تعليق العلامة صالح الفوزان على كلمة العريفي حول حديث ( وإن ضرب ظهرك )

تعليق العلامة صالح الفوزان على كلمة العريفي حول حديث ( وإن ضرب ظهرك )

سئل فضيلة الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله :
ما رأيكم في من يقول : إن حديث ( اسمع وأطع وإن ضرب ظهرك ) إنما ينطبق إذا كان الحاكم أصله عادلاً، ثم تسلط على فرد معين ؟

فقال الشيخ:
هذا كلام من عنده، هذا أنا سمعته ، هذا كلام من عنده، ما هو بيفَسَر كلام الرسول بهذا الشيء!
هذا كلام من عنده، هذا صاحب هوى يريد أن يفسر كلام الرسول على هواه وعلى طلبه ،
ما يجوز هذا، هذا يقول على الرسول ما لم يقل عليه الصلاة والسلام ، هذا خطر عظيم .

( مغرب الثلاثاء 3 / جمادى الآخر 1433هـ جامع الأمير متعب في الرياض )
درس الدر النضيد




منقول
 

ذات السلاسل

عضو بلاتيني


وقوله : (هذا ابن عمك معاوية ، يأمرنا أن نثل اْموالنا بيننا بالباطل ونقتل أنفسنا) : الحديث هذا - والله أعلم - فيما أورده حين سمعه يذكر الحديث فى منازعة الخلافة وقتل المنازع ، فاعتقد ذلك لمنازعته عليأ ، وقد تقدمت بيعته ، ورأى أن النفقة فى حربه ومنازعته والقتال فيه ؛ من كل المال بالباطل ، وقتل النفس .
وقول ابن الع الى : (أطعه فى طاعة الله واعصه فى معصية الله) : يدل أن هذا لازم
فى الملوك الثوار (4) الذين لم يقدمهم خليفة ، ولا تقدموا بإجماع ولا عهد .
وأحاديث مسلم التى أدخل فى الباب كلها حجة فى منع الخروج على الأمراَ الجورة ولزوم طاعتهم .
وقوله عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة الصائدى (5) .
كذا هو بالصاد والدال المهملة
(1) ساقطة مق س .
(2) فى الأبى : صبوح ، وكذا فى س .
(3) سقط من س ، واستلرك فى الهامش .
(4) فى س : الجور .
(5) عبد دلرحمن بن عبد رب الكعبة العائذى لو الصائدى ، روى عن ابن مسعود وعبد الله بن عمرو ، وعنه ويد بن ود والشعى وعرن بن لبى شداد دلعقيلى ، وذكره ابن حبان فى دلثقات ، له فى الكتب حديث واحد فى الفق ، وفيه الحث على طاعة الأمير فى طاعة الله .
وقال العجلى : تابعى ثقة .
التهذيب
كتاب الإمارة / باب وجوب ملازمة جماعة المسلمن ...
إلخ
257
الخَيْرِ مِنْ شَر ؟ قَالَ : (نَعَمْ ، دُعَاة!عَلى أبْوَابِ جَهَئمَ ، مَنْ أجَابَهُمْ إِليْهَا تَنَنُوهُ فيهَا لما .
فَقُلتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، صِفْهُمْ لنَا ؟ قَالَ : (نَعَمْ ، قَوْمٌ مِنْ جلدَتِنَا ، وَبَتَكَلَّمُونَ بِا"لسَنَتِنَا) .
قُلتُ : يَا رَسُولَ الله ، فَمَا تَرَى إِنْ أدْرَكَنِى فَلكَ ؟ قَالَ : (تَلزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِنَ ! اِمَامَهُمْ) .
فَقُلتُ : فَ!نْ لمْ تَكُنْ لهُمْ جَمَاعَةٌ وَلا إِمَام ؟ قَالَ : (فَاعْتَزِلْ تِلكَ الفِرَقَ كُلَّهَا ، وَلوْ أنْ تَعَضَ عَلى أصْلِ شَجَرَةٍ ، حَتَّى يدْرِكَكَ المَوْتُ ، وَانتَ عَلى فَلِكَ) .
