مقالات الدكتور خالد الجنفاوي

برقان73

عضو بلاتيني
النظرة العربية السوداوية الى العالم الغربي


يجب أن يغير كثير من العرب نظراتهم السلبية تجاه الغرب الحضاري لأن الافتراضات العربية السابقة عن الغرب, وإتهام مختلف المجتمعات الغربية بالانحلال الأخلاقي, مثلاً ,لا يستند الى الواقع ولا يدعمه أدلة علمية أو حقيقية. فليس هناك, مثلاً مجتمعا غربيا واحدا يمكن وصفه بالنمطي حتى نبدأ نلقي عليه مختلف الاتهامات بدءا بالامبريالية والتهتك الاخلاقي, وأنتهاء بالتآمر الغربي على المصير العربي. هناك أنواع مختلفة من المجتمعات الغربية كما هي حال المجتمعات العربية, ما ندعو اليه هنا هو أن يغير كثير من العرب "نظراتهم السوداوية الى العالم وأن يتبنوا بدلاً عن تلك السلبية المترسخة والشعور بالقهر والظلم والأحباط من قبل الآخرين بنظرة أنسانية أكثر تسامحاً وديناميكية و تفاؤلاً وإيجابية, حتى يبدأ العرب في المساهمة الايجابية في الحضارة الانسانية.
نعتقد أن ما تداولته الكثير من الذهنيات العربية منذ بداية الثورات العربية عن الغرب وأتهامه بانه "إمبريالي" مسألة سهلة التصديق في أيامنا هذه, فبداية عادة ما تتحول النظم الأمبريالية المزعومة الى إمبراطوريات حقيقية مثل الرومانية أو غيرها, وتمتد على بقاع كبيرة من الأرض ولفترات زمنية طويلة, وهذا السيناريو العربي عن الأمبريالية الغربية المزعومة لم يتحقق على أرض الواقع, بل ما حصل هو إحتلال أنظمة سياسية وعسكرية, ومن أجل مصالح سياسية وأقتصادية لمجتمعات إنسانية أخرى أقل تقدماً , ولفترات محددة, لم تدم طويلاً قياساً بما تخيلته الكثير من الذهنيات العربية, والتي إستبدلت "خطابها العدائي تجاه الغرب" بالقهر الفعلي لمواطنيها! فالامبريالية التي تداولتها الكثير من الذهنيات العربية في تعاملها مع العالم الخارجي , ما هي سوى وليدة بقايا فكر ماركسي خلطته بعض الذهنيات العربية بآمال قومية تعصبية لا تستند الى روابط جغرافية مع جزيرة العرب, ولا مع الأرث العربي القومي الحقيقي بل وفشلت أخيراً في تحقيق الدولة القومية العربية المثالية, ولم تخلف سوى الدمار الحضاري والتيه الثقافي.
وهذا السيناريو العربي المتخيل بشأن الغرب ينطبق على ما يختار البعض هذه الايام وصفه بالانحلال الاخلاقي الغربي, فليس هناك مثلاً مجتمع غربي واحد تطبق فيه المبادئ نفسها الاخلاقية والثقافية المتشابهة بل توجد مجتمعات غربية مختلفة لا تتشارك في أشياء كثيرة, وأما مسألة شيوع الانحلال الاخلاقي الغربي فهي لا تتعدى مؤامرة ضيقة الأفق لتصوير العالم أنه أقل صفاء من الناحية الاخلاقية من المجتمع العربي الواحد والمتخيل, والذي لم يوجد قط! وكيف بمجتمع منحل أخلاقياً أن يصنع حضارة مدنية راسخة وقوة عسكرية جبارة تستطيع وقت ما تشاء السيطرة على شؤون الآخرين الأقل قوة? فالمجتمع الغربي المنحل أخلاقياً هو إفتراض لا تسنده مختلف التطورات الحضارية, والاكتشافات العلمية والابداع الثقافي والفني الذي يحدث كل يوم في الغرب.
والعالم الغربي بمختلف توجهاته الحضارية إذا "تآمر" هذه الايام على شيء فهو يتآمر على مكافحة الفقر والمجاعات في العالم, ويتآمر كذلك من أجل إيجاد حلول لطاعون "الايدز" الذي لا يزال يفتك بالملايين في مجتمعات العالم الثالث, أي أن الغرب لم "يتآمر" قط على مجموعة عرقية واحدة, بل ما كان يحدث في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين هو علاقات, ومناورات سياسية وعسكرية لتحقيق المصالح الخاصة بهذه أو بتلك الدولة الغربية. وبالطبع عندما ندعو أن يغير الكثير من العرب نظرتهم السلبية تجاه العالم الخارجي لأنه إذا كان هناك شيء نمطي وتقليدي تتفق عليه الكثير من الذهنيات العربية هذه الايام فهو "إستمرار إعتناقها خطاباً فوضوياً, ومشوهاً وسلبياً تجاه الغرب الحضاري والمتقدم," فتعميم كل ما هو سلبي عن كل ما هو غير عربي, ليس سوى تدمير ذاتي وتلقائي لفرص المساهمات البناءة والايجابية في عالم اليوم, والذي تحكمه الآن مشاريع إنسانية أممية لمكافحة الفقر والجوع, وإنهاء الازمات هنا وهناك على سطح هذا الكوكب الصغير.
 

برقان73

عضو بلاتيني
الغربيون يستحقون "الديمقراطية"


لا نعتقد أن "الديمقراطية" النبيلة والمتطورة والحضارية والمتقدمة تستحقها مثلاً مجتمعات شبه بدائية يبدو أن أعضاءها يستغلون كل ما يقع بين يديهم لتحقيق المصالح الشخصية ولزيادة الثروات على حساب حقوق الاغلبية الصامتة. فالديمقراطية الغربية والعقلانية والمنطقية يمكن أن تتحول الى "مسخرة" و"بهدلة" وطريقة أخرى للتهكم والضحك على الآخرين. فالمجتمع الذي لا يزال يترعرع في بدائية حضارية وإنحدار ثقافي متكرر هو مجتمع أفراده لا يستحقون الاستفادة من "ديمقراطية" كافحت من أجل تحقيقها عقول أوروبية من الاغريق الرائعين الى الرومان الجبابرة, وأنتهاء بالغرب المزدهر والمتحضر والمتقدم إنسانياً وعلمياً وثقافياً. فالافراد الذين لا يزالون يعيشون في تلك المجتمعات الغربية الراقية والتي تقدر وتحفظ كرامة أعضائها والتي تقدر قيمة الحياة الانسانية, نقول: الافراد الذين يعيشون في هذا النوع من المجتمعات المتطورة هم من يستحقون فعلاً أن يستخدموا ويتمتعوا بالديمقراطية ويستحقون كذلك ما تجلبه لهم من إزدهار وتطور.
فالفرد الغربي العادي وبخاصة الاسوياء اخلاقياً عادة ما يستخدم الوسائل الديمقراطية لترسيخ حقوقه الانسانية وحقوق الآخرين, فهو يسعى من خلال الممارسة الديمقراطية الى تأكيد أحقية أي فرد على وجه هذا الكوكب في تقرير مصيره , وكذلك حقه الطبيعي في حرية الاختيار, وفي ممارسة معتقده الديني الذي يقبل به, والفرد الغربي يسعى لتحقيق ذلك كله لأنه يعرف أن الديمقواطية هي العلاج الوحيد لمكافحة الطغيان والظلم والقهر ولأنها بشكل أو بآخر تمنح الانسان العادي الحرية في ممارسة حياته بالطريقة التي يراها مناسبة ما دامت هذه الطريقة سلمية ولا تؤذي الآخرين.
ولكن عندما تتحول الديمقراطيه الى خشبة مسرح عريضة يتقافز على سطحها بعض المهرجين ترمقهم أعين الشرهين والساعين الى تحقيق المصالح الشخصية الانانية وإذا تحولت الديمقراطية كذلك الى مطية أخرى يستخدمها البعض لاستغلال الانسان العادي, فهي ليس ديمقراطية بل شيئاً مختلفاً. فالسعي المحموم وراء الثروة و"خلف المصاري" والاموال يبدو أنه سلب من الذهنية العربية القدرة على الاستفادة الحقيقة من النظام الديمقراطي فهي أي الديمقراطية بالنسبة لعقول لا تزال مهووسة بجمع المال بأي طريقة كانت نقول الديمقراطية بالنسبة لهذا النوع من البشر ليست سوى" تغريباً وإستغرابا"ً أو ما يتوفر من مصطلحات خزعبلاتية أخرى يمكن أن تخترعها عقول تمرست "الأخذ" فقط, وليس المنح والعطاء, فأهم المبادئ المؤسسة للديمقراطية الحقيقية هو القدرة على إعطاء الآخرين المختلفين الفرصة لكي يتنفسوا أخيراً ويطالبوا بحقوقهم التاريخية.
 

