اللهم مزق ملكهم كل ممزق هذه دعوة النبي المعصوم صلى الله عليه وسلم التى دمرت مملكة الفرس !!!

hakeem

عضو ذهبي
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رسوله إلى المجوس ، وكتب كتابا إلى كسرى ملك الفرس ، كما كتب إلى ملوك النصارى ، كما تقدم عن قيصر والمقوقس ، ولكن ملوك النصارى تأدبوا معه وخضعوا له ، فبقي ملكهم . وأما ملك الفرس فمزق كتابه ، فدعا [ ص: 316 ] عليهم فقال : اللهم مزق ملكهم كل ممزق
، فلم يبق لهم ملك .


قال ابن عباس : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن حذافة بكتابه إلى كسرى ، فدفعه إلى عظيم البحرين ، فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى ، فلما قرأه يعني كسرى مزقه ، فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمزقوا كل ممزق .

وقال ابن إسحاق كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر ، فأما كسرى فلما قرأ الكتاب مزقه ، وأما قيصر لما قرأ الكتاب طواه ووضعه عنده ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أما هؤلاء يعني كسرى فيمزقون ، وأما هؤلاء فستكون لهم بقية .

قال ابن إسحاق : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 317 ] عبد الله بن حذافة بن قيس السهمي إلى كسرى بن هرمز ملك الفرس ، وكتب : بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس ، سلام على من اتبع الهدى ، وآمن بالله ورسوله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، فإني أدعوك بدعاية الله ، فإني رسول الله إلى الناس كافة ; لأنذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين ، فأسلم تسلم ، وإن أبيت فإن إثم المجوس عليك .

فلما قرأ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم شققه ، وقال : يكتب إلي بهذا الكتاب وهو عبدي ؟

[ ص: 318 ] قلت : وسبب قول كسرى هذا استعلائه : أن الحبشة كانوا قد ملكوا اليمن ، وملكهم سار إلى مكة بالفيل ; ليخرب البيت ، وكانوا نصارى ، فأرسل الله عليهم من ناحية البحر طيرا أبابيل ، وهي جماعات في تفرقة تحمل حجارة من طين ، فألقتها على الحبشة النصارى فأهلكتهم ، وكان هذا آية عظيمة خضعت بها الأمم للبيت وجيران البيت .

وعلم العقلاء أن هذا لم يكن نصرا من الله لمشركي العرب ; فإن دين النصارى خير من دينهم ، وإنما كان نصرا للبيت وللأمة المسلمة التي تعظمه ، وللنبي المبعوث من البيت ، وكان ذلك عام مولد النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله في ذلك : ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ألم يجعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول .

ثم إن سيف بن ذي يزن ذهب إلى كسرى ، وطلب منه جيشا [ ص: 319 ] يغزو به الحبشة ، فأرسل معه عسكرا من الفرس والمجوس ، فأخرجوا الحبشة من اليمن ، وصارت اليمن بيد العرب ، وبها نائب كسرى ، وسيف بن ذي يزن هذا ممن بشر بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل ظهوره ، وأخبر بذلك جده عبد المطلب لما وفد عليه .

فلما كانت اليمن مطيعة لكسرى ، لهذا أرسل إلى نائبه على اليمن أن يأتيه بالنبي صلى الله عليه وسلم ; لأن عسكر اليمن في العادة يقهر أهل مكة والمدينة .

قال ابن إسحاق : فبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : مزق الله ملكه حين بلغه أنه شقق كتابه .

ثم كتب كسرى إلى باذان - وهو على اليمن - أن ابعث إلى هذا الرجل الذي بالحجاز من عندك رجلين جلدين فليأتياني به ، قال : فبعث [ ص: 320 ] باذان قهرمانه ، وهو بابويه ، وقال غيره : فيروز الديلمي ، وكان حاسبا كاتبا ، وبعث معه برجل من الفرس ، وكتب معهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمره أن ينصرف معهما إلى كسرى ، وقال لبابويه : ويلك ، انظر ما الرجل وكلمه وائتني بخبره .

قال : فخرجا حتى قدما إلى الطائف فسألا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : هو بالمدينة واستبشروا يعني الكفار ، وقالوا : قد نصب له كسرى كفيتم الرجل ، فخرجا حتى قدما المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه بابويه ، وقال : إن شاهنشاه ملك الملوك كسرى كتب إلى الملك باذان يأمره أن يبعث إليك من يأتيه بك ، وقد بعثني إليك فانطلق معي ، فإن فعلت كتب معك إلى ملك الملوك بكتاب ينفعك ويكف عنك به ، وإن أبيت فهو من قد علمت وهو مهلكك ومهلك قومك ومخرب بلادك .