2ء - ( ... ) وَحَدثنِى مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسكَرٍ التَمِيمِى ، حَا شَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ .
ح وَحَدثنَا عَبْدُ الله بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ اللَّارِمِى ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى - وَهُوَ ابْنُ حَسَّانَ - حَد 8لنَا مُعَاوِبَةُ - يَعْنِى ابْنَ سًلالم حدثنَا زَيْدُ بْنُ سَلا أ عَنْ أن سَلا أ .
قَالَ : قَالَ حُنَيْفَةُ بْنُ اليَمَانِ : قُلتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنا كُنَّا بِشَر ، فَجَاءَ الله بِخَيْرٍ ، فَنَحْن فيه ، فَهَلْ مِنْ وَرَاء هَنَا الخَيْرِ شَرّ ؟ قَالَ : (نَعَمْ) .
قُلتُ : هَلْ وَرَاءَ فَلِكَ الشَرِّ خَيْرٌ ؟ قَالً : َ (نَعَمْ) .
قُلتُ .
فَهَلْ وَرَاءَ
فى سائر النسخ ، وصوابه : (العائذى) بالعين والذال المعجمة (1) ونسبهُ ابن البيع : الأزدى .
وعائذ فى الأزد ، وهو عائذ وأخواه عياذ وعوذ بنو أسود بن الحجى بن عمران بن عمرو بن عامر ماء السماء .
قاله ابن العباب النسابة .
وقوله فى حديث حذيفة : (دعاة على أبواب جهنم ، من أجابهم قذفوه فيها) ، وفى رواية الطبرى : (رعاة) بالراء ، والصواب الأول .
هولاء - والله اْعلم - من كان من الأمراء والسلاطن يدعو إلى بدعة أو ضلالة ؛ كأصحاب المحنة والقرامطة والخوارج ؛ بلإليل قوله : (تلتزم جماعة المسلمن د!مامهم) ، وأمره - إن لم تكن لهم جماعة - باعتزال تلك الفرق .
وقوله : وذكر مسلم حديث محمد بن سهل بن عسكر التميمى (2) يرفعه عن اْبى سلام ، قال : حذيفة بن اليمان قال الدارقطنى : هذا عندى مرسل ، أبو سلام لم يسمع من حذيفة (3) .
وقد قال فيه : قال حذيفة .
(1) ولم نجد هذا التصويب فى كب الرجال .
تهذيب الكمال 17 / 251 ، رجال مسلم 1 / 413 (924) ، الثقات 5 / 101 ، للتهذيب 6 / 219 ، التقريب 1 / 9 ها .
ولا ندرى كيف رجح القاضى هذه للرواية .
(2) هو لبو بكر محمد بن سهل بن عسكر بن عمارة بن دويد ، ويقال : ابن عساكر بن مستور بدل عمارة التميمى مولاهم ، البخارى لطافظ الجوال .
سكن بغداد ، روى عن عثمان بن عمر بن فارص وعبد الرزاق ويحص بن حسان وغيرهم ، وعنه مسلم والترمذى ودلنسائى ولبو حاتم وغيرهم .
تال النسائى وابن عدى : ئقة ، وتال محمد بن إسحق الثقفى : سكن بغداد ومات بها فى شعبان سنة 251 ، روى عنه مسلم 27 حديئأ 10 لتهذيب 9 / 207 .
(3) لفظر : الألزلمات والتتبع ص 226 .

258
كتاب الإمارة / باب وجوب ملازمة جماعة المسلمن ...
إلخ
ذَلِكَ .
الخَيْرِ شَر ؟ قَالَ : (نَعَمْ) .
قُلتُ : كَيْفَ ؟ قَالَ : (يَكُونُ بَعْدِى أئِمَة لا يَهْتَدُونَ بِهُدَاىَ ، وَلا يَسْتَئونَ بِسُنَّتِى ، وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَاذ قُلوبُهُم قُلوبُ الشياطِينِ فِى جُثْمَانِ إِنْسٍ ) .
قَالَ : قُلتُ : كَيْفَ أصْنَعُ يَا رَسُولَ ال!هِ إِنْ أدْرَكْتُ فَلكَ ؟ قَالَ : (تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ ، وَاخِذَ مَالُكَ ، فَاسْمَعْ وَأطِعْ) .


قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَرَى إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ ؟ .
قَالَ : (( تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ )) .
فَقُلْتُ : فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ ؟ .
قَالَ : (( فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا ، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ ))(1).
2 ) عَنْ أَبِي سَلَّامٍ قَالَ : قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ فَجَاءَ اللَّهُ بِخَيْرٍ فَنَحْنُ فِيهِ ، فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ ؟ .
قَالَ : (( نَعَمْ )) .
قُلْتُ : هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ ؟ .
قَالَ : (( نَعَمْ )) .
قُلْتُ : فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ ؟ .
قَالَ : (( نَعَمْ )) .
قُلْتُ : كَيْفَ ؟ .
قَالَ : (( يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي ، وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ )) .
قَالَ : قُلْتُ كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ ؟ .
قَالَ : (( تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ ، وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ ))(2).
3 ) عن عبد الرحمن بن قرط قال: دخلنا مسجد الكوفة فإذا حلقة وفيهم رجل يحدثهم فقال : كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير ، وكنت أسأله عن الشر كما أعرفه فأتقيه ، وعلمت أن الخير لا يفوتني ، قلت: يا رسول الله، هل بعد الخير من شر ؟! .
قال : (( يا حذيفة تعلم كتاب الله واعمل بما فيه )) ، فأعدت عليه القول ثلاثاً فقال في الثالثة : (( فتنة واختلاف )) .


قال : "قوم ( وفي طريق أخرى : يكون بعدي أئمة [ يستنون بغير سنتي و ] ، يهدون بغير هديي تعرف منهم و تنكر ، [ و سيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين ، في جثمان إنس ]" . ( و في أخرى : الهدنة على دخن ما هي ؟ قال : " لا ترجع قلوب أقوام على الذي كانت عليه " ) . قلت :فهل بعد ذلك الخير من شر ؟ قال : " نعم ، [ فتنة عمياء صماء ، عليها ] دعاة على أبواب جهنم ، من أجابهم إليها قذفوه فيها " . قلت : يا
رسول الله ! صفهم لنا . قال : " هم من جلدتنا ، و يتكلمون بألسنتنا " . قلت : [ يا رسول الله ! ] فما تأمرني إن أدركني ذلك ؟ .
قال : " تلتزم جماعة المسلمين وإمامهم ، [ تسمع و تطيع الأمير و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك ، فاسمع و أطع ] " .
قلت : فإن لم يكن لهم جماعة و لا إمام ؟ قال : " فاعتزل تلك الفرق كلها ، و لو أن تعض بأصل شجرة ، حتى يدركك الموت و أنت على ذلك " .
( و في طريق ) : " فإن تمت يا حذيفة و أنت عاض على جذل خير لك من أن تتبع أحدا منهم " . ( و في أخرى )
: " فإن رأيت يومئذ لله عز وجل في الأرض خليفة ، فالزمه و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك ، فإن لم تر خليفة فاهرب [ في الأرض ] حتى يدركك الموت و أنت عاض على جذل شجرة " . [ قال : قلت : ثم ماذا ؟ قال : " ثم يخرج الدجال " . قال : قلت : فبم يجيء ؟ قال : " بنهر - أو قال : ماء و نار - فمن دخل نهره حط أجره و وجب وزره ، و من دخل ناره وجب أجره و حط وزره " . [ قلت : يا رسول الله : فما بعد الدجال ؟.
قال : " عيسى ابن مريم " ] .
قال : قلت : ثم ماذا ؟ قال : " لو أنتجت فرسا لم تركب فلوها حتى تقوم الساعة " ] " .


