(1 ــ 3)
في إجراء غير مسبوق، أقدمت شرطة الكويت مؤخرا على سحب وإسقاط الجنسية الكويتية الخاصة بكويتيين، متذرعة في ذلك بالمادتين 13 و 14 من قانون الجنسية رقم 15 الصادر عام 1959..
وفي هذا البحث المختصر، سنثبت بإذن الله وبأدلة قانونية بطلان هاتين المادتين بطلانا دستوريا وقانونيا، وبطلان كافة العقوبات التي وردت فيهما..
ولنستعرض أولا نص كلا من هاتين المادتين..
نصت المادة 13 من قانون الجنسية رقم 15 الصادر عام 1959 على ما يلي:
يجوز بمرسوم – بناء على عرض وزير الداخلية – سحب الجنسية الكويتية من الكويتي الذي كسب الجنسية الكويتية بالتطبيق لاحكام المواد 4 و 5 و 7 و 8 من هذا القانون و ذلك في الحالات الآتية :
1- اذا كان قد منح الجنسية الكويتية بطريق الغش او بناء على اقوال كاذبة و يجوز في هذه الحالة سحب الجنسية الكويتية ممن يكون قد كسبها معه بطريق التبعية.
2- اذا حكم عليه خلال خمس عشرة سنة من منحه الجنسية الكويتية في جريمة مخلة بالشرف او الامانة.
3- اذا عزل من وظيفته الحكومية تأديبياً، لاسباب تتصل بالشرف او الامانة خلال عشر سنوات من منحه الجنسية الكويتية.
4- اذا استدعت مصلحة الدولة العليا او امنها الخارجي ذلك. و يجوز في هذه الحالة سحب الجنسية الكويتية ممن يكون قد كسبها معه بطريق التبعية.
5- اذا توافرت الدلائل لدى الجهات المختصة على قيامه بالترويج لمبادئ من شأنها تقويض النظام الاقتصادي او الاجتماعي في البلاد اوعلى انتمائه الى هيئة سياسية اجنبية. و يجوز في هذه الحالة سحب الجنسية الكويتية ممن يكون قد كسبها معه بطريق التبعية .
في حين نصت المادة 14 من نفس القانون على ما يلي:
يجوز بمرسوم – بناء على عرض رئيس دوائر الشرطة والامن العام، اسقاط الجنسية الكويتية عن كل من يتمتع بها في الحالات الآتية:
1- اذا دخل الخدمة العسكرية لاحدى الدول الاجنبية وبقي فيها بالرغم من الامر الذي يصدر له من حكومة الكويت بتركها.
2- اذا عمل لمصلحة دولة اجنبية وهي في حالة حرب مع الكويت او كانت العلاقات السياسية قد قطعت معها.
3- اذا كانت اقامته العادية في الخارج وانضم الى هيئة من اغراضها العمل على تقويض النظام الاجتماعي او الاقتصادي للكويت، او صدر حكم بادانته في جرائم ينص الحكم على انها تمس ولاءه لبلاده.
و يترتب على اسقاط الجنسية في الحالات المتقدمة الذكر ان تزول الجنسية الكويتية عن صاحبها وحده .
وبالتحقيق في هاتين المادتين ودراستهما، ثبت بأنهما باطلتين دستوريا وقانونيا، وأدلة بطلانهما كالتالي:
أولا:
أن هاتين المادتين خلتا من المبدئين اللذان أجمع المشرعون على بطلان أي قانون ما لم يرتكز عليهما، وأنه لو سقط واحدا منهما، بطل تبعا له القانون بأكمله، وببطلانه، يبطل بالضرورة كل ما يترتب على تطبيقاته السابقة واللاحقة.
وهذين المبدئين هما:
أ ــ مراعاة حقوق الإنسان.. أي، يجب أن لا يؤدي تطبيق القانون إلى انتهاك أي حق من حقوق الإنسان التي كفلها له الدستور والقانون.
ب ــ التوافق مع مباديء دستور البلاد، أي، يجب أن لا يتناقض مع مبدأ من مباديء الدستور أو يخالفه.
والأدلة على خلو المادتين 13 و 14 من هذين المبدئين هي كالتالي:
1 ــ أن المادتين تصادران حق الكويتي في أن تكون السلطة القضائية هي وحدها من يجب أن يفصل في الإتهامات التي توجهها الشرطة إليه.
2 ــ أن المادتين أعطتا للشرطة حق توجيه اتهامات إلى الكويتي، دون أن تلزمها بتقديم أدلة قطعية تثبت صحة هذه الإتهامات.
3 ــ أن المادتين اعتبرتا حكم سحب الشرطة لجنسية الكويتي، حكما قانونيا صحيحا، حتى وإن لم يكن قد استند على أدلة قطعية تثبت صحة الإتهامات التي وجهتها الشرطة إلى الكويتي.
4 ــ أن المادتين تصادران حق الكويتي في الدفاع عن نفسه وتقديم ما يثبت برائته من التهم التي توجهها الشرطة إليه.