برقان73

عضو بلاتيني
تحرير" الحياة العامة من الشركات والبنوك


ثمة صفة سلبية للحياة المعاصرة وتحدث في الكويت, وشيكاغو, وحتى في طهران وتتمثل في " اغراق المؤسسات والشركات التجارية الساحة العامة أو ما يطلق عليه بعض الاحيان الحياة العامة Public Space) (بشتى أنواع الاعلانات التجارية عن مواد استهلاكية غير ضرورية" للحياة الانسانية الطبيعية. وهذه الظاهرة السلبية تعاني منها غالبية المجتمعات لأنها تتمثل في "غمر" الساحة العامة بشكل متعمد بملذات بحتة تخاطب الرغبات والشهوات الاستهلاكية. وهذا "الاحتلال القسري" إذا شئتم للحياة العامة يؤدي الى إنتهاك الحرية الفردية ويُنقص من حرية الاختيار, بل ويؤدي هذا الاحتلال المباشر للحياة العامة من قبل الشركات والمؤسسات التجارية, وحتى البنوك الى زيادة مستويات الاستهلاك المدمر, ويؤدي كذلك الى تركيز عامة الناس فقط على إشباع متطلبات مفبركة ربما لا تكون ضرورية بالنسبة لهم حتى يسعدوا وينعموا بحياة إنسانية متوازنة ومثمرة وناجحة. وكما هو واضح, كيف بأمكان الفرد الذي لا ينشط لديه سوى رغباته الاستهلاكية أن يفكر بشكل صحيح أو يتخذ قرارات منطقية تستند على حاجاته وقدراته وأمكاناته الحقيقية?
المشكلة في هذا السياق هي أن كثرة الاعلانات التجارية عن مختلف البضائع تصل بعض الاحيان الى درجة الاغراق المتعمد للذهنية العامة للجماهير عن طريق ضخ هذه العقلية المجتمعية العامة بمتطلبات أستهلاكية متخيلة, أو عن طريق تسهيل الحصول على هذه أو تلك من الخدمات المختلفة عن طريق التقسيط والتبسيط وفرش السجاد الأحمر أمام المستهلك العادي, وإيهامه أن حياته الطبيعية لن تكون طبيعية بعد الآن ما لم يقتن هذه أو تلك الاداة أو الجهاز أو يستفيد من هذه أو تلك الخدمة التي تقدمها المؤسسات والشركات والبنوك الربحية! وإيهام الانسان العادي وإيقاعه ضحية للصرف والتبذير والاقتراض يتم بطريقة مبتكرة تميز حياتنا المعاصرة عن السابق, حين كان الانسان لا يشتري سوى ما يحتاج اليه وبأقل التكاليف! ولكن هذ الايام حين يخرج الفرد العادي من منزله سواء كان أعزباً أم رب أسرة, فلابد أن تتزاحم أمام ناظريه مختلف أنواع الاعلانات أو لنقل "الاقتحامات القسرية" لمساحة الحرية العامة المتاحة له. وحتى لو إعتقد البعض أن هذا الزخم الاعلاني لن يؤثر كثيراً ولكنها في النهاية ستؤثر في أفراد أسرته "والللاً شمعنا فلان أو فلانة حصلوا عليها...ولا أستطيع أنا ..." وهكذا لا يجد الانسان العادي مُتنفساً حراً أمام هذا التضخم الاعلامي الزائد عن الحد, ولا يستطيع الافلات من هذا الاشباع المزيف للذهنية الاستهلاكية.
يجب صراحة أن يلتفت المتنورون في الكويت الى خطر الاغراق المتعمد للحياة العامة ويدركوا المضامين السلبية لذلك الأمر, بل يجب عليهم أن يحاولوا أعادة تحرير الحياة العامة من إحتلال الذهنية الاستهلاكية المفبركة. ولهم أن يقوموا بذلك عن طريق التوضيح للمواطن العادي أن لا مؤسسة تجارية أو بنك على سطح هذا الكوكب يقدم خدمات مجانية للآخرين أو للمجتمع, بل ما يهمهم هو زيادة عدد الزبائن وتحقيق الربح ولهذا السبب يحتلون الحياة العامة من دون حياء يذكر!
 

برقان73

عضو بلاتيني
صفات "العبقري" ثلاث


يتميز العبقري عن غيره من بني البشر بكثير من الصفات والميزات الشخصية لعل أهمها وفق ما نعتقد هي ثلاثة صفات أساسية يندر تواجدها كلها مجتمعة عند الآخرين, وهي: نظامية التفكير, والعقل المتفتح, والقدرة على التركيز الذهني!
العبقري, وهو بالمناسبة شخص عادي لا يميزه عن الآخرين اختلاف ظاهر للعيان اللهم إلا إذا بدأ العبقري يفكر أو يتحدث عن موضوع ما, أو يسرد حلوله للمشكلات المختلفة التي تواجهه أو تواجه الآخرين, فخلال تلك اللحظات العبقرية المميزة إذا شتئم يستطيع المرء التفريق بين من هو عبقري فعلاً, وبين من هو فرد عادي يتمتع بقدرات عقلية متوسطة. فالعبقري عادة ما يكون نظامي التفكير يميزه مداولته للمشكلات المختلفة من زواياً فريدة لا تطرأ للآخرين. فهو, أي العبقري, يفسر أبعاد أي مشكلة تواجهه أو تواجه الآخرين, بينما يفكر وفي الوقت نفسه بأكثر الحلول عملية ونجاحاً. فالعبقري عادة يملك دماغاً بشرياً فريداً يستطيع أداء عمليات تفكير مختلفة, وفي آن واحد. وهو بالطبع نظامي التفكير يهتم بعض الاحيان بالتفاصيل المملة, أو تلك التي لا يفكر بها الآخرون ولذلك عادة ما تكون إقتراحاته وحلوله للمشكلات أكثر نجاحاً وأكثر فاعلية من غيره.
أضف الى ذلك, ان العبقري يتميز بإمتلاك عقل متفتح و"طازج" إذا شئتم يتميز بالقدرة على النظر في المواضيع والقضايا والمشكلات المختلفة التي تواجهه بشكل متجدد, ومرن تماماً كما يفعل الطفل عندما يتأمل العالم الخارجي! فعادة ما تكون طريقة تفكير الاطفال عند عالم البالغين أكثر مرونة, وأكثر كشفاً للحقائق من الكبار. ولأن العبقري يتميز بنظامية التفكير ولأنه كذلك يتمتع بعقل متفتح طوال الوقت يستطيع سبر أغوار الحياة الانسانية بكل تعقيداتها المعاصرة, فالعبقري أيضاً يمتلك قوة تركيز ذهنية مذهلة!
ولنتخيل الدماغ البشري والذي يتراوح وزنه ما بين 1300 و 1400 غرام عند البالغين ولنتخيل إضافة الى ذلك ما يحتويه هذا الدماغ البشري من مئة بليون من الخلايا العصبية والاعصاب ومناطق التحكم العصبية وأسرار ذهنية لم يكتشفها العلم بعد.
نقول فلنتخيل كيف يتعامل العقل العبقري مع ما يواجهه في حياته اليومية. فالشخص العبقري يستطيع أكثر من غيره أن يجمع طاقاته العقلية ويركزها على مسائل أو مواضيع أو مشكلات معينة بشكل أكثر فاعلية من العقول الانسانية العادية, والتي تكون عادة مشتتة الطاقة بين محاولتها اليائسة التعامل مع الضغوط النفسية المختلفة ومحاولتها أزالة ضبابية التفكير وقت الازمات.
العباقرة يمكن أن يستعملوا طاقاتهم الذهنية تماماً كما تستعمل العدسات التي تجمع ضوء الشمس وتركزه في نقطة محورية معينة, فالعبقري يمتلك القدرة على توجيه قنواته العقلية لتصب في اتجاه واحد هدفه آخر الأمر ايجاد الحلول الناجحة والعملية والأكثر عقلانية وفعالية من غيرها!
 

برقان73

عضو بلاتيني
الديمقراطية لن تنفعنا


أطلق الاغريق القدماء على غيرهم "البرابرة" بينما كانوا ينظرون إلى أنفسهم أنهم أكثر تطوراً حضارياً وثقافياً. فالآخرون سواء كانوا الفراعنة, الفرس والهنود العرب أو القبائل الايرلندية أو الألمانية, كانوا أكثر تخلفاً في نواحي مختلفة. وعلى غرابة هذا الوصف فلقد كان الاغريق القدماء يعتقدون أن ما يميزهم عن تلك الشعوب, هو أن اولئك لا يستطيعون حكم أنفسهم بشكل ديمقراطي وأنهم, أي الاغريق وخصوصاً سكان أثينا أكثر قدرة على فعل ذلك. ومع مرور التاريخ يتضح صدق جانب كبير من ذلك الادعاء الاغريقي القديم, وفي حالات كثيرة, اذ أن "الديمقراطية" لا يمكن اعتبارها مثالاً أو نمطاً مناسباً لبعض الشعوب, والتي أفضل لها تجريب أنواع أخرى من النشاط السياسي والحكم الذاتي, أو تبقى على ما هي عليه حالياً بدلاً من تضييع وقتها في محاولة استخدام منتج حضاري غربي لن يتناسق أطلاقاً مع ذهنيتها التاريخية!
ولنأخذ على سبيل المثال, التجربة الشرق أوسطية مع النظام الديمقراطي فنعتقد مثلاً, أن هذا السيناريو العالمي لا يمكن أن ينجح في الشرق الأوسط بعامة, لأن هذا الاقليم لا تزال تسيطر على ذهنياته العامة ترسبات قبلية وإرث ثقافي وحضاري معين يتعارض مع أبسط مبادئ الديمقراطية الغربية مثل "صوت الاغلبية" و "حرية الرأي والتعبير" واعتبار هذه الاخيرة حقاً مبدئياً يتمتع به كل انسان حر على سطح هذا الكوكب.
إضافة الى ذلك, فالديمقراطية ناتجة من الأساس من تجارب تاريخية وحياتية لنوعية معينة من بني البشر عاشت فترة من الزمن في موقع جغرافي معين, وليس بالضرورة, أن تتكرر تلك التجربة الديمقراطية بالشكل الناجح الذي حدث في أثنيا, بل على العكس من ذلك فعدم تشابه الموقع الجغرافي واختلاف التجارب الحضارية والتاريخية لبعض الشعوب يجعل من الصعب نجاح أي نوع من الديمقراطية بينها. فهذه الاخيرة ليست طقماً جاهزاً أو مادة معلبة يمكن فتحها واستخدامها مباشرة في اي بيئة إنسانية, بل يعتمد نجاحها على وجود رغبة صادقة, وحسن نوايا أساسياً في رؤية الديمقراطية تنجح.
ولأن من الصعب أن ترغم أحدهم أن يكون سعيداً وهو بالأساس تعيس وحزين فمن الصعب كذلك ارغام البعض على أن يكونوا ديمقراطيين ما دام 99 في المئة مما يقومون به خلال حياتهم اليومية ديكتاتورياً وملغياً لحرية الاختيار ويستند الى القمع الجسدي والنفسي للاخرين!
الديمقراطية الاغريقية القديمة ربما نجحت في أوروبا والغرب عموماً لأنهم جينياً على الأقل يستطيعون تتبع صلتهم العرقية باليونانيين والرومان ولهذا تراهم مستعدون حالياً للاستمتاع بالفردوس الديمقراطي ويتغلبون على غيرهم من غير الغربيين في الاستفادة القصوى من الادوات الديمقراطية. ولذلك فمن الأحسن لنا نحن في الشرق الأوسط الكبير إيجاد ترتيب سياسي آخر أو الاقتناع بما نحن عليه من حالات سياسية مختلفة فهي وفق ما نعتقد أكثر نجاحاً من الديمقراطية الغربية لأن هذه الأخيرة بشكل أو بآخر فشلت بشكل ذريع في تقريب أحلامنا الحضارية العامة من نجاحاتها المتوقعة, بل أن محاولات تطبيق الديمقراطية في إقليمنا الشرق أوسطي زادت معدلات الصداع السياسي وزادت وتيرة التطرف الحضاري والثقافي بين سكانه!
 

