الزعم بأن الشيعة هم أول من دون السنة وكتب الحديث
مضمون الشبهة:
[1]، وكان مروقها لـما حكم الحكمان، وافترق الناس على غير اتفاق.
وهنا حدثت أيضا بدعة التشيع للإمام علي - رضي الله عنه - وآل بيته، فمنهم من أفرط في المغالاة وادعى لعلي الألوهية، ومنهم من ادعى النص على إمامة علي رضي الله عنه، ومنهم السابون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فعاقب أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - الطائفتين: قاتل المارقين، وأمر بإحراق أولئك الذين ادعوا فيه الألوهية.
وأما السابون الذين يسبون أبا بكر وعمر، فإن عليا لما بلغه أمر السب طلب ابن السوداء الذي بلغه ذلك عنه، وقيل: إنه أراد قتله، فهرب منه إلى أرض قرقيسيا.
وأما المفضلة الذين يفضلونه على أبي بكر وعمر، فروي عنه أنه قال: لا أوتي بأحد يفضلني على أبي بكر وعمر إلا ضربته حد المفتري"[2].
هذا هو تاريخ ظهور الشيعة، فإذا علمنا أن كتابة السنة بدأت في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - بوضع دستور المدينة، وبكتابه - صلى الله عليه وسلم - في الصدقات، وكتاب سعد بن عبادة، وبكتابه - صلى الله عليه وسلم - لأهل حضرموت، وكتابه - صلى الله عليه وسلم - لأهل اليمن، والصحيفة الصادقة أو الصحيفة الصحيحة، وصحيفة جابر بن عبد الله رضي الله عنه، هذا بالإضافة إلى ما أرسله النبي - صلى الله عليه وسلم - من كتب ورسائل إلى الملوك والرؤساء، وما زود به النبي - صلى الله عليه وسلم - رسله إلى قومهم بكتب تضمنت الحلال والحرام، وأمور الدين، وقد جمع أكثرها في كتاب "مكاتيب الرسول صلى الله عليه وسلم" ويضم (316) كتابا[3].
إذا علمنا ذلك تيقنا أن السنة كتبت قبل ظهور هذه الفرق الشيعية بسنوات. فإذا أضفنا إلى ذلك أن التدوين الرسمي للسنة كان في عصر عمر بن عبد العزيز أي حوالي سنة مائة هجرية، وكان أول من دون السنة من الشيعة هو الكليني في القرن الرابع الهجري، إذا علمنا ذلك، تبين لنا أن أهل السنة لا الشيعة هم أول من دونوا السنة، وحفظوها لنا من الضياع، وأن تدوين الشيعة للسنة كان قد تأخر قرابة قرنين من الزمان.
أما دعوى أن تدوين السنة بمعرفة الشيعة بدأ بصحيفة الإمام علي التي أملاها النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها ما كان في قراب سيفه، ثم دون أبو رافع القبطي مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتاب السنن والأحكام والقضايا، فإن هذا الادعاء مردود؛ لأن ذلك التدوين كان في عصر الصحابة، أي قبل ظهور الشيعة أصلا، كما وضحنا أن أول من دون من الشيعة هو الكليني (ت: 329هـ) في كتابه "الكافي"، ثم دون ابن بابويه (ت: 381هـ) كتاب "فقيه من لا يحضره الفقيه"، ثم دون الطوسي (ت: 460هـ) كتاب " تهذيب الأحكام"، وبعد ذلك كتاب "جامع الأخبار" للشيخ عبد اللطيف الهمذاني (ت: 1050هـ).
وأما المذهب الزيدي فمن كتبه: "أحاديث البحر الزخار" لابن بهران (ت: 957هـ)، و"المجموع الفقهي", ويضم ما رواه الإمام زيد.
والجعفرية يخلطون الحديث بالفقه، أي أقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - بأقوال أئمتهم بسبب العصمة...
والجدير بالذكر أن صحيفة الإمام علي التي أشار إليها كتاب "الكافي" تتضمن أمورا حصرها الإمام علي - رضي الله عنه - في الحديث الذي رواه البخاري عن أبي جحيفة قال: قلت لعلي: هل عندكم كتاب؟ قال: لا، إلا كتاب الله أو فهم أعطيه رجل مسلم, أو ما في هذه الصحيفة، قال: قلت: وما في هذه الصحيفة؟ قال: «العقل وفكاك الأسير ولا يقتل مسلم بكافر»[4]، فهذه الصحيفة قد خلت من ذكر حديث الغدير الذي بني عليه الخلاف بين السنة والشيعة، وهي لا تعد من مدونات الشيعة؛ لأن مذهبهم ظهر بعد قتل الإمام علي رضي الله عنه[5].
