جمال المرأه وجلالها وحجج المتبرجات

بهلول

عضو مميز
الحُجَّة الأولى : مَنْ تدَّعي أنَّ طهارة القلب وسلامة النية يُغنيان عن الحجاب :إن إصلاح القلب ، وتزكية الروح ، وتصفية الباطن هو الأصل في الدين ، فإذا صفا القلب وطهر الباطن لا حاجة إلى إعفاء اللِّحية - مثلاً - ، والتقيد بزيٍّ من الأزياء .

وقولهم هذا فاسد يناقض بعضه بعضاً ، لأن القلب إذا صلح والباطن إذا طهر والروح إذا تزكى ، لا محالة يكون السلوك وفق ما أمر الله تعالى بشأنه ، ولا محالة أن تخضع جوارحه للاستسلام ، وتنقاد أعضاؤه لامتثال أوامر الله والاجتناب عن نواهيه ، ولا يجتمع صفاء الباطن وطهارة القلب مع الإصرار على المعصية صغيرة كانت أو كبيرة .

فمن قال إني أصلحتُ قلبي ، وطهرت روحي ، وصفَّيت باطني ، ومع ذلك يجتنب عما أمر به النبي ( صلى الله عليه وآله ) فهو كاذب في قوله ، تسلَّط عليه الشيطان في شؤونه .

فكيف أيتها المتبرجة تدَّعين أنَّ إيمانك يكفي لرضا الله ، بينما ترفضين الانقياد لله الذي أمرك بعدم التبرج ؟!! فقال جل شأنه : ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ ) الأحزاب : 33
.


الحُجَّة الثانية : مَن تدَّعي أنَّ الصوم والصلاة يغنيان عن الحجاب :
إن الصلاة تهذب الخُلُق ، وتستر العورة ، وتنهى صاحبها عن كل منكر وزور ، فيستحي أن يراه الله في موضع نهاه عنه ، وتنهاه عن الفحشاء والمنكر ، وأي فحشاء ومنكر أكبر من خروج المرأة كاسية عارية مائلة ضالة مضلَّة ؟! ولو كان الحجاب مظهراً أجوف لما توعَّد الله المتبرجات بالحرمان من الجنة ، وعدم شَمِّ ريحها .

فالحجاب هو الذي يميِّز بين العفيفة الطائعة ، والمتبرجة الفاسقة ، ولو كان مظهراً أجوف لما استحقَّ كل هذا العقاب لتاركته ، بل والأحاديث والآيات القرآنية الحافلة بذكره ، بل ولما ترتب على تركه فسق الشباب وتركهم للجهاد .

وكيف يلتفت الشاب المسلم إلى واجبه المقدس وهو تائه الفكر ، منشغل الضمير ، مشتَّت الوجدان ، أقصى ما يطمح إليه نظرة من هذه ، ولمسة من تلك ؟!

وإن حال التي تستجيب لبعض أوامر الله وتترك بعضها هي حال من ذمَّهم الله تعالى بقوله : ( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) البقرة : 85
الحُجَّة الثالثة : مَن تدَّعي أن حبَّها لله ورسوله كفيلانِ برضا الله عنها بدون عمل :
قال تعالى : ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ) آل عمران : 31 - 32 .

لو انتسبت إلى معهد أو مدرسة ، أليس المطلوب منك أن تحضر الدروس ، وتداوم بانتظام وتعمل كل ما تأمرك به إدارة ذلك المعهد أو تلك المدرسة ، فإذا عصيت أمر الإدارة ، ولم تسمع لها قولاً ، وخالفت قوانين وأنظمة المدرسة أو المعهد ، فهل تبقى منتسباً إليه أم تفصل منه ؟ لا شك أنَّك تفصل ، ولا ينفعك هذا الانتساب شيئاً .

فكيف ندعي حبَّ الله ورسوله ، وننتسب إلى الإسلام في البطاقات الشخصية ، وشهادات الميلاد ، وسائر الأوراق الرسمية ، وأبَى إلا الابتعاد عن شرع الله ، ثم إدِّعاء محبته ومحبة رسوله ( صلى الله عليه وآله ) ، فأي سفاهة أبلغ من ذلك ؟

!

الحُجَّة الرابعة : من تدَّعي أنَّ الحجاب تزمُّت وتحتجُّ بأن الدين يُسر :
إنَّ تعاليم الدين الإسلامي ، وتكاليفه الشرعية جميعها يُسر لا عُسْرَ فيها ، وكلها في متناول يد المسلم المكلَّف بها ، وفي استطاعته تنفيذها ، إلا ما كان من أصحاب الأعذار ، فإن الله عزَّ وجلَّ قد جعل لهم أمراً خاصاً ، فيقول تعالى : ( يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) البقرة : 185 .

