نظرات فى كتاب أحكام المرأة الحامل

رضا البطاوى

عضو ذهبي
نظرات فى كتاب أحكام المرأة الحامل
مؤلف الكتاب يحيى بن عبد الرحمن الخطيب من أهل العصر والكتاب كما قال المؤلف يدور حول المرأة الحامل حيث قال:
" اعتنى الإسلام بالمرأة الحامل، وعمل على حمايتها وحفظ جنينها؛ وذلك من خلال التشريعات المختلفة التي راعت ما للحامل من خصوصية، استدعت استثناءها من بعض الأحكام الشرعية، لسببين رئيسيين:
الأول: ضعف بنيتها، والمشاق التي تتحملها بسبب حملها، والذي قد يضعفها عن القيام بكافة التكاليف الشرعية
الثاني: الجنين الذي تحمله في بطنها فهو شديد التأثر والحساسية للبيئة المحيطة به، وينبغي العناية به والحفاظ على حياته"
وقد بين المؤلف أن الموضوع هام لبعض الأسباب وهو قوله:
"وتظهر أهمية الموضوع مما يلي:
- لم أجد في هذا الموضوع بحثا مستقلا شاملا، يجمع شتات مسائله، بل هناك بحوث جزئية تناولت بعض المباحث التي طرقتها في بحثي
- مع تقدم الطب، كان لزاما على العلماء والباحثين، مراجعة الاجتهادات الفقهية التي أظهر فيها الطب حقائق جديدة"
تناول المؤلف فى الفصل الأول المسائل المتعلقة بالحامل فيما أسماه العبادات مع أن الدين كله عبادة فقال :
"الفصل الأول الأحكام المتعلقة بالعبادات للمرأة الحامل
المبحث الأول : الدم الذي تراه الحامل:
أراء الفقهاء في الحامل إذا رأت الدم:
اختلف الفقهاء قديما وحديثا بشأن الحامل إذا رأت الدم أثناء الحمل على رأيين:
الرأي الأول: يرى المالكية والشافعي في الجديد وهو المعتمد ففي المذهب أن ما تراه الحامل من دم هو حيض تدع له الصلاة
الرأي الثاني: يرى الأحناف والحنابلة أن ما تراه من دم أثناء الحمل ليس بحيض، وإنما هو دم فساد، فلا تدع له الصلاة
أدلة القولين:
استدل القائلون بأن ما تراه الحامل من دم هو دم حيض بالأدلة التالية:
- إطلاق الآية" ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض"وإطلاق الأخبار عن النبي (ص)
- حديث فاطمة بنت أبي حبيش أن الرسول قال"إذا كان دم الحيضة فإنه دم أسود يعرف" فقد أطلق، ولم يفصل بين الحامل والحائل
- ما روي عن عائشة: أنها سئلت عن الحامل ترى الدم اتصلي؟ قالت: "لا تصلي حتى يذهب عنها الدم"
- لأنه دم في أيام العدة بصفة الحيض وعلى قدرة، فجاز أن يكون حيضا، كدم الحامل والمرضع
استدل القائلون بأن ما تراه الحامل ليس دم حيض بالأدلة التالية:
- حديث أبي سعيد الخدري أن النبي ( قال: لا توطأ حامل حتى تضع ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة"
- حديث سالم عن أبيه: أنه طلق امرأته وهي حائض، فسأل عمر النبي (ص)فقال: "مره فليراجعها ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا" فجعل الحمل علما على عدم الحيض كما جعل الطهر علما على الحيض "
بالقطع الدم الذى تراه الحامل لا يمكن أن يكون افراز حيض لأن افرازات الحيض ليست دما بل افرازات متنوعة بيضاء وبنية ووردية وكمية الدم فيها قليلة وهى ليست غالبة على الافرازات الأخرى ولأن الحمل نفسه هو إيقاف لعملية الحيض حيث تم اخصاب البويضة
والروايات المروية لا يمكن أن يقولها النبى(ص) لأنها تخالف العلم فلم يذكر الله عن الحيض كونه دم ولم يذكر فى أسباب الامتناع عن الصلاة الدم حيث قال "وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم"
