رضا البطاوى
عضو ذهبي
وأما الجهة الثانية عند الميلانى فقال فيها:
"الجهة الثانية:
وجه الاستدلال بالآية المباركة على الإمامة يتوقّف على بيان مفردات الآية المباركة (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيْمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) فكلمة (إنّما) تدلّ على الحصر، لم ينكر أحد منهم دلالة إنّما على الحصر (وليّكم) هذه الولاية بأيّ معنى ؟ سنبحث عن معنى الولاية في حديث الغدير بالتفصيل، وأيضاً في حديث الولاية، عندنا آية الولاية وهي هذه الآية التي هي موضوع بحثنا في هذه الليلة، وعندنا حديث الولاية وهو قوله (ص): «علي منّي وأنا من علي وهو وليّكم من بعدي»، فكلمة «الولاية» موجودة في هذه الآية المباركة بعنوان «وليّكم»، وأيضاً في ذلك الحديث بعنوان «وليّكم»"
بجرنا الرجل لرواية علي منّي وأنا من علي وهو وليّكم من بعدي وهو كلام لو عقله الرجل لعرف أنه يستوى بعبارة من العهد الجديد تقول " تؤمن اني انا في الاب و الاب في"
فالقائل يجعل على ومحمد فرد واحد كما أن يسوع والآب واحد وهو كلام لا يقوله إلا مجنون فعلى غير محمد ومحمد غير على ولا يمكن أن يكونا شخص واحد لأن القول بعدها وليّكم من بعدي يعنى أن محمد يموت أولا وعلى بعده فلو كان واحدا لماتا فى نفس الوقت وهو علم بالغيب ليس لأحد حتى محمد(ص) لأنه الله طالبه ان ينفى عن نفسه علم الغيب بقوله "ولو كنت أعلم الغيب لأستكثرت من الخير وما مسنى السوء"
قم تعرض الميلانى لمعنى الولاية فقال:
"معنى الولاية:
الولاية مشترك، إمّا مشترك معنوي، وإمّا مشترك لفظي، نحن نعتقد بالدرجة الأولى أن تكون الولاية مشتركاً معنويّاً، فمعنى الولاية إذا قيل: فلان وليّ فلان، أي فلان هو القائم بأمر فلان، فلان ولي هذه الصغيرة، أي القائم بشؤون هذه الصغيرة، فلان وليّ الأمر أي القائم بشؤون هذا الأمر، ولذا يقال للسلطان ولي، هذا المعنى هو واقع معنى الولاية ونجد هذا المعنى في كلّ مورد ذكر مورداً للولاية مثلاً: الصديق وليّ، الجار وليّ، الحليف وليّ، الأب وليّ، الله وليّ، ورسوله وليّ، وهكذا في الموارد الأخرى من الأولياء هذا المعنى موجود في جميع هذه الموارد،...المتعددة مثلاً: الجار له الولاية أي الجار له الأولويّة في أن يقوم بأمور جاره، يعني لو أنّ مشكلة حدثت لشخص فأقرب الناس في مساعدته في تلك المشكلة والقيام بشؤون هذا الشخص يكون جاره، هذا حقّ الجوار، مثلاً الحليف كذلك، مثلاً الناصر أو الأخ، هذه كلّها ولايات، لكن المعنى الوحداني الموجود في جميع هذه الموارد هو القيام بالأمر هذا بناء على أن تكون الولاية مشتركاً معنويّاً وأمّا إذا جعلنا الولاية مشتركاً لفظيّاً، فمعنى ذلك أن يكون هناك مصاديق متعدّدة ومعاني متعدّدة للّفظ الواحد، مثل كلمة العين، كلمة العين مشترك لفظي، ويشترك في هذا: العين الجارية، والعين الباصرة، وعين الشمس، وغير ذلك كما قرأتم في الكتب الأصوليّة
فالاشتراك ينقسم إلى اشتراك معنوي واشتراك لفظي، في الدرجة الأولى نستظهر أن تكون الولاية مشتركاً معنويّاً، وعلى فرض كون المراد من الولاية المعنى المشترك بالاشتراك اللفظي، فيكون من معاني لفظ الولاية: الأحقية بالأمر، الأولويّة بالأمر، فهذا يكون من جملة معاني لفظ الولاية، وحينئذ لتعيين هذا المعنى نحتاج إلى قرينة معيّنة، كسائر الألفاظ المشتركة بالاشتراك اللفظي وحينئذ لو رجعنا إلى القرائن الموجودة في مثل هذا المورد، لرأينا أنّ القرائن الحاليّة والقرائن اللفظيّة، وبعبارة أُخرى القرائن المقاميّة والقرائن اللفظيّة كلّها تدلّ على أنّ المراد من الولاية في هذه الآية المعنى الذي تقصده الإماميّة، وهو الأولويّة والأحقيّة بالأمر "
