بين خلق البدن والروح -ابن القيم-

بسم الله الرحمن الرحيم :
قال ابن القيم :
خُلق بدنُ ابن آدم من الأرض وروحُهُ من ملكوت السماء وقُرن بينهما
فإذا أجاع بدنه وأسهره وأقامه في الخدمة وجدت روحُهُ خفةً وراحة فتاقت إلى الموضوع الذي خُلقت منه واشتاقت إلى عالمها العلوي وإذا أشبعه ونعمه ونومه واشتغل بخدمته وراحته أخلد البدن إلى الموضوع الذي خلق منه فانجذبت الروح معه
فصارت في السجن فلولا أنها ألفت السجن لاستغاثت من ألم مفارقتها وانقطاعها عن عالمها الذي خلقت منه كما يستغيث المعذب.
فإذا فارقت الروح البدن التحقت برفيقها الأعلى أو الأدنى فعند الرفيق الأعلى كل قرة عين وكل نعيم وسرور وبهجة ولذة وحياة طيبة
وعند الرفيق الأسفل كل هم وغم وضيق وحزن وحياة نكدة ومعيشة ضنك
قال تعالى (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا )
والمعيشة الضنك أكثر ما جاء في التفسير : أنها عذاب القبر
وأصل الضنك في اللغة العربية: الضيق والشدة
فإن النفس كلما وسعت عليها ضيقت على القلب حتى تصير معيشة ضنكا وكلما ضيقت عليها وسعت على القلب حتى ينشرح وينفسخ
فضنك المعيشة في الدنيا بموجب التقوى سعتها في البرزخ والآخرة وسعة المعيشة في الدنيا بحكم الهوى ضنكها في البرزخ والآخرة فآثر أحسن المعيشتين وأطيبهما وأدومهما.
فأشق البدن بنعيم الروح ولا تشق الروح بنعيم البدن فإن نعيم الروح وشقاءها أعظم وأدوم ونعيم البدن وشقاؤه أقصر وأهون والله المستعان.
ابن القيم رحمه الله
 
ما أبلغ هذا الكلام وما أحلاه ...شرح مبسط بإيضاح ...(جمع بين البساطة والبلاغة ..)
جميل ...وجدا هذا الكلام أخي الكريم ...
نسأل الله أن لا يجعل الدنيا أكبر همنا ...ولا مبلغ علمنا ...

ورحم الله ابن القيم ...وجعل الجنة داره ومثواه ...

جزاك الله خيرا أخي الكريم ...سرني حقا المرور من هنا ...

دمت في أمان الله وحفظه ...
 
أعلى