وسبب عدم صلاة الحائض هو عدم طهارتها أى عدم خلوها من الأذى كما قال تعالى "ولا تقربوهن حتى يطهرن"
كما ان بعض الروايات مثل " لا توطأ حامل حتى تضع" تحرم ما أباح الله وهو جماع الحامل
وقد ذكر المؤلف الرأى الطبى فقال :
"وإن كان الطبيب محمد البار قد ذكر أن خمس نساء من كل ألف امرأة يحضن في الأشهر الأولى للحمل، فهذا حيض كاذب؛ لأنه في ضوء المعطيات الطبية لا يصح اعتباره حيضا؛ لاختلاف طبيعة الرحم بين الحامل وغير الحامل بالإضافة لتعدد أسباب نزول الدم على الحامل، ومنها:
- نزيف لعدة أسباب مرضية
- الحمل خارج الرحم، ويكون عادة مصحوبا بآلامك في البطن، وهبوط الضغط، وهي حالة تستدعي جراحة فورا
- الرحى الغددية (الحمل العنقودية): وهو غير طبيعي، وهو عبارة عن كتل من الخلايا لها قدرة على الانتشار داخل الرحم، وذو خطورة على حياة الأم، ويجب التخلص من هذا الحمل بأسرع وقت يمكن، حفاظا على صحة الأم "
ومن ثم لا يمكن طبيا وجود حيض فى الحمل وإنما توجد احتمالات متعددة لنزول الدم عند الحامل وهو ما ذكره الطبيب فى كلامه وقد أيد المؤلف رأى الطب فقال :
"الرأي الراجح:
بعد استعراض رأي الفريقين وأدلتهم والاستناد إلى الأبحاث الطبية الحديثة، يتبين صحة رأي القائلين بأن الحامل لا تحيض، فما تراه من دم هو دم فساد وعلة "
والمسألة الثانية التى تناولها فى الفصل هو صلاة الحمل فقال:
"المبحث الثاني: صلاة الحامل:
أجمع أهل العلم على أن الصلوات الخمس تجب على الذكور والإناث من المسلمين ومنهم المرأة الحامل بشرط أن يكونوا بالغين عاقلين فلا يجوز للحامل أن تترك الصلاة بسبب حملها بإجماع أهل العلم، ولا تسقط الصلاة بحال قد يشق على الحامل أداء كل صلاة في وقتها، فإن بعض الحوامل يثقل عليهن الحمل، ويضعفن عن الطهارة لكل صلاة في وقتها، فهل يجوز للحامل الجمع بين الصلاتين؟
اختلف العلماء في الجمع بين الصلاتين؛ لعذر المشقة والضعف في الحضر على قولين:
القول الأول: لا يجوز الجمع بين الصلاتين؛ لعذر المشقة والضعف في الحضر وهذا قول جمهور الفقهاء الحنفية والمالكية والشافعية وأكثر الفقهاء
القول الثاني: يجوز الجمع بين الصلاتين؛ لعذر المشقة والضعف في الحضر وهذا قول الحنابلة ، والقاضي حسين
الأدلة:
استدل أصحاب القول الأول بما يلي:
أولا : حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: "أن جبريل (ص)أم النبي (ص) في الصلاة يومين متتاليين، بين له في أولها أول الأوقات وفي ثانيهما آخرهما وقال له: ما بين هذين الوقتين وقت"
واستدل أصحاب القول الثاني بما يلي:
أولا: حديث ابن عباس عن طريق حبيب بن أبي ثابت: "جمع رسول الله ( بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر" قيل لابن عباس: لم فعل ذلك؟ قال: "كي لا يحرج أمته"
الترجيح:
يظهر للباحث بعد استعراض الأدلة للفريقين ومناقشتها: أن الراجح هو قول القائلين بجواز الجمع بين الصلاتين؛ لعذر المشقة والضعف في الحضر، وذلك لقوة أدلتهم، وضعف استدلالات مخالفيهم"
