رضا البطاوى
عضو ذهبي
قراءة فى كتاب المتحف في معنى السبعة أحرف
مؤلف الكتاب عدنان بن أحمد البحيصي والكتاب يناقش معنى الحروف السبعة المذكورة فى حديث " نزل القرآن على سبعة أحرف" فيقول المؤلف فى المقدمة:
"وبعد :فقد أختلف العلماء قديما وحديثا في معنى الأحرف التي نزل بها القرآن ، وتباينت أراؤهم، فعزمت أن أكتب رسالة موجزة أضمنها للأدلة من سنة رسول الله (ص) على نزول القرآن في اللغة ، ثم معنى الحرف في اللغة ثم ذاكرا لأشهر الأراء في هذه المسألة مرجحا لما ترجح عندي وأسميت هذه الرسالة"المتحف في معنى السبعة أحرف""
واستهل المؤلف الكتاب ببيان معنى الأحرف لغويا فقال :
"المسألة الأولى: معنى الأحرف في اللغة
قال ابن منظور في لسان العرب:
حرف: الحرف من حروف الهجاء معروف، واحد من التهجي.
الحرف: الأداة التي تسمى الرابطة، لأنها تربط الاسم بالاسم والفعل بالفعل، كعن وعلى، ونحوهما
والحرف في الأصل الطرف والجانب وبه سمي الحرف من حروف الهجاء وحرفا الرأس شقاه، وحرف السفينة والجبل جانبهما، والجمع أحرف وحروف وحرفة
الجوهري: حرف كل شيء طرفه وشفيره وحده، ومنه حرف الجبل وهو أعلاه المحدد، وفي حديث ابن عباس "أهل الكتاب لا يأتون النساء إلى على حرف" أي على جانب.
والحرف من الإبل النجيبة الماضية التي أضنتها الأسفار، شبهت بحرف السيف في مضائها ونجائها ودقتها، وقيل هي الضامرة الصلبة، شبهت بحرف الجمل في شدتها وصلابتها.
وروي عن ابن عمر أنه قال : الحرف الناقة الضامرة، وقال الأصمعي الحرف: الناقة المهزولة ، وحرف الشيء ناحيته، وفلان على حرف من أمره ، أي ناحية منه ، كأنه ينتظر ويتوقع ، فإن رأى من ناحية ما يحب وإلا مال إلى غيرها.
وقال ابن سيده: فلان على حرف من أمره أي ناحية منه، إذا رأى شيئا لا يعجبه عدل عنه.وفي التنزيل العزيز :{ ومن الناس من يعبد الله على حرف } أي إذا لم ير ما يحب أنقلب على وجهه، قيل : هو أن يعبده على السراء دون الضراء .
وقال الزجاج : على حرف أي على شك،قال وحقيقته أنه يعبد الله على حرف أي طريقة في الدين لا يدخل فيه دخول متمكن ، فإن أصابه خير أطمأن به ، أي إن أصابه خصب وكثر ماله وماشيته اطمأن بما أصابه ، ورضي بدينه ، وإن أصابته فتنة اختبار بجدب وقلة مال انقلب على وجهه، أي رجع عن دينه إلى الكفر وعبادة الأوثان .
وذكر ابن قتيبة نحوه
وروى الزهري عن أبي الهيثم قال أما تسميتهم الحرف حرفا فحرف كل شيء ناحيته، كحرف الجبل والنهر والسيف وغيره.
قال الأزهري :كأن الخير والخصب ناحية ، والشر والمكروه آية أخرى، فهما حرفان وعلى العبد أن يعبد خالقه على حالتي السراء والضراء، ومن عبد الله على السراء وحدها دون أن يعبده على الضراء يبتليه الله بها، فقد عبده على حرف، ومن عبده كيفما تصرفت به الحال فقد عبده عبادة عبد مقر بأن له خالقا يصرفه كيف يشاء ، وأنه إن امتحنه باللاواء أو أنعم عليه بالسراء ، فهو في ذلك عادل أو متفضل غير ظالم ولا متعد، له الخيرة وبيده الخير ولا خيرة للعبد عليه.