دحل الميلانى بنا هنا فى متاهات لغوية لا تغنى ولا تسمن من جوع ولو اكتفى بالمعنى الذى يقصده لكان أفضل من تسويد الصفحات بهذا الكلام الذى بلا فائدة
الولاية يختلف معناها من الله إلى رسوله (ص) والمؤمنين فولاية الله للمؤمنين هى نصره لهم فى الدنيا والأخرة وهى ما عبرت عنه الآية التالية "وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدوننى لا يشركون بى شيئا"
وولاية الرسول (ص)والمؤمنين لبعضهم هى تعاونهم على البر والتقوى كما قال تعالى "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على افثم والعدوان" وبألفاظ أحرى طاعتهم لأحكام الله
وأما حكاية الأحقية بالأمر فلا وجود لها مع قوله تعالى "وأمرهم شورى بينهم " فالأمر شركة بين المسلمين جميعا لا فرق بينهم فى شىء
ويعترف الميلانى بأن معنى الولاية النصرة ولكنه يجادل فيما اعترف به ليعيدنا للمعنى الذى تدين به الشيعة وهو ولاية واحد من الناس فيقول:
"ومن جملة القرائن اللفظيّة نفس الروايات الواردة في هذا المورد
يقول الفضل ابن روزبهان في ردّه على العلاّمة الحلّي: إنّ القرائن تدلّ على أنّ المراد من الولاية هنا النصرة، فـ (إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) ، أي إنّما ناصركم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة إلى آخر الآية المباركة فابن روزبهان يجعل الولاية بمعنى النصرة، والنصرة أحد معاني لفظ الولاية كما في الكتب اللغويّة، لكن الروايات أنفسها ونفس الروايات الواردة في القضيّة تنفي أن يكون المراد من الولاية هنا النصرة مثلاً هذه الرواية ـ وهي موجودة في تفسير الفخر الرازي، موجودة في تفسير الثعلبي، موجودة في كتب أُخرى ـ: أنّ النبيّ (ص)لمّا علم بأنّ عليّاً تصدّق بخاتمه للسائل، تضرّع إلى الله وقال: «اللهمّ إنّ أخي موسى سألك قال: (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي وَاجْعَلْ لِي وَزيراً مِنْ أهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيراً) فأوحيت إليه: (قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسى) ، اللهمّ وإنّي عبدك ونبيّك فاشرح لي صدري ويسّر لي أمري واجعل لي وزيراً من أهلي عليّاً أُشدد به ظهري » قال أبو ذر: فوالله ما استتمّ رسول الله (ص)الكلمة حتّى هبط عليه الأمين جبرائيل بهذه الآية: (إنّما وليّكم الله ورسوله) إلى آخر الآية
فهل يعقل وهل يرتضي عاقل فاهم له أدنى إلمام بالقضايا، وباللغة، وبأُسلوب القرآن، وبالقضايا الواردة عن رسول الله، هل يعقل حمل الولاية في هذه الآية مع هذه القرائن على النصرة ؟ بأن يكون رسول الله يطلب من الله سبحانه وتعالى أن يعلن إلى الملا إلى الناس، بأنّ عليّاً ناصركم، فيتضرّع رسول الله بهذا التضرّع إلى الله سبحانه وتعالى في هذا المورد، فيطلب من الله نزول آية تفيد بأنّ عليّاً ناصر المؤمنين ؟ وهل كان من شك في كون عليّاً ناصراً للمؤمنين حتّى يتضرّع رسول الله في مثل هذا المورد، مع هذه القرائن، وبهذا الشكل من التضرّع إلى الله سبحانه وتعالى، وقبل أن يستتمّ رسول الله كلامه تنزل الآية من قبل الله (إنّما وليّكم الله ورسوله والذين آمنوا) أي إنّما ناصركم الله ورسوله والذين آمنوا إلى آخر الآية ؟ هل يعقل أن يكون المراد من (وليّكم) أي ناصركم في هذه الآية مع هذه القرائن ؟"
