تربية الأولاد في الإسلام

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى من سار على نهجه واتبع سنته إلى يوم الدين ثم أما بعد


الأسرة هي اللبنة الأساسية في المجتمع , فإذا انهار بناء هذه اللبنة تفكك المجتمع وفسدت الدنيا على أهلها.

ومن هنا يأتي دور الأب والأم في إحسان تربية الأولاد على المنهج السليم لإخراج النشء الصحيح القوي والقادر على تولي زمام أمور الحياه في بلاده حينما يكبر.


وللأسف فإن هذه المسألة على الرغم من أهميتها الكبرى والعظمى لا تحظى إلا بقدر بسيط من الإهتمام عند خلق كثير...

وحتى هذا الإهتمام لا يكون إلا بنوع عاطفي بغير دراسة ولا علم , بل يتبع ساسية الفعل ورد الفعل ثم يبني عليه الأحكام والخبرات فينقلها لمن يليه.

والمسألة تحتاج إلى توفيق الله أولا وآخرا ثم معرفة للنفس البشرية وتطورها ورغباتها وصراعاتها وإستباق الأحداث ووضع منهج.

ولا يكفي فقط مجرد العلم بل لابد من التطبيق الذي قد تكتنفه بعض الأخطاء في أوله ثم لا يلبث الأمر أن يُصحح فإذا الثمرة يانعة ومثمرة.

وكما سبق هذا أمر هام وعليه حساب كبير جدا يوم القيامة , كيف لا وأنت تبني إنسان وتمده بالأفكار والمعتقدات وأساليب الحياة ثم تدعه بعد ذلك في المجتمع يؤثر فيه إما إيجابا أو سلبا.

وما سبق هو تمهيد لهذا الموضوع المهم والطويل نوعا ما ولذلك سوف أسير فيه على مهل حتى ولو لم يشارك فيه أحد من زملائنا في هذا المنتدى.

بل نجعله صدقة لنا أحب أن أراه في صحيفتي يوم القيامة


وإن شاء الله تعالى سوف يكون عناوين المشاركة القادمة هي :

لماذا نتزوج؟؟
ما ثواب تربية الأبناء في الإسلام ؟


والحمد لله رب العالمين

يتبع
 

الفيصل

عضو ذهبي
تسجيل حضور ومتابعة لهذا الموضوع الطيب ....

واصل بارك الله فيك وأسأل الله أن يجعل ماتكتبه في ميزان حسناتك
 

بوكمان

عضو ذهبي
ابو عمر
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
نعم هذا هو الموضوع الذي يجب ان يتطرق له العقلاء التربـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــية في الاسلام
تقبلني من المشاركين بالاطلاع والرأي ان شاء الله
 

بوكمان

عضو ذهبي
لماذا نتزوج
الزواج هو سكن وطمأنينة؛ لما يحصل به من الألفة والمودة والانبساط بين الزوجين والزواج نواة لتكوين اسرة ذات بيئة صالحة واعفاف للنفس وصيانتها عن الحرام.
-
الزواج خير وسيلة لإنجاب الأولاد، وتكثير النسل والتصاهر بين المجتمع الاسلامي
- وفي الزواج إشباع لغريزة الأبوة والأمومة التي تنمو بوجود الأطفال
- وفي الزواج قد يرزق الآباء بالولد الصالح الذي يدعوا لهم بعد موتهم فيكون العمل من احدى الثلاث الذي يدوم بعد الموت
أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال(اذا مات الانسان انقطع عمله الا من ثلاث اشياء من صدقة جارية او علم ينتفع به او ولد صالح يدعوا له) سنن ابو داود -صححه الالباني
والله اعلم
 

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
تسجيل حضور ومتابعة لهذا الموضوع الطيب ....

