قراءة فى كتاب جزيرة العرب بين التشريف والتكليف

رضا البطاوى

عضو ذهبي
قراءة فى كتاب جزيرة العرب بين التشريف والتكليف
الكتاب من إعداد القسم العلمى فى مركز البحوث والدراسات بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر بمشاركة ناصر بن سليمان العمر
من عادة المم إذا تخلفت وحكمها الجهلة من أولادها أو الخبثاء من العملاء الذين زرعتهم الأمم الأخرى وصاروا من أولاد تلك الأمة أن يهتموا بذكر ما يسمونه الفضائل والمناقب بدلا من أن ينشغلوا بالأعمال الصالحة التى هى سر الفضيلة

يبدأ الكتاب بالإرث الحضاري التاريخي لجزيرة العرب ذاكرا الأماكن العظيمة فى التاريخ فيقول:
"أولا: الإرث الحضاري التاريخي لجزيرة العرب:
إن لأهل الجزيرة العربية ثروة تاريخية ثرة، وإرث حضاري يمتد عبر قرون بعيدة وأزمنة مديدة، يجب أن يستلهموا منه دروسا، وأن يأخذوا منه عبرا، للمضي بحضارتهم ورسالتهم قدما فجزيرة العرب بها أم القرى، وبيت الله الحرام، ومدينة النبي، ومسجده (ص)، وما بين البيت إلى المنبر، روضة من رياض الجنة وفيها كان الخلفاء الراشدون، والأنصار والمهاجرون، وبها عقدت رايات المسلمين، وقويت أمور الدين، وأيضا فإن فيها المناسك والمشاعر، والمواقيت والمناحر"
التعبير جزيرة العرب لا وجود له فى القرآن ولا وجود حقيقى له فالأرض المعروفة حاليا شبه جزيرة إن جاز هذا التعبير وكان يسكنها متحدثين بلغات مختلفة والغريب هى وجود جزيرة أخرى يسكنها العرب فى تركيا الحالية وهى الأخرى ليست الجزيرة ومن هنا يبدو ان التعبير جزيرة عند القدماء كان يعتبر الأرض التى يسكنها من يتحدثون لغة واحدة أو على دين واحد جزيرة باعتبار ومحددة اللغة أو وحدة الدين أو غير ذلك

ومن الغريب أن ألفاظ الجزيرة والحجاز وتهامة ونجد واليمن والشام لم ترد فى القرآن فلو كان لها وجود فى ذلك الزمن لذكر بعضها كما ذكرت يثرب ومكة وحنين ومن ثم فنحن أمام جغرافيا وهمية اخترعها من أتوا بعد الإسلام
وأخطاء الفقرة السابقة تتمثل فى التالى :
1-كون ما بين البيت إلى المنبر، روضة من رياض الجنة فالجنة الموعودة والنار الموعودتين ليسوا فى الأرض وإنما فى السماء كما قال تعالى " وفى السماء رزقكم وما توعدون" ولذا قال الله فى رحلة المعراج أنها عند سدرة المنتهى فى السماء فقال ""ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى"
2- وجود مناحر فى الجزيرة والموجود هو منحر أى مشعر واحد هو المشعر الحرام كما قال تعالى فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام"
وتحدث الكاتبون عن كون الجزيرة الشعر والشعراء فقال :
"كما أنها جزيرة شعرية، ذكرها الفحول في دواوينهم، فدرسها الشراح في مصنفاتهم، فإذا قرأتها وجدت زمزم و الحطيم، وددا و أشداخ، ومدافع الريان، وشماريخ رضوى، وبرقة ثهمد، وحومانة الدراج ، وتقادمت فالجبس فالسوبان، وهجر وجواثا، وإضم والجواء، وتهامة والحجاز، والعروض واليمن، واليمامة والرميصاء بل أرض نجد كلها:
وإني وإن فارقت نجدا وأهله
لمحترق الأحشاء شوقا إلى نجد
أروح على وجد وأغدو على وجد
وأعشق أخلاقا خلقن من المجد
آخر:
أقول لصاحبي والعيس تخدي
بنا بين المنيفة فالضمار
تمتع من شميم عرار نجد
فما بعد العشية من عرار
ألا يا حبذا نفحات نجد
وريا روضه غب القطار
(وربك) إذ يحل الناس نجدا
وأنت على زمانك غير زار
شهور ينقضين و ما شعرنا
بأنصاف لهن ولا سرار
ولو استطردنا بذكر شيء مما ورد في أشعارهم لطال المقال، فأي دار من ديارها ما وقفوا عليها؟ وأي أطلال دوارس ماهز بعضهم شوق إليها، وحسبك قول عنترة:
هل غادر الشعراء من متردم أم هل عرفت الدار بعد توهم؟
و فوق ذلك تجد في تلك المصنفات ذكر عشائر الجزيرة وقبائلها وخصائصهم، وأمور دقيقة متعلقة بهم"
الافتخار هنا من جانب الكاتبين بالشعر والشعراء الذين أكثرهم كفرة لا يليق بمسلم يصدق قولهم تعالى ""والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم فى كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات"
فالفخر يكون بالله وحده ونجد الكتبة يتكلمون عن حضارات تلك الأرض فيقولون:
"وفضلا عن ذلك فقد كان للحضارات القديمة فيها شأن عظيم بل إن أول الحضارات البشرية قامت بها وأهلتها وذلك لما بنى آدم (ص) بيت الله الحرام فكان أول بيت وضع للناس ببكة مباركا، وقد ذكر العليم الحكيم في القرآن الكريم عن حضارات الجزيرة العربية ما لم يذكره عن غيرها من الأمم والحضارات التي قامت في شتى البلدان والأقاليم فسادت ثم بادت
ألا ترى أن جزيرة العرب، أرض معجزات نبوية، ومجال رسالات سماوية ، ففيها بلد سبأ، وسد مأرب، وعرش عظيم، وبئر معطلة، وقصر مشيد، بل سائر بلاد عاد؛ إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد، وثمود الذين جابوا الصخر بالوادي، وأصحاب الرس، وأصحاب الأيكة، وأصحاب الأخدود، وقبر هود، ودعوة إبراهيم، وحجر صالح، ومدين شعيب، ومرتع إسماعيل، وملجأ موسى، ومهد محمد -(ص) وعلى إخوانه الأنبياء والمرسلين- ومثواه:
فبوركت يا قبر الرسول وبوركت بلاد ثوى فيها الرشيد المسدد
ثم كانت أرض الجزيرة وطاء لخير القرون وأديمها لحافا لجلهم بعد أن غيبوا تحت أطباق ثراها
وشتان شتان بين قبر لأبي بكر وعمر، وآخر لخوفو وخفرع! بون واسع وفرق شاسع بين روضة من رياض الجنة وحفرة من حفر النار:
لئن تطاول بالأهرام منهزم فنحن أهرامنا سلمان أو عمر
ومع هذا كله فأرض الجزيرة العربية تشتمل على حدود جليلة، وكور جسيمة، فهي من أمد الأقاليم مساحة، وأفسحها ساحة، وأعظمها حرمة، وأشرفها مدنا، (وربك يخلق ما يشاء ويختار)
لحكمة بالغة قضاها يستوجب الحمد على اقتضاها"
فى الفقرة السابقة يعتبر الكتبة الكفار من عاد وثمود وسبأ وغيرهم قوم ذوى حضارة وأى حضارة تلك التى تقوم على الكفر بالله حيث ارتكاب الفواحش والاسراف فى النواحى المتعددة من بناء القلاع خوفا من الموت أو بناء البيوت من الحجارة الجبلية أو ممارسة زنى الرجال ببعضهم

