صناعة بلد( الملك سارجون والتاجر أركاد )

بسم الله الرحمن الرحيم


خرجت في الصباح الباكر , باحثا عن أسرار المال فالمحافظ خاوية

لولا النظر إليها كل ساعة ,لوجدت بيت العنكبوت منسوج بها

دلني بعض الأصحاب إلى أركاد الأكادي فهو صنف كأغنى رجل في بابل

دعيت إلى قصر الملك ( سارجون الأكادي ) , دخلت القاعة التي بها العرش

ولم أصدق مدى الفخامة والدقة بالتصميم وجماليات الجدران تزينها لوحات الفسيفساء

فقط كان الملك للتو عائد من إحدى إنتصاراته

إلتفت الملك إلى مستشاره ينتظر منه التقرير عن أحوال البلاد والعباد ..

المستشار : - جلال الملك , بعد قيامكم بدحر الأعداء والأنتهاء من بناء القصور والأسوار الشاهقة

وبعد فتح قنوات الري , كأن الشعب لايستطيع إعالة نفسه !! .

فالعمال يجلسون بلا عمل ولم يعد في الأسواق من زبائن حتى أن المزارعين لايجدون من يشتري منتجاتهم.

تجهم وجه الملك ( سارجون ) ونظر إلى المستشار كأن من يريد إجابات واضحة

الملك : - إلى أين ذهب المال الذي صرفناه على التحسينات العظيمة ؟؟!؟ .

المستشار : - للأسف ياجلالة الملك , ذهب إلى قلة من الناس من أثرياء مملكتنا .

قاطعة الملك بإستغراب وبنبر حادة ..

الملك : - ولماذا قلة قليل من الرجال هم من يحرزون الذهب دون البقية ؟؟؟ .

فرد المستشار : - لأنهم يعرفون كيفية الحصول عليه .. ولا يملك أحد أن يدين إنسانا على نجاحه.

لم أتمالك نفسي فقلت .. يمكن واسطة .

إلتفت الجميع إلي مستفهمين عن كلمة ( واسطة ) ومن هو هذا الواسطة .

قربني الملك إليه وقال :- من هو هذا (الواسطة ) الذي حصر الذهب بقلة قليلة من الشعب ؟

بدأت بالشرح له عن ماهي الواسطة ومادورها بتجاوز القوانين وكيف أن المقربين من أي سلطة

يكون لهم الحظ الوافر بالتسهيلات حتى لو على حساب خزينة الدولة .

نظر الملك إلى كبير مستشاريه وقال : - هل هذا يحدث عندنا ؟؟

رد كبيرهم :- لا جلالة ياالملك ,فلا يوجد من يتجاوز القوانين لا بحسب أو نسب فالكل سواسه

وأكمل يقول : - يجب أن يتعلم الشعب كيف يحافظ على المال .

قال الملك : - ومن يكون مناسب لهذه المهمة برأيك ؟

قال كبير المستشارين : - أنه أركاد فهو أغنى رجل في بابل .

قال الملك : - أحضر أركاد أمامي غدا .

حضر أركاد ولم يكن من المقربين من الملك أو حاشية , وبادرني سؤال .. كيف أصبح أغنى رجل ؟!!!

قال الملك : - أخيرا شرفنا بلقاءك يا أركاد , يقال أنك أغنى رجل في بابل !! .

قال أركاد :- شاع الخبر إذا يا جلالة الملك , ولم يعد يشك به أحد .

الملك : - كيف أصبحت أغنى رجل يا أركاد ؟.

أركاد : - من إنتهاز الفرص المتاحة لكل مواطني مدينتنا الجميلة .

الملك :- إن مدينتنا تعاني من قلة بالأثرياء , وإحتكر القلة المعرفة لكيفية جمع المال

وارجو أن تعلم أكبر قدر من الناس كيفية صنع الثروة .. هل تقبل ؟


أركاد : - نعم جلالتك , سأبذل ماأستطيع لتعليم أبناء مدينتي إلى مايحتاجونه من معرفة لجمع الثروة .

تبسم الملك وظهرت على وجهه علامات الرضى والسعادة

الملك : - سيقدم لك كبير مستشاري جميع التسهيلات لتنجز مهمتك على اكمل وجه .

خرجت منهم وأنا غير مصدق كيف يقبل بنقل معرفته وخبرة الطويلة وهو في السبعين من عمره إلى أناس لايعرفهم

فقط لأنهم أبناء مدينته , فلم يقل ( أنا ولد بطنها ) أو ( خل يحمدون ربهم أنهم عايشين )إلى ألخ ..

لا عجب أنها كانت أغنى المدن , فالكل يعمل ويحصل على مايستحق فلا إمتياز لأحد على أحد

وتصديقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : - ( إنما هلك الذين من قبلكم أنه
كان إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد
)[رواه البخاري].


خرجت من بابل وكلي أمل للعودة لها مرة أخرى لأعرف الأسرار السبعة للتغلب على المحفظة الخاوية

ملاحظة ..

أرجو من يقرأ أن يتعلم ... كيف يستفيد لا كيف يصيد
 
يقولك يوم قالوا له حراميه قال الناس اشتغلة وبنوا الكويت وانتوا تحسدونهم علي نجاحهم

لدينا مجلس أمة يحكمه الشعب .. يشرع القوانين ... يحاسب المسؤولين

لم يضيعه إلا الشعب

لدينا اندية لاتتدخل فيها الحكومة .. دمرها الشعب

لدينا جمعيات تعاونية .. مداخيلها يعادل 10 % من ميزانية الدولة

قاموا بسرقة الجمل وماحمل

المعلمين هم من أبناء الوطن .. ماذا صنعوا ؟

هل أدوا أمناتهم ؟

ندعي الوطنية ونحن من ضيعها , نلبس ثياب الملائكة وفي داخلنا الشياطين .

الأعتراف بالمشكلة هي اول خطوة بإتجاه الحل


توضيح بسيط ..

القصد من الموضوع هو إسقاط على بعض التجار الذين يحتاجون لإعادة برمجة ... لأن نجاح أي تجارة هو وجود المستهلك

في حال ضعف القوة الشرائية لأي بلد كفيل بدخولها الكساد من أوسع أبوابه
 
أعلى