واصل بارك الله فيك وأسأل الله أن يجعل ماتكتبه في ميزان حسناتك


آمين وجزاك الله خيرا ونتشرف بمرورك

وإن شاء الله تعالى يكون في هذا الموضوع فائدة لنا جميعا
 

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
لماذا نتزوج
الزواج هو سكن وطمأنينة؛ لما يحصل به من الألفة والمودة والانبساط بين الزوجين والزواج نواة لتكوين اسرة ذات بيئة صالحة واعفاف للنفس وصيانتها عن الحرام.
-
الزواج خير وسيلة لإنجاب الأولاد، وتكثير النسل والتصاهر بين المجتمع الاسلامي
- وفي الزواج إشباع لغريزة الأبوة والأمومة التي تنمو بوجود الأطفال
- وفي الزواج قد يرزق الآباء بالولد الصالح الذي يدعوا لهم بعد موتهم فيكون العمل من احدى الثلاث الذي يدوم بعد الموت
أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال(اذا مات الانسان انقطع عمله الا من ثلاث اشياء من صدقة جارية او علم ينتفع به او ولد صالح يدعوا له) سنن ابو داود -صححه الالباني
والله اعلم


الأخ الحبيب بوكمان

جزاك الله خيرا على مشاركتك وهذا أمر يزيد من رونق ونضارة الموضوع

وهذه الأسباب صحيحة لا شك فيها وهي من أجل النوايا التي ينويها الإنسان عند إقدامه للزواج

وهناك سبب آخر أو نية أخرى جميلة سوف أوردها إن شاء الله تعالى

ومرة ثانية جزاك الله خيرا
 

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
==========
لماذا نتزوج
==========


الحمد لله وكفى وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى ثم أما بعد..

لماذا نتزوج , سؤال ينبغي لكل مسلم مقدم على الزواج أن يسأل نفسه هذا السؤال

ما هو هدفه من الزواج ؟ هل هو لقضاء الوتر الجنسي والإستقرار النفسي ؟؟؟

فإذا كانت الأسباب السابقة فإن أي امرأة تغنيه ولكن لفترة قصيرة من الوقت ثم لا يلبث أن تخبو الشعلة وتنطفيء الجذوة فيتكشف له بعد ذلك نجاحه في الإختيار من عدمه...

والسعي وراء إطفاء الشهوة أو وراء حب الإنجاب أمر طبيعي لأنها غريزة مركبة في الإنسان كما قال تعالى (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ)

نعم أمر فطري طبيعي ولكن لا ينبغي أن تكون مسألة الشهوة والغريزة هي النية الأصيلة في الإقدام على مثل هذا العقد الخطير , هذا العقد الذي يترتب عليه حقوق وواجبات ومسؤليات كثيرة يجب على المسلم الإلمام بها قبل فعله.

ويكفيك في معرفة خطورة هذا الأمر أن الخلل فيها يؤدي إلى عقوبة النار , اقرأ قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )


والغرائز تحتاج إلى عقل عاقل وإرادة حازمة لتكبح جماحها ولتحملها على إدراك الغاية الكبيرة التي ركبت في الإنسان من أجلها , ولذك تجد أن كثير من الناس قد مالوا ميلا شديدا بسبب إستيلاء الشهوة وتحكمها في عقولهم ففسدت أحوالهم وأحوال أولادهم.


ومن فإن السؤال الهام ما يزال يحتاج إلى إجابة واضحة لماذا نتزوج ؟؟؟


أفضل إجابة كانت من أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب رضي الله عنه عندما قال ( إني لأكره نفسي على الجماع رجاء أن يخرج الله من صلبي نسمة توحده )رواه ابن أبي الدنيا في كتاب العيال.


هذه هي الإجابة الصحيحة وأفضل ما يسعى إليه الإنسان أن ينجب الولد الصالح الذي يجعل صفحة أبيه مفتوحة أبد الدهر ..