مستر فرايدي

عضو فعال
التجربة الشرق أوسطية مع النظام الديمقراطي فنعتقد مثلاً, أن هذا السيناريو العالمي لا يمكن أن ينجح في الشرق الأوسط بعامة, لأن هذا الاقليم لا تزال تسيطر على ذهنياته العامة ترسبات قبلية وإرث ثقافي وحضاري معين يتعارض مع أبسط مبادئ الديمقراطية الغربية مثل "صوت الاغلبية" و "حرية الرأي والتعبير" واعتبار هذه الاخيرة حقاً مبدئياً يتمتع به كل انسان حر على سطح هذا الكوكب.

تماماً كالذي يقدم حبة بنادول لشخص يعاني من ورم سرطاني خبيث !
 

برقان73

عضو بلاتيني
العمل الخيري الغربي "عالمي"


تبرع بيل غيتس مؤسس شركة "ميكروسوفت" بمبلغ 168.7 مليون دولار لتطوير عقار للتطعيم ضد الملاريا في القارة الافريقية, وهذا التبرع جزء من ثلاثة بلايين دولار خصصها غيتس ضمن برنامج يكافح هذا المرض القاتل, وقد أعلن غيتس ذلك خلال مؤتمر خاص عن الفقر برعاية الامم المتحدة (رويترز 25/9/2008).
ما هو مثير في الخبر ليس حجم المبلغ الذي تبرع به غيتس, ولكنه ذلك الاختيار الحصيف لكثير من أثرياء الغرب في تقديم المساعدات والأموال لمكافحة الفقر والامراض وتطوير التعليم في العالم. فجهود المحسنون من الاثرياء الغربيين معروفة في مجتمعاتهم والعالم أجمع, لأن أغلب ما يتبرع به هؤلاء يصب في مصلحة المجتمع الانساني بعامة ويحقق أهدافاً إنسانية بحته, فنجوم السينما الغربية والرياضيين وغيرهم من المشاهير أصبح من المعتاد تبرعهم للاهداف الانسانية النبيلةPhilanthropy) سواء في ما يتعلق بحقوق الحيوان أو مكافحة الأمراض أو توفير دعم للمشاريع الانسانية الريادية. وفي المقابل من النادر ان نسمع عن تبرع ثري عربي أو مسلم من أجل تحقيق أهداف عالمية أو لمواجهه الازمات الاقتصادية والغذائية التي تعاني منها المجتمعات الفقيرة فإذا وجدت تبرعات من هذا النوع فعادة ما تكون محدودة, في نطاق محلي أو أيديولوجي ضيق لا يخدم سوى أهداف موقتة ليست بذات أهمية على المستوى الانساني. ويبدو لنا الاحسان الغربي أكثر كرماً وأكثر شمولية ونفعاً من الاحسان العربي والمسلم, ولربما لأسباب معروفة, وهو تعلق الكثير من الاثرياء الغربيين وشغفهم الانساني في تحسين أوضاع من يتشاركون معهم العيش على الكوكب, بل تتجاوز أهدافهم الخيرية نطاق المحلية الضيقة ولا يسعون غالب الوقت الى الشهرة من وراء ما يتبرعون به. وهذا بالطبع يشير بشكل واضح الى أنهم يسعون نحو ربط مساعداتهم مع أكثر المشاريع شمولاً لأكبر عدد من بني البشر, وليس بشكل عشوائي كما يحدث عادة في السياق العربي والمسلم.
الاحسان والعمل الخيري الغربي لا يتوقف فقط عند تقديم المساعدات التي يقدمها الاثرياء مثل غيتس لبرامج الامم المتحدة, ولكن حتى في بلدانهم الاصلية عادة ما يؤسس الاغنياء Foundation)) مؤسسات خيرية تحمل أسماءهم تستمر تعمل لسنوات مقبلة. فكثير من المشروعات التعليمية والطبية والاقتصادية, وكثير من البحوث العلمية والاكتشافات المبهرة في مجال العلم والزراعة والمحافظة على البيئة تتلقى دعمها الاساسي من تلك المؤسسات الخيرية الخاصة. ونتمنى في هذا السياق, أن يبدأ العمل الخيري العربي والاسلامي يحقق أهدافاً عالمية بحتة تتناسق مع أهداف الامم المتحدة وبرامجها, لأن في ذلك منفعة لكلا الطرفين. المنفعة الاولى هي إدراك العالم أجمع أننا كمسلمين نعتبر أنفسنا جزءا من العالم الذي حولنا, والمنفعة الثانية وراء تعميم وشمولية العمل الخيري العربي والاسلامي هو ضخ الاموال لمواجهة أزمات حقيقية لا يزال العالم المتحضر من حولنا يحاول التصدي لها والتغلب عليها.
 

برقان73

عضو بلاتيني
الديمقراطية "تُمدن وتُحَضِّر وتُثقِّف"

ثمة مشكلة متكررة تحدث غالباً في تلك البيئات الإنسانية التي تحاول نوعاً ما تطبيق شكل ما من أشكال "الممارسة الديمقراطية" رغم عدم وجود ادلة واضحة في تراثها التاريخي على أن التجربة ستنجح كما في المجتمعات الغربية المتحضرة.. انحسار النتائج الايجابية للممارسة الديمقراطية الطبيعية وتحولها إلى نشاط فاتر ينقصه الحماس الإصلاحي ويميزه "ضيق الأفق" وبروز أو استيقاظ ما كان هاجعاً وميتاً من الضغائن الطائفية والفئوية والشخصانية! في المجتمعات الغربية المتحضرة والمتمدنة تُستخدم الديمقراطية عموماً من أجل "تطوير" البيئة الإنسانية وجعلها أكثر تحضراً وتمدناً وسلما ونجاحاً, أما في بعض البيئات العربية والإسلامية فغالباً ما يحدث العكس!
فالحكمة التاريخية تقول: إن الديمقراطية إذا أُستخدمت بشكل بناء وعقلاني فهي عادة ما تُمدن وتُحَضِّر بل وتثقف أعضاء المجتمع الإنساني الديمقراطي وتزيد من فرص تحقيق الإنسان العادي لطموحاته الشخصية عبر تمكنه من الاستفادة القصوى من مهاراته ومكتسباته الذهنية والجسدية, ولذلك يسعى العديد من القوى العالمية الخيرة في عالمنا المعاصر إلى نشر الممارسة الديمقراطية في بقاع مختلفة من العالم ولعله يصبح آخر الأمر أكثر تسامحاً وأكثر سلماً وأقل عدوانية من السابق!
المشكلة التي تحدثنا عنها في بداية المقالة تشير بالطبع إلى وجود صعوبة بالغة لدى البعض في رؤية الصورة الشاملة للتطبيق الديمقراطي السلمي والسليم. فالاستخدام السلبي للأدوات الديمقراطية في إيقاظ الفتن الطائفية أو من أجل إثارة الصراعات الطبقية والفئوية في المجتمع ليس سوى استخدام "ميكروسكوبي" فاشل للممارسة الديمقراطية على أيدي من هي بالأساس عقول "ميكروسكوبية" لا ترى سوى ما تحت المجهر بينما يغيب عنها ما يدور حولها من تطورات وإنجازات وإبداع إنساني خلاق وديمقراطي!
ولأننا نؤمن عن حق أنه ما دامت تتوافر "رغبات صادقة" في الإصلاح والتطوير وإيجاد الحلول فلا يوجد مشكلة بلا حل! لعل أفضل الحلول التي ستُنجح الممارسة الديمقراطية في البيئة الإنسانية هي: التركيز على الفرد العادي. فإذا تحول الإنسان العادي إلى كائن عقلاني وديمقراطي ومتسامح وسلمي في حياته اليومية العادية فهو سيؤسس لممارسة ديمقراطية ناجحة. بمعنى, أنه يجب أن تبدأ حملات توعوية بشأن الجوانب الايجابية للحياة الديمقراطية العادية والتركيز مثلاً على حقيقة أن الإنسان العادي وخصوصاً من يملك الإرادة ويُظهر الرغبة الصادقة في التطور والتقدم من الممكن أن "يصبح ما يشاء" في البيئة الديمقراطية الحقيقية وهكذا. فمن دون التركيز على الظواهر والنتائج الايجابية والبناءة التي تتعلق بتطبيق الممارسة الديمقراطية في الحياة اليومية العادية فلن تتمدن أو تتحضر أو تتثقف هذه الأخيرة في أي شيء, اللهم مساهمتها في تطوير أساليب جديدة لاكتشاف الفشل الإنساني المتكرر في اقتناص الفرص الثمينة !
 