وإنَّ يُسر الدين لا يعني إلغاء أوامره ، وإلاَّ فما الفائدة من فرضيتها ، وإنما تخفف لدى الضرورة فقط ، وبالكيفية التي رخَّص لنا بها الله ورسوله ، فمثلاً يجب على المصلِّي أن يصلي قائماً ، ولكن إن لم يستطيع القيام فليصلِّ قاعداً ، فإن لم يستطع فبالكيفية التي يقدر عليها .

كما أنَّ الصائم يرخَّص له الإفطار في رمضان إن كان مسافراً أو مريضاً ، ولكن لابُدَّ من القضاء ، أو الفدية في بعض الحالات ، أو الفدية والقضاء في حالات أخرى .

وكل ذلك من يُسر الإسلام وسماحته ، أمَّا أن تترك الصلاة أو الصوم ، أو غيرهما من التكاليف الشرعية جملة واحدة ، ونقول : إنَّ الدين يُسْر ، وما جعل الله علينا في الدين من حرج ، فإن ذلك لا يجوز .

وبالمثل الحجاب ، فإنَّ تركه لا يجوز ، علماً بأن له رخصة كغيره من أوامر الشرع ، وهي أن الله تعالى وضع الجلباب عن القواعد من النساء ، وحتى في هذه الحالة اشترط عليهن عدم التبرُّج .

وقد جهلت هذه أنَّ الله أمر به ، والأمر يستدعي الوجوب ، وأن الأحاديث النبوية فرضَته ، كما أن التبرُّج يعتبر عكس التحجُّب ، ومعلوم أن الأحاديث والآيات القرآنية حافلة بذمِّه واعتباره من كبائر الذنوب الموجبة لدخول النار ، فهل بعد ذلك كله تجادل النساء في وجوبه وفرضيته ؟!
الحُجَّة الخامسة : من تدَّعي أن التبرُّج أمر عادي لا يلفت النظر :
كيف يكون التبرج أمراً عادياً ونحن نرى أن الأزواج - على سبيل المثال - تزداد رغبتهم في زوجاتهم كلما تزيَّنَّ وتجمَّلن ، كما تزداد الشهوة إلى الطعام كلما كان منسقاً ، متنوعاً ، جميلاً في ترتيبه ، حتى ولو لم يكن لذيذ الطعم ؟ ولو كان التزيُّن أمراً عادياً لما تنافس الناس في تزيين البيوت وزخرفتها وفرشها بأفخر المفروشات ، وكل ذلك لتتمتَّع أنظارهم .

ولما تكبَّد الناس مشاقَّ السفر ، وتكاليفه الباهظة في الرحلات إلى مختلف بلاد العالم ، وكل ذلك للمتعة والتغيير ، ويزداد سرورهم كلما شاهدوا في رحلاتهم مناظر جميلة وأشكالاً متنوعة ، بل لو كان التبرج أمراً عادياً لما نهى الله عنه ، لأنَّ الله هو الذي خلق الإنسان ، ويعلم ما يصلحه وما يفسده ، ولولا أنَّ الفساد الحاصل من التبرج كبير لما نهى الله عنه ، ولما جعله الله تعالى على لسان رسوله ( صلى الله عليه وآله ) من كبائر الذنوب .

وإليكم شهادة من طبيب يكذِّب الزعم القائل بأن التبرُّج أمر عادي : أودَع الله الشبق الجنسي في النفس البشرية سِرّاً من أسراره ، وحكمة من روائع حِكَمه جلَّ شأنه ، وجعل الممارسة الحِسِّية من أعظم ما نزع إليه العقل والنفس والروح ، وهي مطلب روحي وحسي وبدني .

ولو أن رجلاً مرت عليه امرأة حاسرة سافرة على جمال باهر ، وحُسن ظاهر ، واستهواء بالغ ، ولم يخف إليها ، وينزع إلى جمالها ، يحكم عليه الطبُّ بأنه غير سويٍّ ، وتنقصه الرغبة الجنسية ، ونقصان الرغبة الجنسية - في عُرف الطب - مرض يستوجب العلاج والتداوي ، ناهيكم عن انعدام الرغبة تماماً ، وهذا بدوره مرض عضال .

فهذه الشهادة من طبيب حُجَّة على من يزعمون أنَّ خروج المرأة كاسية عارية بدون حجاب لا يثير الشهوات ولا يحرِّك النفوس ، واعتبروه أمراً عادياً ، فإن أعلى نسبة من الفجور والإباحية ، والشذوذ الجنسي ، وضياع الأعراض ، واختلاط الأنساب ، قد صاحبت خروج النساء متبرِّجات كاسيات عاريات .

