أصل تسمية "الشعر النبطي"

النابغة

عضو بلاتيني

أنقل لكم بعضا ً مما ورد في كتاب "الموسوعة النبطية الكاملة" للشاعر طلال عثمان السعيد في جزئها الثاني ... و الذي بين فيه أصل تسمية شعر أهل البادية بالشعر "النبطي" ... هذا الشعر الذي هو من صميم الوجدان الكويتي و الخليجي ... و الذي بواسطته تم التأريخ لأحداث عديدة و عظيمة مرت على هذا البلد و على أهله ..


التسمية

تسمية الشعر النبطي اختلفت فيها الآراء و قبل أن نثبت رأينا نفصل الآراء التي قيلت في شأن التسمية بشيئ من الإيجاز ...

هناك رأي يقول بأن التسمية ترجع للأنباط و هم جيل قدم من بلاد فارس و سكن العراقين وهو قول باطل لأسباب كثيرة منها:

1- أن الأنباط ظهروا لأول مرة في القرن السادس قبل الميلاد و كانت حضارتهم عربية في لغتها آرامية في كتابته سامية في ديانتها و يونانية رومانية في فنها و هندستها المعمارية ..

2- الشعر النبطي عربي في مفرداته و أوزانه و بحوره و أن نظمت على شكل مقاطع أحيانا ً ...

3- الشعر النبطي موطنه الأصلي جزيرة العرب و دولة الأنباط اتخذت مظاهر هيلنستيه و تحالفت بعد ذلك مع روما منذ 169 قبل الميلاد زمن ملكهم الحارث "ارتياس" الذي سك النقود النبطية المقبسة من البطالة ...

4- لا توجد أشعار للأنباط و لا شعراء لهم فقد كانت كتابتهم آرامية.


رأي آخر يقول:

أن أول من قال الشعر النبطي هم "النبطة" من سبيع القبيلة العربية المشهورة ورد ذكرها في كنز الأنساب تأليف حمد بن ابراهيم الحقيل الطبعة العاشرة 1984م ص 180 يقول: "وهم أهل النجدة و النخوة و أماكن هذه القبيلة بعضها في نجد و بعضها في الخرمة و رنية و يقول النبطة بطن من سبيع منهم آل رشود في الأفلاج و غيرهم ..."

و لكن الشعر النبطي كما قدمنا نشأ و ترعرع في ظلال الفصحى منذ العصور القديمة أي قبل أن تتكون هذه القبيلة العربية الأصيلة أو قل قبل أن يكون بطن النبطة بهذا التكويت الحالي من ناحية الشهرة و العدد.


رأي ثالث يقول:

أن التسمية نسبة لوادي "نبطا" قرب المدينة المنورة وهو رأي يفتقر إلى الدليل و تنقصه الكفاية العلمية لذا فهو رأي غير مستقيم ...

و نحن نرى أن التسمية لا تمت لكل هذه الآراء بصلة فكلمة "نبطي" و أن دلت على الأنباط فهي لا تقتصر على جيل من الناس أو بلد من البلاد ...

و نبط باللغة العربية لها دلالات كثيرة ... تقول فرس أنبُط بمعنى: أبيض البط ... قال ذو الرمة:

كمثل الحصان "الأنبط" البطن كلما ........... تمايل عنه الجل فاللون أشقر

و من المجاز : فلان لا ينال نبطه: طن يوصف بالعز .... قال كعب الغنوي:

قريب تراه لا ينال عدوه .......... له نبطا ً آبى الهوان تطوبُ

و يقال في الوعيد:

لأبثن ما في جونتك "و لأنبطَنَّ نَبطكَ" ...

و أستنبط معنى حسنا ً و رأيا ً صائبا ً لعلمه الذي يستنبطونه منهم و استنبط فلان خيرا ً ... أما ماجاء من أن الشعر النبطي نسبة إلى الأنباط فهو رأي عار عن الصحة فهذا خالد بن الوليد يقول لعبد المسيح بن بُقيلة:

أعرب أنتم أم نبيطٌ؟

يقول عبدالمسيح: عرب استنبطنا و نبيط استعربنا ...