وحرف عن الشيء يحرف حرفا ، وانحرف وتحرف ، واحرورف عدل قال الأزهري : وإذا مال الإنسان عن شيء يقال :تحرف وانحرف واحرورف......وتحريف الكلم عن مواضعه تغييره "
وكل ما سبق هو اظهار اختلاف معنى كلمة حرف حسب السياق وهو لا يفيد فى البحث بشىء وتحدث البحيصى عن رواية نزول القرآن على ثلاثة أحرف فقال :
|المسألة الثانية: حديث نزول القرآن بغير لغة قريش على ثلاثة أحرف:
جاءت أحاديث كثيرة دلت على أن القرآن نزل بلغة قريش وبثلاث لغات غيرها ، فقد أخرج الحاكم في مستدركه، والإمام أحمد أن النبي (ص) قال: "أنزل القرآن على ثلاثة أحرف".
لكن لنا كلمة في أسانيد الحديث السابق، فكل روايته تدور حول رواية الحسن عن سمرة، والحسن متكلم فيه ، واتهمه البعض بالتدليس فهو يروي عمن لم يدركهم وعمن لم يسمع منهم من الصحابة
غير أن البخاري والترمذي وعلي بن المديني وأحمد وأبو داود إلى سماع الحسن من سمره، فقد روى البخاري منه سماعا منه لحديث العقيقة ، وثمة أحاديث أخرى رواها الحسن عن سمرة غالبها في السنن الأربعة وعن علي بن المديني أن كلها سماع، كذا حكى الترمذي عن البخاري
والحديث الذي رواه الحاكم في مستدركه قال فيه :" وقد احتج البخاري برواية الحسن عن سمرة، واحتج مسلم بأحاديث حماد بن سلمة ، وهذا الحديث صحيح وليس له عله " وأقره الذهبي.
وهذا ما نقره كذلك بعد تمحيص للأراء في سماع الحسن عن سمرة"
وبعد أن ذكر أن حديث نزول القرآن على ثلاثة أحرف صح إسناده تحدث عن الحديث المناقض له وهو نزول القرآن على سبعة أحرف فقال :
المسألة الثالثة: حديث نزول القرآن على سبعة أحرف
لقد جاءت أحاديث صحيحة دلت على أن القرآن نزل على سبع أحرف، فقد روى البخاري وباقي الستة عدا ابن ماجه أن عمر بن الخطاب قال:" سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله (ص)، فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله (ص)، فكدت أساوره في الصلاة، فتصبرت حتى سم فلببته بردائه فقلت من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ، قال أقرأنيها رسول الله (ص)
فقلت له : كذبت أقرأنيها على غير ما قرأت، فانطلقت به أقوده لرسول الله (ص) ، فقلت :إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها، فقال :أرسله ، اقرأ يا هشام فقرأ السورة التي سمعته، فقال رسول الله (ص):كذلك أنزلت ، ثم قال رسول الله (ص) : اقرأ يا عمر ، فقرأت التي أقرأني فقال:كذلك أنزلت إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف ، فاقرأوا ما تيسر منه ""
لا أدرى كيف استساغ البحيصى أن يكون الحديثان صحيحان وهما متناقضان عدديا ؟
إن الرسول(ص) لو تكلم فسيكون كلامه واحدا وليس كلامين مختلفين والغريب أنه هنا لم يناقش إسناد الحديث وكأنه أراد أن يقول أن الرسول(ص) مخرف أو كاذب ومعاذ الله أن يكون الوحى متناقض
وتحدث عن الاختلاف بين الأحرف في القرآن فقال:
"المسألة الرابعة: الاختلاف بين الأحرف في القرآن