كما أن أبا رافع قد توفي قبل ظهور الانقسامات المذهبية والفرق الإسلامية؛ فمن التعسف اعتباره شيعيا بالمفهوم المذهبي لفرقة الشيعة, فإن حبه وولاءه لأهل البيت كحب وولاء أهل السنة لهم، وهذه ترجمته كما وردت في كتب السير: "فهو أبو رافع القبطي، مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويقال: اسمه إبراهيم، ويقال: أسلم، ويقال: ثابت، ويقال: هرمز.
روي أنه كان عبدا للعباس بن عبد المطلب فوهبه للنبي - صلى الله عليه وسلم - فلما بشره بإسلام العباس أعتقه، شهد أحدا، والخندق وما بعدهما من المشاهد، ولم يشهد بدرا وكان إسلامه قبل بدر، روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن عبد الله بن مسعود، قال الواقدي: مات بالمدينة بعد قتل عثمان بيسير، وقال غيره: مات قبل قتل عثمان، وقيل: مات في خلافة علي رضي الله عنهم، وروى له الجماعة"[6].
وعلى فرض أن الإمام عليا وأبا رافع رضي الله عنهما هما أول من كتبا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا لا يعني أن الشيعة أول من دون في السنة؛ لأن الإمام عليا وكذلك أبا رافع رضي الله عنهما لم يدعوا إلى التشيع بالمعنى المذهبي الذي تعارفت عليه فرق الشيعة فيما بعد، إذ هما قد توفيا قبل ذلك.
لقد كان المسلمون في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - وحتى خلافة الإمام علي - رضي الله عنه - لا يختلفون في أمر السنة النبوية، ثم ظهرت الفتنة بعد خروج معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما ومن معه، واعتراضهم علي الإمام علي رضي الله عنه، بدعوى أنه تهاون في إقامة الحد على قتلة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه.
ولقد أشعل المنافقون نار الفتنة فنشبت الحرب بين معاوية ومن معه من جهة، وبين الإمام علي خليفة المسلمين من جهة أخرى، وعندما قبل الإمام علي - رضي الله عنه - التحكيم حقنا للدماء خرجت عليه فرقة سميت بالخوارج وحاربوه، فكان رد الفعل أن ظهرت طائفة الشيعة وتغالت في حب الإمام علي رضي الله عنه، وردت الطائفتان الأحاديث النبوية التي رويت عن غير طريق أئمتهم، وانفردت الشيعة باعتبار أقوال أئمتهم وأفعالهم وتقريرهم بأحاديث نبوية، حتى ولو لم ترفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فهي أحاديث نبوية في ذاتها لعصمة الأئمة عندهم[7].
وبهذا العرض يتضح لنا أن الشيعة ليسوا هم أول من دون أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وأن السنة قد دونت في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعهد أصحابه من بعده, وأن التابعين جاءوا بعد الصحابة الكرام وتناقلوا مدوناتهم وصحائفهم حتى كان عصر التدوين الرسمي في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز، ففي عصره وبأمره جمع ما عند التابعين، وهم الذين نقلوا عن الصحابة مباشرة.
ثانيا. إذا صح أن أبا رافع كتب كتابا رتبه على الأبواب، فإنه بذلك يكون من بين من كتب الحديث في عصر الصحابة:
بداية نذكر أننا لم نقف فيما بين أيدينا من مصادر على هذا الخبر؛ لنستطيع أن نحكم عليه بالقبول أو الرفض، ولسنا ندري من أين جاء به المغرضون، ولكن الثابتأنصحابةرسولالله - صلى الله عليه وسلم - كانوايكتبونالحديثعلىعهده صلى الله عليه وسلم، وقدوردتأحاديثكثيرةتؤكدذلك، بلتأمروتحثعلىكتابةالحديثعنرسولالله صلى الله عليه وسلم، ممايدحضويبطلهذاالزعمالقائلبأنالشيعة همأولمندونواالحديثعنرسولالله صلى الله عليه وسلم، ومنالأحاديثالواردةفيهذاالصدد:
1.حديثأبيهريرة - رضي الله عنه - قال: «ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثا عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب»[8].
وهذاالحديثيشيرإلىأنعبداللهبنعمروبنالعاصكانأكثرالصحابةكتابةللحديث، وهذايعنيأنمنهمكتاباكثيرينولكنهيعدأكثرهمكتابةللحديث.
2.عنابنعباسقال: «لما اشتد بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وجعه قال: ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده. قال عمر: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا، فاختلفوا وكثر اللغط، قال: قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع، فخرج ابن عباس يقول: إن الرزيئة كل الرزيئة ما حال بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين كتابه»[9].
ولولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يبيح الكتابة ويحث عليها ما دعا إلى كتابة هذا الكتاب في أثناء مرضه[10].
يتبع ..........
مضمون الشبهة:
[1]، وكان مروقها لـما حكم الحكمان، وافترق الناس على غير اتفاق.
وهنا حدثت أيضا بدعة التشيع للإمام علي - رضي الله عنه - وآل بيته، فمنهم من أفرط في المغالاة وادعى لعلي الألوهية، ومنهم من ادعى النص على إمامة علي رضي الله عنه، ومنهم السابون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فعاقب أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - الطائفتين: قاتل المارقين، وأمر بإحراق أولئك الذين ادعوا فيه الألوهية.
وأما السابون الذين يسبون أبا بكر وعمر، فإن عليا لما بلغه أمر السب طلب ابن السوداء الذي بلغه ذلك عنه، وقيل: إنه أراد قتله، فهرب منه إلى أرض قرقيسيا.
وأما المفضلة الذين يفضلونه على أبي بكر وعمر، فروي عنه أنه قال: لا أوتي بأحد يفضلني على أبي بكر وعمر إلا ضربته حد المفتري"[2].
هذا هو تاريخ ظهور الشيعة، فإذا علمنا أن كتابة السنة بدأت في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - بوضع دستور المدينة، وبكتابه - صلى الله عليه وسلم - في الصدقات، وكتاب سعد بن عبادة، وبكتابه - صلى الله عليه وسلم - لأهل حضرموت، وكتابه - صلى الله عليه وسلم - لأهل اليمن، والصحيفة الصادقة أو الصحيفة الصحيحة، وصحيفة جابر بن عبد الله رضي الله عنه، هذا بالإضافة إلى ما أرسله النبي - صلى الله عليه وسلم - من كتب ورسائل إلى الملوك والرؤساء، وما زود به النبي - صلى الله عليه وسلم - رسله إلى قومهم بكتب تضمنت الحلال والحرام، وأمور الدين، وقد جمع أكثرها في كتاب "مكاتيب الرسول صلى الله عليه وسلم" ويضم (316) كتابا[3].
إذا علمنا ذلك تيقنا أن السنة كتبت قبل ظهور هذه الفرق الشيعية بسنوات. فإذا أضفنا إلى ذلك أن التدوين الرسمي للسنة كان في عصر عمر بن عبد العزيز أي حوالي سنة مائة هجرية، وكان أول من دون السنة من الشيعة هو الكليني في القرن الرابع الهجري، إذا علمنا ذلك، تبين لنا أن أهل السنة لا الشيعة هم أول من دونوا السنة، وحفظوها لنا من الضياع، وأن تدوين الشيعة للسنة كان قد تأخر قرابة قرنين من الزمان.
أما دعوى أن تدوين السنة بمعرفة الشيعة بدأ بصحيفة الإمام علي التي أملاها النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها ما كان في قراب سيفه، ثم دون أبو رافع القبطي مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتاب السنن والأحكام والقضايا، فإن هذا الادعاء مردود؛ لأن ذلك التدوين كان في عصر الصحابة، أي قبل ظهور الشيعة أصلا، كما وضحنا أن أول من دون من الشيعة هو الكليني (ت: 329هـ) في كتابه "الكافي"، ثم دون ابن بابويه (ت: 381هـ) كتاب "فقيه من لا يحضره الفقيه"، ثم دون الطوسي (ت: 460هـ) كتاب " تهذيب الأحكام"، وبعد ذلك كتاب "جامع الأخبار" للشيخ عبد اللطيف الهمذاني (ت: 1050هـ).
وأما المذهب الزيدي فمن كتبه: "أحاديث البحر الزخار" لابن بهران (ت: 957هـ)، و"المجموع الفقهي", ويضم ما رواه الإمام زيد.
والجعفرية يخلطون الحديث بالفقه، أي أقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - بأقوال أئمتهم بسبب العصمة...
والجدير بالذكر أن صحيفة الإمام علي التي أشار إليها كتاب "الكافي" تتضمن أمورا حصرها الإمام علي - رضي الله عنه - في الحديث الذي رواه البخاري عن أبي جحيفة قال: قلت لعلي: هل عندكم كتاب؟ قال: لا، إلا كتاب الله أو فهم أعطيه رجل مسلم, أو ما في هذه الصحيفة، قال: قلت: وما في هذه الصحيفة؟ قال: «العقل وفكاك الأسير ولا يقتل مسلم بكافر»[4]، فهذه الصحيفة قد خلت من ذكر حديث الغدير الذي بني عليه الخلاف بين السنة والشيعة، وهي لا تعد من مدونات الشيعة؛ لأن مذهبهم ظهر بعد قتل الإمام علي رضي الله عنه[5].
