست مادية، بينهم وبــين كل القوى في العالمين العربي والإسلامي التي تحارب إسرائيل.
وعن الأسلحة التي استخدموها في «الحرب السادسة»، يؤكد أبو زيد أنه تم الاستيلاء عليها من مواقع الجيشين اليمني والسعودي وتحديداً بعض المدافع المتوسطة المدى وصواريخ الكاتيوشا ومدافع الهاون. وعزا مهارات الحوثيين إلى أنهم استفادوا من تجارب حركات المقاومة في العالم وبعض تجارب الجيوش في حروبهم من خلال الأفلام التي تعرضها المحطات الفضائية مثل قناة «ديسكفري» و«المنار» التي تعرض بعض عمليات المقاومة.
ويؤكد إبراهيم، وهو أحد «المجاهدين الشباب» الذين شاركوا في الحربين الخامسة والسادسة، أن الحوثيين هم أول من أطلقوا شعار «الشعب يريد إسقاط الظالمين» مهما كان دورهم، أكان رئاسياً أم إدارياً أم أمنياً، يوم قدمت سعدة محمد علي أبو ضافر نفسها كشهيدة حق بوجه ظالم جائر، في محاولتها إيصال الماء والغذاء إلى المجاهدين، وقد منعت من قبل أفراد الجيش بالقوة وتهديد الرصاص، ولم تقبل أن يموت المجاهدون عطشاً وجوعاً ورفضت ذلك وحملت على ظهرها الماء والخبز وانطلــقت بهم باتجاه موقع المجاهدين إلا أن دمها اختلط بالتراب وما كانت تحمله.
أما حالياً وفي ظل الثورة التي تعم محافظات اليمن كافة، والتي تطالب بإسقاط نظام صالح، يعتبر الحوثيون أنفسهم بأنهم جزء ومكون أساسي في هذه الثورة، كما يقول مسؤول التنسيق الأمني لدى الحوثيين أبو علي الحاكم، مؤكداً أن المحافظة وفي ظل الأحداث الأمنية التي شهدتها المحافظات كافة لم تشهد «ضربة كف واحدة» على الرغم من وجود القوات المسلحة والأمن المركزي فيها حالياً، مشيراً إلى أن العلاقة حالياً قوية بعد أن عرف أفراد الجيش والأمن المركزي بأنهم كبش محرقة كان يقدّمهم نظام صالح لحماية مصالحه ومصالح واشنطن والرياض.
يؤكد الحاكم أن موقفــهم من الثورة هو موقف جميع الأحرار والثوار الذين نمثلــهم في ساحة التغيير في صنعاء، معرباً عن أملــه بأن تثمر هذه الثورة عبر إسقاط النظام الفاســد برموزه ومجرميه وكل من تلطخت أيديهــم بدماء الشهداء كافة، فضلاً عن إقامة دولة مدنية حديثة تكون جامعة لشرائح اليمن كافة والسعي إلى تحقيق أهداف الثورة الشعبية وبناء دولة المؤسسات.
ويغمز الحاكم من موقف قائد المنطقة الشمالية الغربية اللواء علي محسن، الذي «كان يشرف على الحرب بين الحوثيين والجيش اليمني» قبل أن يعلن انضمامه للثورة، وما جرى من أحداث في ساحة التغيير في صنعاء، مذكراً بموقف السيد عبد الملك الحوثي الذي دعا اللواء محسن وغيره من القادة العسكريين والمدنيين لأن يبرهنوا على مصداقيتهم والانضمام إلى خيار الشعب، وأن يقدم محسن الاعتذار عن الماضي الأسود الذي كان فيه بمثابة يد إجرامية ظالمة لصالح وارتكابه أبشع الجرائم بحق أبناء الشعب اليمني، وأن يعلن استعداده لتحكيم الشعب في ما جرى منه ومن أولاده ليرى رأيهم تجاه تلك الجرائم، وما لم يعتذر إلى الشعب فإن موقفه سيحسب على أنه التفاف على الثورة وركوب للموجة واستغلال سيئ للثورة لتحقيق طموح شخصي في خلافة صالح.
من جهته، شدّد محافظ محافظة صعدة الشيخ فارس مناع على وجود إجماع شعبي واسع داخل المحافظة على أهمية تضافر الجهود لتسيير عملية التنمية والإعمار وتثبيت الأمن والاستقرار من خلال التنسيق على المستويات كافة مع الحوثيين. ويلفت إلى أن 90 في المئة من أنصار «حزب المؤتمر الشعبي العام» في المحافظة قد قدموا استقالاتهم من الحزب، بالإضافة إلى أن الجيش والأمن في المحافظة انضموا إلى الثورة بعد حوار جرى معهم منعاً لإراقة الدماء بين أبناء الشعب الواحد.
وقد شهدت المدينة أمس تظاهرة شعبية حاشدة قدرت بمئات الآلاف دعا إليها الحوثي رداً على الاعتداءات الآثمة التي ارتكبت بحق المعتصمين في ساحات عدن وصنعاء وتعز وغيرها من المدن والمحافظات. ورفع المتظاهرون الذين تقاطروا من مديريات خولان ورازح وسحار وجماعة وهمدان، بالإضافة إلى أبناء مدينة صعدة، اللافتات المنددة بجرائم نظام صالح ومرددين «الشعب يريد إسقاط النظام» و«ارحل يا سفاح ...خلينا منك نرتاح»، بالإضافة إلى شعار «الموت لأميركا وإسرائيل».
http://assafir.com/Article.aspx?EditionId=1820&articleId=1299&ChannelId=42806&Author=جمال الغربي
 
أعلى