البدون .. و دعاء ذي النون !! مقالي المنشور بالحصيلة و الآن و سبر

عبدالله فيروز

عضو بلاتيني / الفائز الثاني في مسابقة الشبكة الإجت
12_21_2011104545AM_1418519801.jpg


البدون .. و دعاء ذي النون !!

بقلم / عبدالله فيروز


لا شك أن سيدنا يونس - عليه السلام – قد كان أوفر حظاً من فئة عديمي الجنسية في هذا الزمان، فبالرغم مما واجهه النبي الكريم من موقف عصيب بعد أن وقعت عليه القرعة.. إلا أنه وهو في بطن الحوت ظل يسبح باسم الله - عز و جل - في ظلمات ثلاث، فكان الحوت على شدته و بطشه أرأف بيونس -عليه السلام- من الأم على وليدها وهو أكبر كائنات الأرض.

لقد حاول عديمو الجنسية أن يطلقوا نداءً إنسانياً في يوم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الموافق 10 ديسمبر، إذ تقدموا من خلال (لجنة الكويتيين البدون) بطلب تصريح إلى المختصين؛ للتعبير عن رأيهم بساحة الإرادة بصورة سلمية وحضارية، مثلما كان لهم ذلك في 2008، إلا أنهم قد جوبهوا هذه المرة برفض المختصين متمسكين بالقانون الذي يحصر هذا الأمر بالمواطنين فقط. ولست هنا في معرض الخوض في مدى دستورية هذا النص من عدمه فهذا يحتاج لمقال آخر، وأتمنى أن يصل الأمر للمحكمة الدستورية في الأمد القريب؛ لحسم هذه المسألة الخلافية، وفي المقابل سبق وقد رأينا نواباً قد تحدوا هذا القانون وضغطوا على قيادات الداخلية؛ لكي تقوم جاليات شقيقة بالتجمع والاعتصام و كان لهم ذلك.. إلا أن عديمي الجنسية لا بواكي لهم!! فخرج البعض منهم إلى بطحاء تيماء بالرغم من عدم قانونية هذا الموقف مالم تأذن لهم الداخلية بذلك.. فحدث الصدام وتم اقتياد البعض تمهيداً لتحويلهم إلى القضاء.

وإنني لأتساءل: لماذا يكون تحويلهم للقضاء فقط عندما يتم اتهامهم بتهم بسيطة كالتجمع بغير رخصة.. بينما يتم غض الطرف عن إحالتهم للقضاء للفصل بتهم أخطر كالقيود الأمنية التي تكيلها لهم الجهات المعنية، التي يصل بعضها إلى الخيانة العظمى والتعاون مع العدو الغازي؟! بل لماذا يتم إحالتهم للقضاء عندما يكون الحق مع الجهة الحكومية فقط، ولا يتم السماح لعديمي الجنسية بالتقاضي ليتنازعوا حول حق يخصهم تم سلبه من جهة حكومية كحق المواطَنة؟!

إن قضية عديمي الجنسية التي مر عليها أكثر من 52 عاماً منذ صدور المرسوم الأميري بقانون الجنسية رقم 15/1959 ما كان لها أن تغرق في مستنقع الإهمال والتخبط - الذي ترتب عليه ضياع الحقوق وحرمان الوطن من انتساب فئة استحقت المواطنة - ما كان ذلك ليحدث لو أن القضاء الكويتي العادل قد تمكن من بسط اختصاصه المكفول له دستورياً في الرقابة على مشروعية القرارات الإدارية الصادرة عن سلطة إدارة بخصوص منازعات الجنسية والابعاد؛ حيث ينص الدستور الكويتي على جملة من المواد تحقق هذا الهدف ومنها المادة 27 (الجنسية الكويتية يحددها القانون ولا يجوز اسقاط الجنسية او سحبها إلا في حدود القانون) وكذلك المادة 50 والتي تنص على: يقوم نظام الحكم على أساس فصل السلطات مع تعاونها وفقاً لأحكام الدستور, ولا يجوز لاي سلطة منها النزول عن كل او بعض اختصاصها المنصوص عليه في الدستور . وكذلك المادة 166 (حق التقاضي مكفول للناس، ويبين القانون الاجراءات والاوضاع اللازمة لممارسة هذا الحق) وأيضاً المادة 169 حيث ينظم القانون الفصل في الخصومات الإدارية بواسطة غرفة أو محكمة خاصة يبين القانون نظامها وكيفية ممارستها للقضاء الاداري شاملاً ولاية الإلغاء و ولاية التعويض بالنسبة إلى القرارات الإدارية لمخالفة القانون.

فإذا كنا نود أن نضع حلولاً ناجزة لإعطاء المركز القانوني الصحيح لهذه الفئة, فلابد علينا من الاحتكام إلى نصوص الدستور الكويتي وحكم القانون الذي يتواءم مع أهداف الدستور ولا تكون معيبة بعيب الانحراف التشريعي فيهدد كينونتها بالانعدام في أي وقت، وكذلك لابد من توافر الرقابة القضائية على مشروعية ما تتخذه جهة الادارة من قرارات ايجابية او سلبية بهذا الصدد .. و هي حماية و ضمانة لحق المواطَنة للكويتيين أنفسهم قبل عديمي الجنسية.

و إننا إذ ندافع عن المستحقين فهذا لا يعني أننا ندافع عن المزور و المدلس، إلا أن هذا الأمر يحسمه القضاء أولاً وأخيراً.. فالمتهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم نهائي توافرت فيه سبل الدفاع عن النفس.


نبراسيات: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.




عبدالله فيروز / كاتب كويتي و ناشط حقوقي

Twitter : @AbdullahFairouz








 
أعلى