برقان73

عضو بلاتيني
"حُرية الاختِيار" حَقٌّ أسَاسِي



جرت العادة في المجتمعات الإنسانية التقليدية أن يسعى "الجيل الجديد" "وإن أنكر بعضهم ذلك" الى الالتزام بأغلب ما سردته ذهنيات من سبقوهم من حكم ومواعظ ودروس حياتية مختلفة خصوصا اعتناقهم اللاإرادي للتصورات التقليدية العامة عن الآخرين المختلفين. وقد تمثل ذلك النمط الأخلاقي والسلوكي في مفهوم "الامتثالية" (conformity) وهو أحد "القيم الأخلاقية العالمية" العشرة ويتمثل في كثير من المجتمعات الشرق أوسطية التقليدية في اعتبار كل ما سبق تجريبه أو مجاراة كل ما تم استنتاجه في الماضي بشأن الحياة الإنسانية اليومية, واعتباره صحيحاً وصالحاً لكل عصر!
"المشكلة" في هذا السياق الشرق الأوسطي الفريد هو أن: "عالم اليوم" لم يعد بعد الآن يرزح تحت قيود المحلية أو تستمر تعطله شخصنة الذهنية التقليدية, ولم تعد مقولة: "كل ما اتفقت عليه الأغلبية في السابق لا بد أن يكون صحيحاً اليوم" أو يعكس الحقيقة. عالم اليوم سريالي بعض الشيء ومختلف ومتغير الأطياف خلال مرور لحظاته السريعة, وهو بذلك لا بد له أن يكون عالماً إنسانياً مختلفاً عما كان يحدث في الماضي, سيتمكن الفرد الشرق أوسطي الذي يرغب في تحقيق "أعلى مراتب الحرية العقلية والفكرية" أن ينجح في عالم اليوم إذا حافظ على استقلاليته الذهنية والشخصية عن طريق اعتبار "حرية الاختيار" وفي سياقات أخرى "حرية الإرادة" حقاً أصلياً وأساسيا له يجب أن يتمتع به كل إنسان حر لكي يمارس حياة إنسانية معاصرة وناجحة!.
سينجح كل من يملك الرغبة في النجاح في عالم اليوم عندما يعتبر "حرية الاختيار" حقاً أساسياً بالنسبة له, وأن يتصرف استنادا الى ذلك. فحرية الاختيار لا تُباع ولا تُشترى, ولكنها ميزة بشرية تأتي مع الحياة الإنسانية يُدركها الإنسان بنفسه عن طريق ممارسته لحياة إنسانية حرة وناجحة وعملية. اولئك الذين يعرفون تمام المعرفة أنهم ولدوا أحرارا, وأنه ليس لكائن من كان الحق في استعبادهم جسدياً أو معنوياً أو فكريا, هم أحرار بالفطرة يملكون ويتحكمون بإرادتهم الإنسانية, وهم في هذا السياق متميزون إبداعيون مختلفون عن النمطيين والتقليديين.
ليس من الصعب على الفرد أن يتوصل لحقيقة ما إذا كانت الظروف الاجتماعية التي يعيشها أو علاقته مع الآخرين في مجتمعه يحكمها احترام متبادل لحريات الأفراد, وحرص شديد على عدم المساس بالحقوق الأساسية للآخرين, أو إذا كانت خضوعاً لا إرادياً لما تعتنقه الأغلبية. حرية الاختيار تتميز بوجود بيئة اجتماعية وثقافية عامة تؤهل أعضائها للتالي: حقهم في إبداء آرائهم السلمية وحقهم كذلك في اعتناق أي فكر سلمي مهما كانت نوعيته فالإنسان من دون ذلك الحق الأصلي "حرية الاختيار" لا يتميز ولا يختلف ولا يعتبر فردا حرا, وسيشعر ذاتياً بنقصان حريته في هذا المجال. قبول كل ما تسرده الثقافة المحلية عن العالم الخارجي والطاعة العمياء في هذا المجال والنأي عن ممارسة التفكير الإبداعي والمستقل والحر لن تقود إلى إدراك الفرد العادي للنجاحات المتاحة في عالم اليوم. فهذا الأخير, أي عالم اليوم نشأ وتأسس على الحرية وعلى الإبداع وعلى الاستقلالية الفردية واحترام الحقوق الأساسية للآخرين, فلعل وعسى أن نبدأ نشعر نحن الشرق أوسطيين بالحرية الفطرية من دون حاجتنا إلى مساعدة الآخرين من أجل أن ندرك ذلك!​
 

برقان73

عضو بلاتيني
الإسلام دين "التسامح"



يشير الأصل اللاتيني لكلمة "التسامح" إلى التحمل والصمود أمام الصعاب! أما الأصل اللغوي العربي للكلمة نفسها فهو يشير إلى اللين والسهولة وفي سياقات مشابهة يشير معنى "التسامح" إلى "السماحة" وهي الجود والكرم ! فيذكر البعض أن "فلانا سخي وكريم وسَمْحٌ يسهل التعامل معه." هذا الاستخدام "الايجابي" لمفهوم التسامح في الثقافة الإسلامية يدل على مركزيته وأهميته بالنسبة للحياة اليومية التي من المفروض أن ترتكز على المبادئ الأخلاقية الإسلامية . فيذكر الله عز وجل في القرآن الكريم في سورة التوبة الآية (28): "لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم." والرأفة والرحمة في هذا السياق القرآني تدل على ترسخ مبادئ التسامح في العقيدة الإسلامية. الرحمة والعطف والرأفة بالآخرين هي أحد التجليات المتوقعة للشخصية الإسلامية المثالية وخصوصا تلك "النفس" التي ترغب في الرجوع إلى رب العباد راضية مرضية. وفي سياقات أحاديث الرسول( صلوات الله وسلامه عليه) يحضنا خير البشر على الرفق واللين والتسامح مع الآخرين المختلفين عنا ولاسيما إذا كانوا مسالمين لا يرغبون في إيذائنا. حتى أن الإنسان المسلم لا يمكن له أن يؤذي الحيوان البهيمي ولا يفزعه ولا يعبث به لأن ذلك يتعارض بالطبع مع الأسس الأخلاقية الرئيسية في التعاليم الدينية. فما دام "التسامح" جزءا لا يتجزأ من الشخصية الإسلامية المثالية, وهو الهدف الاسلامي الأسمى خلقياً والأرقى حضارياً, فما بال كثير من قومي لا يزالون يتجاهلون هذه الحقائق عن دينهم?
نعتقد أنه لا يوجد غالبية الوقت "تجاهل متعمد" من قبل المتطرفين والعدائيين تجاه الآخرين, بل ما يحدث بالنسبة لهؤلاء المتشددين هو النظر إلى غير المسلم وكأنه لا يستحق الرحمة والعطف, ولا يجب التسامح معه. ولكن يعرف كثير منا نحن العرب والمسلمين أن الرسائل الأخلاقية الإسلامية أنشئت لحياة سلمية وبناءة هذا بالطبع إذا تم تطبيقها بشكل إيجابي كما هو معني في السياق القرآني والأحاديث النبوية الشريفة. الإنسان غير المسلم يستحق التسامح معه وتحمل اختلافه عنا ما دام ليس عدائياً ويرغب فقط في مواصلة حياته اليومية وفق الطريقة التي يعتقد بنجاحها قياساً على رغباته الشخصية وميوله الثقافية. فإذا كان هذه الشخص غير المسلم يرغب في عيش حياة إنسانية بناءة, وأن يعيش بسلام واطمئنان مع الآخرين المختلفين عنه فكيف به يقع ضحية العدائية والتشدد والتطرف وكيف ببعض المسلمين, أن يبرروا ذلك التشدد تجاه غير المسلمين أنه نابع من التعاليم الدينية!
نعتقد أن الحياة الإسلامية الأخلاقية تؤسس لوجود إنساني بناء وايجابي إذا تم تطبيقها من اجل تحقيق أهداف التعايش السلمي مع الآخرين. بل نعتقد من دون أدنى شك أن الوازع الديني الفطري سيؤدي غالبية الوقت إلى ممارسة حياة إنسانية مسالمة وناجحة وعملية من دون الحاجة إلى الاعتداء على الآخرين ومن دون الحاجة كذلك للتكبر والعنجهية والإحساس انه من حق الفرد ما دام مسلماً أن ينظر إلى الآخرين أنهم أدنى منه في المراتب الأخلاقية أو الثقافية أو أنهم أقل إنسانية منا! فلعل وعسى أن نبدأ وننتهي متسامحين مع أنفسنا ومع الآخرين!​
 

برقان73

عضو بلاتيني
"Change"