5 ــ أن العقوبات التي تحتويها المادتين أضخم وأكبر بكثير من الجرم المذكور فيهما، وتشبهان الحكم على إنسان بالسجن 20 سنة مع الأشغال بسبب مخالفة توقيف سيارته في مكان ممنوع الوقوف فيه.
6ـ ــ نصت المادة 13 على سحب جنسية أبناء وزوجة المتهم الذين اكتسبوا الجنسية من اكتساب والدهم للجنسية الكويتية، فتكون بذلك قد اتهمت عائلة المتهم بأنهم شركاء له في الجرم الذي ارتكبه والدهم، ثم فوضت الشرطة بسحب جنسياتهم، حتى وإن لم يكن هناك أي دليل يثبت اشتراكهم فرادى أو مجتمعين في التهمة التي وجهتها إليهم.
7 ــ عندما نصت المادة 13 على سحب جنسية أبناء وزوجة المتهم الذين اكتسبوا الجنسية من اكتساب والدهم المتهم للجنسية الكويتية، فإنها بذلك قد ناقضت ما نصت عليه المادة (33) من الدستور: (العقوبة شخصية..)، أي، أن الدستور نص على أن العقوبة تقع فقط على من أثبتت الأدلة ارتكابه الجرم.
وقد تدفع السلطة بالقول بأن قانون الجنسية من أعمال السيادة للدولة، وبالتالي، فهو نافذ المفعول حتى مع وجود الدستور، إلا أن هذا القول باطل من وجهين:
الأول:
أن هذا القانون يتناقض مع انضمام الكويت إلى ست من اتفاقيات الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الإنسان، وإلى سبع من اتفاقيات منظمة العمل الدولية المعنية بحقوق الإنسان. وليس من أعمال السيادة قوانين تناقض الإتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان التي انضمت إليها الكويت.
ثانيا:
الهدف من أعمال السيادة، هو صيانة هيبة الدولة من المساس، ولكن وجود قوانين فيها تنتهك حقوق الإنسان، يعمل على المساس بهيبتها ويسيء إلى سمعتها، إذ يجعلها هدفا لانتقادات داخلية ودولية واتهامات لها بانتهاك حقوق الإنسان.
ثالثا:
أنه يخالف الأهداف التي من أجلها وضع الدستور، والتي حددتها المادة (7) منه عندما نصت على أن: (العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع..)، وتعني هذه المادة، أن الدستور قد أبطل أي قانون سابق عليه أو لاحق له ينطوي على ظلم لأفراد المجتمع بطريقة أو بأخرى أو اعتداء على حقوقهم المشروعة.
ــ يتبع ــ
.
في إجراء غير مسبوق، أقدمت شرطة الكويت مؤخرا على سحب وإسقاط الجنسية الكويتية الخاصة بكويتيين، متذرعة في ذلك بالمادتين 13 و 14 من قانون الجنسية رقم 15 الصادر عام 1959..
وفي هذا البحث المختصر، سنثبت بإذن الله وبأدلة قانونية بطلان هاتين المادتين بطلانا دستوريا وقانونيا، وبطلان كافة العقوبات التي وردت فيهما..
ولنستعرض أولا نص كلا من هاتين المادتين..
نصت المادة 13 من قانون الجنسية رقم 15 الصادر عام 1959 على ما يلي:
يجوز بمرسوم – بناء على عرض وزير الداخلية – سحب الجنسية الكويتية من الكويتي الذي كسب الجنسية الكويتية بالتطبيق لاحكام المواد 4 و 5 و 7 و 8 من هذا القانون و ذلك في الحالات الآتية :
1- اذا كان قد منح الجنسية الكويتية بطريق الغش او بناء على اقوال كاذبة و يجوز في هذه الحالة سحب الجنسية الكويتية ممن يكون قد كسبها معه بطريق التبعية.
2- اذا حكم عليه خلال خمس عشرة سنة من منحه الجنسية الكويتية في جريمة مخلة بالشرف او الامانة.
3- اذا عزل من وظيفته الحكومية تأديبياً، لاسباب تتصل بالشرف او الامانة خلال عشر سنوات من منحه الجنسية الكويتية.
4- اذا استدعت مصلحة الدولة العليا او امنها الخارجي ذلك. و يجوز في هذه الحالة سحب الجنسية الكويتية ممن يكون قد كسبها معه بطريق التبعية.
5- اذا توافرت الدلائل لدى الجهات المختصة على قيامه بالترويج لمبادئ من شأنها تقويض النظام الاقتصادي او الاجتماعي في البلاد اوعلى انتمائه الى هيئة سياسية اجنبية. و يجوز في هذه الحالة سحب الجنسية الكويتية ممن يكون قد كسبها معه بطريق التبعية .
في حين نصت المادة 14 من نفس القانون على ما يلي:
يجوز بمرسوم – بناء على عرض رئيس دوائر الشرطة والامن العام، اسقاط الجنسية الكويتية عن كل من يتمتع بها في الحالات الآتية:
1- اذا دخل الخدمة العسكرية لاحدى الدول الاجنبية وبقي فيها بالرغم من الامر الذي يصدر له من حكومة الكويت بتركها.