الصلاة لا تسقط عن الحامل إلا أن تكون قد بلغت درجة من التعب لا تعى معها ما تقول ولا تقدر معها على النطق والإشارة كما قال تعالى " حتى تعلموا ما تقولون"
والإنسان يحدث له حالة من التعب بسبب مرض او بسبب الإجهاد يكون فيها غير قادر على التيقظ التام وجسمه يميل إلى السقوط إن كان قاعدا او يميل للنوم وفى تلك الحال يكون قوله تعالى " ما جعل عليكم فى الدين من حرج " منطبق عليه
وتناول فى الفصل المسألة الثالثة وهى صوم الحامل والمرضع فقال :
"المبحث الثالث: صوم الحامل والمرضع في رمضان:
اتفق أهل العلم على أن الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما، أو خافتا على أنفسهما وولديهما، فلهما الفطر، وعليهما القضاء فحسب؛ لأنهما بمنزلة المريض الخائف على نفسه
وإذا خافت الحامل والمرضع بسبب صيامهما على ولديهما فقط بحيث يضر الصوم بالولد، فماذا يترتب عليهما إذا أفطرتا؟ وضابط الضرر المجيز للإفطار يعرف بغلبة الظن بتجربة سابقة، أو إخبار طبيب مسلم حاذق عدل، يثبت بمقتضاها الخوف من أن يفضي الرضاع أو الحمل إلى نقص العقل أو الهلاك أو المرض، وليس المراد من الخوف مجرد التوهم والتخيل
وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة، وذلك على أقوال:
القول الأول: أن الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما فقط، فعليهما القضاء والفدية، وهذا مذهب الشافعية في الراجح المعتمد من مذهبهم وهو مذهب الحنابلة وبه قال مجاهد، وروي ذلك عن ابن عمر وابن عباس وعطاء
القول الثاني: أن الحامل عليها القضاء وليس عليها الفدية، وأما المرضع فإن عليها القضاء والفدية وهذا مذهب المالكية، وبه قال الليث
القول الثالث: أن الحامل والمرضع عليهما الفدية فقط، وليس عليهما القضاء، وهذا مروي عن ابن عباس، وعدد من التابعين
القول الرابع: أن الحامل والمرضع لا يجب عليهما القضاء ولا الفدية وهذا مذهب ابن حزم الظاهري
القول الخامس: التخيير، فإن شاءت الحامل والمرضع أن تطعما، ولا قضاء عليها، وإن شاءتا قضتا، ولا إطعام عليهما وهذا قول اسحق بن راهوية
 

رضا البطاوى

عضو ذهبي
القول السادس: أن الحامل والمرضع عليهما القضاء فقط، ولا فدية عليهما وهذا مذهب الحنفية ، وهو قول الشافعي، والمزني من الشافعية الأدلة:
استدل أصحاب القول الأول بما يلي:
أولا : قوله تعالى: " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين" والحامل والمرضع داخلتان في عموم الآية لأنهما ممن يطيق الصيام، فوجب بظاهر الآية أن تلزمهما الفدية
واستدل أصحاب القول الثالث بما يلي:
قراءة ابن عباس" وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " قال ابن عباس: "ليست بمنسوخة، هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة، لا يستطيعان أن يصوما، فيطعمان مكان كل يوم مسكينا"، فعلى قراءة ابن عباس فلا نسخ؛ لأنه يجعل الفدية على من تكلف الصوم، وهو لا يقدر عليه فيفطر ويكفر، وهذا الحكم باق
واستدل أصحاب القول السادس بما يلي:
أولا: حديث أنس بن مالك الكعبي: أن رسول الله ( قال: (إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة، وعن الحامل أو المرضع الصوم أو الصيام ) قال عنه الترمذي: حديث حسن"
