شرهات السياسه والغام المعبوج

فهيدااان

عضو ذهبي
شرهات السياسة.. خيار استراتيجي دائم؟
عبدالله بشارة

بعد مرور وقت قصير من انتظام العمل في الأمانة العامة لمجلس التعاون في مدينة الرياض، وبعد استقراري في تلك المدينة المتحدية كأمين عام للمجلس، زارني شخص متسلح بالوقار المتوارث لدعوتي على غداء يليق بالمقام ترحيبا بقدومي من مدينة نيويورك، وتقديرا لاختياري كأول أمين عام للمجلس وتعريفا بأهل العشيرة ووجهاء القوم، وبعد الحاح اعتذرت لارتباطات سابقة وحاجتي الى وقت أطول قبل الانطلاق الاجتماعي، لأن شؤون المجلس تحتكر كل وقتي، فتفهم الرجل ظروفي، لكنه استفسر مني بسؤال غريب على واحد مثلي جاء من الأمم المتحدة، حيث سألني اذا كانت الأمانة العامة «تشره»، أي تقدم شرهة – أي تجامل ماليا – للأعزاء من أصدقائها، فأجبت بما يليق عن بعد عمل الأمانة عن ممارسة الشرهات السياسية التي يعرفها أهل الحل والعقد في المجتمعات القبلية.
ليست لي معرفة سابقة بمراسم الشرهات وانما كانت معرفتي محصورة في اجراءات الرشوة في الأمم المتحدة وهي من الفنون التي مارسها الكثيرون، شخصيات ودول وجمعيات، بالسر والعلن، كانت تايوان منبعا سخيا لمن يأخذ ثمنا لتصويته، وكانت ليبيا بئرا مرا ومخيفا لمن يبيع التصويت، وهناك آخرون يدفعون لضمان النجاح في التصويت لاسيما وأن مجالات العمل في الأمم المتحدة تسمح للسفير ان يتصرف وفق خبرته وحكمته اذا لم يكن الموضوع يمس الأمن الوطني للدولة، لهذا فان شراء الأصوات وصوغ الاتفاقات المالية أمر معروف وعادي، ولا أبرئ أحدا، فمن يريد مقعد مجلس الأمن عليه ان يتقن فنون اللعبة، خاصة في الوقت الراهن مع تنامي دور المجلس في ضبط سلوك الدول.
نعود الى موضوع اليوم مع اتساع السخط الكويتي الشديد على الملايين التي دخلت في حسابات النواب وفق ما تناقلته الصحافة وربما حسابات العديد من الوجهاء ورؤساء التجمعات، فهي شرهات سياسية يعطيها المتصدر وفق تقاليد الصحراء، وهي الخيار الاستراتيجي للوصول الى الهدف المرسوم في هزيمة الخصوم وطردهم، وهي آليات تحقق الترابط بين التحالفات داخل القبيلة ولها نظام مثل حلف الناتو، تساهم التحالفات الكبيرة بأوسع المساهمات في الرجال والعتاد بينما تكتفي التجمعات الصحراوية الصغيرة بالتطعيم المحدود، ولها قيادات مشتركة.
من هذا التراث المتشرب بسطوة المال ووهج المادة، استخرجت الكويت لها نسخة سياسية تناسبها وتم ترويضها لخدمة ادارة الحكم وتسهيل مأمورية المسؤول وتأمين تنفيذ البرامج التي تريدها ادارة الحكومة من أجل تمريرها وفق الشرعية الدستورية عبر مجلس الأمة، لضمان ان تعمل الدولة ومؤسساتها ولا تتوقف أو يصيبها الشلل.
ليس أمام الحكومة خيارات أخرى أمام هذا الوضع البرلماني الشائك، وماذا تعمل الحكومة التي تجد نفسها أمام برلمان لا تملك فيه أغلبية مضمونة متعاقدة معها سياسيا ومتجانسة فكريا ومنهجيا؟ ومن هذا الوضع المعقد يأتي التراجع والجمود المسيطران على الدولة، ومن هذا الوضع الذي لا يستقيم مع تمكين الحكومة في اتخاذ القرار، تتولد المعارضات ضد المشاريع المقترحة التي تقدمها الادارة والتي لا تسلم من الطعن في نياتها ومن الشك في سلوكها.
هذه مأساة الكويت التي تتحمل فيها حكومتها مساءلة ومعارضة من النواب بلا أعوان برلمانيين ينهضون بمشاريعها ويتفاعلون مع مقترحاتها ويدافعون عن طرحها لخطط التنمية التي تريدها، وعليها وحدها ان تخترع وسيلة ترفعها من أسر المعارضة البرلمانية الدائمة، فلا بأس من اللجوء الى المال العام،
وقديما قيل بأن أية مشكلة يحلها المال لا تعدو مشكلة اذا توفر هذا المال.
هناك أربع حقائق تعيشها الكويت وهي معوقات لابد ان نتعامل معها بالعزم والتصميم لمعالجتها والخروج من مأزقها:
