الغداء في يوم الجمعة

.....وصادف أنه في هذه الجمعة دونا عن باقي أيام الجمع أتيت مبكرا للصلاة ، فعادة ما أصلي في نهاية المسجد أو قد أجدني أصلي بين الأحذية التي تناثرت على باب المسجد ، فأجعل أنا ومن حولي من المتخلفين نفرغ لجباهنا مكانا فارغا ...وهذا دأب الخوالف أو النائمون بعد طول السهر في ليالي الخميس ....
وكانت خطبة الجمعة هذه المرة عن عذاب الجحيم ، فاستمعت ناصتا لقول شيخنا محذرا ومعاتبا ومستشهدا بقوله تعالى من سورة المؤمنون :

وَمَنْ خَفَّتْمَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَالَّذِينَ خَسِرُواأَنفُسَهُمْفِيجَهَنَّمَ خَالِدُونَ – 103-

قلت في نفسي سبحان الله ....خالدون !!!؟؟؟؟ بلا نهاية .....

ثك أكمل :

تَلْفَحُوُجُوهَهُمُالنَّارُوَهُمْفِيهَاكَالِحُونَ -104-

قلت في نفسي : أعوذ بالله ....أعوذ بالله .

فأكمل :

أَلَمْتَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْفَكُنتُمبِهَاتُكَذِّبُونَ -105

قلت في نفسي : آمنت بالله وبكتابه ..... وحسبت إمامنا قد يسكت هنا ، لكنه استطرد في قراءته :

قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَاوَكُنَّاقَوْمًاضَالِّينَ - 106-رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَافَإِنْ عُدْنَافَإِنَّاظَالِمُونَ -107-

قلت في نفسي : يـــــا سبحان الله !!!!!؟؟؟؟
غلبت علينا شقوتنا !!!!؟؟؟؟ ....غلبت علينا طباعنا ....أيكون الطبع غالبا أم أن الإنسان قادر على التطبع والتأقلم .....أغلبت علينا شقوتنا ؟؟؟؟؟ أم نحن من تشاقينا ....أليس الأجدر بهم قولهم ربنا إننا تشاقينا وفعلنا السوء وظلمنا .....لماذا عدم الاعتراف بالخطأ أمام الرب العظيم وإلقاء الذنب على الطباع والتخفي بحجج واهية ؟؟؟؟!!!!

ثم انتبهت للآية الأخرى :
(فإن عدنا فإنا ظالمين ) .....لا إله إلا الله ....وهل أهل النار إلا ظالمين ....أتريدون امتحانا آخر لتثبتوا لأنفسكم ظلمكم لها ؟؟؟؟؟
بل أنتم ظالمون لأنفسكم منذ القدم ولا داعي للأعادة لتتبينوا هذا ....
ألا تعترفون بخطئكم ؟
ما هذا الكبر ؟؟؟ وفي هذا المقام المخيف ؟؟؟؟؟!!!!!!!
فإن عدنا ؟؟؟ يا سبحان الله .....

ثم أكمل شيخنا قراءته :


قَالَاخْسَؤُوافِيهَا وَلَاتُكَلِّمُونِ – 108-

فعلا اخسئوا أيها المكابرون ....اخسؤوا بهذه الحجة واخسؤوا بكبركم



إِنَّهُكَانَفَرِيقٌمِّنْعِبَادِي يَقُولُونَرَبَّنَا آمَنَّافَاغْفِرْلَنَاوَارْحَمْنَاوَأَنتَ خَيْرُالرَّاحِمِينَ – 109- فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّاحَتَّى أَنسَوْكُمْذِكْرِي وَكُنتُممِّنْهُمْتَضْحَكُونَ -110- إِنِّي جَزَيْتُهُمُالْيَوْمَبِمَاصَبَرُواأَنَّهُمْهُمُالْفَائِزُونَ -111- المؤمنون


وهذا هو المرام .....ألا نعترف بحقيقة فعلنا ؟
هؤلاء القوم آمنوا .....لكنهم مع إيمانهم قالوا : ( فاغفر لنا وارحمنا ) ومن ذالذي يحتاج المغفرة والرحمة إلا المخطئ ؟
رغم إيمانهم اعترفوا بخطئهم في الدنيا واداركوا أمرهم ....
أما أؤلئك فهم في الجحيم تلفح وجوههم النار ... ( أعوذ بالله ) ....ومع هذا يقولون لربهم ( ربنا غلبت علينا شقوتنا ) ......وكأن لسان حالهم يقول : ( ربنا إننا لسنا بظالمين لأن شقوتنا غلبت علينا ....لكننا أبصرنا وسمعنا الآن ....فإن عدنا مرة أخرى لجهنم فإننا ظالمين ...فنحن للآن لسنا بظالمين) .....أضاعوا حياتهم ....وخسروا ما بعد مماتهم، وكل ذلك بكبرهم المصطنع ، وكل ذلك بمكابرتهم الكذابة ......


هذا هو ما دار في خاطري ...لكني لا أخفيكم القول أنه بعد الصلاة ( ربما أثناءها ) كنت أفكر في وجبة الغداء ....وغداء الجمعة يجب أن يكون متميزا كيوم الجمعة :(!.
 
أعلى