حكايات من كأس العالم..

البريكي2020

عضو فعال
حكايات من كأس العالم..



بقلم: أحمد مبارك البريكي

Twitter: @ahmad_alburaiki

Instagram: @qdeem



سقطت بيدي صورة معدّلة بالألوان الطبيعية، لدخول منتخبي الأوروغواي والأرجنتين إلى ملعب العاصمة الأوروغويانية مونتيفيديو في يوم 30 يوليو1930، إيذاناً بلعب أول مباراة نهائية في بطولة كأس العالم لكرة القدم، وسط حضور جماهيري قدّر بـ93 ألفاً، وهو رقم ضخم في ذلك الزمن، فاز الفريق المستضيف باللقب الأول في تلك البطولة التي خاضت مخاضاً عسيراً وتضحيات، حتى ظهرت للنور درّة منافسات كرة القدم التي تنتظرها قلوب محبيها في شتى الكرة الأرضية، كانت أورغواي تحتفل بعيد استقلالها المئوي عندما أسند إليها الاتحاد الدولي (فيفا) ضيافة هذا الحدث، وشاركت أربعة منتخبات أوروبية فقط في المسابقة، نظراً لبعد المسافة وبدائية وسائل النقل وقتذاك، التي كانت ترغم الفرق على قطع الأطلسي في رحلة عبر البحر تستغرق شهوراً مضنية.

جاءت هذه الفرق (فرنسا، بلجيكا، رومانيا، يوغسلافيا) جماعياً على ظهر باخرة واحدة، وتم المرور في طريقها على "ريو دي جانيرو" كذلك لأخذ الفريق البرازيلي، قبل أن ترسو في نهاية رحلتها بالأورغواي، وقد شهدت البطولة تسجيل سوابق وأوائل في سجلات وأرقام كأس العالم. فنال الفرنسي "لوران" لقب صاحب الهدف رقم واحد في بطولات كأس العالم، وسجل الأميركي "باتينود" اسمه محرزاً أول هاتريك، عقب اعتراف الفيفا بذلك بعد مرور 76 سنة، (في ٢٠٠٦ انتهى الخلاف المشكوك عن أحقية صاحب اللقب بينه وبين الأرجنتيني ستابيلي)، فيما تحصّل لاعب بيرو "غاليندو" على أول حالة طرد.

عودة إلى النهائي الذي اختتمه منتخب أوروغواي بنصر واضح على جاره الفريق الأرجنتيني وبنتيجة 4 - 2، ليقدم لهم الفرنسي "جول ريميه" الكأس الذهبية التي حملت اسمه، نظراً لأن البطولة فكرته بالأساس، يذكر أن آخر من تبقى من لاعبي هذا النهائي هو الأرجنتيني "فارايو" الذي توفي عن مئة عام بعد نهائيات كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا، وبذلك دُفن آخر شاهد على ذلك النهائي التاريخي.

***

هنا لا بد أن نعرج للإنجليز الذين لا تنسى ذاكرتهم الكروية ذلك اللقاء "المارادوني" الذي تمرّد فيه مارادونا عليهم، بعد أن جمعهم مسار كأس العالم في طريق الأرجنتين بمباراة مفصليّة في ربع نهائي مونديال 1986 بالمكسيك، وعلى ملعب ازتيكا الكبير، فعلّقوا هذه الجدارية التي تجمع بين قائدي الفريقين مارادونا وشيلتون في بهو ملعب ويمبلي بالعاصمة الإنجليزية، وتحمل نفحات ذاك اللقاء الذي شهد حضوراً لرائحة بارود حرب الفوكلاند، وهدفاً أسطورياً لفتى الأرجنتين الذي لايزال يُدرّس، بعد أن أجمع عليه الجميع بأنه الهدف المنفرد كأعظم كرة هزت الشباك في تاريخ كرة القدم، وسبقه هدف آخر وضعه بقبضة اليد، فخدع شيلتون ودفاعه وحتى قاضي المباراة التونسي علي بن ناصر، ثم ختمها بادعاء تصريحي عقب اللعب بأن تلك لم تكن إلاّ.. "يد الله"، حتى وقفت السنون عند هذا العام 2015 وبعد 29 سنة، ليبحث مارادونا عن الحكم العربي في سوسة، ويرتحل إليه ليهديه شيئاً من الاعتذار الجميل، وقميصا شهد تلك الموقعة بتوقيعه.
 
أعلى