لقد ذكرهم الله فى معرض الذم وليس المدح فقال "وعادا وثمودا وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل"
ونجد الكتبة يقولون الوحى ما لم يقله وهو أن آدم(ص) هو من بنى بيت الله مع أن الله من وضعه أى خلقه بدليل قوله " وضع للناس" فهل كان آدم (ص) سوى واحد من الناس هو أولهم وضع لهم كى يصلى فيه

ونجد الكتبة يثبتون فضل تلك المنطقة لأن العديد من المؤلفين كتبوا كتبا كتبا عنها مفضلين إياها فقالوا:
"وقد فضل جزيرة العرب على ما سواها جمع ممن عنوا بالأقاليم والبلدان قال الهمداني: "أفضل البلاد المعمورة من شق الأرض الشمالي إلى الجزيرة الكبرى وتسمى جزيرة العرب"، وقال القلقشندي: " بجزيرة العرب الواقعة في أواسط المعمورة وأعدل أماكنه وأفضل بقاعه، حيث الكعبة الحرام "، قال المقدسي في أحسن التقاسيم: "وهي أمد الأقاليم مساحة، وأفسحها ساحة، وأفضلها تربة، وأعظمها حرمة، وأشرفها مدنا"فجزيرة العرب من أفضل البلاد وأشرفها قال الشيخ بكر أبوزيد: "كثرة الأسماء تدل على شرف المسمى، ولهذه الجزيرة جملة أسماء؛ كلها مضافة إلى العرب لا غير" وذكرها: [جزيرة العرب]، و[أرض العرب]، و [بلاد العرب]، و[وديار العرب]، و[الجزيرة العربية]، و[شبه جزيرة العرب]، [وشبه الجزيرة العربية]
ومما يدل على شرفها أيضا كثرة ما صنف فيها، وقد أشار الشيخ بكر إلى شيء منها، ومما كتب زيادة على ما ذكر، والشأن هنا أيضا في ذكر المؤلفات المفردة عن هذه الجزيرة على اختلاف مقاصد المؤلفين:
جزيرة العرب للأصمعي، يذكره من ترجم له
جزيرة العرب لأبي سعيد السيرافي، ذكره الباباني في هدية العارفين، وغيره
جزيرة الإسلام للشيخ سلمان العودة، مطبوع، وما يليه كذلك
جزيرة العرب مهد الحضارة الإنسانية، لمحمد معروف الدواليبي
مرآة جزيرة العرب، لأبي أيوب صبري باشا السكان والاقتصاد والعمل قبل قرن في جزيرة العرب، أحمد اليحيى
جغرافية شبه جزيرة العرب، لمحمود أبو العلا
جغرافية جزيرة العرب، لعمر رضا كحالة
رحلات في شبه جزيرة العرب، لجون لويس بوركهات

البقية http://vb.7mry.com/t358807.html#post1824979


 
أعلى