أخرج الإمام مسلم في صحيحه والإمام أحمد في مسنده والطبري عن أبي بن كعب انه قال:" كنت في المسجد فدخل رجل يصلي فقرأ قراءة أنكرتها عليه، ثم دخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه، فلما قضينا الصلاة دخلنا جميعا على رسول الله (ص) فقلت:" إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه، ودخل آخر فقرأ سوى قراءة صاحبه، فأمرهما رسول الله (ص) فقرآ، فحسن النبي (ص) شأنهما، فسقط في نفسي من التكذيب ولا إذ كنت في الجاهلية، فلما رأي رسول الله (ص) ما قد غشيني ضرب في صدري ففضت عرقا وكأني أنظر إلى الله فرقا ، فقال لي :
يا أبي أرسل إلي أن أقرأ القرآن على حرف، فرددت إليه أن هون على أمتي فرد علي الثانية أقرأه على حرفين، فرددت إليه أن هون على أمتي فرد إلي الثالثة أقرأه على سبع أحرف فلك بكل ردة رددتها مسألة تسألنيها فقلت: اللهم أغفر لأمتي، اللهم اغفر لأمتي وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلي الخلق كلهم حتى إبراهيم (ص)"
الرواية خاطئة للتالى :
الخطأ الأول الجهر بالقراءة فى الصلاة بدليل سماع ابى للقراءتين وهو ما يناقض قوله تعالى :
"ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا"
الخطأ الثانى رغبة الخلق جميعا لمحمد(ص) حتى إبراهيم(ص)وهو ما يخالف رغبة الخلق فى الله وليس فى مخلوق مثلهم لا يقدر على شىء حتى لنفسه كما قال تعالى :
" والأمر يؤمئذ لله"
ثم قال :
"كما روى الإمام مسلم في صحيحه والنسائي بلفظه ، والطبري كمثله ، وابن ابي شيبة مختصرا: " أن النبي (ص) كان عند أضاة بني غفار فأتاه جبريل عليه السلام فقال : إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرف ، فقال : أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك ثم أتاه الثانية فقال :إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرفين ، فقال :أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك، ثم جاءه الثالثة فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك على ثلاثة أحرف فقال :أسأل الله معافاته ومغفرته ، وإن أمتي لا تطيق ذلك، ثم جاءه الرابعة فقال له : إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على سبعة أحرف، فأيما حرف قرأوا عليه فقد أصابوا""
فى هذه الرواية الرد الأخير بسبعة أحرف كان فى الرابعة وهو ما يناقض أنها كانت فى الثالثة فى الرواية السابقة عليها فى قوله" فرد إلي الثالثة أقرأه على سبع أحرف"
ومن ثم تتناقض الروايات ولا تصح واحدة منهما
وتكلم البحيصى عن السبعة أحرف فقال :
"ومما يدل عليه حديث أبي أن تباين الأحرف السبعة كائن في القراءة وهيئات النطق بالقرآن الكريم، لأن أبيا استمع لتلاوة الرجلين في الصلاة فاستنكر مخالفتهما بما يعهده في التلاوة ، فرفع ذلك إلى رسول الله (ص) ، ولقد أقر الرسول (ص) بقرآنية تلاوتهما ، حيث أنزل القرآن على سبع أحرف تسهيلا للأمة نظرا لاختلاف لهجات العرب وألسنتهم.
قال ابن قتيبة : "وكل هذه الحروف كلام الله تعالى، نزل به الروح الأمين على رسوله عليه السلام، وذلك أنه كان يعارضه في كل شهر من شهور رمضان بما اجتمع عنده من القرآن فيحدث الله إليه من ذلك ما يشاء ، وينسخ ما يشاء وييسر على عباده ما يشاء ، فكان من تيسيره أن أمره بأن يقريء كل قوم بلغتهم وما جرت عليه عادتهم...."
ويدل حديث أبي ، أن الشيطان قد يستغل تساؤل المرء كيف يقرأ كلام الله على سبعة أوجه؟
فيقذف الشك في نفس هذا الرجل ليكدر صفو إيمانها، ويوهن من قوة يقينها بالله ورسوله وكتابه.