وقد جعل الله تعالى من دعاء الصالحين ( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا )

والأطفال كالريحانة يشمها الوالدين حتى إذا صاروا كبارا كانوا إما صديق بار أو عدو جار , ولذلك فالإهتمام بتربية النشء تربية سليمة صحيحة صحبة دينيا ونفسيا وبدنيا يجنب الآباء قبل الأبناء فساد الحياة وتنغص العيش وسوء الخلق والعقوق في المستقبل القريب


وتجد أن النصوص الدينية التي توصي الآباء بالأبناء قليلة على عكس النصوص التي توصي الأبناء بالآباء وإتباعهم, بسبب أن الله تعالى تكفل بوضع هذه الرحمة التي تضمن لهم هذا المعين الذي ينبض بالحب والحنان والعطف.

وقدر حذر الإسلام الأب من أن يظلم ابنه كما في الحديث الصحيح ( لا يجني والد على ولده ) , ولكن كثير من الآباء يجنون على أولادهم بجهلهم بالتربية الصحيحة للأولاد وبالمقاصد المطلوبة من إنجابهم.

فتربية الإسلام للطفل ليست كأي تربية أخرى , إنما هي تربية لغاية ومقصد ولمستقبل في الدارين , وهذا بخلاف جميع التعريفات الغربية والتي يلهج بها كثير من المسلمين إنما هي تركز على إعداد الطفل ليكون قادرا على تحقيق رغباته الدنيوية فقط...


وفي هذا القدر الكفاية والحمد لله رب العالمين


يتبع
 

قديم

عضو مخضرم
احسنت وجزاك الله خيراااا على الموضوع الكبير بمضمونه

واتمنى من القراء المتزوجين والمتزوجات او المقبلين على الزواج

الاستفادة من الموضوع
 

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
احسنت وجزاك الله خيراااا على الموضوع الكبير بمضمونه

واتمنى من القراء المتزوجين والمتزوجات او المقبلين على الزواج

الاستفادة من الموضوع


جزانا وإياكم وإن شاء الله تعالى يكون في هذا الموضوع الذي أنقله من فوائد أهل العلم الفائدة الكبيرة لنا جميعا.

وحضورك يشرفنا
 

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
الحمد لله وكفى وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى ثم أما بعد..ز

نكمل إن شاء الله تعالى هذا الموضوع الهام والخطير ألا وهو تربية الأولاد في الإسلام...


بعض الناس يحسب أن مسألة تربية الأولاد من المسائل الكمالية أو الترفيهية ولا يعلم أن الأمر جد خطير , وأن الحساب على هذه الأمانة حساب شديد.


فالأولاد ثمرة من ثمرات مزاج الأب والأم ونتاج خبراتهم وعقيدتهم وعبادتهم وأفكارهم وإجتهادهم وإصلاحهم في أنفسهم مع علم سابق بنفسية الطفل.


ولربما لا يستطيع البعض أن يهمل في المسائل الحياتية لأولاده خشية تعيير جيرانه أو زملاءه أو حتى حبا للمنافسة بين الناس في تحصيل زينة من زينة الحياة الدنيا...


وأما لو أهمل في تربية أولاده من الناحية الدينية أو النفسية فإنه يأمن الملامة غالبا لأفتقار كثير من الناس لعلم التربية الصحيحة القائم على الكتاب والسنة وعلم النفس المتوافق معهما.


وإذا نظرت إلى أهم مهنة في الأرض تجد الناس يتفاوتون فيها , فهذا يذهب إلى أنها أبحاث الفضاء أو العلوم النووية , أو أي علم يشار إليه في هذا الزمان بالبنان ويشار إلى صاحبه بالنبوغ إذا عمل به....


وبعض الناس قد فتنوا فتنة شديدة بمسألة الرجل الآلي , وما يستطيعه من عمل وبمستوى العلم والتكنولوجيا التي وصلوا إليه علماء هذا الفن ولا يلتفت إلى أن أصعب مهنة وأدق مهنة هي مهنة هندسة الإنسان نفسه...


