مصطفى الصراف/أسئلة حائرة للحكومات المعتدلة

أسئلة حائرة للحكومات المعتدلة

جريدة القبس
عدد القراء: 115/05/2008 مصطفى الصراف
كانت الدول العربية صفا واحدا في مواجهة العدو الاسرائيلي، بعد قناعتها بأن العدو المحتل للارض الفلسطينية كيان توسعي لا يريد السلام او ترسيم الحدود، وقد خرجت مصر عن الصف العربي في عهد الرئيس الراحل انور السادات، واعترف باسرائيل وتخلى عن دور المقاومة للعدو المحتل لارض فلسطين رغم عدم تنفيذه لقرار الامم المتحدة 242، الذي يقضي بخروج اسرائيل عن الاراضي التي احتلتها في سنة 1967، فقاطعت الدول العربية نظام السادات ونقلت مقر الجامعة العربية الى تونس، وبعد رحيل الرئيس السادات ابقى الرئيس حسني مبارك على ما بدأه الرئيس انور السادات وبدأ يستقطب بعض الدول العربية للوقوف الى جانبه فخرجت بعضها مستجيبة للضغوط الاميركية الحاضنة لاسرائيل ضد المقاومة العربية التي اطلقت عليها تسمية الحكومات المعتدلة، وقد شجع ذلك اسرائيل فاجتاحت لبنان بمساعدة من حزب الكتائب برئاسة امين الجميل وحزب القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع، اللذين توليا معها ضرب المقاومة الفلسطينية المتواجدة في لبنان وذهبت الى تونس وبقيت اسرائيل محتلة للجنوب اللبناني رغم صدور القرار 425 من الامم المتحدة بخروجها، وقد تسبب ذلك في حرب اهلية بين مرحب بالوجود الاسرائيلي وبين مقاوم له لتحرير ارضه، فطلبت الدول العربية الى سوريا التواجد عسكريا في لبنان لوقف الحرب الاهلية الدائرة هناك، ومنع الاجتياح الاسرائيلي لبيروت وتغلغله في لبنان ثانية، فدخلت سوريا واوقفت الحرب الاهلية واتفق الزعماء اللبنانيون في الطائف على ميثاق مكمل للدستور اللبناني او مثياق 1943ونص على المحاصصة في المراكز القيادية وفي الحكومة اللبنانية بين الطوائف الرئيسية في لبنان، وقد نص على ان يكون لحكومة الاغلبية الثلثان ناقصا واحدا وللمعارضة الثلث زائدا واحدا بالنسبة للقرارات المصيرية، والتي جاءت في اثني عشر بندا من ضمنها مقاومة الاحتلال الاسرائيلي وعدم توطين الفلسطينيين، ونعم لبنان باستقرار وسلم اهلي فخرجت سوريا من لبنان، وتنفيذا لقرار مجلس الامن 425 استمرت المقاومة اللبنانية في نضالها ضد الاحتلال الاسرائيلي بدعم من سوريا وجلبت السلاح عندما عز عليها، من كل مصدر يتوافر لها بما في ذلك جمهورية ايران الاسلامية المعادية للكيان الصهيوني والداعمة للقضية العربية الفلسطينية خلافا لنظام الشاه الذي جعلته اميركا شرطيا للخليج العربي، حتى نجحت المقاومة في تحرير الجنوب سنة 2000 وبقيت مزارع شبعا الغنية بالمياه، والتي تعتبر خزان مياه ومساحتها مائتا كيلو متر مربع ما زالت محتلة من قبل اسرائيل.
شنت اسرائيل حربا سنة 2006 على لبنان محاولة احتلال الجنوب ثانية بحجة نزع سلاح المقاومة تحقيقا للامن الاسرائيلي.
وبعد هذه المقدمة التي كان الغرض منها انعاش الذاكرة العربية، هناك اسئلة حائرة بالنسبة لموقف الحكومات العربية المعتدلة ووسائل اعلامها:
السؤال الاول: لماذا تهاجم سوريا وتصفها بأنها خرجت عن الصف العربي؟
هل هي التي خرجت عن الصف العربي لانها بقيت ملتزمة بمبدأ الاجماع العربي الذي قاطع نظام الرئيس السادات عندما خرج عنه؟!
يا ترى من الذي خرج عن الصف العربي؟
السؤال الثاني: لماذا مهاجمة حكومة حماس واسقاطها وهي التي اختارها غالبية الشعب الفلسطيني في انتخابات تحت اشراف دولي والتزمت بمبدأ الاجماع العربي في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي؟ هل لانها تلقى دعما من سوريا وايران؟
السؤال الثالث: لماذا مهاجمة المقاومة اللبنانية التي تحظى بتأييد معظم الشعب اللبناني والعربي والتي تقف في وجه العدو الاسرائيلي لمنعه من احتلال لبنان ثانية واستمرار نضالها لتحرير مزارع شبعا تنفيذا للاجماع العربي والقرارات الدولية وميثاق الطائف؟! هل لانها تلتقي دعما من سوريا وايران؟!
واخيرا، اذا كانت المقاومة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية وسوريا متهمين بان ايران تمدهم بالسلاح لبسط نفوذها على المنطقة وللوقوف في مواجهة بسط النفوذين الاميركي والصهيوني على المنطقة، فلماذا لا تضطلع هذه الحكومات بهذا الدور وتنسجم مع المقاومة وتمدها بالمال والسلاح بدلا من ايران لتوقف تغلغل النفوذ الايراني، وتوقف الزحف الصهيوني على المنطقة، ليتوحد الصف العربي كما كان من قبل اتفاقية كامب ديفيد؟

 
أعلى