الشيخ ابن عثيمين : قضاء الإجازات ( خطبة جمعة )

هذه خطبة جمعة نافعة لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله بعنوان :

قضاء الإجازات​

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد الا اله الا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وأسال الله أن يحشرني وإياكم في زمرته يوم يقوم الناس لرب العالمين
أما بعد

فيا أيها الناس يا ايها الناس اتقوا الله تعالى واعرفوا قدر الأوقات التي هي خزائن أعمالكم بادروها بالاعمال الصالحة قبل فوات الأوان وانصرام الزمان ان كل يوم بل كل ساعة بل كل دقيقة بل كل لحظة تمر بكم فلن ترجع اليكم وإن كل يوم وساعة ودقيقة ولحظة تمر بكم فإنها قصر في أعماركم ودنو لآجالكم فانتبهوا عباد اله لهذه الحقيقة فما هي الا سويعات ولحظات ثم إذا بكم قد حل بكم المنون وندمتم على ما فرطتم من الأعمال الصالحة في الاوقات التي يمكنكم أن تعملوا بها صالحا إن هذه الحقيقة يغفل عنها كثير من الناس فانتبهوا لها ايها الناس إن المعلمين منا والمتعلمين يستقبلون في هذه الأيام يستقبلون في هذه الايام إجازة السنة الدراسية والإجازة الصيفية فيا ترى ماذا ستقضى هذه الإجازة إن من الناس من يقضيها في بلده لا يغادرها في رحلات ولا أسفار ولكن يتفرغ لأعماله الخاصة وإني أوجه الخطاب لهؤلاء أن يحرصوا على أن تكون أجازتهم إجازة عمل بناء إجازة عمل نافع إجازة تحصيل للمصالح الدنيوية إما في مراجعة علوم يودون التخصص فيها وإما في اجتماع على درس ثقافة عامة وإما في الحضور الى المكتبات للاستزادة من العلم وإما في اشتغال بمصالح دنيوية مع أوليائهم في حراثة أو تجارة أو غير ذلك وإن من الناس من يقضي الاجازة بالسفر الى مكة والمدينة ونعم السفر هذا يذهبون الى مكة والمدينة للعمرة والصلاة في المسجد الحرام والصلاة في المسجد النبوي وزيارة قبر النبي صلي الله عليه وعلى آله وسلم بعد الصلاة في المسجد هذا من أفضل الاعمال فان النفقة فيه مخلوفة والعمرة الى العمرة كفارة لما بينهما والصلاة في المسجد الحرام المسجد الذي فيه الكعبة افضل من مائة ألف صلاة وإنما يختص هذا الفضل في المسجد الذي فيه الكعبة دون غيره من مساجد مكة وبقاعها لان الله تبارك وتعالى قال ( سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى ) وقد أسرى بالنبي صلى الله عليه وسلم من الحجر الذي هو جزء من الكعبة وفي صحيح مسلم عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنها سمعت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول عن المسجد النبوي ( صلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه الا مسجد الكعبة ) ومن المعلوم أن مسجد الكعبة هو البناية المحيطة بها أي المسجد الذي يسميه الناس الحرم أما مساجد مكة وجميع ما كان داخل أميال مكة فانه لا شك أن الصلاة فيه أفضل من الصلاة في الحل ولهذا لما نزل النبي صلي الله عليه وسلم الحديبية وبعضها حل وبعضها حرم كان نازلا في الحل ولكنه عند الصلاة يدخل الى الحرم الى داخل حدود الحرم إنني أوجه الخطاب الى هؤلاء الذين يتوجهون الى مكة والمدينة أن يخلصوا النية لله عز وجل وأن يحرصوا على تطبيق سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأن يتبعوا هديه فان العبادة لن تكون صحيحة ولن تكون مقبولة حتى تبنى على هذين الأساسين الاخلاص لله عز وجل والمتابعة لرسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فليحرصوا على الصلاة في اوقاتها يصلونها قصرا من حين الخروج من بلدهم الى أن يرجعوا اليه ولو طالت المدة الا أن يصلوا خلف إمام يتم الصلاة فانه يلزمهم الاتمام تبعا لامامهم سواء أدركوا الصلاة من اولها ام في أثنائها لعموم قول النبي صلي الله عليه وعلى آله وسلم ( ماأدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا ) وإذا كانوا في البلد الذي سافروا اليه لزمهم الإتمام. إن كانوا من أهل الجماعة وإن كانوا مسافرين أما إذا فاتتهم الصلاة فانهم يصلون قصرا أي ركعتين في الرباعية الظهر والعصر والعشاء سواء طالت مدة اقامتهم في هذا البلد أو قصرت لأن نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يحد للناس حدا فيقول لهم إن أقمتم كذا وكذا فاقصروا وإن زدتم كذا وكذا فأتموا لم يرد عنه ذلك في حديث صحيح ولا ضعيف وإنما أقام النبي صلي الله عليه وسلم إقامات مختلفة كلها يقصر فيها الصلاة اقام في تبوك عشرين يوما يقصر الصلاة وأقام في مكة تسعة عشر يوما يقصر الصلاة وأقام فيها عام حجة الوداع وهي آخر سفرة له عشرة ايام يقصر الصلاة أربعة أيام قبل الخروج الى منى والباقي قبل ان يرجع الى المدينة أما الجمع للمسافر فإن كان سائرا فهو أفضل من تركه وإذا كان يمشي فالافضل أن يجمع فيجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء إما جمع تقديم وإما جمع تأخير حسب الايسر له والايسر له هو الافضل سواء كان جمع تقديم أو جمع تأخير أما إن كان نازلا فترك الجمع أفضل وإن جمع فلا باس وإذا وصلى الى الميقات أو حاذاه في الطائرة فليحرم أن ينوي الدخول في النسك والافضل أن يغتسل الانسان في الميقات وإن اغتسل في بيته قبل ان يركب سيارته أو الطيارة فإن ذلك كاف انشاء الله لقصر المسافة بل لقصر المدة بين خروجه من بلده ووصوله الى الميقات فاذا وصل الى مكة فليبادر بأداء العمرة فليطف بالبيت ويصلي ركعتين خلف المقام والا ففي أي مكان من المسجد ثم يسعى بين الصفا والمروة يبدأ بالصفا ويختم بالمروة ومن المعلوم أن الطواف والسعي كل واحد منهما سبع أشواط وبعد السعي يقصر أو يحلق راسه ويكون التقصير شاملا لجميع الراس لا لجهة واحدة منه ثم اذا كان الانسان من نيته أن يخرج من مكة من حين انقضاء العمرة كفاه الطواف الأول عن طواف الوداع وإن مكث في مكة بعد انتهاء العمرة يسيرا فلا يخرجن حتى يطوف للوداع لعموم قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا ينصرف أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت وقد سمي النبي صلي الله عليه وسلم العمرة حجا أصغر واذا كانت المرأة حائضا عند الوصول الى الميقات فان كانت تظن أنها تطهر قبل خروجهم من مكة فإنها تغتسل وتحرم ولكن لا تطوف ولا تسعى حتى تطهر وتبقى على احرامها حتى تطوف بالبيت وتسعى وتقصر ومعنى قولنا تبقى على احرامنا أنها تتجنب جميع محظورات الاحرام أما الثياب فلها أن تغيرها وتلبس غيرها وأما اذا كانت لا تظن أ،ها تطهر قبل خروجها من مكة فانها لا تحرم ولكن إن قدر أنهم تأخروا في مكة وطهرت قبل خروجهم منها وأحبت أن تأتي بعمرة من التنعيم فلا بأس أما المدينة النبوية مهاجر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وموضع دفنه وبعثه صلى الله عليه وسلم ففيها مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وفيها قبره وقبر ابي بكر وعمر رضي الله عنهما والثلاثة كلها في مكان واحد جرة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وفيها البقيع وفيها قبور الشهداء في أحد ومن بينهم أسد الله أسد رسوله حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم رضي الله عنهم أجمعين وفيها المسجد الذي أسس على التقى مسجد قباء الذي كان النبي صلي الله عليه وسلم يأتيه كل يوم سبت ماشيا وراكبا فهذه خمسة مواضع في المدينة يؤتى اليها ما سواها فلا أصل لزيارته لا المساجد السبعة التي يزعمون ولا مسجد القبلتين ولا غير ذلك كل هذا لا اصل لزيارته فهذان صنفان من الناس في قضاء الاجازة الصنف الأول من يبقى في بلده والثاني من يسافر الى الأماكن المعظمة مكة والمدينة أما الصنف الثالث فمن يسافر لغرض شرعي كزيارة قريب يصل بها رحمه وكالسفر لطلب العلم