فإذا كان هناك من العرب من استنبط فلايكون شعره بعربي و إذا كان هناك نبيط استعربوا و دخلوا في العربية و أصبحوا من أبناء العربية و ذابوا فيها فلاشك أنهم نسجوا على منوال العرب لغتهم العربية العريقة القديمة و حسبها عراقة و قدما ً أن: من بناتها الساميات البابلية و الفرعونية و الكنعانية فضلا ً عما تلاها من "آرامية" و مندانية و آشورية ...

و سبق لنا أن قدمنا بأن الأنباط كتبوا بالآرامية فكيف يستقم هذا الرأي!؟

و لله در المعري حين يقول:

أين امرؤ القيس و العذارى ........ إذا مال من تحتهي الغبيط
استنبط العُرب في الموامي ........ بعدك و استعرب النبيط

و خلاصة القول في تسمية الشعر النبطي بهذا الأسم أنه من نبط الماء بمعنى سال حيث استنبطه العرب من لهجاتهم المحلية المعبرة عن أدب القبيلة ليعبر به الشاعر النبطي عن مشاعره و آماله و أحلامه، نبت و نبع في أكرام المنابت فهو من نبعة عربية كريمة و من هنا كان لزاما ً علينا ذكر نشأة الشعر النبطي بالتفصيل ففي هذا الجزء من الموسوعة ما يتسع لعرض الأراء و مناقشتها كما أن المجال متسع لبيان الأدلة لنحسم الأمر في تسمية الشعر النبطي الذي يتطور بتطور الحياة و العصر لتصوير المجتمع العربي البدوي الشعبي تصويرا ً حيا ً دقيقا ً بصور شعرية صادقة لا تتوفر فيها فصاحة الكلمات ....

 

النابغة

عضو بلاتيني
الشعر النبطي .... عربي النشأة


للإستدلال على معنى "نبط" في اللغة العربية نجد أن "تنبط" الشيئ نبطا ً و نبوطا ً : أي ظهر بعد خفائه ...

و الشعر النبطي فيه الظهور بعد الخفاء ..

يقال: حفر الأرض حتى نبط الماء، و جدَّ في التنقيب حتى نبط المعدن ...

و الشعر النبطي: تنقيب و بحث لإظهار المعنى و إبراز القصد ... و نبط الشيئ نبطاً : أظهره و أبرزه ...

و نبط الشعر نبطا ً: أظهره شاعره و أبرزه أي أظهره و بينه و نشره و برز الشاعر: فاق أصحابه فضلاً و سبقهم ... يقال نبط العلم و الحكمة استخرجها و بثها بين الناس ...

و الشعر النبطي: يتضمن معنى البث تقول: بثه بثاً: فرقه و نشره و بسطه و أذاعه و أفشاه و أظهره و ذكره و في القرآن الكريم "وبث منهما رجالاً كثيراً و نساء".

تقول: أنبط الحافِر: بلغ ما يحفر عنه، حفر عن الشيئ بحث عنه ليستخرجه كما يقال: حَفَر عن الكنز ...

و الشعر النبطي يبلغ الشاعر به غرضه و يستخرج عن طريقه فكره و يعرض به ألحانه و يجود في أوزانه ...

و يقال : أنبط جواب السؤال، و انبط حكم القضية: أي استخرجها باجتهاد و فكر و معاناة.

و نحن نحاول أن نخلص الشعر النبطي و نصفيه و نجليه و نبعد عنه طائفة من المسائل التي حاول المغرضون إلصاقها به لتشويه صورته وهم لا يبرؤن من الخلط حين يذكرون أن الشعر النبطي يعمل على إفساد اللغة لأنه يتهاون في اللغة و النحو و يخاصم سيبويه و الخليل بن أحمد و النحو لا يجوز الخطأ فيه ...