كما أن أبا رافع قد توفي قبل ظهور الانقسامات المذهبية والفرق الإسلامية؛ فمن التعسف اعتباره شيعيا بالمفهوم المذهبي لفرقة الشيعة, فإن حبه وولاءه لأهل البيت كحب وولاء أهل السنة لهم، وهذه ترجمته كما وردت في كتب السير: "فهو أبو رافع القبطي، مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويقال: اسمه إبراهيم، ويقال: أسلم، ويقال: ثابت، ويقال: هرمز.
روي أنه كان عبدا للعباس بن عبد المطلب فوهبه للنبي - صلى الله عليه وسلم - فلما بشره بإسلام العباس أعتقه، شهد أحدا، والخندق وما بعدهما من المشاهد، ولم يشهد بدرا وكان إسلامه قبل بدر، روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن عبد الله بن مسعود، قال الواقدي: مات بالمدينة بعد قتل عثمان بيسير، وقال غيره: مات قبل قتل عثمان، وقيل: مات في خلافة علي رضي الله عنهم، وروى له الجماعة"[6].
وعلى فرض أن الإمام عليا وأبا رافع رضي الله عنهما هما أول من كتبا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا لا يعني أن الشيعة أول من دون في السنة؛ لأن الإمام عليا وكذلك أبا رافع رضي الله عنهما لم يدعوا إلى التشيع بالمعنى المذهبي الذي تعارفت عليه فرق الشيعة فيما بعد، إذ هما قد توفيا قبل ذلك.
لقد كان المسلمون في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - وحتى خلافة الإمام علي - رضي الله عنه - لا يختلفون في أمر السنة النبوية، ثم ظهرت الفتنة بعد خروج معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما ومن معه، واعتراضهم علي الإمام علي رضي الله عنه، بدعوى أنه تهاون في إقامة الحد على قتلة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه.
ولقد أشعل المنافقون نار الفتنة فنشبت الحرب بين معاوية ومن معه من جهة، وبين الإمام علي خليفة المسلمين من جهة أخرى، وعندما قبل الإمام علي - رضي الله عنه - التحكيم حقنا للدماء خرجت عليه فرقة سميت بالخوارج وحاربوه، فكان رد الفعل أن ظهرت طائفة الشيعة وتغالت في حب الإمام علي رضي الله عنه، وردت الطائفتان الأحاديث النبوية التي رويت عن غير طريق أئمتهم، وانفردت الشيعة باعتبار أقوال أئمتهم وأفعالهم وتقريرهم بأحاديث نبوية، حتى ولو لم ترفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فهي أحاديث نبوية في ذاتها لعصمة الأئمة عندهم[7].
وبهذا العرض يتضح لنا أن الشيعة ليسوا هم أول من دون أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وأن السنة قد دونت في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعهد أصحابه من بعده, وأن التابعين جاءوا بعد الصحابة الكرام وتناقلوا مدوناتهم وصحائفهم حتى كان عصر التدوين الرسمي في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز، ففي عصره وبأمره جمع ما عند التابعين، وهم الذين نقلوا عن الصحابة مباشرة.
ثانيا. إذا صح أن أبا رافع كتب كتابا رتبه على الأبواب، فإنه بذلك يكون من بين من كتب الحديث في عصر الصحابة:
بداية نذكر أننا لم نقف فيما بين أيدينا من مصادر على هذا الخبر؛ لنستطيع أن نحكم عليه بالقبول أو الرفض، ولسنا ندري من أين جاء به المغرضون، ولكن الثابتأنصحابةرسولالله - صلى الله عليه وسلم - كانوايكتبونالحديثعلىعهده صلى الله عليه وسلم، وقدوردتأحاديثكثيرةتؤكدذلك، بلتأمروتحثعلىكتابةالحديثعنرسولالله صلى الله عليه وسلم، ممايدحضويبطلهذاالزعمالقائلبأنالشيعة همأولمندونواالحديثعنرسولالله صلى الله عليه وسلم، ومنالأحاديثالواردةفيهذاالصدد:
1.حديثأبيهريرة - رضي الله عنه - قال: «ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثا عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب»[8].
وهذاالحديثيشيرإلىأنعبداللهبنعمروبنالعاصكانأكثرالصحابةكتابةللحديث، وهذايعنيأنمنهمكتاباكثيرينولكنهيعدأكثرهمكتابةللحديث.
2.عنابنعباسقال: «لما اشتد بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وجعه قال: ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده. قال عمر: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا، فاختلفوا وكثر اللغط، قال: قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع، فخرج ابن عباس يقول: إن الرزيئة كل الرزيئة ما حال بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين كتابه»[9].
ولولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يبيح الكتابة ويحث عليها ما دعا إلى كتابة هذا الكتاب في أثناء مرضه[10].
يتبع ..........