أولا: لم نتمكن على الرغم من مرور خمسين سنة من العمل البرلماني من الخروج من مأزق القبلية والطائفية والعرقية ولم نصنع المجتمع الحديث ولم نؤسس صلابة مجتمعية موحدة، فلا زالت القوى مبعثرة ومتباعدة ومتحسسة من بعضها، زادت مساحة التباعد بينها، وتضخمت الشكوك، وصار الاستنجاد بالقبيلة وبالطائفة دفاعا عن موقف أو حصولا لمكافأة واقعا مقبولا، فيستنجد أهل الغتر الحمراء بقبيلتهم، في مواجهة رجل الاعلام الذي لا يريد اللون الأحمر، ويستنهض الطائفي الذي لم يقبل ابنه في كلية الشرطة همة النائب ليوجه سؤالا عن أسماء المقبولين ليتفحص مذهبهم، ويصرخ نائب آخر مهددا الوزير الذي يتجاهل ترقية مفاتيحه الانتخابية، ولا زال مجتمع الكويت مثل مجتمعات الآخرين في الدول العربية، تجمعات عجزت عن اختراق المحصنات المتوارثة، وفشلت في بناء الاندماج الكامل لمجتمع يقيم ويثمن الكفاءة والمقدرة والابتكار بدلا من الانتماء القبلي والولاء الطائفي والاعتزاز العنصري.
ثانيا: لم نفلح حتى الآن، ورغم ما نردده في الاحلام، في بناء دولة المواطنة – Law of Citizenship، حيث الوفاء والولاء للوطن وحده، والتميز للمهارة والكفاءة فقط، ويعود السبب الى واقع البيئة الداخلية التي لم تتطور الى حد تقبل املاءات القانون، وتذعن لحسم الانضباط، وتتصدى للتشظي الاجتماعي وتتقبل اجراءات رادعة لتحاشي هذا الانقسام المؤذي.
ولم نتمكن حتى الآن، نحن وغيرنا في البيئة الاقليمية المتأخرة، من اعلاء شأن الوطن وشروط التميز فيه، وحجم التضحية له، ومسؤولية المواطن في حمايته، وانما ارتاح الجميع للنهج الرعوي الأبوي السهل المدلل والسخي.
ثالثا: بدون تجمعات سياسية تحمل برامج وطنية مستنيرة وحديثة أساسها الولاء للقانون وترسيخ الخيار الديموقراطي واحترام الكفاءة وتقدير المعرفة، والدعوة للتحاور بلغة الاحترام من أجل القضاء على نوعية الحوارات التي تسهم في توتيرالمجتمع، واعلاء شأن القيم والأخلاق والسلوك السليم، يرافقه تثقيف سياسي وطني بغرس مفاهيم صلابة الوحدة والاعتزاز بالتكافؤ والمساواة، بدون ذلك ستبقى سطوة الشرهة كقوة مؤثرة في واقعنا السياسي والاجتماعي، وسيزداد لمعان الرشوة، وسيفرز المجتمع كتلا من المنتفعين المرفهين الذين ينعمون بلا حق من خيرات البلد، مكافأة لتمرير تشريعات برلمانية وتلميعات اعلامية ومؤازرات تلفزيونية وتحالفات مصلحية، ترهق الدولة وفي النهاية تتحول الى عبء ثقيل على أكتافها..
رابعا: لم تألف ادارة البلد أوجاع القرار الخشن – Hard Decision لأنها اعتادت على اتخاذ قرارات ناعمة سهلة محدودة التبعات، وتكاليفها مادية ومالية يسهل التغلب عليها مع صعود أسعار النفط، ولأنها تخشى الأذى من المواجهة المعقدة والمزعجة مع قوى البرلمان والتيارات المعارضة تلجأ الى الاستراتيجية التقليدية في الضخ المالي على نهج الشرهات، وتعطي بهدوء لمن يسهل تمرير القرار ولمن يكتب مادحا، ويتوسل منتظرا.
لن تتقدم الكويت مع توظيف نهج الأدب الجم وآداب الشيخة، وانما ترتفع عند حضور القيادة التي تمسك الثور من قرنيه، بدلا من الطبطبة على أكتافه، هذا منطق القيادة الوحيد.
لابد ان ندرك أن الخوف من القرار الصلب أدى الى جمود البلد وتراجعها وخلق بيئة محسوبيات وعزز دور النواب في الانتصار للتجمعات وللطوائف التي ينتمون اليها، ومن يقرأ أسئلة النواب الموجهة الى الوزراء يتحسر على صفحة الكويت الناصعة ويتألم على تناثر قواها.
باختصار، بدون اصلاحات دستورية تؤدي الى تمتع الحكومة بأغلبية برلمانية أوتوماتيكية ودائمة، لن تستطيع أي حكومة حالية أو قادمة تنفيذ الخطط والبرامج بدون العون المالي الذي تستند إليه عند الشدة.
في خطابه أمام لجنة التجديد الاقتصادية والاجتماعية، قال سمو الأمير كلاما يحمل صرخة من تحمل وصبر وحدد بأن السيل بلغ الزبى، ونحن في انتظار القرار الذي يفرج عن مجتمعنا ثقل جبروت المال وينهي حقبة التراخي الممل ويسحب الكويت الى درب يصعد بها الى المكانة التي تستحقها.

http://www.sabr.cc/inner.aspx?id=10982


التعليق
مع اتساع السخط الكويتي الشديد على الملايين التي دخلت في حسابات النواب وفق ما تناقلته الصحافة وربما حسابات العديد من الوجهاء ورؤساء التجمعات، فهي شرهات سياسية يعطيها المتصدر وفق تقاليد الصحراء، وهي الخيار الاستراتيجي للوصول الى الهدف المرسوم في هزيمة الخصوم وطردهم،
خيار استراتيجي لطرد النواب الاحرار !! استراتيجي يعني الهدف الاول .
برلمان لا تملك فيه أغلبية .
كل مره يقول ان الحكومه لاتمتلك الاغلبيه البرلمانيه !!
كل هالانبطاحيين والمرتشين واصحاب الصفقات المناصب لاقربائهم ومفاتيحهم الانتخابيه
وماكو اغلبيه !!
يا عمي احلى مجلس للحكومه !
فلا بأس من اللجوء الى المال العام، وقديما قيل بأن أية مشكلة يحلها المال لا تعدو مشكلة اذا توفر هذا المال.
لا باس الرجال افتى وحلل لهم استخدام المال العام .وماكو مشكله .
باختصار، بدون اصلاحات دستورية تؤدي الى تمتع الحكومة بأغلبية برلمانية أوتوماتيكية ودائمة،
وكل مره يطالب باءصلاحات دستوريه ! يبي يوسع الرجل !
بس اغلبيه برلمانيه اوتوماتيكيه ! يقصد مجلس معين مثلا والا شنو ! انبطاحيين دائمين تبي ! اوتوماتيكيه بعد تبي التجديد لهم . لا بالله كدينا خير
ما تدري ان فيه ربيع عربي الله يهداك بس !!!!
لن تستطيع أي حكومة حالية أو قادمة تنفيذ الخطط والبرامج بدون العون المالي الذي تستند إليه عند الشدة
بس انا ابي اسأل العون المالي من المال العام والا من البوك ؟
اذا مو من البوك !!!
لابد من صندوق العون المالي !!
بعض السطور فيها كلام ممتاز .
بس بعضها فيها الغام معبوج !!!
 

جراح الكويت

عضو بلاتيني

برلمان لا تملك فيه أغلبية .
كل مره يقول ان الحكومه لاتمتلك الاغلبيه البرلمانيه !!
كل هالانبطاحيين والمرتشين واصحاب الصفقات المناصب لاقربائهم ومفاتيحهم الانتخابيه
وماكو اغلبيه !!
يا عمي احلى مجلس للحكومه

بالعكس أتعس وربما آخر مجلس لكثرة الشرهات السياسية
 
أعلى