عبدالله الفلسطيني
عضو مخضرم
لا يهمني توصيف ماكين للانقلاب وتشبيهه للبطة حين قال: "إذا كانت تمشي كالبطة وتصدر صوتا كالبطة فهي بالتأكيد بطة" ولا يعنيني كثيرا أن أذكر ادارة ماكين ومن اقتنع بتوصيفاتهم مثلا أن انقلاب مصدق في إيران أو شافيز في فنزويلا يشبه انقلاب السيسي على مرسي ، وبالتالي فالبطة هي البطة ، لأن هذه المسائل من الصعب اقناعها لمن لا يريد أن يقتنع ... فليس ينفع في الإفهام شيء إذا احتاج الانقلاب إلى بطة .
لكن أنا أريد أتكلم عن بطة أخرى ، ذلك أنه عندما ظهر محمد حسنين هيكل في أحد الفضائيات المصرية مع لميس الحديدي بعد أن انقلب الجيش على الانتخابات وجعل يذكر ما يسميه بـ ( حقائق ) و يعرّض بتخلف الجماعات الاسلامية لفت نظري أن قامة سامقة مثل هيكل وبعد أن بلغ من العمر عتيا في دوائر صنع القرار وقرأ من الكتب و من الوثائق ما تشيب له الولدان ، وألف كتب تعتبر بحق مرجع للتاريخ العربي الحديث ، أقول لا يعقل أن يكون بذات عقلية الخمسينات والستينيات من القرن الماضي ليوحي بل ويقنع السيسي أنه "جمال عبدالناصر " هذا العصر كما تردد على لسان الكثير ومنهم عصام سلطان القيادي في حزب الوسط المصري .... ولا يمكن أن يكون هيكل بعقلية البطة حتى وإن كان يمشي كالبطة ويصدر صوتا كالبطة ، فمثال البطة لا يصلح لهيكل ( أو هكذا أتصور ) بعد اضطلاعي على كثير من برامجه في الجزيرة وقراءتي لبعض من كتبه .... فالبطة شيء و الخمسينات شيء آخر وهيكل هو هيكل .
وكون المسألة المصرية الآن هي المسألة ( المصيرية ) لكل الشرق العربي فإنه لا يحق لأحد أن يسطح المسألة وأن ينظر للموضوع على أنه مجرد ثارات بطة قديمة مع الاخوان ، وكوني كنت غير متابع للإعلام المصري والذي كنت أراه دون المستوى الذي يصلح لهذا العصر ، إلا أن ما حصل في مصر جعلني الآن أنزل من البرج العاجي لأراجع ما حصل في العام الماضي من أخبار و بعض البرامج ( الهابطة ) والتي يقودها ذات مهرجين حسني والحزب الوطني أمثال عمرو أديب أو هالة سرحان ، حتى أني شاهدت لقاءات لإلهام شاهين ومواضيع عن الاعتلاء والهبوط .... حقيقة شيء مخزي يجعلني أفهم سبب إعراضي عن هكذا إعلام سخيف .
وفي غمرة بحثي عن سر موقف هيكل وسبب هبوطه مع الهابطين رغم أنه كان دائما من الداعين لنصرة الشعوب والنهضة والعربية والمشاريع العربية الكبرى ، وكيف تغيب عنه مسائل بسيطة كانقلاب مصدق في إيران الذي عايشه بنفسه ، و اكتشفت أن المسألة فعلا لا تتعلق بثارات بطة قديمة بقدر ما هي ثارات فرخ البط الحديثة ، فمن جملة ما وجدت مثلا النائب العام الذي عينه مرسي والذي كان من أسباب السخط على حكومة مرسي وهو السيد "طلعت عبد الله" قد منع بموجب قرار في مارس الماضي 23 رجل أعمال من التصرف في أموالهم (منهم نجل هيكل ) وهو "حسن هيكل" الذي أحيل إلي النيابة للتحقيق معه بتهمة التلاعب بالبورصة مع أبناء مبارك !
هذه بطة .... وهناك بطة أخرى تتحدث عن فساد في شركة اسمنت حلوان و منع من السفر لابنه احمد وعلاقة مشبوهة أيضا بأبناء حسني !
وهناك بطات أخريات كثيرات والأخبار كثيرة ودسمة بهذا النوع من أحاديث عن الفساد المالي والعلاقات المشبوهة في مصر أو حتى في سوريا كقضية شراكة بين أحد أبناء هيكل مع رامي مخلوف لم أقف عند هذه المسائل كثيرا ... لكنها فسرت لي وأوضحت معنى توصيف ماكين و سر التشبيه بين الانقلاب والبطة رغم أن ماركة البطة أمريكية ، وبين ما قيل أن حسنين هيكل وصف السيسي بجمال عبدالناصر لهذا العصر .
كل عام وانتم بخير .