وكالسفر لعيادة مريض أو إصلاح بين الناس أو موعظة الناس تبصيرهم بدينهم في القرى والبوادي ولا يخفى ما في صلة الرحم من الثواب العظيم فمن وصل رحمه وصله الله عز وجل ولا يخف ما في السفر لطلب العلم فمن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا الى الجنة أما الصنف الرابع فهو من يسافر للترفه بما أنعم الله به عليه في الرحلات وهذا نوعان النوع الأول من يسافر الى داخل البلاد في المناطق الريفية ولا سيما في جنوب المملكة فهذا قد نفع نفسه بالترفه بما أنعم الله به وأذن فيه ونفع بلاده بدفع النفقات فيها مما يقوي اقتصادها وينفع أفرادها ولكن عليه أن يتقي الله باداء الواجبات اجتناب المحرمات فيصلي من تلزمه الجماعة مع الجماعة ويحرص على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والبعد عن سفاسف الأمور وسفاهة العقول أما النوع الثاني وما أدراك ما النوع الثاني إنه الخطر العظيم الجسيم وهو من يسافر الى خارج البلاد ولا سيما بلاد الكفر التي دمرت بالكفر والمجون والفجور ومسكرات العقول ومفسدات القلوب لا يسمع فيها أذان ولا تقام فيها جماعة صلوات وإنما هي نواقيس النصارى وأبواق اليهود فيرجع وقد تلوث فكره بهذه الاعمال ونقص إيمانه وخسر ماله وسلب عقله بما افتتن بها فيما رآه من متاع الدنيا وزهرتها فيكون ممن بدلوا نعمة الله كفرا واستعانوا بما رزقهم الله من المال الصحة على معصيته فخسر دينه ودنياه وهم بذلك العمل المشين قووا اقتصاد هؤلاء الاعداء وأدخلوا عليهم الفرح والسرور حيث كانت بلادهم مرادة ومصيدة لمن يفد اليهم فليحذر العاقل اللبيب أن يكون من ذا النوع وليعلم أن هؤلاء المسافرين الى بلاد الكفر وإن نعموا أبدانهم بما نالوه من الترف فقد اتلفوا أرواحهم وفقدوا راحتهم بما حصل لهم من التعب الفكري والقلق النفسي اذا فقدوا هذا بروجوعهم الى أوطانهم وربما يكونون قد لوثوا أدمغتهم ولا أقول قد غسلوا أدمغتهم لان الغسل تطهير ولكن صواب العبارة أن يقال لوثوا أدمغتهم بما سمعوا أو شاهدوا من افكار وأخلاق ولا شك أن هذا سيكون له تاثير على النشء الصغار الذين صحبوهم فان الصغار لن ينسوا هذه المشاهدات والمسموعات فليتقي الله أمرؤ في نفسه وليتق الله في أهله وليتق الله في مجتمعه إن هذه اللوثات والقاذورات اذا رجع بها الى بلده فسوف يؤثر على من حوله وعلى كل من يتصل به من قرابات أو جيران وحينئذ تبقى بلادنا تريسة لامثال هؤلاء الذين تلوثوا بما تلوثوا به من اخلاق الكفرة ايها الاخوة احذروا هذا وحذروا أخوانكم وبثوا في نفوس مجتمعكم الحذر العظيم من ذلك فانه والله أمر عظيم ربما لا يظهر أثره في سنة أو سنتين ولكن لا بد أن يؤثر وإنني أختم كلمتي هذه بما وجهه الله تعالى الى عباده المؤمنين حيث قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم وأشكروا لله إن كنتم اياه تعبدون ) أسال الله تعالى أن يزرقني وإياكم شكر نعمته وأن يعيننا وإياكم على طاعته وأن يجعلنا من المتبصرين المبصرين إنه على كل شئ قدير اللهم اهد قومنا لاحسن الاقوال والاعمال وجنبهم اسوأها يا رب العاملين الهم احفظ علينا ديننا واحفظ ديننا بنا يا رب العالمين اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر والسلامة من كل اثم والفوز بالجنة والنجاة من النار إنك على كل شئ قدير وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين . الحمد لله حمدا كثيرا كما أمر وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر وأشهد الا اله الا الله وحده لا شريك له ولو كره ذلك من اشرك به وكفر وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد البشر الشافع المشفع في المحشر صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه خير صحب ومعشر وعلى التابعين لهم بإحسان ما بدا الصباح وأنور وسلم تسليما كثيرا

