النقد والذوق!!.مقالي في مجلة اوتار التونسية!!.

من اكبر المشاكل التي تواجه المبتدئين امثالي في قراءة كتب النقد هي عدم وجود اسس وقواعد واضحة المعالم ومجمع عليها بين النقاد لهذا العلم ،فعندما تقرأ كتابا للناقد الفلاني الذي ينتمي الى تلك المدرسة الفلانية تجده يقعد قواعد واصولا ويضع لك معالما للنقد من حاد عنها او فرط في مراعاتها فسيكون نقده وطريقة تعاطيه مع نص طريقة هشة وبعيدة عن الموضوعية،
ثم تقرأ كتابا لناقد اخر واذا بك تصعق عندما ترى ان هذا الكتاب اتى على بنيان الكتاب الاول من القواعد وخرق كل قواعد واصول المدرسة التي ينتمي اليها الناقد الاول ،ثم يعيد تشييد بناء مدرسة جديدة للنقد على انقاض المدرسة الاولى ،ويأصل اصولا ويضع قواعد تختلف كليا عن تلك القواعد ولا تمت اليها بصلة ،بل وتجده في هذا الكتاب يستحسن ما يستقبحه ذلك الناقد ويستقبح ما يستحسنه !!!.
المشكلة والله اعلم تكمن في ان النقد غالبه مبني على الذوق ويرجع النقاد في الغالب الى موروثهم الثقافي وارثهم الفكري الذي شكل ذائقتهم في تقييم النصوص ،فتجد الرجل المسلم المحافظ على دينه ووقافا عند امر الله ورسوله وعند نواهي الشريعة لا يعجبه من الاعمال الا الذي يراه قيمة مضافة للادب من خلال تعزيز القيم ومحاربة الظواهر السلبية في المجتمع وتجده بعد ان يتيقن من سلامة النص من المحاذير الشرعية يبحث عن الجماليات في اللغة ويحاول ابراز ما احتواه من صور بلاغية وفنون القول ،بينما تجد الذي يتعامل مع الادب من منطلق (للمبدع ان يقول ما يقول دون رقيب او حسيب )لا يستحسن من الاعمال الادبية الا الاعمال التي تشط يمنة ويسرة وتكون متحللة من القيود سواءا الشرعية او الاجتماعية لان ذلك حسب زعمهم يحد من قدرة المبدع على الابداع ويقيد حريته في التحليق في سماء الابداع ،والعجيب ان هذه الاعمال التي اشتملت على الكفر والقصص الغرامية الغير عذرية هي التي نفق سوقها في العالم العربي !!!!.
عودة على الموضوع اقول :
من الصعوبة بمكان وضع اسسا للجمال يرتكز عليها الناس باختلاف مشاربهم ،وكذلك يصعب وضع اسسا واضحة لتقييم النص وتكون هذه الاسس مقدمات ثابتة تعطي نتائج ثابتة،لان الاذواق لا يمكن توحيدها في في البلدة الواحدة فكيف يكون الحال مع العالم بأسره !!،وذلك لان الاذواق لا تعلل فيصعب معرفة اسباب الاستحسان والا ستقباح في نفوس الناس لذلك كان اقوى الاقوال في التحسين والتقبيح العقلي ان العقل وحده لا يمكنه معرفة الحسن والقبيح دون الاعتماد على الشرع!!.
وقديما حاول بعض العلماء وضع اسسا للحكم على هذا العمل بالحسن او القبح ومن اشهرهم العلامة عبدالقاهر الجرجاني ولكنه في الواقع لم يضع اسسا وقواعد مطردة !!،ووجد من يخالفه قديما وحديثا ومن ضمن هؤلاء الكاتب احمد امين الذي يقول في كتابه فيض الخاطر:(واظهر مثل لذلك ما فعله عبدالقاهر الجرجاني في اسرار البلاغة ودلائل الاعجاز ،فماذا صنع؟؟انه ياتي بالبيت الجميل ثم يقف ويتساءل :فيم كان جماله ،فما هو الا ان يصوغ لك جملا رشيقة ،فيقول :ان هذا اللفظ يروقك ويؤنسك ،وغيره يثقل عليك ويوحشك ،وهذا الوضع يبهرك جماله ،وهذا النظم ياخذ بلبك ما فيه من نسج وصياغة ووشي وتحبير ،ويعلل سبب ذلك احيانا بالتقديم والتاخير واحيانا بالفصل والوصل وكلها علل لا تصلح !!!،فانا كفيل بان اتيك بتقديم يحسن ،وتقديم مثله يقبح ،وفصل يروعك وفصل مثله يسوؤك ،وقد تحاول ان تفرق بينهما فلا تستطيع ،ثم تسلم سلاحك وتكتفي بان تقول هذا جميل ،وهذا قبيح ،وهذا يحسن في ذوقي وهذا لا يحسن ،وبذلك تكون قد قطعت شوطا بعيدا ثم في اخر الامر عدت الى النقطة التي بدات منها سيرك!!!!!).

ابو الجوهرة
عبدالكريم دوخي المنيعي
تويتر:a_do5y

http://awttar.com/critique-abdelkarim-doukhi-althawk-wa-althawk

 

بَسْمَة ..

عضو مميز
أتت حادثة [ ماء الملام .. لأبي تمام ] .. ببالي حينما قرأتُ مقالتك !
يُقال أن ابي تمام .. حينما قالَ بيتهُ التالي :-

لا تسقني ماء الملام فإنني / صبٌ قد استعذبتُ ماء بكائي !

فأتى لهُ أحد النَزقين بـ قارورة .. يرغب في أن يُمازحه بِعُنف قائلاً :-

أفرغ لي من ماء الملام في قارورتي لأروي ظمأي بهِ .. وأخذ يُضحك العامة من الناس
رد عليه ابو تمام ببديهة حاضره [ اغبطهُ عليها والله :) ] قائلاً .. :

إذا أتيتَ لي بـ ريشة من جناح الذل ! اتيتك بـ ماء الملام لأصبهُ في قارورتك ..!!
شعر الرجل بالحرج الشديد و هرب !

[ يقصد طبعاً قول الله تعالى في محكم التنزيل [ واخفض لهما جناح الذل من الرحمة .. إلخ ] ..

:وردة:


المقصد من ذكري هذهِ الحادثه الظريفه ..
أن النقد يختلف من شخص لآخر .. فكلٌ يرى الاشياء من زاويتهِ المحضة !
ما يعجبني أنا وأستعذبه !
يراهُ غيري سخفاً .. و مدعاة ً للسخرية
هذهِ هي الخلاصه كما أرى ..

شكراً على كل حال ..




 

kuwaiti_1

عضو بلاتيني
جميل جداً....

يا أخ عبدالكريم...

وأيضاً الأخت بدايه ذكرت كلاماً جميلاً يجدر التمعن به..!!

أضيف إلى ذلك..بإن النقد أدبٌ..وخُلُق....

هدفه نبيل..وله جناحان يطير بهما...الإنصاف..والتجرد....!!

أي أننا يجب أن ننظر للأشياء بنظره منصفه...ونذكر المحاسن والمساوء...!!

أما استخدام شعار النقد..كجلباب..ورداء..لتحقيق بعض الغايات..تدليساً وتشويهاً...للحقيقه..!!

فهذا هو تصرف الذباب الذي لا يقع إلا على كل ماهو مستقذر....!!!

شكراً لك
 
أعلى