الميلانى هنا يحيلنا لحكاية لم ترد عند الرازى ولا عند الثعالبى فى تفاسيرهم وهو تضرع النبى(ص) وهو يذكرنى هنا بما يفعله الملاحدة عندما ينقلون عن بعضهم الكلام ليثبتوا أن هناك أصل نقلوا عنه فما نقله الميلانى لا وجود لها فى التفاسير المذكورة ولا غيرها
بعد ذلك يعرض الميلانى ما سماه الاعتراضات والرد عليها فيقول:
"الجهة الثالثة:
الاعتراضات والمناقشات وحينئذ، يأتي دور الاعتراضات:
أمّا اعتراض شيخ الإسلام ابن تيميّة، فقد عرفتم أنّه ليس باعتراض وإنّما هو افتراء، لا على الإماميّة فقط، وإنّما افتراء على عموم المفسّرين والمحدّثين من أهل السنّة أيضاً، افتراء على المتكلّمين من كبار علماء طائفته، وهذا ديدن هذا الرجل في كتابه، وقد تتبّعت كتابه من أوّله إلى آخره، واستخرجت منه النقاط التي لو اطّلعتم عليها لايّدتم من قال بكفر هذا الرجل، لا بكفره بل بكفر من سمّاه بشيخ الإسلام "
هذا الكلام سبق أن ناقشناه وقلنا أن ابن تيمية ذكر ما فى كتب أهل السنة والغالبية منهم مجمعة على أن معنى الآية عام وليس فى شخص
ثم ذكر الاعتراض الأول فقال:
"الاعتراض الأوّل:
هو الاعتراض في معنى الولاية، وقد ذكرناه وذكرنا أنّ قائله هو الفضل ابن روزبهان الذي ردّ على العلاّمة الحلّي بكتابه إبطال الباطل، وردّ عليه السيّد القاضي نور الله التستري بكتاب إحقاق الحق، وأيضاً ردّ عليه الشيخ المظفر في كتاب دلائل الصدق "
هنا الميلانى يذكر لنا من ردوا على ابن روزبهان ولكنه لا يذكر حجتهم ثم يقول :
"الاعتراض الثاني:
احتمال أن تكون الواو في (وهم راكعون) واو عاطفة لا واو حاليّة، وحينئذ يسقط الاستدلال، لانّا ـ نحن الطلبة ـ نقول: إذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال، الاستدلال يتوقّف على أن تكون الواو هذه حاليّة، فالذي أعطى الخاتم، إعطاؤه كان حال كونه راكعاً، وهو علي أمّا لو كانت الواو عاطفة يكون المعنى (إنّما وليّكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) أي هم يركعون، يؤتون الزكاة ويصلّون ويركعون، إذن لا علاقة للآية المباركة بالقضيّة، فهذا الاحتمال إنْ تمّ سقط الاستدلال لكنّ هذا الاحتمال يندفع بمجرّد نظرة سريعة إلى الروايات الواردة في القضيّة، تلك الروايات التي تجدونها بأقل تقدير لو ترجعون إلى الدر المنثور، لوجدتم الروايات هناك، وهي صريحة في كون الواو هذه حاليّة ففي هذا الكتاب وغيره من المصادر عدّة روايات وردت تقول: تصدّق علي وهو راكع ، حتّى في رواية تجدونها في الدر المنثور أيضاً هذه الرواية هكذا: إنّ النبي (صلى الله عليه وسلم) سأل السائل، سأل ذلك المسكين الذي أعطاه الإمام خاتمه، سأله قائلاً: «على أيّ حال أعطاكه» ـ أي الخاتم ـ ؟ قال: أعطاني وهو راكع فالرسول نفسه يسأله: على أيّ حال أعطاكه ؟ يقول: أعطاني وهو راكع، فالواو حاليّة، ولا مجال لهذا الإشكال "
حسب الفقه عند السنة وعند الشيعة الحركات التى ليست من الصلاة تبطل الصلاة خاصة أنه كى يعطى وهو راكع الركوع المعروف حاليا السائل لابد أن يمد ذراعه ولابد أن يخلع الخاتم ومد الذراع لجانب يستوجب تحويل الوجه عن القبلة ولابد أن نطرح عدة أسئلة لنبين ان هذه الحكاية لم تحدث وهى :
كيف أخذ السائل الخاتم هل مد على ذراعه فخلعه السائل من كفه أو أن على خلعه وأعطاه له؟