تابع الخطبة
 
تكملة الخطبة

فيا أيها الأخوة سبق لنا ذكر حقوق المسلم على أخيه ذكرنا منها خمسا آخرها عيادة المريض وبينا كيفية العيادة وما ينبغي للإنسان اذا عاد أخاه أن يفعله ويقوله قال أهل العلم واذا مات الانسان فانه ينبغي لمن حضره أن يغمض عينيه لان عينيه سف تشخص فان الانسان إذا قبض فإن البصر يتبع روحه يشاهدها دخل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على ابي سلمة رضي الله عنه يعوده فوجده قد شط بصره أي ق شخص ثم قال اللهم اغفر لابي سلمة وارفع درجته في المهديين وافسح له في قبره ونور له فيه واخلفه في عقبه دعا بهذه الدعوات الخمس العظيمة فسمعه أهل البيت فخافوا أ، صاحبهم قد مات فضجوا فقال النبي الله عليه وعلى آله وسلم ( لا تدعوا على أنفسكم الا بخير فان الملائكة يؤمنون على ما تقولون ) وكانوا في الجاهلية اذا مات الميت دعوا على انفسهم بالويل والثبور فخاف النبي صلىالله عليه وعلى آله وسلم أن يدعوا أهل أبي سلمة بهذا فارشدهم أن يدعوا بالخير ولذلك ينبغي للانسان اذا أصيب بمصيبة وإن عظمت أن يقول إنا لله وإنا اليه راجعون الله أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها أعود الى دعوات النبي صلي الله عليه وعلى آله وسلم لابي سلمة فان النبي صلى لله عليه وسلم دعا له بخمس أما الخامسة فقد شوهدت في الدنيا فإن أم سلمة رضي الله عنها لما تمت عدتها تزوجها النبي صلى الله عليه على آله وسلم واعتبروا بهذه القصة إن أم سلمة رضي لله عنها قد سمعت النبي صلى وعلى آله وسلم يقول من أصيب بمصيبة فقال اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها آجره الله عليها وأخلف له خيرا منها فقالت رضي الله عنها ذلك إيمانا بقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولكنها تفكر وتقول من خير من أبي سلمة فكان الذي أتاها محمدا صلى الله عليه وسلم وهو خير من ابي سلمة بل هو سيد ولد آدم صلوات الله وسلامه عليه وكان اولادها كانوا في حجر النبي صلى الله عليه وسلم فلف الله أبا سلمة في عقبه وكان عقبه تحت حضانة النبي صلي الله عليه وسلم ورعايته أما الاربع الاخرى فاننا نرجو الله تعالى أنه حققها لابي سلمة رضي الله عنه المهم أن من عاد المريض وهو محتضر فانه يلقنه الشهادة كما سبق في الجمعة الماضية ويغمض عينيه قال العلماء ويلين مفاصله بحيث يرد ساقيه الى فخذيه وفخذيه الى بطنه عدة مرات وكذلك ذراعيه الى عضديه وعضديه الى جنبيه لتلين مفاصله حتى يكون لينا عند تغسيله ثم يبادر بتجهيزه بتغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه لقول النبي صلي الله عليه وعلى آله وسلم (أسرعوا بالجنازة فان تكن صالحة فخير تقدمونها اليه وإن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم) والرجل اذا مات فان روحه تقول اذا كان صالحا قدموني قدموني أي قدموني الى موضع الثواب لان الانسان في قبره يفتح له في الجنة جعلني الله واياكم من هؤلاء وإن كانت سوى ذلك فانها تقول يا ويلها أين تذهبون بها أحسن الله لي ولكم الخاتمة واذا كان المريض يقول قدموني قدموني فإن الاولى بنا أن نقوم ببره وأن نقوم بالاحسان اليه وأن نشرع الى تجهيزه حتى يصل الى ثوابه في جنات النعيم ولا ينبغي أن يحبس الانيسان عند أهله لأنه ورد عن النبي صلي الله عليه وسلم وهو حديث ضعيف أنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله فبادروا رحمكم الله بادروا بتجهيز الاموات ولا تؤخروها الا أن يكون هناك سبب مثل أن يموت في الضحى ويخشى من المشقةعلى مشيعيه اذا شيعوه في صلاة الظهر مثلا فانه يؤخر الى صلاة العصر ولا باس في ذلك لانه لو دفن في الظهر في شدة الحر شق ذلك على الناس مشقة شديدة لذلك نقول اذا مات في الضحى وكان في دفنه بعد صلاة الظهر مشقة فانه لا باس ن يؤخر لا باس الى أن يكون وقت صلاة العصر حيث تبرد الشمس والجو وهذا تأخير أرجو الله تعالى الا يكون فيه ضرر على الميت ولا على مشيعيه فان قال قائل كيف تقولون باسراع التجهيز وقد كان النبي صلي الله عليه وعلى آله وسلم مات يوم الاثنين ولم يدفن الا ليلة الاربعاء فالجواب على ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم هو قائد الامة ولا ينبغي أن يدفن حتى يقوم خليفته فيخلفه في أمته ولذلك لما تمت البيعة لابي بكر جهزوا للنبي صلى الله عليه وسلم ودفنوه فالصحابة رضي الله عنهم خشوا أن تخلوا الارض من امام يكون خليفة لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلما تمت البيعة دفنوه أما الحق السادس فهو اذا مات فابتعه فينبغي للانسان أن يتبع الجنائز لان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط ومن شهدها حتى تدفن يعني بعد الصلاة فله قيراطان قيل يا رسول الله وما القيراطان قال مثل الجبلين العظيمين أصغرهما مثل جبل أحد ولما بلغ ابن عمر رضي الله عنهما هذا الحديث قال والله لقد فرطنا في قراريط كثيرة ولكن ينبغي لمن شيع الجنازة الا يتحدث في شئ من أمور الدنيا حال تشييعه لان المقام مقام عظة وعبرة بل يعتبر الانسان في حاله وحال الميت الذي يشيعه الان فهذا الميت كان بالامس على ظهر الارض بل ربما كان من اصح الناس في صباح يومه الذي مات فيه واذا به يكون في بن الارض تدركه الشمس في طلوعها ولا تدركه في غروبها فليتأمل الانسان حال هذا الميت ثم ليتامل حاله نفسه فانه كما كان اليوم حاملا في الغد محمولا وكما كان اليوم مشيعا فسيكون في الغد مشيعا ليعتبر في نفسه وليعلم أن الدنيا ليست دار قرار وأنها مرحلة إلى الآخرة كما أن الجنين في بطن أمه ليس في مكان قرار ولكنه في مرحلة حتى يخرج الى الدنيا دار العمل ثم الى الآخرة دار الجزاء ومع ذلك فانه في قبره ليس ذلك آخر مرحلة له بل هناك مرحلة أخرى أعظم وأعظم سمع إعرابي قارئا يقرأ قول الله عز وجل ( الهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر) فقال هذا الاعرابي والله إن الزائر ليس بمقيم والله إن وراء هذه المقابر لدار مقر فاستنبط هذا الاعرابي من قوله تعالى زرتم أن الزائر لن يكون في محل إقامة وهو كذلك وبهذا نعرف أن بعض الناس فيمن مات إنه عاد الى مثواه الاخير أنها كلمة سيئة خطيرة جدا لاننا لو أخذنا بمقتضاها لكان مقتضاها إنكار البعث اذا جعلنا القبور هي المثوى الاخير ولكن المثوى الاخير حقيقة هو الدار الآخرة إما الى جنة وإما الى نار أسال الله تعالى أن يجعل مثواي ومثواكم في جنات النعيم مع الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وينبغي للانسان اذا تبع الجنازة الا يجلس حتى توضع للدفن ثم اذا دفنت فانه يقف عليها بعد الدفن ويستغفر للميت يقول اللهم اغفر له اللهم اغفر له ويسأل الله له التثبيت يقول اللهم ثبته اللهم ثبته اللهم ثبته لان النبي صلي الله عليه وسلم اذا دعا دعا ثلاثا وكان اذا فرغ من دفن الميت قف عليه وقال استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فانه الان يسال يسأل عن ماذا يسأل عن ثلاثة أمور عن ربه ودينه ونبيه فان كان مؤمنا ثبته الله عز وجل بالقول الثابت قال ربي الله وديني الاسلام ونبيي محمد اللهم ثبتنا على ذلك يا رب العالمين اللهم ثبتنا على ذلك يا رب العالمين أما إن كان منافقا فإنه لم يصل الإيمان إلى قلبه فيقول ها ها لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته نعوذ بالله من ذلك اللهم أعذنا من ذلك يا رب العالمين اللهم أعذنا من ذلك يا رب العالمين اللهم أعذنا من ذلك يا رب العالمين أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم .

منقول

يمكنك مرجعة مصدر الخطبة والاستماع إليها عبر الرابط التالي من موقع الشيخ الرسمي :

http://www.ibnothaimeen.com/all/khotab/article_188.shtml
 
أعلى