ليقل المهاجمون و الغاضبون على الشعر النبطي و الهادمون له ما يقولون ... فالشعر النبطي شاع بين الناس قديما ً في قصائد لكنها لم تدون و ذلك لأنها تمثل الأدب الشعبي العربي و حركة جمع الأدب الشعبي و دراسته حديثة كما أن الأدب الشعبي الذي يمثله الشعر النبطي يشتمل على صفات اللهجات العربية بكل ما فيها من صفات صوتية فرقت بين لهجات العرب ...

و الشعر النبطي: يعطي إجابة على مسائل ليس إلى حلها من سبيل ...

هذا عميد الأدب العربي يقول:

"و أنت تستطيع أن تلقى طائفة من المسائل لا تمس وزن الشعر و قافيته و معناه و إنما تمس ألفاظه من الوجهة اللغوية و النحوية و الصرفية ...

فهل كانت لغة الشعر و نحوه و صرفه كما نراها في شعر هؤلاء الجاهليين الذين وصل إلينا شعرهم؟.

أم هل كانت لهذا الشعر في أول أمره لغة أخرى تخالف لغته التي نشهدها الآن قليلا ً أو كثيرا ً ...

كل هذه مسائل ليس إلى حلها من سبيل ... لأننا نعجز عجزا ً لا شك فيه عن أن نعرف أولية الشعر الجاهلي ...

و نعجز عجزا ً لا شك فيه عن أن نلم من هذه الأولية بما يمكننا من أن نحاول حل هذه المسائل حلا ً صحيحاً أو مقاربا ً ...

و نحن لا نستطيع أن نقبل أن الشعر العربي قد نزل من السماء، أو نشأ كاملا ً كما هو عند زهير أو النابغة، و إنما نشأ الشعر ضعيفا ً واهنا ً مضطربا ً ثم قوى و نما و استعت أجزاؤه شيئا ً فشيئا ً ... حتى بلغ أشده قبل العصر الذي ظهر فيه الإسلام و ذهبت عنّا طفولة هذا الشعر و ذهبت عنا مظاهر تطوره أيضا ً ..."

نقرأ كل هذا عن الشعر العربي و لا نفكر في الشعر النبطي لإخلاء الميدان للشعر العربي رغم وجود شواهد تاريخية تثبت أهمية الشعر النبطي فقد عاش الشاعر النبطي إلى جوار الفصيح - شاعر الفصحى - لكن الأشعار النبطية لم تلق العناية بالرواية و التدوين كما حدث في مجال الشعر الفصيح ... أما المرأة البدوية، سواء أكانت إسلامية أم جاهلية فقد كان لها نصيب وافر من الحرية تحسدها عليه أختها المتحضرة و قد اسهمت المرأة في الشعر النبطي و الفصيح على حد سواء.

و إذا كانت قد عاشت أحيانا ً في بيت تعددت فيه الزوجات و كان الرجل فيه سيدا ً ، فإنها حرة في اختيار زوجها و في فراقه إذا أساء إليها، إذ لها فوق ذلك حق التملك الشخصي. و من مزايا البدو مقدرتهم على اقتباس ثقافة الآخرين و تمثيلها فتلك القوى العقلية التي كانت كامنة طيلة أجيال تنبهت و أصبحت قوى متحركة فعالة عندما لاقت جوا ً ملائما ً. و مما لاشك فيه أن أزدهار الدولة الإسلامية في أوائل عهدها يرجع ببعض أسبابه إلى تلك القوى الكامنة في (البدو) الذين هم كما قال عمر بن الخطاب : "أصل العرب و مادة الإسلام" .
 

النابغة

عضو بلاتيني
نستكمل اليوم ما بدأناه أمس من نقل و تعريف بالشعر النبطي و تسميته ...


