هل الدستور كافي؟

le Koweit

عضو ذهبي
إن من يتذوق طعم النجاح، لن يقبل بلا شك أن يستبدله بأي طعم آخر. ومن يجرب هواء القمة، لن يعجبه هواء السفح. وهذه طبيعة البشر، بل هذا المنطق الطبيعي.

فالشعوب التي عاشت الديمقراطية كاملة وجربتها، لن تقبل بأن ينتقص منها ولو قيد أنملة. والشعوب التي عاشت الديكتاتورية على مدى عقود، قد تقبل بديمقراطية أقل من الكاملة لأنها تعتبر بالنسبة لهم صعوداً وليس نزولاً.

إن المنطق الطبيعي يستوجب علينا أن نستمر في الصعود، لا أن نهبط.

في الكويت، عندما كنا الشعب العربي الوحيد الذي يمارس شبه ديمقراطية حقيقية، وكنا الدولة الوحيدة التي تمتلك شبه حرية فعلية، كنا راضين ومستمتعين بأننا أعلى وأفضل من الآخرين، وبأننا نملك ما لا يمكله غيرنا.

أما اليوم، وبعد التغييرات الجذرية التي شهدتها وتشهدها المنطقة، والتي باتت تدفع بالمنطقة إلى الديمقراطية دفعاً، فإنه ليس من المنطق ولا من العقل أن نتراجع بينما غيرنا ممن لم يجربوا الديمقراطية قط أصبحوا يتقدمون.

فشبه الديمقراطية التي كانت ترضينا بالأمس، لم تعد كافية اليوم، والحرية المنقوصة التي كنا نتقاسمها أصبحت قليلة جداً اليوم ولم تعد تكفينا.

سألني الدكتور مرضي العياش هل نظرتنا إلى دستورنا ما زالت هي هي أم تغيرت؟

من وجهة نظري، بلا شك فإن النظرة للدستور اليوم تغيرت. فلم يعد يرضينا كما بالسابق، لم يعد هو قمة المراد كما في السابق. في السابق كان جل ما نريده هو التطبيق الكامل للدستور، فقط، ومع ذلك لم نحصل على ما نريد. فكم مرة تم تعطيل الدستور؟ وكم مرة تم الإلتفاف عليه؟ وكم مرة تم تفريغه من محتواه؟ وكم مرة تم ازدراءه واحتقاره؟

كان مطلبنا طوال العقود الماضية هو تطبيق هذا الدستور، الذي هو دستور الحد الأدنى حقيقة لا مجازاً، كنا نريده أن يطبق فقط، ومع ذلك لم نحصل على مرادنا لأنه كان في نظر السلطة مطلباً "كبيراً" لا نستحقه.

اليوم، وأما وأن الواقع تغير، وتغير الواقع يفرض علينا أن نتغير معه، وأصبحت شبه الديمقراطية التي كنا بها فرحين، تصنفنا في خانة الدول المتخلفة، وتضعنا في المؤخرة لا في المقدمة كما كنا، فإننا يجب أن نطالب بدستور أفضل، دستور يستكمل مقومات الدولة الديمقراطية الحقة والحرية المحترمة. ولنرفع سقف طموحنا ومطالبنا نحو الأعلى، فتطبيق هذا الدستور فقط لم يعد كافياً، ومعركتنا مع السلطة يجب ألا تكون لتطبيق هذا الدستور، وإنما يجب أن تكون لتعديله لكي يستكمل الديمقراطية الفعلية والحرية الكاملة.
 
أعلى