يواجه بعض الأفراد معضلة أخلاقية في قبول "التغيُّر" أو التغيير مهما كان نوعه ويظهر ذلك العجز في عدم قدرة البعض على استيعاب حتمية الانتقال الطبيعي من حالة إنسانية معينة الى أخرى ربما تكون أكثر فائدة بالنسبة لهم أو للآخرين. التغيُّر أو التغيير »Change« جزء لا يتجزأ من الوجود الإنساني فسواء تمت مقاومته أو تأجيله, فهو قادم لا محالة! الجسم البشري نفسه يطرح ويكتسب ويتغير ويتحول في كل دقيقة وثانية من دون أن يوقف ذلك التغيير رغبة في عدم حدوث ذلك أو ارادة مصطنعة أو التمني في البقاء على ما نحن عليه. عام 2009 كغيره من السنوات المقبلة سيكون بالفعل عام التغيير والاستبدال والتحول من حالات سابقة إلى أخرى, ربما تكون أفضل أو أسوأ مما سبق. لكن أحد أهم "أسرار النجاح" في الحياة الإنسانية هو وجود رغبة شخصية يتبعها قدرة على "التكيف والتأقلم" مع تغير الظروف المختلفة وتحقيق الفرد العادي لذلك "التوازن الطبيعي" بين متطلبات الظروف المختلفة وقدرته على مجاراة أغلب ما يحدث في عالم متغير وحياة يومية, أصبحت مع مرور الوقت كألوان الطيف مختلفة ومتنوعة ومتمازجة!
من يستمر يعتبر ضرورة تغيير أساليب الحياة التي اتبعها لسنوات أمراً قهرياً يحدث من دون ارادته أو شعوره بالاضطرار لاعتناق تفكير مختلف هو من سيخسر في كل عام جديد. فمن يقاوم التغيير والتطور عادة ما يبقى آخر الأمر وحيداً وسط بيئة إنسانية لم يعد جزءاً فاعلاً فيها. ثمة بالطبع خيارات أخرى أمام من يخشى التغير والتغيير مثل محاولته تفهم حقيقة بديهية ما زالت تلازمنا كبشر منذ وطأت أقدامنا أرض هذا الكوكب: الإنسان كائن تكيفي ينجح غالب الوقت في مجاراة الظروف المحيطة بقصد البقاء.
فلا نعتقد أنه يجب أن تحدث معضلة أخلاقية أو أزمة نفسية حادة عند حدوث تغير في الحياة الإنسانية. فمهما كان ذلك التغير مفاجئاً أم صعباً فنحن كبشر نستطيع تحقيق التقبل الضروري لاستمرر الحياة, فمن دون ذلك, أي من دون تقبلنا الانتقال والتحول والتغير عن طريق الاستمرار في الكفاح والمثابرة, فسنثبت للآخرين أننا لسنا جاهزين أو صالحين لمواصلة الحياة! وهذه الأخيرة أي الحياة الإنسانية ثرية للغاية وتحتوي فرصاً متعددة ومجالات أكثر رحابة مما نعتقد. ليس بمقدور أحدهم بالطبع أن يكون جاهزاً مئة في المئة لقبول أي نوع من التغير ولكن لأننا نعرف في قرارة أنفسنا أن ذلك سيحدث اليوم أو غداً, فأفضل لنا أن نكون مستعدين ذهنياً على الأقل لما سيحدث عن قريب.​
 

برقان73

عضو بلاتيني
التفتح العقلي يجلب المشكلات


يلتزم الغربي القوانين لانه يعرف ان ذلك سيحفظ حقوقه ولذلك يعيش حياة ناجحة

ثمة سمات ثقافية مثيرة تميز بعض المجتمعات الإنسانية المعاصرة منها مثلاً تمتع الذهنية الغربية النمطية بحيوية تفكيرية استثنائية تشجع الفرد على معانقة التغيير للأفضل والتطورات التي تحدث في الحياة الإنسانية. أضف إلى ذلك, عادة ما يلتزم الفرد الغربي بالقوانين الموضوعة لأنه يعرف تماماً أن ذلك سيحفظ حقوقه الشخصية وحقوق الآخرين. بالنسبة للغربي, المحصلة الأخيرة لعيش حياة إنسانية ناجحة ومثمرة يرتكز على قابلية التغيير ومكافحة النمطية الرجعية واعتناق بدلاً من ذلك التطورات الايجابية مع الاحتفاظ بهيبة القوانين والنظم التي تنسق العلاقات بين الأفراد وبين مجتمعهم.
إضافة إلى ذلك, ثمة فروق شتى بين عيش حياة إنسانية في المجتمع الغربي المتقدم وبين المعيشة في الشرق عموماً. في الغرب وخصوصاً الغرب الأوروبي وربما الأميركي في بعض تجلياته الاجتماعية المتفتحة, الحياة الإنسانية لها طعم مختلف ونكهات عدة لأنها ببساطة شديدة ليست نمطية أو أسيرة الماضي المتخيل والمثالي ولأن الفرد الغربي عموماً يعرف أن لا أحد مهما كان يملك الحق في تقييد تطلعاته الشخصية الايجابية! هو أي الغربي يستطيع أن يحلم في التطور والتغيير الشخصي للأفضل ويستطيع زيادة على ذلك التمتع في تحقيق ذلك خلال حياته الإنسانية.
في الشرق, الأمور مختلفة بالطبع فما يشيع هو تقديس النمطية والتكرار والخوف من التغيير لأنه وفق هذا التصور المتخيل " الجرأة في النظر خارج الصندوق المغلق يجلب المشكلات فقط لا غير"!
ثمة حسرة وخيبة أمل شخصية ومتكررة تحدث في السياق الشرقي العام حين يتمكن أحد الأفراد من الإفلات ولو لفترة معينة من القيود التاريخية والثقافية الشرقية وينجح في التثاقف مع ما هو غربي أو على الأقل مع ما مختلف عن الشرق. نعني هنا بالذات تلك العقول الشرقية السابقة والمتفتحة حالياً واولئك الأفراد الذين أخذوا على عاتقهم تطوير أنفسهم ذهنيا وشخصياً بإتباع أفضل ما يمنحه الغرب الحضاري من حيويته العقلية المعروفة ومقدرته على بث التفتح العقلي لدى من يتثاقف معه. الحسرة في هذا السياق الشرقي- الغربي مجازية غالباً وفعلية بعض الأحيان تتمثل عادة في تلقي الصدمات الفكرية والعقلية اليومية الواحدة تلو الأخرى وتبرز خلال ذلك الإحساس الغريب بالوحدة وسط سياق اجتماعي وأنساني يبدو أنه لن يقبل التغيير والاندماج مع ما هو مختلف وإيجابي.
التفتح العقلي والذهني في السياق الشرقي يبدو أنه يجلب المشكلات لمن يحاول فعلاً استخدامه خلال حياته اليومية فهو أي التفتح بدلاً من إزاحته الستار عن فرص جديدة يمكن لمن يشاء الاستفادة منها, يفتح أبواباً كان من الأفضل أبقائها مغلقة إلى الأبد!​

Extra:
الفقير لله كاتب عامود "حوارات" في جريدة "السياسة" الغراء و "ملفات الجنفاوي" في جريدة "عرب تايمز" الانكليزية لم ولن يوافق إطلاقاً على التوقيع على أي "بيان" من أي جهة مهما كانت وحتى لو حشر أسمه من دون علمه فهو لم ولن يوافق على ذلك.​
 

برقان73

عضو بلاتيني
المثقف هو من يحافظ على الوحدة الوطنية



لابد للمثقف الكويتي من ان يصبح كياناً حياً وصادقاً للضمير المحلي والوطني

يحمل المثقف المحلي في الكويت على عاتقه الكثير من المسؤوليات مثل تشجيعه أعضاء المجتمع على اعتناق التفتح العقلي وحضهم على الابتعاد قدر المستطاع من الانغلاق والتزمت. إضافة إلى ذلك, من المتوقع أن يساهم المثقف الكويتي في نشر العدالة والمساواة في مجتمعه وبأن يشجع الفرد العادي على تحمل مسؤولياته الاجتماعية سواء تجاه ذاته أو تجاه الآخرين الذين يتشارك معهم في المصير الوطني. المثقف يسعى كذلك الى تشجيع الأفراد على أن يصبحوا مواطنين صالحين يلتزمون بالقوانين والإجراءات المختلفة والضرورية لتنظيم الحياة اليومية في مجتمع مدني ومنظم. ربما أهم من كل ما سبق هو أن المثقف المحلي الكويتي يجب أن يشجع مواطنيه على الحفاظ على "الوحدة الوطنية" في مجتمعهم, فإذا هو لم يستوعب دوره الريادي في هذا المجال الوطني الحيوي فليس من الممكن وصفه بالمثقف بل ربما فقط عالك أزلي للكلام المنمق, يرى الحقيقة أمام عينيه ولكنه لا يرغب في الحديث عنها!
المثقف المحلي الحقيقي في الكويت هو من أدرك أن مسؤوليته الثقافية الأساسية لا يجب أن تأخذ مشروعيتها مما هو خارج نطاق مجتمعه ووطنه بل يجب أن تنشأ مسؤوليته الثقافية الخاصة من وسط بيئته المحلية تتحلى بصفاتها التاريخية وتشكلها خياراتها المصيرية المتعارف عليها من غالبية أعضاء المجتمع.
بمعنى آخر, المثقف الكويتي لا بد أن يصبح كياناً حياً وصادقا للضمير المحلي والوطني وبأن يأخذ على عاتقه أن يمثل التجليات المتنوعة للضمير الوطني ويعكس قدر المستطاع ما يتشارك به أعضاء المجتمع الواحد من مبادئ أخلاقية وتصورات فكرية متنوعة وما يتشاركون فيه من تاريخ واحد وهوية مشتركة ومصير وطني واحد!
المثقف الكويتي الحقيقي هو من يدرك كل ما سبق من ثوابت أخلاقية وثقافية وهو أيضا من يحاول دائما أن يشكل المبادئ المشتركة بين أعضاء المجتمع ويمثلها خير تمثيل بأن يحولها من أفكار مجردة إلى أشياء ملموسة وحقيقية وذلك عبر سلوكياته وتصرفاته اليومية. هذا الانجاز الثقافي المتمثل في الحفاظ على الوحدة الوطنية لن يتحقق الا عن طريق حديث المثقف عن الوحدة الوطنية في مجتمعه وعن مميزاتها المختلفة وعن خصوصياتها المحلية حتى يدرك الاخرون أهميتها وحتى يدركوا أنها هي فقط ولا شيء غيرها الضمان الحقيقي للأمن الوطني. اللهم أحفظ الكويت.​
 