أي يدعون الناس إلى العمل بما يولج فيها(1)، وهم كل من قام في طلب الملك من الخوارج وغيرهم ، قال عياض المراد بالشر الأول الفتن التي وقعت بعد عثمان والمراد بالخير الذي بعده ما وقع في خلافة عمر بن عبد العزيز والمراد بالذين تعرف منهم وتنكر الأمراء بعده فكان فيهم من يتمسك بالسنة والعدل وفيهم من يدعو إلى البدعة ويعمل بالجور قلت والذي يظهر أن المراد بالشر الأول ما أشار إليه من الفتن الأولى وبالخير ما وقع من الاجتماع مع علي ومعاوية وبالدخن ما كان في زمنهما من بعض الأمراء كزياد بالعراق وخلاف من خالف عليه من الخوارج وبالدعاة على أبواب جهنم من قام في طلب الملك من الخوارج وغيرهم والى ذلك الإشارة بقوله الزم جماعة المسلمين وإمامهم يعني ولو جار ويوضح ذلك رواية أبي الأسود ولو ضرب ظهرك وأخذ مالك وكان مثل ذلك كثيرا في إمارة الحجاج(2)ولهذا لم يقل فيهم تعرف وتنكر كما قال في الأولين وهم لا يكونون كذلك إلا وهم على غير حق وأمر مع ذلك بلزوم الجماعة(3).
وفي هذا المعنى فإن كل من يدعوا إلى غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم فإنه من الدعاة إلى جهنم .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز (( فهذا الحديث العظيم الجليل يرشدك أيها المسلم إلى أن هؤلاء الدعاة اليوم ، الذين يدعون إلى أنواع من الباطل كالقومية العربية ، والاشتراكية والرأسمالية الغاشمة . وإلى الخلاعة والحرية المطلقة وأنواع الفساد كلهم دعاة على أبواب جهنم ، سواء علموا أم لم يعلموا ، من أجابهم إلى باطلهم قذفوه في جهنم ، ولا شك أن هذا الحديث الجليل من أعلام النبوة ، ودلائل صحة رسالة محمد صلى الله عليه وسلم حيث أخبر بالواقع قبل وقوعه ، فوقع كما أخبر ))(4).
__________
(1) 17 ) فتح الباري 1 / 117 .
(2) 18 ) فتح الباري 13 / 36 .
(3) 19 ) فتح الباري 13 / 37 .
(4) 20 ) نقد القومية العربية على ضوء الإسلام والواقع 18 .


وفي الرواية الأخرى قَالَ : (( تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ ، وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ )) .
وفي هذه الفائدة مسألتان :
المسألة الأولى : أن تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ .
المسألة الثانية : أن تَلْزَمُ ِإمَامَهُمْ .
أما المسألة الأولى :
الجماعة لغة :من الاجتماع ، وهو ضد التفرق ، والجماعة هم القوم الذين اجتمعوا على أمر ما .
الجماعة في الاصطلاح : هم سلف الأمة ، من الصحابة والتابعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، الذين اجتمعوا على الكتاب والسنة وعلى أئمتهم ، والذين ساروا على ما سار عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه والتابعون لهم بإحسان .
فأهل السنة والجماعة :
هم المستمسكون بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- الذين اجتمعوا على ذلك ، وهم الصحابة والتابعون ، وأئمة الهدى المتبعون لهم ، ومن سلك سبيلهم في الاعتقاد والقول والعمل إلى يوم الدين ، الذين استقاموا على الاتباع وجانبوا الابتداع في أي مكان وزمان ، وهم باقون منصورون إلى يوم القيامة .
فأهل السنة والجماعة هم المتصفون بإتِّباع السنة ومجانبة محدثات الأمور والبدع في الدين .
ولا يُقصد بالجماعة هنا محموع الناس وعامتهم ، ولا أغلبهم ولا سوادهم ما لم يجتمعوا على الحق ، لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- ذكر أن الطائفة المنصورة ( أهل السنة والجماعة ) فرقة واحدة من ثلاث وسبعين فرقة ، كما جاء في الحديث الصحيح ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( تفترق اليهود على إحدى وسبعين فرقة أو اثنتين وسبعين فرقة ، والنصارى مثل ذلك ، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ) .