طبقا للقرآن الحامل والمرضع تعتبران من المرضى لقوله تعالى " حملته أمه وهنا على وهن وفصاله فى عامين"
فالوهن عرض لمرض أو أمراض ومن ثم تكون الحامل داخل قوله تعالى " فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر"
ومن ثم لا يجب عليها الفدية والواجب صوم نفس عدد أيام فطرها كما قال تعالى "ولتكملوا العدة"فيما بعد انتهاء الحمل والرضاعة
والحامل التى تصوم آثمة لكونها تضر نفسها وتضر جنينها وكذلك المرضعة اضر نفسها ورضيعها وقد رجح المؤلف هذا فقال :
"الترجيح:
بعد استعراض آراء الفقهاء وأدلتهم يظهر لي أن الراجح هو وجوب القضاء فقط على الحامل والمرضع، دون الفدية؛ لقوة أدلة أصحاب هذا القول، وضعف أدلة أصحاب الأقوال الأخرى "
ةقى الفصل الثانى استعرض مسائل تتعلق بطلاق الحامل ومدى الحمل والزنى فقال :
"الفصل الثاني الأحكام المتعلقة بالأحوال الشخصية للمرأة الحامل
المبحث الأول: نكاح الحامل من الزنا:
حكم الزواج بالزانية:
اختلف الفقهاء في حكم الزواج بالزانية على ثلاثة أقوال:
القول: إنه لا حرمة للزنا في وجوب العدة منه، سواء كانت حاملا من الزنا أو حائلا، وسواء كانت ذات زوج، فيحل للزوج أن يطأها في الحال، أو كانت خلية عن زوج، فيجوز للزاني وغيره أن يستأنف العقد عليها في الحال، حاملا كانت أو حائلا، غير أنه يكره له وطؤها في حال حملها حتى تضع وهذا مذهب الشافعية
القول الثاني: إنه إذا كانت المزني بها غير حامل، صح العقد عليها من غير الزاني ومن الزاني، وأنها لا تعقد، وذلك اتفاقا في مذهب الحنفية، فإن نكحها الزاني نفسه حل له وطؤها عند الحنفية اتفاقا، والولد له إن جاءت به بعد النكاح لستة أشهر، فلو كان لأقل من ذلك لا يثبت النسب، ولا يرث منه، إلا أن يقول: هذا الولد مني، ولا يقول من الزنا، وأما إن كانت المزني بها حاملا، جاز نكاحها عند أبي حنيفة ومحمد، ولكن لا يطأها حتى تضع
القول الثالث: إن الزانية لا يجوز نكاحها، وعليها العدة من وطء الزنا بالإقرار إن كانت حاملا، ووضع الحمل إن كانت حاملا، فإن كانت ذات زوج حرم عليه وطؤها حتى تنقضي عدتها بالإقرار أو الحمل، وهذا قول ربيعة والثوري والأوزاعي وإسحاق، وهو مذهب المالكية والحنابلة وتستبرأ عند المالكية بثلاث حيضات، أو بمضي ثلاثة أشهر وعند الإمام أحمد أنها تستبرأ بثلاث حيضات، ورأي ابن قدامة: أن يكفي استبراؤها بحيضة واحدة، وهو ما أيده ابن تيمية ونصره بقوة واشترط الحنابلة شرطا آخر لحل زواج بالزانية، وهو توبتها من الزنا
الراجح:
يرى الباحث أن الراجح هو رأي الحنابلة الذين قالوا: بتحريم نكاح الزانية حتى تستبرأ وتتوب من الزنا، سواء كان الناكح لها هو الزاني بها أو غيره وهذا مذهب طائفة من السلف والخلف، منهم قتادة وإسحاق وأبو عبيدة
ويؤيد ذلك أيضا أن الإسلام قد حرص على تكوين الأسرة المسلمة الصالحة، التي يتربى أفرادها على الفة والحياء فكيف يتأتى ذلك، وعمود التربية في البيت، وهي الزوجة الأم فاقدة لذلك؟ وفاقد الشيء لا يعطيه"
ما استعرضه الكاتب لا علاقة لها إلا نادرا بالحمل والمسألة هى :
حكم الحامل من زنا أو حكم الحامل التى تزنى فى مدة الحمل فأما الحامل من الزنا فيجب زواجها ممن زنى بها كما قال تعالى " الزانية لا ينكحها إلا زان"