برقان73

عضو بلاتيني
تسامحوا ... تساهلوا ... تسعدوا

التسامح صدق مع النفس واعتناق لرؤية انسانية إيجابية وفؤاد طاهر من الحقد والبغضاء

يدرك العقلاء في أي مكان وفي أي مجتمع إنساني أن الفرد المتسامح والمتساهل مع الآخرين يشعر بالسعادة على الدوام ويتمتع أثناء ممارسته لحياته اليومية برضا نفسي استثنائي أكثر من غيره, اولئك المتزمتين من دون سبب و"صعاب" العقول والقاسية قلوبهم تباعاً. ترابط التسامح مع السعادة لا يحتاج الى مزيد من الإثباتات العلمية أو الفلسفية, فالتسامح والذي في أصله الأخلاقي يدل على الجود والكرم ويدل كذلك على صدق النية ويجلب الشعور بالطمأنينة ويقوي الثقة بالنفس, واختفاء أو وجود هاتين الصفتين يفرق عادة بين التعاسة والسعادة!
من يتسامح مع الآخرين المختلفين عنه حُر بكل ما تعنيه هذه الكلمة وبكل ما تشير إليه من احتمالات إيجابية مختلفة. فعلى سبيل المثال, الفرد المتسامح من يعرف أنه يعيش وسط بيئة يملؤها التزمت والتعنت وصل فعلاً إلى مستوى اخلاقي وذاتي استثنائي مميز يشير إلى قدرته الفريدة على تجاوز كل أنواع الضغائن التافهة وتمكنه من التخلص بسهولة من ضيق الأفق الشخصي والمحلي والثقافي. إضافة إلى ذلك, من يصبح حراً من كره وبغض الآخرين سيحقق ما حلم به الحكماء والعقلاء على مر التاريخ الإنساني وهو اكتشافه المعنى الحقيقي للحياة الإنسانية. فهذه الأخيرة أي الحياة الإنسانية الحقيقية معادلة نادرة تشير إلى إنجاز توازن جميع جوانب الشخصية الإنسانية وتناسقها مع الفرد ومع محيطه الاجتماعي والشخصي.
ولذلك فمن يُنجز ما سبق ذكره من رقي أخلاقي وانساني يصعب أن تقيده الأيديولوجيات الضيقة أو أن تقلل من فاعليته العقلية أو الأخلاقية تراهات ضيق الأفق المحلي أو العرقي.
التسامح ليس ضعفاً بل قوة وليس نفاقاً لأحد أو تجاهلاً متعمداً لرؤية الحقائق وعيش الواقع, بل هو, أي التسامح صدق مع النفس ومع الآخرين واعتناق لرؤية إنسانية ايجابية ونادرة يصعب على كثير من الأفراد استيعابها إذا لم يكونوا بالفطرة أو الاكتساب متفتحي العقول ويملكون زيادة على ذلك أفئدة طاهرة من الحقد والبغضاء.
فإذا لم تكن السعادة الحقيقية في الحياة الإنسانية مرتبطة بشكل أساسي مع ممارسة نهج التسامح وقبول الآخرين كما هم ما داموا لا يؤثرون سلبياً في الحرية الشخصية. نقول إذا لم يكن التسامح يعني كل ما سبق من أمور ايجابية فلن نصبح الآن كما كان الآخرون ولن يصبحوا كما هم حالياً ناجحين وإبداعيين ومتميزين ومتسامحين.

 

برقان73

عضو بلاتيني
الثورة سابقاً "الديمقراطية المعوجة" حالياً الفوضى لاحقاً


ما يحدث في السياق الشرقي الديمقراطي المزعوم هو استخدام أدوات سياسية غربية بذهنيات شرقية
ثمة ظاهرة ذهنية أو سلوكية سلبية وحتمية الحدوث في البيئة الشرقية تصاحب تطبيق ما يختار البعض أن يطلق عليه "الممارسة الديمقراطية." نشير هنا إلى تلك النتائج العكسية السلبية والمتكررة, وبروز تلك النزعات الاستفرادية, وذلك الهوس الشخصاني للقضاء على الآخرين المنافسين, وليس الإصرار على نشر الحرية الحقيقية أو العدالة والمساواة أو التقدم في المجتمع. على سبيل المثال, تاريخياً صاحب تطور الممارسات الديمقراطية الغربية عملية تطور جماعية وذهنية موازية أخذت شكل التطور التدريجي للذهنية الغربية الفردية مع النتائج المتوقعة في الممارسة الديمقراطية: غلبة صوت الأغلبية وتفضيل النقاش العقلاني الجاد والبعيد عن الشخصانية والدراماتيكية السياسية الاستعراضية.
الممارسة الديمقراطية المزعومة والتي تمارس حالياً في كثير من دول الشرق وأفريقيا خصوصا تلك التي لم تتأثر بشكل ايجابي بالأنموذج الغربي عادة ما تؤدي إلى إثارة النزاعات الشخصية, وحصر النتائج المتوقعة للممارسة الديمقراطية في أشخاص الديماغوجين المثيرين لمشاعر الجماهير. السخرية هنا هي أن مهيجي الجماهير فقط هم الذين يستفيدون من نشر الفوضى التي يثيرونها وليس الأفراد الذين يتبعونهم. من يقع ضحية للديماغوجية الشرقية المعتادة يبقى له فقط بعد انتهاء المظاهرة أو العبث الذي أشترك فيه دون أدراك حقيقي لنتائجه المدمرة عليه نقول يبقى لضحايا الديماغوجية ذلك الإحساس الغريب بأنه تم استغلالهم بشكل وقح من البعض ولكن دون أن يعرفوا كيف تم ذلك!
يبدو أنه محتوم علينا نحن من نعيش في الدول الشرقية و الأفريقية أن نمر خلال سيناريو معين بدأ تاريخياً بالثورات اليسارية والاشتراكية الفوضوية, ومن ثم تحول إلى الدعوات الحالية لتطبيق الممارسات الديمقراطية المعوجة ما قد يؤدي لاحقاً إلى تقديم سيناريو آخر ربما سيتمثل في تفضيل الفوضى العارمة كآخر حل جنوني للمشكلات الشرقية المزمنة!
لا نعتقد أنه ثمة "فوضى خلاقة" يمكن أن تؤدي إلى أنشاء بيئة إنسانية ايجابية ومثمرة, بل عادة ما يؤدي الطيش والاستهتار وإتباع الديماغوجييين, وتحبيذ الفوضوية إلى التدهور الاجتماعي والحضاري التدريجي. الإيمان بأهمية الحفاظ على الحرية الشخصية الحقيقية, أي التأكيد المستمر أن أي فرد مهما كان له الحق في الحفاظ على هويته الإنسانية الخاصة, وأن أعضاء المجتمع متساوون في الحقوق والواجبات, ربما سيكون أحد الحلول التي ستمنع تدهورنا الشرقي وانحدارنا التدريجي نحو الفوضى. نؤمن شخصياً بمشروعية الممارسة الديمقراطية الحقيقية, ولكننا نعرف كذلك أن هذه الأخيرة يجب أن تكون بناءة وعادلة ولا تهضم حقوق الآخرين, ولا تسعى نحو تدمير شخصيات المنافسين أو القضاء عليهم كلياً. لكن نعتقد أن ما يحدث حالياً في السياق الشرقي الديمقراطي المزعوم هو استخدام أدوات سياسية واجتماعية وثقافية غربية بحتة من بعض ذهنيات شرقية يبدو أنها لم تقبل بعد صدق مقولة: الاختلاف في الآراء لا يجب أن يفسد العلاقات البناءة بين أعضاء المجتمع الواحد, وأن الجميع لهم الحق في أن يبقوا مختلفين ما دام اختلافهم لا يقحم أوينقص من حريات الآخرين.​
 