لكن رسول الله (ص) يعالج أبيا بضربة نبوية على صدره، ليزول الشك قبل أن يستقر في قلبه، فهو غير مؤاخذ لأن الشك ما استقر في قلبه ، فكان كما قال القرطبي في تفسيره :" ولما رأى النبي (ص) ما أصابه من ذلك الخاطر نبهه بأن ضربه في صدره، فأعقب ذلك أن انشرح صدره، وتنور باطنه حتى آل به الكشف والشرح إلى حال المعاينة، ولما ظهر له قبح ذلك الخاطر خاف من الله تعالى وفاض بالعرق استحياء من الله تعالى، فكأن هذا الخاطر من قبيل ما قال فيه النبي (ص) حين سألوه : إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال :"وقد وجدتموه"! قالوا نعم ، قال : ذلك صريح الإيمان" "
والقوم يبررون ضرب القائل لأبى وهو ما يتعارض مع كونه لين ليس فظا كما قال تعالى :
"فبما رحمة من ربك لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لإنفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الأمر"
وتحدث عن عدد الحروف فقال:
مؤلف الكتاب عدنان بن أحمد البحيصي والكتاب يناقش معنى الحروف السبعة المذكورة فى حديث " نزل القرآن على سبعة أحرف" فيقول المؤلف فى المقدمة:
"وبعد :فقد أختلف العلماء قديما وحديثا في معنى الأحرف التي نزل بها القرآن ، وتباينت أراؤهم، فعزمت أن أكتب رسالة موجزة أضمنها للأدلة من سنة رسول الله (ص) على نزول القرآن في اللغة ، ثم معنى الحرف في اللغة ثم ذاكرا لأشهر الأراء في هذه المسألة مرجحا لما ترجح عندي وأسميت هذه الرسالة"المتحف في معنى السبعة أحرف""
واستهل المؤلف الكتاب ببيان معنى الأحرف لغويا فقال :
"المسألة الأولى: معنى الأحرف في اللغة
قال ابن منظور في لسان العرب:
حرف: الحرف من حروف الهجاء معروف، واحد من التهجي.
الحرف: الأداة التي تسمى الرابطة، لأنها تربط الاسم بالاسم والفعل بالفعل، كعن وعلى، ونحوهما
والحرف في الأصل الطرف والجانب وبه سمي الحرف من حروف الهجاء وحرفا الرأس شقاه، وحرف السفينة والجبل جانبهما، والجمع أحرف وحروف وحرفة
الجوهري: حرف كل شيء طرفه وشفيره وحده، ومنه حرف الجبل وهو أعلاه المحدد، وفي حديث ابن عباس "أهل الكتاب لا يأتون النساء إلى على حرف" أي على جانب.
والحرف من الإبل النجيبة الماضية التي أضنتها الأسفار، شبهت بحرف السيف في مضائها ونجائها ودقتها، وقيل هي الضامرة الصلبة، شبهت بحرف الجمل في شدتها وصلابتها.
وروي عن ابن عمر أنه قال : الحرف الناقة الضامرة، وقال الأصمعي الحرف: الناقة المهزولة ، وحرف الشيء ناحيته، وفلان على حرف من أمره ، أي ناحية منه ، كأنه ينتظر ويتوقع ، فإن رأى من ناحية ما يحب وإلا مال إلى غيرها.
وقال ابن سيده: فلان على حرف من أمره أي ناحية منه، إذا رأى شيئا لا يعجبه عدل عنه.وفي التنزيل العزيز :{ ومن الناس من يعبد الله على حرف } أي إذا لم ير ما يحب أنقلب على وجهه، قيل : هو أن يعبده على السراء دون الضراء .
وقال الزجاج : على حرف أي على شك،قال وحقيقته أنه يعبد الله على حرف أي طريقة في الدين لا يدخل فيه دخول متمكن ، فإن أصابه خير أطمأن به ، أي إن أصابه خصب وكثر ماله وماشيته اطمأن بما أصابه ، ورضي بدينه ، وإن أصابته فتنة اختبار بجدب وقلة مال انقلب على وجهه، أي رجع عن دينه إلى الكفر وعبادة الأوثان .
وذكر ابن قتيبة نحوه
وروى الزهري عن أبي الهيثم قال أما تسميتهم الحرف حرفا فحرف كل شيء ناحيته، كحرف الجبل والنهر والسيف وغيره.
قال الأزهري :كأن الخير والخصب ناحية ، والشر والمكروه آية أخرى، فهما حرفان وعلى العبد أن يعبد خالقه على حالتي السراء والضراء، ومن عبد الله على السراء وحدها دون أن يعبده على الضراء يبتليه الله بها، فقد عبده على حرف، ومن عبده كيفما تصرفت به الحال فقد عبده عبادة عبد مقر بأن له خالقا يصرفه كيف يشاء ، وأنه إن امتحنه باللاواء أو أنعم عليه بالسراء ، فهو في ذلك عادل أو متفضل غير ظالم ولا متعد، له الخيرة وبيده الخير ولا خيرة للعبد عليه.