الأنباط و تاريخهم

ظهر الأنباط لأول مرة في القرن السادس قبل الميلاد ... قبائل بدوية في الصحراء الواقعة في شرقي ما يسمى اليوم بشرق الأردن ...

و في القرن الرابع قبل الميلاد كان الأنباط قوما ً رحلا ً يعيشون في الخيام و يتكلمون العربية و لا يهتمون بالزراعة ...

و في القرن الثالث تركوا حياة الرعي إلى حياة الإستقرار و عملوا بالزراعة و التجارة. و في أواخر القرن الثاني تحولوا إلى مجتمع منظم ...

و أول تاريخ ثابت للأنباط يرجع إلى 312 قبل الميلاد حين نجحوا في صد هجمتين عن سورية بقيادة "أنتيفوس" أحد خلفاء "الأسكندر" و كانت البتراء عاصمة الأنباط.

و سَّع الأنباط سلطتهم و مراكزهم إلى المنطقة الشمالية المجاورة حيث أعادوا بناء المدن "الأدومية" و "الموابيه" القديمة.

أصبحت "البتراء" منذ أواخر القرن الرابع المدينة الرئيسية على طريق القوافل تربط بين جنوب جزيرة العرب الذي ينتج التوابل، و بين مراكز الإستهلاك و البيع في الشمال ....

و بدأ عهد ملوك الأنباط "منذ 169 ق.م." و منهم الحارث أرتياس الذي تحالف مع ملوك سورية السلوقيين ثم أصبح منافسا ً لهم ...

و لقد ساعد الحارث "ايرتيموس" حوالي 11-96 ق.م. في غزة حينما حاصرها اسكندر جنايوس المكابي 96 ق.م.

و أنتصر خلفه عبيده "أبوداس الأول" على "جنايوس" و استغل عبيده وخلفه الحارث الثالث حوالي 87 - 62 ق.م. إنحطاط جيرانهما السلوقيين و البطالمة فوسعوا الحدود إلى الشمال.

و كان الحارث هذا أول من سك النقود النبطية التي اقتبس لها النموذج المعروف عند البطالمة. و بدأت البتراء منذئذ تتخذ مظاهر "هلينستيه" كما أخذت دولة الأنباط تتحالف مع روما.

عصر الأنباط الذهبي

يمثل مالكوس1 "حوالي 50-28 ق.م." عصر الأنباط الذهبي الذي أنتهى بموته. و بلغت المملكة ذروتها في عصر الحارث 4 "9 ق.م. - 40 م" الذي تابع نشر الحضارة الرومانية. و كانت المملكة تضم في أقصى إتساعها جنوب و شرقي الأردن و سورية الجنوبية الشرقية و شمالي جزيرة العرب ...

و كانت حضارة الأنباط عربية في لغتها، آرامية في كتابتها، سامية في ديانتها، و يونانية رومانية في فنها و هندستها المعمارية ...

ديانة الأنباط

كانت ديانتهم من النوع السامي الشائع أسسها طقوس الخصب المتصلة بالزراعة ... و كان رأس آلهتهم الإله "دوشارا" و هو إله الشمس الذي يعبد على صورة مسلة أو حجر أسود غير منحوت له أربع زوايا ... و اللات آلهة رئيسة في الجزيرة العربية و تتصل بالإله دوشارا ...

و اللات كما هو معروف أحد أصنام العرب الكبرى و يرمز للشمس و له معبد بالطائف و صنم في الكعبة و قد أشار القرآن الكريم و الشعر الجاهي إلى تقديس العرب لهذا الصنم قبل الإسلام ...

و لقد أبيد الصنم و المعبد بعد فتح مكة المكرمة ...

بعد هذه العرض الموجز للأنباط و تاريخهم و ديانتهم نكون قد فرغنا من أمر حار فيه الكثير ممن يجهلون تاريخ الأنباط و لغاتهم.
 

النابغة

عضو بلاتيني
أوزان الشعر النبطي

معنى الوزن:

وزن الشيئ وزنا ً و زِنة ً: رجح.