برقان73

عضو بلاتيني
الديمقراطية والحس السليم


الممارسة السياسية الغربية تستند إلى أهداف عقلانية تنقل البيئة العامة إلى مستويات أكثر تطوراً
نعتقد أن الممارسة الديمقراطية تقدمية وعقلانية في أهدافها الأساسية, ومن المفروض أن تنقل الفرد والمجتمع إلى مراحل متطورة من الممارسة الحياتية اليومية هي أي الممارسة الديمقراطية الحقيقية, من المفروض أن تشجع الفرد والمجتمع على اعتناق غالبية الحضارة والتقدم مثل غلبة "صوت العقل" في النقاش الاجتماعي. وبروز وعي فردي ومجتمعي ايجابي ومتطور يتجه تلقائياً نحو تحقيق أهداف اجتماعية واقتصادية وسياسية تقدمية وإيجابية وبناءة. ما سبق ذكره هو ما يتوقع أن يحدث إذا كانت الممارسة الديمقراطية تهدف إلى ترسيخ "مبادئ العقلانية والحس السليم" في المجتمع, أي تمارس التقدم إذا شئتم بشكل بناء بعيداً عن الشخصانية أو التنفيس عن ضغائن تاريخية بين الأفراد أو بين مجتمعاتهم التي من المفروض أنهم ينتمون إليها.
في الغرب الحضاري تؤدي الممارسة الديمقراطية عادة إلى اعتناق أسباب التقدم الاجتماعي والتعليمي والثقافي والاقتصادي, بل أن الممارسة السياسية في المجتمع الغربي الديمقراطي تستند إلى أهداف عقلانية تنقل البيئة السياسية العامة من مرحلة معينة إلى مستويات تصاعدية وتكيفية أكثر تطوراً مما سبق استخدامه. وبالطبع خلال الممارسة الديمقراطية الغربية يحق أيضاً للعنصري اللا-عقلاني والمنغلق ذهنياً, وغيرهما من الفاشلين المهووسين أن يعلنوا (لفظياً فقط) عن كراهيتهم للآخرين فهم كما غيرهم لهم الحق في الإعلان عن آرائهم حتى لو كانت رجعية. لكن ما هو مختلف في الممارسة الغربية للنهج الديمقراطي العقلاني هو أن تلك الأصوات الرجعية وتلك الذهنيات المنغلقة لا تؤثر كثيراً في السلم الاجتماعي العام, ولا يستجيب لها سوى القلة. أضف إلى ذلك, الممارسة الديمقراطية في الغرب تتجاوز تدريجياً الاحتقانات الفردية الشخصانية التافهة وتصعد تدريجياً على قمم التطورات الاجتماعية والسياسية الايجابية, وعادة ما تضع حدوداً قانونية رادعة لكل من يحاول, وبشكل طائش ومستهتر, انتهاك كرامات الآخرين أو الحط من قدرهم فقط لأنهم مخالفون لأرائه.
الممارسة الديمقراطية لا يمكن لها أن تتركز فقط في بث روح الكراهية بين أعضاء المجتمع الواحد, ولا يمكن لها ان تسمح كذلك بأن ينحدر النقاش الفردي أو العام لمستويات مخالفة لكل مبادئ الحس السليم مثل القذف والشتائم المتبادلة. هي أي الممارسة الديمقراطية الحقيقية تقدمية تستند على كل ما هو عقلاني في مبادئها الأساسية, ومن المفروض أن تشجع الفرد والمجتمع الإنساني على اعتناق كل ما هو بناء وايجابي وسلمي.
ثمة حساسية ذهنية وثقافية معينة أو "إيتيكيت" سلوكي ولفظي وعقلي راق يرتبط تاريخياً مع التطور التدريجي للممارسة الديمقراطية, وتأخذ هذه الحساسية الثقافية والفردية والذهنية تفضيل الحوار المتحضر بين أعضاء المجتمع الواحد, الممارسة الديمقراطية الناجحة تبث التسامح بين أعضاء المجتمع لأنها بشكل أو بآخر تستند في نتائجها النهائية إلى تغليب صوت "الحس السليم والعقلانية", وليس العكس أي الانغلاق والتخلف الحضاري والاجتماعي.
 

برقان73

عضو بلاتيني
الثورة الزراعية في دول الخليج العربي

لايمكن الرهان إلى الأبد على السوق الأميركية في استيراد النفط من دول الخليج
يدور في الولايات المتحدة نقاش حاد بشأن كيفية ايجاد مصادر أخرى للطاقة وكيفية البدء في تنفيذ التكنولوجيا المناسبة التي سوف "تحرر" الاقتصاد الأميركي من اعتماده على نفط دول الخليج العربي أو كما يطلق عليه الأميركيون "النفط الأجنبي".
لسنا مهتمين كثيراً بما يعتقد به الأميركيون في هذا الشأن فهذه قضيتهم المحلية ولقد ساهموا مثل باقي الدول الغربية في تلويث بيئة الكوكب بما فيه الكفاية نتيجة استيرادهم النفط "الأجنبي" بأسعار زهيدة. ما نهتم به في هذا السياق كيف يمكن أن نواجه نحن الخليجيين احتمال توقف هذا النوع من الزبائن الغربيين عن استيراد ما تطلق عليه وسائل الأعلام الأميركية في بعض الأحيان النفط "الشرق أوسطي." نعرف تماماً أن الولايات المتحدة بمساعدة الأوروبيين سوف ينجحون فعلا في صنع تكنولوجيا الطاقة البديلة والتي ليس بالضرورة أن تعتمد على استيراد نفطنا الخليجي بل ربما سيتوقفون تماما عن استيراد نفط الخليج العربي خلال العقود القليلة المقبلة.
نظن أن احدى أهم الخطوات التي يمكن البدء فيها لإيجاد "خيار اقتصادي" آخر غير النفط وغير تجارة الأموال يتركز على تطوير الصناعة الزراعية في دول الخليج. ولا نعني هنا بتطوير الزراعة فقط زيادة الدعم للزراعات المحلية ولكن القيام بثورة زراعية على نطاق واسع تستصلح الأراضي باتباع أساليب علمية جديدة وتضع كذلك الخطط لزيادة تنوع المنتجات الزراعية.
بالطبع طبيعة المناخ في بعض دول الخليج ربما تؤجل حدوث مثل هذه الثورة الزراعية ولكن نحن واثقون تماما ان المراكز البحثية المهتمة بشؤون الزراعة في دول الخليج العربي مع الاستعانة بخبرات دولية سوف تتمكن من دراسة وتنفيذ مشاريع عظيمة أن هي منحت الدعم المادي والمعنوي الحقيقي من حكومات ودول مجلس "التعاون".
تخلي السوق الأميركي عن استيراد النفط الخليجي آت لا محالة وفي فترة قريبة نسبيا, ولابد لنا صراحة من الأخذ بالخيار الآخر والأكثر عملية والأكثر نفعا لفترات طويلة. فدول الخليج العربي يمكن لها تطوير تعاونها الزراعي على نطاق واسع عبر وضع خطط مستقبلية رائدة في هذا الشأن لا ترمي فقط إلى تطوير ما هو موجود على الساحة الخليجية المحلية ولكن يجب أن تضع خططاً مبنية على تصورات علمية ممكنة التحقيق تهدف إلى خلق ثورة زراعية تريحنا من الرهان الجزافي على إذا ما كان السوق الأميركي أو غيرها سوف تستمر في استيراد النفط الخليجي هذا العام أو انها تتوقف عن ذلك. ذكر في السابق"إذا كانت الإرادة متوفرة يمكن تحقيق المستحيل" (if there is a will,there is away)
 

برقان73

عضو بلاتيني
بذاءة اللسان دليل على ضعف الشخصية



هناك أساليب عدة يمكن أن يستخدمها العقلاء حين يجدون انفسهم مضطرين لمواجهة بذيء اللسان
نعتقد أن من يكون فاحشاً في خصومته ضد الآخرين أي من يميل نحو استخدام بذاءة اللسان أو يرتكب الأفعال القبيحة ضد الآخرين أثناء مخاطبتهم ضعيف الشخصية وربما لا يمتلك أبسط المقومات الضرورية لكسب احترام الآخرين. بذاءة اللسان أو سلاطته بشكل فج وقليل الأدب واستعمال كل ما يتعفف عنه العقلاء والرزينين في مخاطبة الغرماء أو حتى من يتم الاختلاف معهم بشأن مسائل بسيطة تشير إلى ضعف أساسي في الشخصية الإنسانية. العقلانية والحس السليم تدلان مثلاً على أن الفرد المستقيم أخلاقياً وقوي الحجة أي من يعرف تماماً أنه على حق لن يجد نفسه مضطراً إلى استخدام بذاءة اللسان أو الجلافة مع الآخرين لأنه بشكل أو بآخر واثق من نفسه ويشعر بالسلام النفسي. قوي الشخصية أو ذلك الفرد قوي الشكيمة لن يضطر إلى اعتناق نهج الوقاحة أو الصخب لتحقيق ما يريد لأنه يعرف تماماً أن الخيار الآخر (بذاءة اللسان) سيضعف من موقفه وسيؤدي لا محالة إلى إهدار كرامته الإنسانية ويجعله ضحية سهلة في أيدي سيئ النية.
بالطبع ثمة فرق كبير بين الجرأة في مواجهة الآخرين وبين ذلك السلوك السلبي والمعوج الذي يأخذ شكل الاستعداد التام للانحدار بمستوى الحوار بين الأفراد الى اسفل درجة ممكنة من الوقاحة والتفحش. بمعنى آخر, بذاءة اللسان أي استخدام ألفاظاً لا يستعملها سوى من لا يحترم نفسه مختلف تماماً عن الجرأة في قول الحق أو الجرأة في الدفاع عن المواقف الشخصية. على سبيل المثال, بذاءة اللسان عادة ما تأخذ شكل إنفجارات عاطفية غريزية ورجعية ليس لها علاقة من قريب أو بعيد بأي أمر عقلاني أو سلوك أخلاقي حميد. أما الجرأة الحقيقية والتي ربما تأخذ شكل القسوة في استخدام الكلمات لا يمكن لها أن تنحدر للمشاعر والعواطف البدئية.
الجريء في كلامه يحافظ عادة على سلامة عقله ويسيطر على عواطفه الجياشة في أحلك أنواع الجدال والمناقشات. هو أي الرزين والفرد المستقيم أخلاقياً يمتلك المقدرة على الاستخدام الفعال لأسلوب جريء وشجاع في مواجهة الغرماء دون أن يسقط في هاوية التفحش والكلام البذيء.
ثمة أساليب مختلفة يمكن أن يستخدمها العقلاء والرزينين حين يجدون أنفسهم مضطرين لمواجهة بذيء اللسان: أما أنهم يمسكون أنفسهم عند الغضب حتى ينقلب السحر على الساحر لأن بذاءة اللسان غير منطقية وغير عقلانية وعادة ما تؤدي أخيراً إلى إيذاء من يستخدمها. الخيار الآخر في مواجهة بذيء اللسان تتمثل في تجاهله تماماً وعدم الانحدار لمستواه. بذيء اللسان أما أنهم لا يدركون كم هم بذيئون تجاه الآخرين أو أنهم فعلاً وقحون وبذيئون حتى النخاع! في كلا الحالتين, أن لا تلتفت إليهم كثيراً أو أن تطلب منهم وبشكل مباشر أن يتركوك بشأنك أفضل من الرد عليهم حتى لا يصيبك ما يعانون منه من ضعف شخصي أساسي وصراع مرير مع أنفسهم ومع العالم الخارجي.
 