"الجهة الثانية:
وجه الاستدلال بالآية المباركة على الإمامة يتوقّف على بيان مفردات الآية المباركة (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيْمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) فكلمة (إنّما) تدلّ على الحصر، لم ينكر أحد منهم دلالة إنّما على الحصر (وليّكم) هذه الولاية بأيّ معنى ؟ سنبحث عن معنى الولاية في حديث الغدير بالتفصيل، وأيضاً في حديث الولاية، عندنا آية الولاية وهي هذه الآية التي هي موضوع بحثنا في هذه الليلة، وعندنا حديث الولاية وهو قوله (ص): «علي منّي وأنا من علي وهو وليّكم من بعدي»، فكلمة «الولاية» موجودة في هذه الآية المباركة بعنوان «وليّكم»، وأيضاً في ذلك الحديث بعنوان «وليّكم»"
بجرنا الرجل لرواية علي منّي وأنا من علي وهو وليّكم من بعدي وهو كلام لو عقله الرجل لعرف أنه يستوى بعبارة من العهد الجديد تقول " تؤمن اني انا في الاب و الاب في"
فالقائل يجعل على ومحمد فرد واحد كما أن يسوع والآب واحد وهو كلام لا يقوله إلا مجنون فعلى غير محمد ومحمد غير على ولا يمكن أن يكونا شخص واحد لأن القول بعدها وليّكم من بعدي يعنى أن محمد يموت أولا وعلى بعده فلو كان واحدا لماتا فى نفس الوقت وهو علم بالغيب ليس لأحد حتى محمد(ص) لأنه الله طالبه ان ينفى عن نفسه علم الغيب بقوله "ولو كنت أعلم الغيب لأستكثرت من الخير وما مسنى السوء"
قم تعرض الميلانى لمعنى الولاية فقال:
"معنى الولاية:
الولاية مشترك، إمّا مشترك معنوي، وإمّا مشترك لفظي، نحن نعتقد بالدرجة الأولى أن تكون الولاية مشتركاً معنويّاً، فمعنى الولاية إذا قيل: فلان وليّ فلان، أي فلان هو القائم بأمر فلان، فلان ولي هذه الصغيرة، أي القائم بشؤون هذه الصغيرة، فلان وليّ الأمر أي القائم بشؤون هذا الأمر، ولذا يقال للسلطان ولي، هذا المعنى هو واقع معنى الولاية ونجد هذا المعنى في كلّ مورد ذكر مورداً للولاية مثلاً: الصديق وليّ، الجار وليّ، الحليف وليّ، الأب وليّ، الله وليّ، ورسوله وليّ، وهكذا في الموارد الأخرى من الأولياء هذا المعنى موجود في جميع هذه الموارد،...المتعددة مثلاً: الجار له الولاية أي الجار له الأولويّة في أن يقوم بأمور جاره، يعني لو أنّ مشكلة حدثت لشخص فأقرب الناس في مساعدته في تلك المشكلة والقيام بشؤون هذا الشخص يكون جاره، هذا حقّ الجوار، مثلاً الحليف كذلك، مثلاً الناصر أو الأخ، هذه كلّها ولايات، لكن المعنى الوحداني الموجود في جميع هذه الموارد هو القيام بالأمر هذا بناء على أن تكون الولاية مشتركاً معنويّاً وأمّا إذا جعلنا الولاية مشتركاً لفظيّاً، فمعنى ذلك أن يكون هناك مصاديق متعدّدة ومعاني متعدّدة للّفظ الواحد، مثل كلمة العين، كلمة العين مشترك لفظي، ويشترك في هذا: العين الجارية، والعين الباصرة، وعين الشمس، وغير ذلك كما قرأتم في الكتب الأصوليّة
فالاشتراك ينقسم إلى اشتراك معنوي واشتراك لفظي، في الدرجة الأولى نستظهر أن تكون الولاية مشتركاً معنويّاً، وعلى فرض كون المراد من الولاية المعنى المشترك بالاشتراك اللفظي، فيكون من معاني لفظ الولاية: الأحقية بالأمر، الأولويّة بالأمر، فهذا يكون من جملة معاني لفظ الولاية، وحينئذ لتعيين هذا المعنى نحتاج إلى قرينة معيّنة، كسائر الألفاظ المشتركة بالاشتراك اللفظي وحينئذ لو رجعنا إلى القرائن الموجودة في مثل هذا المورد، لرأينا أنّ القرائن الحاليّة والقرائن اللفظيّة، وبعبارة أُخرى القرائن المقاميّة والقرائن اللفظيّة كلّها تدلّ على أنّ المراد من الولاية في هذه الآية المعنى الذي تقصده الإماميّة، وهو الأولويّة والأحقيّة بالأمر "