ووزن الشيئ: قدَّر بواسطة الميزان ... أو رفعه بيده ليعرف ثقله و خفته و جمع الوزن أوزان ...

يقال: وزن الرجل الكلام و الشعر: قطعه و ميَّز بين ثقله و خفته أو نظمه موافقا ً للميزان العروضي ...

الموزون: شعر موزون جرى على وزن معلوم في الشعر النبطي و كلمة "موزون" وردت في القرآن الكريم في قوله تعالى: "و أنبتنا فيها من كل شيئ موزون" صدق الله العظيم ...

أما شعراء النبط فيستبدولون الواو بالألف فيقولون "مازون" أي لا إختلال في وزنه.

الميزان النبطي:

الميزان النبطي هو الغناء "الهيجنة" التي توزن بها الأشعار النبطية بإرجاع القصيدة إلى بحرها بالغناء عليه حتى تستطيع الحكم عليها ...

و الوزن عند العروضيين : ما بنت العرب أشعارها عليه ... و عند شعراء النبط: الغناء ... الذي يبني عليه الشاعر شعره فالشاعر النبطي مقيد بالوزن و القافية لايمكنه أن يتصرف كما يريد ...

العروض

علم موازين الشعر، و العروض من البيت: آخر شطرهِ الأول و جمعه أعاريض وهو علم يعرف به وزن الشعر الفصيح و النبطي و هذا المصطلح يرتبط بالشعر النبطي إرتباطا ً وثيقا ً لأنه أشتق من المعنى الحقيقي لكلمة "عروض" و هو الطريق إلى عرض الجبل في مضيق كما أن عروض تشير إلى قطعة من الخشب أو عمود في وسط الخيمة و التي تشكل الدعم الرئيس لها و العروض هي الناقة التي يصعب قيادها و من هذه التعريفات نستطيع أن نؤكد إلتصاق هذا المصطلح بالصحراء و الشعر النبطي هو ما صبغ بصبغة البادية و المفردات المستخدمة في نظمه هي نفس المفردات المستخدمة في لهجة أهل البادية وجل شعراء النبط من أهل البادية و الشاعر النبطي لا بد له من الإلمام بلهجة البادية ليجود شعره ...

قال ابن رشيق:

اللفظ جسم، و روحه المعنى، ارتباطه به كارتباط الروح بالجسم: يضعف بضعفه و يقوى بوقته.

فاذا سلم المعنى و اختل بعض اللفظ كان نقصا ً للشعر و هجنة عليه ... كما يعرض لبعض الأجسام من العرج و الشلل و العور و ما أشبه ذلك من غير أن تذهب الروح و كذلك أن ضعف المعنى و اختل بعضه كان اللفظ من ذلك أوفر حظا ً كالذي يعرض للأجسام من المرض بمرض الأرواح.

ولاتجد معنى يختل إلا من جهة اللفظ و جريه فيه على غير الواجب، قياسا ً على ما قدمت من أدواء الجسوم و الأرواح.

فإذا إختل المعنى كله و فسد بقى اللفظ مواتا ً لا فائدة فيه، و أن كان حسن الطلاوة في المسمع، كما أن الميت لم ينقص من شخصه شيئ في راي العين إلا أنه لم ينتفع به لأننا لا نجد روحا ً في غير جسم البته".

أهمية الحفظ لشاعر النبط:

لا بد لناظم الشعر النبطي من حفظ الأشعار النبطية و من كان خاليا ً من المحفوظ فنظمه قاصر و رديئ، و لا يعطيه الرونق و الحلاوة و الطلاوة إلا كثرة المحفوظ حتى ينمي ملكة الشعر بنفسه و ينهج على نهجه و ينسج على منواله وهو ما نسميه اليوم "الخلفية" و طرقها و كيفية التعامل مع الكلمة بالشكل الصحيح مستفيدا ً. بذلك من تجارب الآخرين و ذلك لا يؤثر في كون الشاعر يختط لنفسه خطا ً مستقلا ً يعرف به و يميزه عن الآخرين.