يضًا : بضم الهمزة ، وإسكان الثاء . وكلاهما بمعنىً . والمعنى : أنّ الطاعة للأمراء واجبة وإنْ استأثروا بالأموال دون الناس ، بل وعلى أشد من ذلك ؛ لأنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لحذيفة : (( فاسمع وأطع ، وإن ضرب ظهرك ، وأخذ مالك )).
---
قوله : (( وإن كان عبدًا حبشيًّا مجدَّع الأطراف )) ، الْجَدْعُ : القطُع . وأصله في الأنف . و((الأطراف )) : الأصابع . وهذا مبالغة في وصف هذا العبد بالصّفة والخشّة ؛ وذلك أن العبد إنما تقطع أطرافه من كثرة العمل والمشي حانيًا . وهذا منه كل على جهة الإغياء ، على عادة العرب في تمكينهم المعاني وتكيدها . كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( من بنى مسجدًا لله ولو مثل مِفْحَصِ قطاةِ بنى الله له بيتًا في الجنَّة )) ، ومفحص القطاة لا يصلح لمسجد ، وإنما هو تمثيل للتصغير على جهة الإغياء ، فكأنَّه قال : أصغر ما يكون من المساجد. وعلى هذا التأويل لا يكون فيه حجة لمن استدل به على جواز تأمير العبد فيما دون الإمامة الكبرى . وهم بعض أهل الظاهر فيما أحسب ، فإنه قد اتُّفِقَ على أن الإمام الأعظم ، لا بُدَّ أن يكون حرًّا ؛ على ما يأتي . ونص أصحاب مالك على أن القاضي لا بُدَّ أن يكون حرًّا .
قلت : وأمير الجيش والحرب في معناه ، فإنها مناصب دينية يتعلّق بها تنفيذ أحكام شرعية ، فلا يصلح لها العبد ؛ لأنه ناقص بالرِّقِّ مَحْجُورٌ عليه ، لا يستقلُّ بنفسه ، ومسلوبُ أهليةِ الشهادة والتنفيذ ، فلا يصلح للقضاء ، ولا للإمارة . وأظن ّ : أنَّ جمهور علماء المسلمين على ذلك . وقد ورد ذكر العبد في هذا الحديث مطلقًا ، وقد قيَّده بالحديث الآتي بعد هذا ، الذي قال فيه : (( ولو استعمل عليكم عبد يقودهم بكتاب الله )).
ومن باب إنما تجب طاعة الإمام ما لم يأمر بمعصية
---
قوله : (( على المرء المسلم السَّمع والطاعة )) ؛ ظاهر في وجوب السمع والطّاعة للأئمة ، والأمراء ، والقضاة . ولا خلاف فيه إذا لم يأمر بمعصية . فإن أمر بمعصية فلا تجوز طاعته في تلك المعصية قولاً واحدًا ، ثم إن كانت تلك المعصية كفرًا : وَجَبَ خَلْعُه على المسلمين كلهم . وكذلك : لو ترك إقامة قاعدة من قواعد الدين ؛ كإقام الصلاة ، وصوم رمضان ، وإقامة الحدود ، ومَنَع من ذلك . وكذلك لو أباح شرب الخمر ، والزنى ، ولم يمنع منهما ، لا يختلف في وجوب خَلْعِهِ . فأمَّا لو ابتدع بدعة ، ودعا النَّاس إليها ؛ فالجمهور : على أنه يُخْلَع .
وذهب البصريون إلى أنه لا يُخْلَع ، تمسُّكًا بظاهر قوله عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ((إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان )). وهذا يدلّ على استدامة ولاية المتأوّل وإن كان مبتدعًا . فأمَّا لو أمر بمعصية مثل أخذ مال بغير حق أو قتل أو ضرب بغير حق ؛ فلا يطاع في ذلك ، ولا ينقذ أمره ، ولو أفضى ذلك إلى ضرب ظهر المأمور وأخذ ماله ؛ إذ ليس دم أحدهما ، ولا ماله ، بأولى من دم الآخر ، ولا ماله . وكلاهما يحرم شرعًا ؛ إذ هما مسلمان ، ولا يجوز الإقدام على واحد منهما ، لا للآمر ، ولا للمأمور ؛ لقوله : (( لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق )) ؛ كما ذكره الطبري ، ولقوله هنا : (( فإن أمر بمعصية فلا سمع ، ولا طاعة )). فأمَّا قوله في حديث حذيفة : (( اسمع وأطع ، وإن ضرب ظهرك ، وأخذ مالك )) ؛ فهذا أمر للمفعول به ذلك للاستسلام ، والانقياد ، وترك الخروج عليه مخافة أن يتفاقم الأمر إلى ما هو أعظم من ذلك .
ويحتمل أن يكون ذلك خطابًا لمن يُفعل به ذلك بتأوبل يسوّغ للأمير بوجهٍ يظهر له ، ولا يظهر ذلك للمفعول به . وعلى هذا يرتفع التعارض بين الأحاديث ، ويصحّ الجمع ، والله أعلم .
 
أعلى