وأما المتزوجة الحامل التى زنت فى أثناء الحمل فهى طالق وجوبا تستحق طردها من بيت الزوجية بلا مهر ولا نفقة لقوله تعالى" ولا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة"
وأما حكم الجنين فهو نسبته للمطلق طالما لم يثبت الزنى قبل الحمل فإن ثبت أنهما زنيا قبل الحمل نسب للزانى بالحامل ووجوب زواج الزناة بعد الطلاق لقوله تعالى "ادعوهم لآبائهم "
وتناول أقل مدة للحمل وأطول مدة فقال :
"الفرع الثاني: أقل الحمل:
اتفق أهل العلم على أن أقل مدة الحمل ستة اشهر ومعناه أن المولود يمكن أن يعيش إذا أتم في بطن أمه ستة أشهر ويترتب عليه الحقوق الشرعية
الأدلة:
- المستفاد من مجموع آيتين، هما قوله تعالى: " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين " وقوله تعالى: "وحمله وفصاله ثلاثون شهرا"
فإنه إذا كان مجموع الحمل والإرضاع ثلاثون شهرا من الآية الأخيرة، وكان الإخبار في الآية الأولى أن مدة الإرضاع سنتان، ويساوي ذلك أربعة وعشرين شهرا، فيكون الحمل ستة اشهر
لذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: " وحمله وفصاله ثلاثون شهرا" "إذا حملت تسعة أشهر، أرضعت إحدى وعشرين شهرا، وإن حملت ستة أشهر أرضعت أربعة وعشرين شهرا"
وقد وردت روايات كثيرة في شأن أقل الحمل، عن عثمان وعلي، وعن عثمان وابن عباس، كما وردت مثلها عن عمر وابن عباس، وعن عمر وعلي، رضي الله عنهم جميعا، وقد انعقد إجماع الصحابة على ذلك
رأي الطب:
وافق الطب رأي الفقهاء وإجماع الصحابة في اعتبار أقل مدة يمكن أن يعيش فيها المولود بعد ولادته، هي بعد حملة ستة أشهر كاملة
تفاوتت آراء الفقهاء في أكثر مدة الحمل، التي يمكن أن يستمر معها الحمل إلى أن يولد حيا على أقوال عدة:
القول الأول: إنه قد يستمر إلى أربع سنين وهو قول الشافعي والحنابلة في ظاهر مذهبهم ورواية عن مالك
القول الثاني: إن أقصى الحمل سنتان وهو مذهب الحنفية، والمزني من الشافعية
القول الثالث: إن أقصى مدة الحمل تسعة أشهر وهذا رأي ابن حزم والظاهرية
الأدلة:
استدل القائلون بأن أكثر الحمل أربع سنين بما يلي:
- أن كل ما احتاج إلى تقدير حد إذا لم يتقدر بشرع ولا لغة كان مقداره بالعرف الوجود، كالحيض والنفاس وقد وجد مرارا حمل وضع لأربع سنين
وروي المبارك بن مجاهد قال مشهور عندنا، كانت امرأة محمد بن عجلان تحمل، وتضع في أربع سنين، فكانت تسمى حاملة الفيل
وأما الأحناف والمزني فاستدلوا بما يلي:
قول عائشة : "لا يبقى الولد في رحم أمه أكثر من سنتين، ولو بفركة مغزل" وذلك لا يعرف إلا توقيفا إذ ليس للعقل فيه مجال، فكأنها روته عن النبي "
دليل ابن حزم:
يقول ابن حزم: "ولا يجوز أن يكون حمل أكثر من تسعة أشهر، ولا أقل من ستة أشهر، لقول الله تعالى: " وحمله وفصاله ثلاثون شهرا" وقال تعالى: " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة " فمن ادعى أن حملا وفصالا يكون في أكثر من ثلاثين شهرأن فقد قال الباطل والمحال ورد كلام الله عز وجل جهارا
رأي الطب:
يؤكد الطبيب محمد علي البار أن الحمل قد يتأخر على الرغم من ضبط الحساب إلى شهر كامل وغلا لمات الجنين في بطن أمه ويعتبر الطب ما زاد عن ذلك نتيجة خطأ في الحساب
