مفاعل بو شهر النووي.. كابوس على شفير الزلزال

55408.jpg

تثبت ردود الفعل القلقة والمضطربة التي أعقبت الخلل الذي أصاب مفاعلات فوكوشيما اليابانية، بعد موجة من إعصار تسونامي، أن المفاعلات النووية حتى في أكثر مناطق العالم تقدما من الوجهة العلمية والتقنية وحسابات المخاطر، تمثل تهديدا لا تؤمن عقباه، فما الحال لو أن هذا المفاعل أقيم في دولة أقل تقدما واستعدادا لمعالجة الأخطار؟.

على أساس هذا التساؤل يقدم الكاتب خالد عبداللطيف التركي أطروحته في كتاب «مفاعل بو شهر النووي.. الكابوس الاشعاعي على شفير الزلزال».

لا يقدم الكاتب فقط تحليلا للعقبات والمخاطر والشكوك التي تحيط بمفاعل «بوشهر» بل يلقي الضوء على تاريخ الطموح النووي الإيراني. ويستعين بأقوال الخبراء، ومنهم علماء إيرانيون، كما يتطرق إلى تاريخ الكوارث النووية بدءا من مأساة هيروشيما وناجازاكي حتى اللحظة الراهنة.



مشكلة العناد

ينقسم كتاب «مفاعل بوشهر النووي» إلى خمسة أبواب في محاولة للإحاطة بالموضوع من كل جوانبه. ويركز الكاتب في مقدمته على مشكلة «العناد» الإيراني في الإصرار على الاستمرار في إقامة المفاعل النووي رغم التحذيرات المتعددة «هذا ما دفعنا لأن نكتب هذا الكتاب، وقد قمنا فيه بدق ناقوس الخطر المحتمل، والمصلت على الشعوب ودول المنطقة».

إن أسوا ما في هذا المشروع برأي الكاتب هو تحوله عن نطاقه العلمي التقني، إلى النطاق السياسي العقائدي. ويورد التركي رأي أحد العلماء الايرانيين (علي فايز) الذي يرى أن الرغبة المحمومة من جانب صناع القرار في إيران بالاسراع في تشغيل المنشأة تتجاهل تحذيرات العلماء من مخاطر زلزالية محتملة. كما يشير إلى «التعتيم» فيما يتعلق بمدى الاستعداد والتأهب للطوارئ النووية، وما تمثله من تهديد للمنطقة بأسرها.

ويتعرض المؤلف في الباب الثاني من كتابه إلى تاريخ توظيف الطاقة النووية في توليد الطاقة الكهربائية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. ويقدم من ثم مدخلا لتاريخ مشروع انتاج الطاقة النووية في إيران من سبعينات القرن الماضي، موضحا الاشكالات التي أحاطت بالمشروع بما فيها مشكلة التصميم المزدوج «الروسي الالماني»، وإشكالات اختيار الموقع.



باكورة العذاب

«باكورة العذاب الإنساني مع القنبلة الذرية» هكذا يسمي التركي مأساة هيروشيما وناجازاكي في الباب الثالث من الكتاب الذي تناول تاريخ المآسي النووية، معرجا على التجارب الأميركية في هذا المجال في أوائل عقد الخمسينات والأضرار الناجمة عنها، ثم كارثة مفاعل تشيرنوبل.

وفي هذا الصدد يشير الكاتب إلى خطورة التكتم على مدى الأضرار، ثم موجات الفزع التي أعقبت جلاء الحقيقة، حيث صرح وزير الخارجية الأميركي جورج شولتز في تأنيب صريح للقيادة السوفيتية آنئذ بأنه «في حالة وقوع حادث يتجاوز الحدود بآثاره فإن ثمة التزاما وتعهدا وجوبا بمقتضى القانون الدولي بإعلام الآخرين فورا ونحن من جانبنا لا نظن أو نعتقد أن السوفيت قد قاموا بما يتوجب عليهم أن يفعلوه».

والشاهد في الحادثة بالتأكيد هو أثر الحسابات السياسية على قضية تقنية وبيئية ذات أثر واسع على حياة البشر والكائنات، ومدى استعداد السلطات لأن تكون شفافة في التعاطي مع مشروعات تبلغ هذا الحد المتجاوز للأثر الإقليمي.



مخاطر صحية ونفسية

يعد البابان الرابع والخامس من الكتاب نوعا من تتمة الفائدة، فرغم أنهما بعيدان ظاهريا عن الموضوع الرئيسي «مفاعل بوشهر» فانهما يكملان الدائرة التحذيرية من مثل هذه المشروعات في غياب حساب علمي دقيق للمخاطر واختيار لطبيعة المكان الملائم والتأهب السريع لمحاصرة الأخطار.

فالفصل الرابع هو إطلالة موسعة على الأخطار الصحية والنفسية التي يمكن أن يتعرض لها الانسان جراء الترسب الاشعاعي النووي.

يقول التركي «أدت المخاوف من التلوث والقلق على صحة الذين تعرضوا للإشعاعات، وعلى صحة أولادهم إلى ارتفاع كبير في معدلات التفكير في الانتحار والقلق المرضي والاكتئاب والاضطرابات الناشئة عن الضغوط النفسية التي ترافق التعرض إلى الصدمة»، كما يتعرض هذا الفصل للآلية تأثير الإشعاع الذري على الجسم. ومن ثم يقدم الكتاب في فصله الخامس والأخير «الإجراءات المطلوبة لمواجهة الآثار الضارة للإشعاع».



جهوزية شاملة

يعتبر التركي من الأهمية بمكان «جهوزية المجتمع» مع حالات الطوارئ الناجمة عن التلوث الإشعاعي، وفي هذا الصدد ينصح بوجود هيئة وطنية خاصة بهذا الموضوع، وخطط عامة مسبقة ومتكاملة، كما يشير إلى ضرورة التعاون مع المنظمات الدولية المتخصصة في هذا الشأن.

ويؤكد التركي من جهة أخرى على ضرورة وجود برنامج إقليمي في إطار دول مجلس التعاون الخليجية، ليكون هناك بروتوكول موحد للتعامل مع حالات الطوارئ آنفة الذكر.

ويقدم الكتاب عددا من الوسائل الصحية والغذائية التي يمكن من خلالها، على المستوى الأسري والفردي مقاومة الخطر الاشعاعي، ومن ثم يقدم ما يشبه اللائحة الدوائية والغذاية وكذلك الفيتامينات والمعادن التي بإمكانها مساعدة الجسم على التخلص من السموم ومقاومة آثار التلوث.



صرخة تحذيرية

وغاية الأمر كما يذكر المؤلف هو «أننا نقع في منطقة أصبحت قاب قوسين أو أدنى من وقوع حادثة نووية، قد ينجم عنها أضرار على السكان والبيئة تفوق بدرجات ما نجم عن مفاعل تشيرنوبل أو مفاعل فوكوشيما، ومصدر التهديد هو مفاعل بوشهر النووي الإيراني الذي يقع في منطقة نشاط زلزالي واسع»، وهو ما يحدو بالمؤلف إلى أن يجعل كتابه نوعا من التحذير المسبق لاتخاذ الاحتياطات على المستويين الفردي والأسري، كما على المستويين الوطني والاقليمي.

55409.gif


غلاف الكتاب
http://www.alqabas.com.kw/node/76722
-------
فكنا الله من ايران وشرها مالقت مكان تبني فيه هالمفاعل الا على بحر الخليج وبمنطقه زلازل
 
أعلى