2- اذا عمل لمصلحة دولة اجنبية وهي في حالة حرب مع الكويت او كانت العلاقات السياسية قد قطعت معها.
3- اذا كانت اقامته العادية في الخارج وانضم الى هيئة من اغراضها العمل على تقويض النظام الاجتماعي او الاقتصادي للكويت، او صدر حكم بادانته في جرائم ينص الحكم على انها تمس ولاءه لبلاده.
و يترتب على اسقاط الجنسية في الحالات المتقدمة الذكر ان تزول الجنسية الكويتية عن صاحبها وحده .
وبالتحقيق في هاتين المادتين ودراستهما، ثبت بأنهما باطلتين دستوريا وقانونيا، وأدلة بطلانهما كالتالي:
أولا:
أن هاتين المادتين خلتا من المبدئين اللذان أجمع المشرعون على بطلان أي قانون ما لم يرتكز عليهما، وأنه لو سقط واحدا منهما، بطل تبعا له القانون بأكمله، وببطلانه، يبطل بالضرورة كل ما يترتب على تطبيقاته السابقة واللاحقة.
وهذين المبدئين هما:
أ ــ مراعاة حقوق الإنسان.. أي، يجب أن لا يؤدي تطبيق القانون إلى انتهاك أي حق من حقوق الإنسان التي كفلها له الدستور والقانون.
ب ــ التوافق مع مباديء دستور البلاد، أي، يجب أن لا يتناقض مع مبدأ من مباديء الدستور أو يخالفه.
والأدلة على خلو المادتين 13 و 14 من هذين المبدئين هي كالتالي:
1 ــ أن المادتين تصادران حق الكويتي في أن تكون السلطة القضائية هي وحدها من يجب أن يفصل في الإتهامات التي توجهها الشرطة إليه.
2 ــ أن المادتين أعطتا للشرطة حق توجيه اتهامات إلى الكويتي، دون أن تلزمها بتقديم أدلة قطعية تثبت صحة هذه الإتهامات.
3 ــ أن المادتين اعتبرتا حكم سحب الشرطة لجنسية الكويتي، حكما قانونيا صحيحا، حتى وإن لم يكن قد استند على أدلة قطعية تثبت صحة الإتهامات التي وجهتها الشرطة إلى الكويتي.
4 ــ أن المادتين تصادران حق الكويتي في الدفاع عن نفسه وتقديم ما يثبت برائته من التهم التي توجهها الشرطة إليه.
5 ــ أن العقوبات التي تحتويها المادتين أضخم وأكبر بكثير من الجرم المذكور فيهما، وتشبهان الحكم على إنسان بالسجن 20 سنة مع الأشغال بسبب مخالفة توقيف سيارته في مكان ممنوع الوقوف فيه.
6ـ ــ نصت المادة 13 على سحب جنسية أبناء وزوجة المتهم الذين اكتسبوا الجنسية من اكتساب والدهم للجنسية الكويتية، فتكون بذلك قد اتهمت عائلة المتهم بأنهم شركاء له في الجرم الذي ارتكبه والدهم، ثم فوضت الشرطة بسحب جنسياتهم، حتى وإن لم يكن هناك أي دليل يثبت اشتراكهم فرادى أو مجتمعين في التهمة التي وجهتها إليهم.
7 ــ عندما نصت المادة 13 على سحب جنسية أبناء وزوجة المتهم الذين اكتسبوا الجنسية من اكتساب والدهم المتهم للجنسية الكويتية، فإنها بذلك قد ناقضت ما نصت عليه المادة (33) من الدستور: (العقوبة شخصية..)، أي، أن الدستور نص على أن العقوبة تقع فقط على من أثبتت الأدلة ارتكابه الجرم.
وقد تدفع السلطة بالقول بأن قانون الجنسية من أعمال السيادة للدولة، وبالتالي، فهو نافذ المفعول حتى مع وجود الدستور، إلا أن هذا القول باطل من وجهين:
الأول:
أن هذا القانون يتناقض مع انضمام الكويت إلى ست من اتفاقيات الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الإنسان، وإلى سبع من اتفاقيات منظمة العمل الدولية المعنية بحقوق الإنسان. وليس من أعمال السيادة قوانين تناقض الإتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان التي انضمت إليها الكويت.
ثانيا:
الهدف من أعمال السيادة، هو صيانة هيبة الدولة من المساس، ولكن وجود قوانين فيها تنتهك حقوق الإنسان، يعمل على المساس بهيبتها ويسيء إلى سمعتها، إذ يجعلها هدفا لانتقادات داخلية ودولية واتهامات لها بانتهاك حقوق الإنسان.
ثالثا:
أنه يخالف الأهداف التي من أجلها وضع الدستور، والتي حددتها المادة (7) منه عندما نصت على أن: (العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع..)، وتعني هذه المادة، أن الدستور قد أبطل أي قانون سابق عليه أو لاحق له ينطوي على ظلم لأفراد المجتمع بطريقة أو بأخرى أو اعتداء على حقوقهم المشروعة.
ــ يتبع ــ
.