وكانا قد دخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد حلقا لحاهما ، وأبقيا شواربهما فكره النظر إليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال لهما : ويلكما من أمركما بهذا ؟ ، قالا : أمرنا بهذا ربنا - يعنيان كسرى - فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 321 ] لكن ربي عز وجل أمرني بإعفاء لحيتي وبقص شاربي ثم قال لهما ارجعا حتى تأتياني الغد .

قال : وجاء الخبر من السماء : أن الله عز وجل سلط على كسرى ابنه شيرويه ، فقتله في شهر كذا ، في ليلة كذا ، في ساعة كذا ، فلما أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال لهما : إن ربي قتل ربكما ليلة كذا ، في شهر كذا ، بعدما مضى من الليل كذا ، سلط عليه ابنه شيرويه فقتله ، فقالا له : هل تدري ما تقول ؟ إنا قد نقمنا منك ما هو أيسر من هذا فنكتب بهذا عنك ونخبر الملك به ؟ قال :نعم أخبراه ذلك عني ، وقولا له إن ديني وسلطاني سيبلغ ما بلغ ملك كسرى ، وينتهي إلى منتهى الخف والحافر ، وقولا له : إنك إن أسلمت أعطيتك ما تحت يديك وملكتك على قومك من الأبناء . وأعطى رفيقه منطقة من ذهب وفضة كان أهداها له بعض الملوك ، فخرجا من عنده حتى قدما على باذان وأخبراه الخبر .

[ ص: 322 ] فقال : والله ما هذا بكلام ملك ، وإني لأرى الرجل نبيا كما يقول ، ولننظرن ما قد قال ، فلئن كان ما قد قال حقا ما بقي فيه كلام إنه لنبي مرسل ، وإن لم يكن فسنرى فيه رأينا ، فلم يلبث باذان أن قدم عليه كتاب شيرويه : أما بعد ، فإنني قد قتلت كسرى ولم أقتله إلا غضبا لفارس لما كان قد استحل قتل أشرافهم وتجهيزهم في بعوثهم ، فإذا جاءك كتابي هذا فخذ لي الطاعة ممن قبلك ، وانظر الرجل الذي كان كسرى كتب إليك فيه فلا تهجه حتى يأتيك أمري فيه .

فلما انتهى كتاب شيرويه إلى باذان قال : إن هذا الرجل لرسول الله ، وأسلم لله ، وأسلمت أبناء فارس من كان منهم باليمن .

[ ص: 323 ] وقال أبو معشر : حدثني المقبري قال : جاء فيروز الديلمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : إن كسرى كتب إلى باذان : بلغني أن في أرضك رجلا تنبأ فاربطه وابعث به إلي ، فقال له [ ص: 324 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن ربي غضب على ربك فقتله ، فدمه بنحره سخن الساعة فخرج من عنده فسمع الخبر فأسلم وحسن إسلامه ، وكان رجلا صالحا له في الإسلام آثار جميلة منها قتل الأسود العنسي الكذاب الذي ادعى النبوة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان الأسود جبارا استدعى بأبي مسلم الخولاني ، فقال له : أتشهد أني رسول الله ؟ فقال أبو مسلم : ما أسمع . فقال له : أتشهد أن محمدا رسول الله ؟ قال : نعم . فردد ذلك عليه مرارا ، فأمر بنار عظيمة فأضرمت ، ثم أمر بإلقاء أبي مسلم فيها فلم تضره ، فأخمدها الله تعالى حين ألقي فيها ، فقيل له : أخرج هذا عنك من أرضك ; لئلا يفسد عليك أتباعك فأخرجه .

فقدم أبو مسلم المدينة ، وقد توفي رسول الله صلى الله عليه [ ص: 325 ] وسلم ، واستخلف أبو بكر ، فأناخ راحلته بباب المسجد ، ثم دخل المسجد فقام يصلي إلى سارية ، فبصر به عمر ، فقام إليه فقال : ممن الرجل ؟ قال : من أهل اليمن . قال : ما فعل الذي حرقه الكذاب ؟ قال : ذلك عبد الله بن ثوب . قال : نشدتك بالله أنت هو ؟ قال : اللهم نعم . فاعتنقه ، ثم بكى ، ثم ذهب به حتى أجلسه بينه وبين أبي بكر ، فقال : الحمد لله الذي لم يمتني حتى أراني في أمة محمد صلى الله عليه وسلم من فعل به كما فعل بإبراهيم خليل الرحمن .

[ ص: 326 ] ثم خرج فيروز الديلمي على الأسود العنسي فقتله ، وجاء الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله وهو في مرض موته ، فخرج فأخبر أصحابه . وقال : قتل الأسود العنسي الليلة رجل صالح من قوم صالحين . وقصته مشهورة ، وكذلك قصة مسيلمة الكذاب ونحوهما من المتنبئين الكذابين .

موقع الإسلام سؤال وجواب
 
أعلى