برقان73

عضو بلاتيني
الأزمات فرص لتغيير طرق التفكير


ننعم في الكويت بخيرات لاحصر لها لكن المشكلة هي اننا نحلم كثيراً ولكننا نصطدم بالواقع عند التنفيذ
"مستحيل أن يحدث التقدم من دون القدرة على التغيير, فأولئك الذين لا يستطيعون تغيير طرق تفكيرهم لن يغيروا أي شيء" (جورج برنارد شو).
ثمة خاصية ذهنية معينة تُميز بين طرق التفكير الغربية النموذجية وبين العقلية العربية التقليدية. السابقة, أي الذهنية الغربية أي التي تُمارس حالياً في كثير من تلك المجتمعات لديها حيوية وقدرة مميزة على تغيير منهج تفكيرها وحتى الطبائع السلوكية للفرد بل ونظراته العامة إلى الحياة اليومية ما دام ذلك سيؤدي إلى تحقيق الرقي والتقدم. أيضاً, هذا الأخير أي "التقدم" يأخذ في تلك المجتمعات الغربية شكل محاولات حثيثة ومستمرة كذلك لتطوير أساليب الحياة اليومية للفرد وللمجتمع. ما كان يتم استخدامه في الأمس من طرق ووسائل وإجراءات معينة إذا ثبت اليوم أو غداً عدم جدواها فسيتم تغييرها مباشرة من دون تحفظ وشخصانية,وهكذا.
ننعم في الكويت في خيرات لا حصر لها, ونمتلك موارد بشرية وطنية وذهنيات لا حدود لإبداعها. إضافة إلى ذلك, أصبحت الرغبة في التطور والتقدم شغفاً محلياً نحلم به خلال حياتنا اليومية. معظمنا مثلاً يحلم في إنجاز خدمات صحية وتعليمية راقية تواكب ما يوجد حالياً في دول خليجية أخرى. لكن المشكلة في سياقنا المحلي هو أننا نحلم كثيراً بما يمكن أن يتحقق في بلدنا المعطاء والزاخر بكنوز هائلة من الفرص الذهبية و أحلامنا الوطنية تصطدم غالبية الوقت مع واقع يومي مختلف: آمالنا وتطلعاتنا الفردية والمجتمعية لا زال يُعطل تحقيقها طرق تفكير تقليدية لا تريد أن تتغير ولا يبدو أنها ترغب في إتاحة الفرصة للآخرين أن يفعلوا ذلك.
في كل فرصة تقدم ثمة مجازفة نوعاً ما وفي كل رغبة صادقة في الرقي ثمة رهان ربما يُخسر قليلاً وربما يربح كثيراً. المعضلة في هذا السياق هي أن الذهنية التقليدية في مجتمعنا لا ترغب في المجازفة ولو كانت هذه الأخيرة مجازية بحتة ولو كنا نعرف تماماً أن نتائجها ستكون حميدة ورقيقة ولطيفة لا تؤذي عقلاً رهفا كالحرير!
تغيير طرق التفكير كما شهدته مجتمعات إنسانية مختلفة على طول تاريخها لن يعتبر أطلاقاً ضعفاً أو تخاذلاً عن مسؤوليات متخيلة ولكنه سيستمر برهاناً على مقدرة الفرد والمجتمع في مواكبة التطور والتقدم والرقي الحضاري. يعرف غالبية العقلاء مثلاً أنه أفضل للإنسان أن يُصبح فاتحاً لأبواب جديدة لمن سيأتون بعده بدلاً من تعلقه الشغف, وربما بعض الأحيان المنافي للحس السليم, بما كان يتحقق في الماضي ولكنه أصبح الآن مفارقة تاريخية لا تشبع ولا تدرء من فاقة.
قبول ضرورة المرونة الاجتماعية, وتقبل التغيير الايجابي, ومحاولة مواكبة تقادم الأيام والسنوات عن طريق تغيير الذهنية الفردية والمجتمعية لتصبح أكثر حيوية وتفتحاً هو الحل الناجح لما يختار البعض أن يطلق عليها أزماتنا المحلية. بالنسبة للعقول التي تقبل التغيير الايجابي والتقدم والرقي الأزمة ليست سوى فرصة جديدة لتحقيق ما لم يتم إنجازه في السابق, فلعل وعسى.
 

برقان73

عضو بلاتيني
الموسيقى غذاء الروح

بعض الجراحين النابغين لايعمل في غرف الجراحة اذا لم يكن يستمع الى احدى السيمفونيات​

تحت إشراف العالم توماس فريتز من معهد "ماكس بلانك" للبحوث الدماغية والإدراكية في مدينة لايبزيغ (ألمانيا) تم اكتشاف أن مزارعي "المافا" (Mafa) في الكاميرون يستطيعون التعرف بدقة على نغمات السعادة والحزن والخوف في الموسيقى الغربية. هذه الجماعية الإفريقية (المافا) تشتهر بعزلتها شبه الكاملة عن العالم الخارجي فهي لم تسمع قط فرقة "يو تو" الايرلندية ولم يشاهد أفرادها كذلك "يو تيوب" (YouTube) ولكنهم رغم ذلك يتشاركون مع الآخرين في قدرات بشرية عامة تميز التأثيرات العاطفية للموسيقى "ساينس نيوز 11-4-2009".
في منتصف سبعينات القرن الماضي كنت تلميذا في مدرسة كاظمة الابتدائية في الجهرة وكان مدرس مادة الموسيقى آنذاك الأستاذ خورشيد ولا أتذكر حالياً أسمه الأول. على كل حال, كان الأستاذ خورشيد يلقي دائماً على مسامعناً أن الموسيقى غذاء الروح! كان بعضنا, إذا لم تكن غالبيتنا, لا تفقه ما كان يقصده الأستاذ خورشيد وكنا نُمضي وقت حصة الموسيقى كباقي التلاميذ إما في العناد والمشاكسة أو النظر إلى مُعلمنا بملل ملاحظ بينما يومئ برأسه طرباً وهو يعزف على البيانو القديم.
لا أعرف حالياً أين حل الأستاذ خورشيد و ما إذا كان لا يزال يستمتع بالملحنين العالمين موزارت وبيتهوفن وهاندل وغيرهم. لكن نود أن نؤكد له أن ما كان يردده في السبعينات في غرفة الموسيقى القديمة في ابتدائية الجهرة أثبته العلم في عام 2009 أي بعد مضي ما يقارب الأربعين عاماً!
نعرف شخصياً أن الموسيقى هي أحد أغذية الروح الإنسانية وسعدنا كثيراً عندما قرأنا عن الدراسة الألمانية بهذا الشأن. فإذا كان أكثر بني البشر عزلة عن العالم الخارجي (قبائل المافا في الكاميرون) يميزون نغمات موسيقى "بونو" وما يعرض كل يوم في "يوتيوب" فلا بد أن ذلك سيكشف أسراراً جديدة عن الموسيقى وتأثيرها الايجابي في الذهنية والعواطف البشرية.
بعض الجراحين النابغين لا يعمل في غرف الجراحة أي أثناء العمليات إذا لم يكن يستمعون الى احدى السيمفونيات أو لأحد أغانيهم المفضلة. بل نعرف كذلك أن رجال وسيدات الفضاء يستمعون للموسيقى في أحلك الأوقات أثناء أطلاق مراكبهم الفضائية أو أثناء تجولهم في الفضاء الشاسع. وفي بداية النهضة العلمية الأوروبية كان يشيع اعتقاداً مثيراً بهذا الشأن: كان بعض علماء العصور الوسطى يعتقدون أنه يوجد فعلاً "سيمفونية كونية" تتناغم مع حركة الأجرام السماوية وأنها أي تلك الموسيقى الفضائية إذا شئتم تحمل بعضاً من أسرار الكون الغامضة.
أتذكر الأستاذ خورشيد وبخاصة ظهيرة كل يوم جمعة عندما أتوجه للصلاة في مسجد الشيخ الأمام عبدالرحمن الكمالي (رحمه الله) وهو يقع مقابل مدرسة كاظمة التي تم تحويلها إلى مركز ثقافي تابع للمجلس الوطنى للثقافة والفنون والآداب. نقول أتذكر ببعض من "النوستالجيا" ما كان يذكره الأستاذ خورشيد عن أن الموسيقى لغة عالمية يفقهها كل بني البشر وأنها فعلاً وبدلائل علمية موثقة غذاء للروح الإنسانية. فهل يا ترى لا يزال الأستاذ خورشيد يعزف ذلك البيانو القديم في أحد فصول مدرسة كاظمة أم أنه توصل أخيراً إلى حقيقة أنه "ما فيش فايدة" فالجدار لا يزال أصماً وبارداً بشكل مُغثٍّ للنفس الإنسانية الحرة !
 
أعلى