وحرف عن الشيء يحرف حرفا ، وانحرف وتحرف ، واحرورف عدل قال الأزهري : وإذا مال الإنسان عن شيء يقال :تحرف وانحرف واحرورف......وتحريف الكلم عن مواضعه تغييره "
وكل ما سبق هو اظهار اختلاف معنى كلمة حرف حسب السياق وهو لا يفيد فى البحث بشىء وتحدث البحيصى عن رواية نزول القرآن على ثلاثة أحرف فقال :
|المسألة الثانية: حديث نزول القرآن بغير لغة قريش على ثلاثة أحرف:
جاءت أحاديث كثيرة دلت على أن القرآن نزل بلغة قريش وبثلاث لغات غيرها ، فقد أخرج الحاكم في مستدركه، والإمام أحمد أن النبي (ص) قال: "أنزل القرآن على ثلاثة أحرف".
لكن لنا كلمة في أسانيد الحديث السابق، فكل روايته تدور حول رواية الحسن عن سمرة، والحسن متكلم فيه ، واتهمه البعض بالتدليس فهو يروي عمن لم يدركهم وعمن لم يسمع منهم من الصحابة
غير أن البخاري والترمذي وعلي بن المديني وأحمد وأبو داود إلى سماع الحسن من سمره، فقد روى البخاري منه سماعا منه لحديث العقيقة ، وثمة أحاديث أخرى رواها الحسن عن سمرة غالبها في السنن الأربعة وعن علي بن المديني أن كلها سماع، كذا حكى الترمذي عن البخاري
والحديث الذي رواه الحاكم في مستدركه قال فيه :" وقد احتج البخاري برواية الحسن عن سمرة، واحتج مسلم بأحاديث حماد بن سلمة ، وهذا الحديث صحيح وليس له عله " وأقره الذهبي.
وهذا ما نقره كذلك بعد تمحيص للأراء في سماع الحسن عن سمرة"
وبعد أن ذكر أن حديث نزول القرآن على ثلاثة أحرف صح إسناده تحدث عن الحديث المناقض له وهو نزول القرآن على سبعة أحرف فقال :
المسألة الثالثة: حديث نزول القرآن على سبعة أحرف
لقد جاءت أحاديث صحيحة دلت على أن القرآن نزل على سبع أحرف، فقد روى البخاري وباقي الستة عدا ابن ماجه أن عمر بن الخطاب قال:" سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله (ص)، فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله (ص)، فكدت أساوره في الصلاة، فتصبرت حتى سم فلببته بردائه فقلت من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ، قال أقرأنيها رسول الله (ص)
فقلت له : كذبت أقرأنيها على غير ما قرأت، فانطلقت به أقوده لرسول الله (ص) ، فقلت :إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها، فقال :أرسله ، اقرأ يا هشام فقرأ السورة التي سمعته، فقال رسول الله (ص):كذلك أنزلت ، ثم قال رسول الله (ص) : اقرأ يا عمر ، فقرأت التي أقرأني فقال:كذلك أنزلت إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف ، فاقرأوا ما تيسر منه ""
لا أدرى كيف استساغ البحيصى أن يكون الحديثان صحيحان وهما متناقضان عدديا ؟
إن الرسول(ص) لو تكلم فسيكون كلامه واحدا وليس كلامين مختلفين والغريب أنه هنا لم يناقش إسناد الحديث وكأنه أراد أن يقول أن الرسول(ص) مخرف أو كاذب ومعاذ الله أن يكون الوحى متناقض
وتحدث عن الاختلاف بين الأحرف في القرآن فقال:
"المسألة الرابعة: الاختلاف بين الأحرف في القرآن
أخرج الإمام مسلم في صحيحه والإمام أحمد في مسنده والطبري عن أبي بن كعب انه قال:" كنت في المسجد فدخل رجل يصلي فقرأ قراءة أنكرتها عليه، ثم دخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه، فلما قضينا الصلاة دخلنا جميعا على رسول الله (ص) فقلت:" إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه، ودخل آخر فقرأ سوى قراءة صاحبه، فأمرهما رسول الله (ص) فقرآ، فحسن النبي (ص) شأنهما، فسقط في نفسي من التكذيب ولا إذ كنت في الجاهلية، فلما رأي رسول الله (ص) ما قد غشيني ضرب في صدري ففضت عرقا وكأني أنظر إلى الله فرقا ، فقال لي :
