ويل للنساء من لعنة الموارد..عندما تتحول نعمة المال إلى نقمة!!

قال يوماً ميجويل دي سيرفانتس سافيدرا(المؤلف الأسباني الشهير الذي كتب في القرن السادس عشر رواية "دون كيشوت دي لامانشا"، قال:" إن نعمة الثروة لا تتمثل في مجرد تملكها، أو التبذير في الإنفاق، ولكن في استخدامها بطرقة حكيمة". كريستين ابراهيم، مجلة التمويل والتنمية.

من منا لا يحلم بثروة ضخمة؟.. كلنا نحن البشر، رجالاً ونساء، شيباً وشباباً، نحلم مراراً وتكراراً، في المنام وفي اليقظة، بأن نمتلك مالاً وفيراً.. لكننا ننسى دوماً بأن أموالنا هي فتنة، كما قال تعالى: (( إنما أموالكم وأولادكم فتنة)). لكن في تقديري الخاص أن فتنة المال ولعنته تصيب المرأة وتؤثر وتحلّ عليها أكثر من تأثيرها وحلولها على الرجل.. لكن قبل أن ندلف إلى جوهر الموضوع دعونا نتطرق إلى فذلكة تاريخية تتناول لعنة الموارد.

"لعنة الموارد" هي الفكرة القائلة أن وجود كميات ضخمة من الموارد الطبيعية، بالنسبة لمصادر الدخل الأخرى للدول أو المجتمع، تؤدي في الواقع الى حدوث آثار إجتماعية وسياسية وإقتصادية سالبة. وتأتي لعنة الموارد كنتيجة مباشرة للإعتماد على عائدات النفط والموارد الطبيعية. من الناحية السياسية يشير محللو لعنة الموارد إلى أن الكثير من ثروات الموارد الطبيعية تؤدي إلى خلق أو تفاقم الصراعات، سواء بين الدول أو داخلها. ومن أهم الحالات ما يلي: 1- جنوب السودان، حيث وجود النفط يجدد التوتر بين حكومة الخرطوم والانفصاليين الجنوبيين. 2- منطقة كابيندا الغنية بالنفط في أنغولا، حيث ازدهرت الحركة الانفصالية في المنطقة منذ اكتشاف النفط. 3- في نيجيريا، حيث تَركٌز النفط في دلتا النيجر كان عاملا مساهما في الحرب الأهلية النيجيرية ١٩٦٦-١٩٧٠، ومنذ ذلك الوقت سببا للاضطرابات المستمرة. المصدر:eek:penoil . وإذا كانت الأسباب المذكورة للعنة الموارد هي الأسباب السياسية، فهناك أسباباً إقتصادية للعنة الموارد، وهي ما يسمى ب"المرض الهولندي". شاع استخدام مصطلح المرض الهولندي بعد نشر مقال في الأكونوميست في عام 1977 يحمل هذا الاسم ويصف التجربة الهولندية مع هذا المرض. المرض الهولندي ليس مرضا بالمعنى المتعارف عليه، بقدر ما هو ظاهرة اقتصادية تحدث في دولة ما نتيجة تطورات اقتصادية معينة يترتب عليها ارتفاع قيمة عملة هذه الدولة، ومن ثم تراجع التنافسية الدولية لها، أو تحول الموارد فيها عن إنتاج السلع التي كانت تنتجها وتصدرها الدولة من الناحية التقليدية نحو قطاعات أخرى، ويسمى بالمرض نظرا لتأثر الإنتاج المحلي من الصادرات أو سلع التجارة (السلع التي يتم تصديرها للخارج) سلبا نتيجة لهذه التحولات، غير أن أكثر استخدامات المصطلح هي على الحالة التي يتم فيها اكتشاف مورد طبيعي معين مثل النفط أو الغاز، الأمر الذي يترتب عليه تراجع الصادرات التقليدية الأخرى سلبا نتيجة لذلك.

ففي الستينيات من القرن الماضي اكتشفت هولندا كميات ضخمة من الغاز الطبيعي داخل حدودها في بحر الشمال، وترتب على هذه الأخبار السارة تطورات سلبية على أحد المتغيرات الاقتصادية الكلية فيها وهو الجلدر الهولندي (عملة هولندا في ذلك الوقت)، حيث أخذت قيمة الجلدر في التزايد بفعل تزايد إيرادات الصادرات من الغاز، الأمر الذي جعل الصادرات الصناعية الهولندية غير تنافسية فبدأت في الانخفاض، وهو ما ترتب عليه تراجع النمو في القطاع الصناعي، وعندما تم تشخيص هذه المشكلة في 1977 أطلق عليها عبارة المرض الهولندي. (مدونة اقتصاديات الكويت ودول مجلس التعاون).

وبالرغم من أن أغلب حالات المرض الهولندي حدثت في الدول الغنية بالنفط والغاز الطبيعي، وأن المرض الهولندي مرتبط في الغالب بصادرات النفط والغاز، إلا أن ثمة موارد وصادرات أخرى، مثل الذهب والمحاصيل الزراعية، أيضاً يمكن أن تسبب المرض الهولندي. ففي كولومبيا ازدهرت صادرات البن على حساب الصادرات التقليدية الأخرى، بسبب ارتفاع أسعار البن في أواخر السبعينات من القرن العشرين، وذلك عندما أتلف الصقيع محصول البن في البرازيل. (كريستين زادة، التمويل والتنمية).

ولكن يبدو في تقديري أن لعنة الموارد لم تعد تقتصر فقط على الدول الغنية والحالات المذكورة، بل قد حلّت تلك اللعنة أيضاً على النساء. ويبدو أن المرض الهولندي قد انتقلت عدواه من تلك الدول الغنية إلى النساء. لكن كيف تحل تلكم اللعنة على النساء؟! وكيف يمكن أن تتحول إلى نظرية سوسيولوجية مع إنها نظرية اقتصادية؟! ولماذا تحل على النساء تحديداً دون الرجال؟! هذا ما سنميط عنه اللثام في الأربع حلقات القادمة بإذن الله.

في الحلقات القادمة سنسرد لكم حالات إصابة بالمرض الهولندي وحلول لعنة الموارد على بعض النساء، أو حالات لنساء معرضات للإصابة بذلك المرض وتلك اللعنة، باعترافاتهن وشهاداتهن، كما سنقوم بالتحليل السيكولوجي والسوسيولوجي لتلكم الحالات. أيضاً سنسرد لكم قصتين لأسوأ صنفين من الرجال (وأظرف صنفين من الرجال..في ذات الوقت) يمكن أن ترتبط بهما النساء، لأنهما من أنواع الرجال الذين يمكن أن يسببوا المرض الهولندي ولعنة الموارد للنساء. تسعدني وتسرني متابعتكم لتفاصيل هذا الموضوع .. أتمنى لكم متابعة طيبة وممتعة.

الكاتب الصحفي/ أنور عبد المتعال سر الختم
 
أعلى