هذا المخلوق الذي سوف يصبح بعد فترة إنسان له تأثير في وسطه ومجتمعه ولربما في عالمه من يُهندس فكره ويربي أخلاقه ويصلح شهواته ويقوي ملكاته؟؟


أليس الأبوان وبالأخص الأم التي تمتهن أعظم مهنة في العالم , وقد صح قول الشاعر أحمد شوقي

الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيبا الأعراق.


فالمسألة هامة وهي جد خطيرة وتحتاج إلى تعب ودراسة وعلم وتوفيق قبل ذلك وبعد ذلك وجعاء وإبتهال إلى الله تعالى بإصلاح الأمر.

وكل من يترك هذه المسألة لأوقات الفراغ أو يربي التربية المعروفة برد الفعل لا يجني إلا على ولده وعلى نفسه في نهاية المطاف إذ هو مسئول عن ذلك يوم القيامة.


وفي هذا المقام يصح نقل بعض ما شرحه الدكتور محمد إسماعيل المقدم حفظه الله تعالى في محاضراته الماتعة محو الأمية التربوية وهو ينقل عن طبيب نفسي مسلم بعض ما كتبه حول أهمية التربية الإسلامية فيقول حفظه الله:

(( بعض الباحثين وهو طبيب نفسي له كتاب اسمه (تربية الطفل رؤية نفسية إسلامية) كتب كلاماً جيداً في موضوع الأولاد، يقول فيه: من أجل ذرية صالحة لابد للزوج من زوجة صالحة، ولابد للزوجة من زوج صالح، هو يظفر بذات الدين، وهي تتزوج ممن ترضى دينه وخلقه، لكن بعد هذه المرحلة تأتي أهمية وضوح الغاية من أن يكون عندنا أولاد، وبصورة أخرى: ما هي النية من وراء إنجاب الأولاد؟ هل ننجب الأولاد ونتعب في تربيتهم السنين الطويلة حتى يكونوا لنا عوناً عندما نبلغ الشيخوخة؟ ربما كنا مرحومين فكان أولادنا بارين بنا، وعوناً لنا عندما نحتاج إليهم، لكن قد لا يكونون كذلك؛ فيذهب جهد السنين في العناية بهم بلا مقابل. وقد نربي الولد السنين الطويلة، ثم يموت أو يبتلى بعاهة وإعاقة دائمة، وقد وقد .. كل ذلك يجعل الإنجاب والتربية كوسيلة تأمين ضد الشيخوخة مشروعاً أقرب إلى الخسارة منه إلى الربح، وقد ينجب الأولاد لأنهم مثل الأموال زينة في هذه الحياة الدنيا، كما قال تعالى: ((الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)) [الكهف:46]، والنفس البشرية تحب امتلاك الزينة، لكن العاقل الذي يدرك مدى المسئولية في ذلك، ومدى العبء الذي يحمله الأبوان في تربية أولادهما، فقد لا تعجبه هذه الزينة؛ لأنها باهظة التكاليف. وقد ننجب لنجبر كسر زواج على حافة الطلاق، ولكن زواجاً محطماً لا يستحق العناء الذي يتطلبه الأولاد، والأولاد قد يزيدون الأمور سوءاً، وقد يعجل ذلك بالطلاق ولا يؤجل. بقي أن ننظر إلى أولادنا على أنهم مشروع رابح، يقول: إن تربية الأولاد ينبغي أن تكون النية والهدف من وراء تربية الأولاد لله، فيقول: إن ما كان لغير الله ينقطع وينفصل، وما كان لله فإنه يدوم ويتصل، فإن أردت بالأولاد مالاً ربما خانوك وضيعوك، وإن أردت زينة فهي مكلفة، وإن أردت كذا .. إلى آخر هذه الاحتمالات. ثم قال: بقي أن ننظر إلى الأولاد على أنهم تجارة لن تبور، وذلك إذا اتبعنا فيها شرع الله سبحانه وتعالى، يقول: بقي أن ننظر إلى أولادنا على أنهم مشروع رابح لكسب الأجر والثواب، وارتفاع الدرجات عند الله، ولحفظ جهدنا من الضياع؛ لأن الجهد الذي نضيعه على أولادنا قاصدين بذلك تنشئتهم على الإيمان بالله وتوحيده وطاعته جهد باق لا يزول عندما تزول الجبال، ولا يختفي عندما تكور الشمس، أو تكشط السماء، أو تسجر البحار، إنه جهد أودع في إنسان، والإنسان ضمن الله له الخلود بعد أن يبعثه يوم القيامة إلى حياة لا موت بعدها، بينما تزول كل المعاني المادية العظيمة من حولنا، إلا تربية الأولاد. بهذه النية يكون لدينا مشروع لا احتمال للخسارة فيه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك؛ أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك) . وعن أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت: (قلت: يا رسول الله! هل لي أجر في بني أبي سلمة أن أنفق عليهم ولست بتاركتهم هكذا وهكذا إنما هم بني؟ فقال: نعم. لك أجر ما أنفقت عليهم). أي أن هذا عن المال الذي تنفقه في تربية الأولاد لن يضيع سدى، بل تثاب عليه أعظم الثواب، فما بالنا بالجهد الدءوب والتعب وسهر الليالي بعد الحمل وهناً على وهن، أيعقل أن يكون أجر ذلك كله دون أجر المال الذي ينفقه الأب؟ هل ثواب الأم التي تعاني ما تعاني في تربية الطفل يكون دون ذلك؟ يقول تبارك وتعالى: (( فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ )) [آل عمران:195] . وعندما يكبر أولادنا صالحين مؤمنين فيكون لنا -بإذن الله- من الأجر مثلما يكون لهم كلما صلوا صلاة أو صاموا صياماً، أو عملوا عملاً صالحاً ما عاشوا، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله)، والولد من سعي أبيه، أي: أنك إذا ربيته على الطاعة فكل عمل صالح يفعله يكون لك مثل ثوابه، فإذا ذكر الله سبحانه وتعالى وأثيب على ذلك فأنت أيضاً لا تَقِلُّ عنه في شيء، وهكذا إذا صلى أو صام أو فعل أي شيء؛ لأنك أنت الذي تسببت فيه وجوده؛ فإنه لا تعارض بين هذا وبين قوله تعالى(( وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى )) [النجم:39]؛ لأن من سعيه إنجاب وتربية هذا الولد. يقول: هذه الطمأنينة على أعمالنا أنها لن تضيع سواء أحسن إلينا أولادنا أو لم يحسنوا عندما يكبرون؛ تجعلنا نبذل ونربي بحماسة ورضا، وعندما نشعر أن أولادنا نعمة من الله لأنهم وسيلتنا إلى زيادة حسناتنا؛ فكم منا من له الجلد والمثابرة على الصلوات الكثيرة في جوف الليل، وكم منا من إذا صلى كانت صلاته كلها خشوع، وكم منا من له الصبر على صوم أكثر الأيام، إن أولادنا وسيلتنا لكسب الأجر العظيم الذي نعجز عن كسبه عن طريق النوافل الكثيرة صلاة وصوماً وصدقة وحجاً وذكراً، فبإخلاص النية لله يصبح سهر الأم على رعاية رضيعها عبادة، ويصبح عمل الأب في مصنعه أو متجره عبادة، والولد الذي يحفظه الله لنا فيعيش يكون مستودعاً يحفظ الله لنا فيه أعمالنا ليكافئنا عليها يوم القيامة، أما الذي يميته الله طفلاً فنصبر فإنه يقف على باب الجنة لا يدخلها حتى يدخل أبويه. أوليس تربية أولادنا على الإسلام تجارة لن تبور إن شاء الله؟ لابد من استغلال الفرص لتحقيق أكبر الأرباح. ثم يلفت النظر إلى أمر في غاية الأهمية، وهو: الدعاء بالصلاح للذرية، يقول الله سبحانه وتعالى: ((هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ [آل عمران:38]. وقال تعالى (( وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ )) [الأنبياء:89-90]، إلى آخر الآية. يقول: نحن في حياتنا اليومية إذا أردنا شراء قطعة أثاث أو سيارة أو غير ذلك ذهبنا إلى السوق، وحصلنا على ما تمكننا نقودنا القليلة من شرائه، لكن الثري فينا لا يفعل ذلك، فممكن أن يتصل بشركة مرسيدس في ألمانيا ويطلب سيارة فيها كذا وكذا وكذا، ويدفع فيها الملايين؛ لأنه ثري يمكنه أن يبذل هذا المال ليحصل على سيارة حسب مواصفات معينة يرغب فيها، ثم ترسل إليه خصيصاً مقابل ثمنها. أما إذا أردنا ولداً بمواصفات معينة: أن يكون مقيماً للصلاة، صالحاً، قانتاً، خاشعاً، حتى لو أردنا شيئاً من الدنيا أيضاً، فما علينا إلا أن نرفع أيدينا ندعو الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا ذلك، وأن نكثر من الدعاء سائلين الله أن يرزقنا ولداً صالحاً ذكياً سوياً جميلاً، والولد قد يكون صبياً وقد يكون بنتاً فندعوه عز وجل ويكون دعاؤنا من هذه الأسباب، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: (أعجز الناس من عجز عن الدعاء)، فالدعاء يمكن أن تحصل به أغلى وأثمن الأشياء سواء في الدنيا أو الآخرة، ولا يكلفك سوى أن تخلص النية لله سبحانه وتعالى، ثم ترفع يديك متذللاً سائلاً، فهذا باب سهل جداً للمؤمن، ولذلك ذم النبي عليه الصلاة والسلام من يزهد في الدعاء بقوله: (أعجز الناس من عجز عن الدعاء) وقال صلى الله عليه وسلم: (ما يمنع أحدكم أن يقول حين يجامع أهله: باسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا)، فهذا كله من الإحسان إلى الأطفال، فليس الدعاء وسيلة العاجز، إنما هو سبب من الأسباب التي يحب الله سبحانه وتعالى أن نأخذ بها، فنؤجر على الدعاء نفسه، ثم يتقبل الله سبحانه وتعالى منا هذا الدعاء. بعث بعض الخلفاء إلى بعض الناس ممن كانوا محبوسين في السجن وطال بهم المقام فيه، فأرسل إليهم وسألهم: ما أشد ما مر عليكم في هذا الحبس؟ قالوا: ما فقدنا من تربية أولادنا، وكان السلف يهتمون جداً بموضوع التربية حتى وجدت وظيفة اسمها: المؤدب، وكان الإمام ابن أبي الدنيا يلقب بـ: مؤدب أولاد الخلفاء )) انتهى


إذا الأولاد هي تجارة لن تبور إذا أحسنا تربيتهم على المنهج السليم , وأنا أدعو كل أخ كريم يدخل على هذه الصفحة أن لا يكسل عن قراءة كلام السابق لأهميته الشديدة لكل إنسان...


ليس فقط المتزوج أو العائل بل حتى العازب والمقدم على الزواج , لأن المسألة تحتاج إلى علم قبل الإقدام حتى أنه يتلافى أكبر قدر من الأخطاء في التطبيق.

وقد يكون أمام الإنسان موقف ما لأبناء أخيه أو صديقه أو أخت له , وفي غلط أو إساءة للأولاد على أي نوع أي من قبيل الضرب والإمتهان أو من قبيل الإحسان والتدليل المفرط , فينبغي إذا لمن يشهد موقف كهذا أن يرد الأمر إلى الصواب ويصلح...


إذا فتربية الأولاد مسألة تخص الجميع بغير إستثناء وفي هذا القدر الكفاية والحمد لله رب العالمين...


يتبع

 
أعلى