يا أبي أرسل إلي أن أقرأ القرآن على حرف، فرددت إليه أن هون على أمتي فرد علي الثانية أقرأه على حرفين، فرددت إليه أن هون على أمتي فرد إلي الثالثة أقرأه على سبع أحرف فلك بكل ردة رددتها مسألة تسألنيها فقلت: اللهم أغفر لأمتي، اللهم اغفر لأمتي وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلي الخلق كلهم حتى إبراهيم (ص)"
الرواية خاطئة للتالى :
الخطأ الأول الجهر بالقراءة فى الصلاة بدليل سماع ابى للقراءتين وهو ما يناقض قوله تعالى :
"ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا"
الخطأ الثانى رغبة الخلق جميعا لمحمد(ص) حتى إبراهيم(ص)وهو ما يخالف رغبة الخلق فى الله وليس فى مخلوق مثلهم لا يقدر على شىء حتى لنفسه كما قال تعالى :
" والأمر يؤمئذ لله"
ثم قال :
"كما روى الإمام مسلم في صحيحه والنسائي بلفظه ، والطبري كمثله ، وابن ابي شيبة مختصرا: " أن النبي (ص) كان عند أضاة بني غفار فأتاه جبريل عليه السلام فقال : إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرف ، فقال : أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك ثم أتاه الثانية فقال :إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرفين ، فقال :أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك، ثم جاءه الثالثة فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك على ثلاثة أحرف فقال :أسأل الله معافاته ومغفرته ، وإن أمتي لا تطيق ذلك، ثم جاءه الرابعة فقال له : إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على سبعة أحرف، فأيما حرف قرأوا عليه فقد أصابوا""
فى هذه الرواية الرد الأخير بسبعة أحرف كان فى الرابعة وهو ما يناقض أنها كانت فى الثالثة فى الرواية السابقة عليها فى قوله" فرد إلي الثالثة أقرأه على سبع أحرف"
ومن ثم تتناقض الروايات ولا تصح واحدة منهما
وتكلم البحيصى عن السبعة أحرف فقال :
"ومما يدل عليه حديث أبي أن تباين الأحرف السبعة كائن في القراءة وهيئات النطق بالقرآن الكريم، لأن أبيا استمع لتلاوة الرجلين في الصلاة فاستنكر مخالفتهما بما يعهده في التلاوة ، فرفع ذلك إلى رسول الله (ص) ، ولقد أقر الرسول (ص) بقرآنية تلاوتهما ، حيث أنزل القرآن على سبع أحرف تسهيلا للأمة نظرا لاختلاف لهجات العرب وألسنتهم.
قال ابن قتيبة : "وكل هذه الحروف كلام الله تعالى، نزل به الروح الأمين على رسوله عليه السلام، وذلك أنه كان يعارضه في كل شهر من شهور رمضان بما اجتمع عنده من القرآن فيحدث الله إليه من ذلك ما يشاء ، وينسخ ما يشاء وييسر على عباده ما يشاء ، فكان من تيسيره أن أمره بأن يقريء كل قوم بلغتهم وما جرت عليه عادتهم...."
ويدل حديث أبي ، أن الشيطان قد يستغل تساؤل المرء كيف يقرأ كلام الله على سبعة أوجه؟
فيقذف الشك في نفس هذا الرجل ليكدر صفو إيمانها، ويوهن من قوة يقينها بالله ورسوله وكتابه.
لكن رسول الله (ص) يعالج أبيا بضربة نبوية على صدره، ليزول الشك قبل أن يستقر في قلبه، فهو غير مؤاخذ لأن الشك ما استقر في قلبه ، فكان كما قال القرطبي في تفسيره :" ولما رأى النبي (ص) ما أصابه من ذلك الخاطر نبهه بأن ضربه في صدره، فأعقب ذلك أن انشرح صدره، وتنور باطنه حتى آل به الكشف والشرح إلى حال المعاينة، ولما ظهر له قبح ذلك الخاطر خاف من الله تعالى وفاض بالعرق استحياء من الله تعالى، فكأن هذا الخاطر من قبيل ما قال فيه النبي (ص) حين سألوه : إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال :"وقد وجدتموه"! قالوا نعم ، قال : ذلك صريح الإيمان" "
والقوم يبررون ضرب القائل لأبى وهو ما يتعارض مع كونه لين ليس فظا كما قال تعالى :
"فبما رحمة من ربك لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لإنفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الأمر"
وتحدث عن عدد الحروف فقال: