الوقوع في المحظور/ قصة قصيرة

ازدهار الانصاري

عضو بلاتيني
احتارت الشمس كيف تشرق فتارة يخنقها دخان المدافع وأخرى تعتم دورتها ذبابات سوداء
تحمل في احشائها الدمار اختارت ان تغرب لعلها مع الوقت تجد مكاناُ آخر للشروق.


حكايتهما كانت أشبه بحكاية الشمس القلقة في مكان دورانها وقد يكون كل ما بينهما متاهة
حلم لكنهما في نهاية الامر سيذعنان للواقع ويفيقان على صوت تطلقه الملائكة ربما أو
الشياطين لتقع الخطيئة الكبرى مرة أخرى في عالم الانسان.


في بيتها لوحة لرجل توحي معالم وجهه بالطيبة والسكون يعبر باستحياء عن جمال خفي
في روح تختزل عمق الزمن لتبدأ الحضارة لكنه في كل الاركان تلك يضيع منزوياً ينتظر
مداد كلمات تعيده إلى الحياة.
تمتد يدها إليه تسحبه برفق تشفق على روحه من الانكسار تعلم جيداً ان الغد قد يكون
صعب الوصول إليه وقد تكون الايام المتلاحقة لا تعير اهتماماً لما يعتمل في امتدادات
الارض من احتراقات واستنزاف ولعلها ليست عابئة باختراقات سمواتها لذا قررت
حين امسكت بتلابيب روحه المعلقة بين السماء والارض ان تحمل الوطن قلادة تطوف
بها العالم كي لا يسرقها ويستنزفها الآخرون وان كان الثمن هو رحلة اغتراب طويلة الامد.

حين ادرك تلك القدرة الهائلة التي تمتزج بها خلاياها شعر بدبيب القوة يمتد بين أوصاله
وعلى الرغم من ادراكه بأن الدود والجراد حين اخترقا مسافات الروح استحلى كل ما فيها من حب
وتوق للحياة فغدت دواخله جرداء قاحلة لا تحتويها الامكنة الخضراء لكنه اراد ان يستمع اليها.

وفي لحظة صفاء مشوبة بالتوتر والقلق قالت: لم يعد مهماً ان نعرف من بدأ الهجر أولاً..
كلانا كنا غافلين حين سقطت احلامنا ووجدنا أنفسنا في سفينة الاغتراب راحلين نحمل
في القلب لوعة عاشق ومرآة ذكرى..

قال: لاني خفت على سعادتي ان تحلق بعيداً استنكرت وجود الاخرين حولي فاخفيتها
في صدري لكن عيناي التي لا تملكان سبل الاخفاء اعلنت عن تلك السعادة التي تكسرت
ببطء شديد ومثل ورقة صفراء اسقطتها ريح الخريف تكسرت قبل ان تصل إلى الارض..

شدتها اليه جملة واحدة وموقف، فقررت ان تقع في الحب قبل ان يحدد القدر لها شيئاً من ذلك
ولانها قررت ان لا تسمح للقدر ان يحيلها إلى حجر شطرنج تحركها الايادي كيفما شاء لها،
ولأنها بطبيعتها المتمردة ثائرة.. استسلم القدر لارادتها معلناً عدم تمكنه من تحديد المصير
تاركاً اياها في عنف الاضطراب تبحث عن مخرج يستفز كل امكاناتها لبدء مرحلة اخرى،
ولكي تقترب منه اكثر قالت: ظننت اني استعيد عافيتي باختراق زمام المساقات لكني فوجئت
بعلة أخرى لم أضعها في حساباتي المختلة لذا أعلن أخيراً اني كنت خارج نطاق الوعي
حين استقرت حواسي على اتخاذ درب الغربة والضياع لكنني لست بنادمة على ذلك فمازالت

البوابات مشرعة وعلي اقتناص الفرصة كي لا اقع فريسة سهلة للقناص القادم.

قال: لاني احبك اكثر تفترسني الظنون تحيلني إلى كومة رماد مشتعل فما ان تلمسيني بيدك
حتى ينتفض جسدي بحرارة لاسعة تحرق كل ما يصادفها ببطء شديد وتستعر النيران وحينها
يصير من الصعب اخمادها ولان روحي معلقة في نسيج ذلك الرماد المتأجج باستمرار أقف
امامك خائفاً من اعلان ذلك الصراخ المشبوب بكل صنوف الاشتعال.

وعندما بدأت الحكاية تصل مداها الاخير شعراً أن في القلب غصة تختزنها الاوردة عبر الدم
لتصل إلى أعلى مدى يمكن أن تصل اليه لذا قررا اعادة حساباتهما كي لا يقعا مجدداً في المحظور.



سلام
 

@Noura@

عضو مخضرم
لله درك من كاتبة رائعة راقية مبدعة

جذبتني القصة لاخر سطر فيها

دمتي لي بكل الود


والعمر كله لج يا ازدهار:وردة:
 

وسم*

عضو مخضرم
رااااااائعة ياازدهار

لاتبخلي علينا بهذه القصص

التي تأخذنا لاجواء رائعة كروعتك ياغاليتي
 
أعلى