دحل الميلانى بنا هنا فى متاهات لغوية لا تغنى ولا تسمن من جوع ولو اكتفى بالمعنى الذى يقصده لكان أفضل من تسويد الصفحات بهذا الكلام الذى بلا فائدة
الولاية يختلف معناها من الله إلى رسوله (ص) والمؤمنين فولاية الله للمؤمنين هى نصره لهم فى الدنيا والأخرة وهى ما عبرت عنه الآية التالية "وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدوننى لا يشركون بى شيئا"
وولاية الرسول (ص)والمؤمنين لبعضهم هى تعاونهم على البر والتقوى كما قال تعالى "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على افثم والعدوان" وبألفاظ أحرى طاعتهم لأحكام الله
وأما حكاية الأحقية بالأمر فلا وجود لها مع قوله تعالى "وأمرهم شورى بينهم " فالأمر شركة بين المسلمين جميعا لا فرق بينهم فى شىء
ويعترف الميلانى بأن معنى الولاية النصرة ولكنه يجادل فيما اعترف به ليعيدنا للمعنى الذى تدين به الشيعة وهو ولاية واحد من الناس فيقول:
"ومن جملة القرائن اللفظيّة نفس الروايات الواردة في هذا المورد
يقول الفضل ابن روزبهان في ردّه على العلاّمة الحلّي: إنّ القرائن تدلّ على أنّ المراد من الولاية هنا النصرة، فـ (إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) ، أي إنّما ناصركم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة إلى آخر الآية المباركة فابن روزبهان يجعل الولاية بمعنى النصرة، والنصرة أحد معاني لفظ الولاية كما في الكتب اللغويّة، لكن الروايات أنفسها ونفس الروايات الواردة في القضيّة تنفي أن يكون المراد من الولاية هنا النصرة مثلاً هذه الرواية ـ وهي موجودة في تفسير الفخر الرازي، موجودة في تفسير الثعلبي، موجودة في كتب أُخرى ـ: أنّ النبيّ (ص)لمّا علم بأنّ عليّاً تصدّق بخاتمه للسائل، تضرّع إلى الله وقال: «اللهمّ إنّ أخي موسى سألك قال: (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي وَاجْعَلْ لِي وَزيراً مِنْ أهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيراً) فأوحيت إليه: (قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسى) ، اللهمّ وإنّي عبدك ونبيّك فاشرح لي صدري ويسّر لي أمري واجعل لي وزيراً من أهلي عليّاً أُشدد به ظهري » قال أبو ذر: فوالله ما استتمّ رسول الله (ص)الكلمة حتّى هبط عليه الأمين جبرائيل بهذه الآية: (إنّما وليّكم الله ورسوله) إلى آخر الآية
فهل يعقل وهل يرتضي عاقل فاهم له أدنى إلمام بالقضايا، وباللغة، وبأُسلوب القرآن، وبالقضايا الواردة عن رسول الله، هل يعقل حمل الولاية في هذه الآية مع هذه القرائن على النصرة ؟ بأن يكون رسول الله يطلب من الله سبحانه وتعالى أن يعلن إلى الملا إلى الناس، بأنّ عليّاً ناصركم، فيتضرّع رسول الله بهذا التضرّع إلى الله سبحانه وتعالى في هذا المورد، فيطلب من الله نزول آية تفيد بأنّ عليّاً ناصر المؤمنين ؟ وهل كان من شك في كون عليّاً ناصراً للمؤمنين حتّى يتضرّع رسول الله في مثل هذا المورد، مع هذه القرائن، وبهذا الشكل من التضرّع إلى الله سبحانه وتعالى، وقبل أن يستتمّ رسول الله كلامه تنزل الآية من قبل الله (إنّما وليّكم الله ورسوله والذين آمنوا) أي إنّما ناصركم الله ورسوله والذين آمنوا إلى آخر الآية ؟ هل يعقل أن يكون المراد من (وليّكم) أي ناصركم في هذه الآية مع هذه القرائن ؟"
