كوبنهاغن.. المدينة التي لها ألف قلب

البريكي2020

عضو فعال
كوبنهاغن.. المدينة التي لها ألف قلب


بقلم: أحمد مبارك البريكي

Twitter: @ahmad_alburaiki

Instagram: @qdeem





على جالِ جوهرة البلطيق وحلمه الأحمر، ترمي بي خطوط الترحال المتقاطعة بإحداثياتها المتصلة إلى مدينة كوبنهاغن عاصمة المملكة المنبسطة الدانمارك.. أنزلُ هنا في شمال الأرض إلى صندوقٍ يحوي تركة النورمان وتاج دان وكنوز رامبرانت وخليج لانجليني، الذي تستلقي على صخرة ملساء فيه حورية البحر الصغيرة "ليتل ميرميد"..المتدثرة بالبرونز، منذ أن كتبها هانز أندرسن قبل قرنين من الزمن ولتنحتها بلدية المدينة حتى تكون لها أيقونة جذب، أنا هنا أعيدُ أثر مستطيلة سفن الفايكنغ الطويلة هذه الآلات الخشبية العظيمة التي استباحت سواحل الامبراطوريات العظمى في عز عظمتها حتى كُنّيٓ عصرها لاحقاً باسم ربابنتها الذين عاثوا فتحاً في البحر.


هنا في بلاد النهارات الطويلة لا تحضر الشمس.. لكن تعوضها اصطفاف البيوت بألوانها الباردة اللطيفة والمطلة على مرفأ التجار.. والشارع يستقيم يقدّم لي في آخر اليوم الأول شيئاً من ثقافة الجلوس على المقاهي الاسكندنافية وذائقة مطبخها حتى يكون خاتمة سعيدة لخطوة أولى.


يوم جديد، لوّنتُ نهاري فيه بلوحات مائية، فتعمّدت زيارة معرض الفن الوطني الدانماركي حتى خطيت طريقاً باختصار إلى مكانه في قلب كوبنهاغن المدينة التي لها ألف قلب. فشهدت ابداعات اليد الواحدة في الأروقة والقاعات التي تسكن بناء مهيبا من المعمار الدوتشيانيّ المعروف بالبذخ واظهار العظمة المفرطة.


عُلّقت الرسومات على الجدران المقسمة لثلاثة فصول ملونة بالأرجواني للفن الاسكندناڤي والفيروزي للفن الفرنسي والتركوازي لباقي فنون أوروبا منذ القرن الرابع عشر وحتى وقتنا الحالي، ووجدتُ هنا نادرة بريشة رامبرانت فتى هولندا معلّقة في ركن وهي لوحة "الكروسادير".. وحضرت ألوان مونش رغم يتمها كذلك في لوحة تتسيّد مكاناً آخر.. كان الزهو يتفجّر في كل زاوية والمعرض مملوء بالسِحر المنحوت والساعات تمضي وأنا في لجّة الدهشة، لتنتهي الرحلة فأتركُ ورائي بوابة الفن فيستقبلني بعدها باب العلوم ومتحف الجيولوجيا الوطني وحدائق البوتانيك التي تتزخرف في امتداد بعيد بقلنسوات الأزهار من كل طيف ومنابت القطب التي أينعت تحت قصف البرد وتجمّلت في هذا الكون المفتوح لمرتع فراشة وميدان النحلات، الحدائق الملكية في مملكة الدنمارك هي توأمة لحدائق ملكية لمملكة أخرى خلف البحر اسمها بريطانيا، حيث هنا حرمُ جمال وهناك، وعند قناة تعبرها قوارب المتنزهين جلس أناسٌ يتشمّسون الغيم وآخرون يمارسون المشي تحت تعاصف الشجر يعيشون الحياة بكل حب غير آبهين بما يحصل في عالم آخر هناك والجدل الدائر في شرق أوسطنا عن ثورات الربيع وتجار الحروب، تأملت حياة شعب وحياة شعوب. وبالتأكيد ربما طرأ في الإدراك شيء وغابت عنه أشياء. بحثت لي بعد يومٍ اختلط فيه حابل الفكر بنابل الفن عن مطبخ هندي للعشاء، حيث إن مطعم بلاد آل غاندي في الغربة. صديق.


 

تانيلا

عضو جديد
مواضيعك جميلة فعلا و نسافر عبرها في جولة سياحية جميلة

لك باقة
df.gif
df.gif
 
أعلى