كما يؤكد الطبيب أحمد ترعاني اختصاصي النسائية والتوليد أن الحمل قد يصل إلى عشرة شهور، ولا يزيد على ذلك؛
 

رضا البطاوى

عضو ذهبي
الراجح:
بعد استعراض آراء الفقهاء، ووضوح أن مستندها الواقع، والذي قد تبين من خلال كلام الأطباء المحدثين أن غير دقيق، بل هو وهم ناتج عن أسباب عديدة فسيولوجية أو صحية، كالرضاع أو الحمل الكاذب، يتبين أن أقصى مدة يمكن أن يستمر إليها الحمل هي عشرة أشهر وهذا قريب من كلام ابن حزم ومن قال برأيه من فقهائنا السابقين
قال الطبيب محمد علي البار: "وينبغي أن ينبه من يدرسون في كتب الفقه على استحالة حدوثي هذا الحمل الطويل الممتد سنينا، وأنه نتيجة لوهم الأم الراغبة في الإنجاب في أغلب الحالات، أو من اختراع القصاص وأساطيرهم والمشكلة أن المرأة قد تلد بعد وفاة زوجها، أو بعد طلاقها منه بعدة سنوات، فيحكم لها الفقهاء بأن الولد للفراش، وينسبون الولد لزوجها المتوفي عنها بعد سنوات، أو الذي طلقها قبل عدة سنوات"
حكاية أن اقل مدة للحمل ستة أشهر هو فهم خاطىء لكلام الله فالله تحدث عن نوعين من الحمل الحمل الخفيف وهو ثلاثة أشهر وهى مدة تكون الجسم قبل وضع النفس وهى الروح فيها والحمل الثقيل وهو ستة أشهر حيث توضع النفس فى جسم الجنين فقال "هو الذى خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت"
ومن ثم لا يمكن أن يوجد حمل مدته ستة أشهر وإنما هى تسعة أشهر ومن ثم من ولدت طفلا كاملا بعد ستة أشهر من دخولها هى زانية وأما من ولدت طفلا ناقصا وعاش وهو ما يسمى الطفل المبتسر فهى ليست بزانية وهى مسألة معروفة فى علم الطب وطبيا لا يمكن أن يعيش ابن ستة أشهر إلا برعاية فائقة قد تنفعه أو لا تنفعه
وأما زيادة الحمل عن عشرة أشهر فهو تحريف وكذب ووهم والنصوص التى أتت فيه نصوص كاذبة كلها روايات ليس فيها شىء من الوحى
وتعرض الرجل لمسالة عدة الحامل فقال :
"المطلب الثاني: شروط انتهاء العدة بوضع الحمل لانتهاء العدة بوضع الحمل شرطان:
الشرط الأول: أن يكون الحمل منسوبا إلى صاحب العدة إما ظاهرا وإما احتمالا، كابن الملاعنة، ولو لم يستلحقه، كما إذا لاعنها ولم تلاعنه ومات أو طلقها وقد اشترط هذا الشرط الأئمة الأربعة
الشرط الثاني: وضع جميع الحمل وذلك باتفاق الأئمة الأربعة؛ أن الحمل اسم لجميع ما في البطن ؛ ولأن العدة شرعت لمعرفة البراءة من الحمل، فإذا علم وجود الحمل فقد تيقن وجود الموجب للعدة وانتفت البراءة
الحمل الذي تنقضي العدة بوضعه:
وأما الحمل الذي تنقضي العدة بوضعه فله تفصيل عند الفقهاء:
الراجح:
الذي يظهر من خلال استعراض آراء المذاهب المختلفة، أن مدار الحكم في انتهاء العدة بوضع الحمل، مبني على تبين الولد من عدمه سواء كان ذلك من خلال الفحص الطبي وهو البينة، أو المشاهدة من القوابل أو الأطباء فإذا لم تقم المرأة بالفحص الطبي، فإنه يشترط استبانة خلق آدمي فيما أسقطته المرأة، للتيقن في الحكم بانتهاء العدة
وأما إذا تبين بالبينة من خلال الفحص الطبي تخصيب البويضة، واستقرارها في الرحم، فإن ذلك مبتدأ حمل، فإذا أسقطت المرأة بعد ذلك، وشهد أكثر من طبيب أن ما أسقطته هو نطفه لإنسان أو علقة أو فوق ذلك، ويظهر ذلك للأطباء من خلال الفحوصات الطبية المختلفة فكل ذلك بينة يحكم بها على انتهاء العدة بوضع الحمل "
عدة الحامل المطلقة هى وضع الحمل سواء كان الوضع ولادة أو سقوط للحمل كما قال تعالى "وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن"
ثم تعرض لمسألة الارتياب فى العدة فقال :
"المطلب الثالث: الارتياب في العدة:
اختلف الفقهاء في موضع الارتياب كثيرا وعرفوا المرتابة: "بأنها التي ارتفع حيضها ولم تدر ما سببه من حمل أو رضاع أو مرض "
تسمى المرتابة في أثناء العدة من الطلاق عند العلماء: المختلفة الأقراء، أو المرتابة بالحيض، أو ممتدة الطهر
وقد اختلف العلماء في حكم انتهاء عدة المطلقة المرتابة بالحيض على ثلاثة أقوال:
القول الأول: إن عدتها تستمر حتى تحيض ثلاث حيضات، أو تبقى حتى تدخل في سن اليأس الذي لا تحيض في مثله مثلها من النساء، فإذا دخلت في سن اليأس، استأنفت عدة الآيسة ثلاثة شهور
وهذا مذهب الحنفية والشافعية في الجديد وابن حزم والليث بن سعد والثوري، وجماعة من العلماء واعتبره ابن حجر مذهب أكثر فقهاء الأمصار
القول الثاني: إن عدتها سنة بعد انقطاع الحيض وهذا رأي المالكية والحنابلة والشافعي في القديم وجماعة من العلماء
القول الثالث: إن عدتها ثلاثة أشهر، كحكم اللائي يئسن
قال طاووس: "إذا كانت تحيض مختلفا أجزاء عنها أن تعتد ثلاثة أشهر"
وروي مثله عن جابر بن زيد كما روي عن عكرمة وقتادة مثلهما، وروي مثله أيضا عن ابن عباس وزيد بن ثابت رضي الله عنهما كما أنه مذهب الزهري ومجاهد ومال إليه ابن رشد
الأدلة :
استدل أصحاب القول الأول بقوله تعالى: "واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن"
واستدل أصحاب القول الثاني بما يلي:
- ما رواه سعيد بن المسيب قال: قال عمر بن الخطاب: "أيما امرأة طلقت، فحاضت حيضة أو حيضتين، ثم رفعت حيضتها، فإنها تنتظر تسعة أشهر، فإن بان بها حمل، وإلا اعتدت بعد التسعة الأشهر ثلاثة أشهر ثم حلت " قال ابن المنذر: "قضى به عمر بين المهاجرين والأنصار ولم ينكره منكر "
واستدل أصحاب القول الثالث بقوله تعالى: "واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر " قال مجاهد: "إن لم تعلموا يحضن أو لا يحضن، واللائي قعدن عن المحيض، واللائي لم يحضن فعدتهن ثلاثة أشهر" ففسر قوله تعالى: " إن ارتبتم" ، أي لم تعلموا، وقول مجاهد: "واللائي قعدن عن الحيض"، أي حكمهن حكم اللائي يئسن قال ابن حجر: "وأثر مجاهد هذا وصله الفريابي"
وعن عكرمة أنه سئل عن التي تحيض فيكثر دمها حتى لا تدري كيف حيضتها؟ قال تعتد ثلاثة أشهر، وهي الريبة التي قال الله عز وجل: " إن ارتبتم"، قضى بذلك ابن عباس وزيد بن ثابت
القول الراجح:
إن مدار الأدلة في هذه المسألة هي حول قوله تعالى: "واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم "
فالطب الآن يقطع ويجزم بحمل المرأة أو عدم حملها، بعد مضي ثلاثة أشهر من طلاقها، بل في أقل من ذلك بكثير، فإن لم يظهر أحد هذه الفحوصات الحمل، فلا بد أن يكون الحيوان المنوي قد مات منذ بداية اعتداد المطلقة"
المسألة فصل فيها قوله تعالى "واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر "
ومن ثم التى فيها ارتياب العدة ثلاثة اشهر
 
أعلى