بحور الشعر النبطي

للشعر النبطي بحوره التي عرف بها و نظم شعراء النبط أشعارهم عليها منذ نشأة هذا الشعر حتى الآن وقد تعارف الشعراء على النظم عليها و أصبح عرفا ً متبعا ً تتوارثه الأجيال دون أن تكتب هذه البحور نظرا ً للبساطة و العفوية التي عرف بها الشعر النبطي و بحور الشعر النبطي على قسمين:

1- بحور أصيلة

2- بحور مبتكرة


أما البحور الأصيلة فهي:

1- الهلالي: وهو أقدم البحور و أول ما نظم عليه الشعر النبطي.

2- الصخري: ولادته مع الهلالي تقريبا ً.

3- الحداء: من حداء البدوي للأبل.

4- المروبع: بحر جديد كان للشاعر النبطي الكبير محسن الهزاني دور كبير في ظهوره و يتألف البيت من أربع شطرات ثلاث منها على قافية و الرابعة منها قافية مشتركة حتى بقية القصيدة و له أوزان مختلفة.

5- القلطة: النظم الإرتجالي.

6- الرجد: بحر نظم عليه أهل شمال جزيرة العرب أشعارهم و منها ما غنى لفن (الدّحه).



البحور المبتكرة:

1- المسحوب: مشتق من بحر الهلالي وهو أقصر منه بحرف واحد.

2- الهجيني: ولد من الحداء حيث أخذ طابع الغناء للأبل و الهجينه على ظهورها و بقيت تسمية الحداء تخص أهازيج الفرسان على ظهور خيولهم للحماسز

3- السامري: بحر ولد من الهجيني حينما أرادوا أغان يسمرون بها و يغنونها وهم جلوس فلحنوا لذلك بعض "الهجينيات" ألحانا ً خفيفة تصلح لوضع الجلوس، و غنوها فكان بحر السامري على هذا النمط حتى ظهرت له قصائدة الخاصة و دخلت الإيقاعات فيه "قرع الطبول" و منه غناء النساء فيما بينهم حيث لا يصلح لهن الحماسي فاخترن القصائد الوصفية و الغزلية ليغنينها مع التصفيق أو قرع الطبول.

4- الفنون: بحر أسسه الشاعر النبطي ابن لعبون كلون يتميز به عن غيره من البحور النبطية و قد أشتقه من السامري حيث يؤدى بنفس الطريقة.

5- العرضة: اختلفت الآراء فيها فمنهم من يقول أنها امتداد لإستقبال الأنصار للرسول صلى الله عليه و سلم عند قدومه المدينة المنورة و منهم من يقول أنها نوع من الحداء مشتقة من هذا البحر تغنى فيها القصائد الحماسية انتظارا ً للحرب أو ابتهاجا ً بالنصر و لهذا سميت "حدوة" في بعض البلدان كنوع من الحداء و لكنه جماعي.

6- الجناس: وهو الأبن الشرعي للمروبع ابتدعه أيضا ً الشاعر النبطي محسن الهزاني و قد شغف بالبحث عن التجاوب الموسيقي الصادر عن تماثل الكلمات تماثلا ً كاملا ً أو ناقصا ً فيطرب الأذن و يهز أوتار القلوب لأن اللفظ المشترك إذا حمل على معنى ثم جاء المراد به معنى آخر كان للنفس تشوق إليه و انتشرت بعده هذه الطريقة بالنظم على أن هذا البحر يعتبر طريقة نظم أكثر منه بحر من بحور الشعر.

7- الزهيري: بعد ظهوره شعر شعراء النبط أنهم بحاجة إلى إستعراض قوتهم بشكل اوسع فنظموه و أدخلوا عليه الألفاظ النبطية.


 
أعلى