الميلانى هنا يحيلنا لحكاية لم ترد عند الرازى ولا عند الثعالبى فى تفاسيرهم وهو تضرع النبى(ص) وهو يذكرنى هنا بما يفعله الملاحدة عندما ينقلون عن بعضهم الكلام ليثبتوا أن هناك أصل نقلوا عنه فما نقله الميلانى لا وجود لها فى التفاسير المذكورة ولا غيرها
بعد ذلك يعرض الميلانى ما سماه الاعتراضات والرد عليها فيقول:
"الجهة الثالثة:
الاعتراضات والمناقشات وحينئذ، يأتي دور الاعتراضات:
أمّا اعتراض شيخ الإسلام ابن تيميّة، فقد عرفتم أنّه ليس باعتراض وإنّما هو افتراء، لا على الإماميّة فقط، وإنّما افتراء على عموم المفسّرين والمحدّثين من أهل السنّة أيضاً، افتراء على المتكلّمين من كبار علماء طائفته، وهذا ديدن هذا الرجل في كتابه، وقد تتبّعت كتابه من أوّله إلى آخره، واستخرجت منه النقاط التي لو اطّلعتم عليها لايّدتم من قال بكفر هذا الرجل، لا بكفره بل بكفر من سمّاه بشيخ الإسلام "
هذا الكلام سبق أن ناقشناه وقلنا أن ابن تيمية ذكر ما فى كتب أهل السنة والغالبية منهم مجمعة على أن معنى الآية عام وليس فى شخص
ثم ذكر الاعتراض الأول فقال:
"الاعتراض الأوّل:
هو الاعتراض في معنى الولاية، وقد ذكرناه وذكرنا أنّ قائله هو الفضل ابن روزبهان الذي ردّ على العلاّمة الحلّي بكتابه إبطال الباطل، وردّ عليه السيّد القاضي نور الله التستري بكتاب إحقاق الحق، وأيضاً ردّ عليه الشيخ المظفر في كتاب دلائل الصدق "
هنا الميلانى يذكر لنا من ردوا على ابن روزبهان ولكنه لا يذكر حجتهم ثم يقول :
"الاعتراض الثاني:
احتمال أن تكون الواو في (وهم راكعون) واو عاطفة لا واو حاليّة، وحينئذ يسقط الاستدلال، لانّا ـ نحن الطلبة ـ نقول: إذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال، الاستدلال يتوقّف على أن تكون الواو هذه حاليّة، فالذي أعطى الخاتم، إعطاؤه كان حال كونه راكعاً، وهو علي أمّا لو كانت الواو عاطفة يكون المعنى (إنّما وليّكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) أي هم يركعون، يؤتون الزكاة ويصلّون ويركعون، إذن لا علاقة للآية المباركة بالقضيّة، فهذا الاحتمال إنْ تمّ سقط الاستدلال لكنّ هذا الاحتمال يندفع بمجرّد نظرة سريعة إلى الروايات الواردة في القضيّة، تلك الروايات التي تجدونها بأقل تقدير لو ترجعون إلى الدر المنثور، لوجدتم الروايات هناك، وهي صريحة في كون الواو هذه حاليّة ففي هذا الكتاب وغيره من المصادر عدّة روايات وردت تقول: تصدّق علي وهو راكع ، حتّى في رواية تجدونها في الدر المنثور أيضاً هذه الرواية هكذا: إنّ النبي (صلى الله عليه وسلم) سأل السائل، سأل ذلك المسكين الذي أعطاه الإمام خاتمه، سأله قائلاً: «على أيّ حال أعطاكه» ـ أي الخاتم ـ ؟ قال: أعطاني وهو راكع فالرسول نفسه يسأله: على أيّ حال أعطاكه ؟ يقول: أعطاني وهو راكع، فالواو حاليّة، ولا مجال لهذا الإشكال "
حسب الفقه عند السنة وعند الشيعة الحركات التى ليست من الصلاة تبطل الصلاة خاصة أنه كى يعطى وهو راكع الركوع المعروف حاليا السائل لابد أن يمد ذراعه ولابد أن يخلع الخاتم ومد الذراع لجانب يستوجب تحويل الوجه عن القبلة ولابد أن نطرح عدة أسئلة لنبين ان هذه الحكاية لم تحدث وهى :
كيف أخذ السائل الخاتم هل مد على ذراعه فخلعه السائل من كفه أو أن على خلعه وأعطاه له؟