وتتناسب هذه النسبة تناسباً طرديّاً مع خروج النساء على تلك الصورة المتحلِّلة من كل شرف وفضيلة ، بل إننا نجد أعلى نسبة من الأمراض الجنسية - ومنها مرض الإيدز القاتل الذي انتشر حديثاً - في الدول الإباحية التي تزداد فيها حرية المرأة تفلّتاً ، وتتجاوز ذلك إلى أن تصبح همجيَّة وفوضى .

ناهيك عن الأمراض والعقد النفسية التي تُلجئ الشباب للانتحار بأعلى النسب ، في أكثر بلاد العالم تحلُّلاً من الأخلاق ، وأعظمها إباحية وفوضى كالسويد ، وغيرها من دول الغرب .

إن الميل الفطري بين الرجل والمرأة مَيل عميق ، وإثارته في كل حين تزيد من عرامته ، فالنَّظرة تُثير ، والحركة تُثير ، والضحكة تُثير ، والدعابة تُثير ، والطريق المأمون هو تقليل هذه المثيرات ، وذلك هو المنهج الذي يختاره الإسلام ، مع تهذيب الطبع ، وتشغيل الطاقة البشرية بهموم أخرى في الحياة ، غير تلبية دافع اللحم والدم .


الحُجَّة السادسة : من تدَّعي أنَّ الحجاب عادات جاهلية أو رَجعية :
إن الحجاب الذي فرضه الإسلام على المرأة لم يعرفه العرب قبل الإسلام ، بل لقد ذمَّ الله تعالى تبرج نساء الجاهلية ، فوجَّه نساء المسلمين إلى عدم التبرج مثلهن ، فقال جلَّ شأنه : ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ ) الأحزاب : 33 .

صحيح أنَّ الإسلام أتى فأبطلَ عادات ذميمة للعرب ، ولكن بالإضافة إلى ذلك كانت لهم عادات حميدة أقرَّها الإسلام ، فلم يبطلها ، كإكرام الضيف ، وغير ذلك ، وكان من ضمن عاداتهم الذميمة خروج النساء متبرجات كاشفات الوجوه والأعناق ، باديات الزينة ، ففرضَ اللهُ الحجاب على المرأة بعد الإسلام ، ليرتقي بها ، ويصون كرامتها ، ويمنع عنها أذى الفُسَّاق والمغرضين ، وإننا ونحن نتحدث عن العرب في جاهليتهم نقول :

إن العصر الحديث شهدَ جاهلية كبرى وانتكاسة عظمى لم تشهدها العصور السابقة ، ولا حتى العرب في جاهليتهم ، إنَّنا مسلمون نؤمن بديننا ، ونقدِّس تعاليمه ، ونحبُّ ربَّنا ونبينا أكثر من حبنا لأنفسنا ، ولن نتأثر بدعاوى الجاهلية الحديثة التي هي أشدُّ من جاهلية أبي جهل .

فإذا كان التبرُّج في الجاهلية الأولى يتضمَّن إظهار المرأة لوجهها وعنقها وحليها فقط ، وتمشي بين الرجال بهذه الهيئة .

فإنه في الجاهلية المعاصرة أصبحنا نرى المرأة لا تكاد تغطي شيئاً من حُرُمات الله ، ونسيت أنها في حَدِّ ذاتها حرمة من حرمات الله ، وحدٌّ من حدوده ، لا يجوز أن يقربها أحد إلا أن يكون زوجها ، ولا أن يَرى زينَتَها أحدٌ إلاَّ أن يكون ممن بيَّنَهم الله عزَّ وجلَّ في هذه الآية الكريمة : ( وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور : 31 .
ولستُ أدري كيف تسول لإنسان نفسه أن يتبجَّح على خالقه ، ويرمي ما أمر به من ستر وصيانة وعفة وطهارة بأنه رجعيَّة ؟! ولماذا هذه الحملة المسعورة على الحجاب الإسلامي بالذات ، ولا يتكلم أحد عن حدائِقِ العُراة ، وبيوت الدعارة في كثير من ديار المسلمين ؟!

إنَّ الرجعيَّة الحقيقية هي ما عليه هؤلاء التقدُّميِّين من إلحاد وإنكار للبعث والحساب ، بل لوجود الخالق ، وتأليههم للطبيعة والأفراد ، وكل هذه الأمور ، والأفكار الوثنية كانت قبل الإسلام .

ولما كان كل ما بعد الإسلام هو في نظرهم رجعي ، إذ أنهم يعتبرون أن التمسك بتعاليم الأديان - ومن أبرزها تعاليم الإسلام - رجعيَّة ، فلنكن رجعيين ، لكنهم أشد مِنَّا تأخراً ورجعيَّة ، لأن ما هم عليه من رجعية سبقت ما نحن عليه من رجعية ، وأكرم برجعيتنا من رجعية ، فنحن رجعنا إلى الشرف والعفة والفضيلة ، وهم رجعوا إلى الفساد والطغيان والرذيلة
 
أعلى